القوافي هي ذاكرة محكمة ، تحتفظ بالأحداث والمواقف على مر الدهور ، لا يستطيع ماحٍ أن يمحوها ،فإن أردت تخليد ساعة من ساعات العمر فعليك بالقصيدة ، وإن أردت أن تسجل حدثا من أحداث الحياة فعليك بالقصيدة ...
بعث إلي صاحب لي - قد طوّف في بساتين الأدب حتى ترعرع واعتلا ، وثمل وامتلا ،وأصبح دوحة باسقة لها طلع نضيد ، تتمايل أغصانها على بستان الحروف ، فتؤتي أكلها كل حين - قصيدة جميلة ، محملة بألفاظ عذبة سلسة ، ومعانٍ صافية نقية ، جشمني بهذه القصيدة أن أستمطر ألهاماتي علها تجود لي بقافية تكون بمثل قامتها المياسة ، وصنو هامتها المتألقه ، وهيهات هيهات ، أين اللؤلؤ من الحصا ، وأين السيف من العصا .....
وإليكم قصيدته :
[poem=font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
بدرٌ سناه يشع في مصرِ = فالنيل يسطعُ من سنا البدرِ
طاب الحديثُ بطيبِ مجلسِكم = كم فيه من أدبٍ ومن شعرِ
الشعر إرثٌ من أوائلِنا = سمقوا به للأنجمِ الزهرِ
الشعرُ خفقٌ في جوانحِنا = ينتابنا من حيثُ لاندري
هوّم بعبقر مفعماً ألقا = حتى تشقَ دجاه كالفجرِ
جرّد يراعَ الشعرِ في وهجٍ = ينثالُ في قدسيةٍ بكرِ
ابعثه في الصحراءِ نبعَ ندى = تنساب منه نسائمُ الزهرِ
بدد به شملَ الأسى أملاً = يمتدُ فوقَ عوالمٍ خضرِ[/poem]
أبو حامد الشنقيطي