أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم





ذلك هو الذكر المطلق الذي يسترسل الإنسان فيه، في كل أوقاته، مع يسره وسهولته، فإذا تأمل المسلم، فيما شرعه الله تعالى له، من الذكر المقيد، بزمن معين من الأزمان، أومكان معين من الأمكنة، أو حالة معينة من الأحوال، أو صيغ معينة من الأذكار، سيجد أنه يصاحبه في كل أوقاته، مع سهولته ويسره، فهناك اذكار تتعلق بصلاته التي يؤديها خلال فترة قليلة من الزمن، بدأً بتكبيرة الإحرام التي هي مفتاح الصلاة، وختاما بالسلام بعد التحيات، وما يتخلل ذلك من ذكر، من القرآن وغيره في كل ركن وهيئة من هيئاتها، في القيام والركوع والسجود، والاعتدال، يكرر المصلي كل ذلك، دون أن يشعر بحرج أو ملل، وله بكل ذكر حسناته التي يكتبها الله له، إذا أحضر قلبه معه.

وأذكار الصلاة إذا أحضر المصلي قلبه معها، فقد طبق القاعدة الأولى من قواعد التزكية، وهي: "إرادة التزكية" فإذا جاهد نفسه في استمرار هذه الإرادة، وأحضر قلبه مع كل تلك الأذكار، فإنه بذلك يتمكن من الخشوع في صلاته، الذي هو "لبها وروحها" وكان بذلك قادرا، على طرد وسوسة الشيطان التي يضاعفها على المصلي، ليلهيه عن حقيقة ذكرها، الذي يقصد منه: الخشوع فيها، بإحضار القلب في كل أفعالها، وأقوالها، وحركاتها وسكناتها.
وقل مثل ذلك في صيام رمضان، وقيامه، وما يتلوه من كتابه، في أي وقت من أوقاته، أويسمعه من إمامه في الصلوات الجهرية من الفرائض، أو صلاة التراويح والتهجد، ومن الدعاء الذي يقوم به هو أو يسمعه من إمامه، وهو يؤمِّن عليه....وكذلك ما يدعو به عند طعامه في سحوره من التسمية والحمدلة، و وهكذا ما يسن له أن يدعو به وقت إفطاره...
ومن الدعاء المقيد ما يدعو به، عند دخوله المسجد، أو الخروج منه، وعند خروجه من بيته أو الدخول فيه، وعند لبس ثوبه الجديد، ودعاء الصباح والمساء، والدعاء عند الاستيقاظ من النوم في الليل، وما يتلو من القرآن في صلاة التهجد، ودعاء القنوت في الوتر، ودعاء ركوب دابته، أو سيارته، أو دراجته العادية أو النارية، وركوبه الطائرة، ودعاء السفر ذهابا، وإيابا...

وذكره المشروع في الحج بدأً بالتلبية وقت الإحرام، وما يتلو ذلك في سيره إلى بيت الله الحرام، من طواف القدوم عند الكعبة وسعيه بين الصفا والمروة، إلى أن ينتهي من حجه كله بطواف الوداع بما في ذلك يوم عرفة وأيام التشريق وما فيها من ذكر وأعمال يجتمع عليها القلب والبدن.

وفي موسوعات كتب السنة الكثير مما لم يُشَر إليه ههنا، بل في كتب ألفت خاصة في الأذكار، مثل كتاب الأذكار، للإمام النووي، والكلم الطيب لابن تيمية، والوابل الصيب لتلميذه ابن قيم الجوزية، رحمهم الله جميعا، ولصديقنا الدكتور سعيد الغامدي، كتاب صغير جمع فيه الكثير من الأذكار، سماه: "حصن المسلم" قد طبع مرارا، وهو خفيف الحمل كثير الخير من ذكر الله.

وأفضل مِن حمل كتبٍ أو كتاب في الأذكار، حفظ ما أمكن منها، وبخاصة ما اتفق على صحته الشيخان، أو ما صححه من يوثق بتصحيحه، من المحدثين، من السلف أو الخلف.

فاغتنم الفرصة أيها المسلم، وأكثر من ذكر الله، كما شرع لك، لتضاعف عند الله حسناتك، ولتنال ذكر ربك لك، في نفسه، إذا ذكرته في نفسك، وفي ملأ خير من ملأك إذا ذكرته في ملأ، كما روى ذلك ابو هريرة، رضي الله تعالى عنه، أَنَّ رسولَ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام، قال: (يقول الله تعالى : أَنا عند ظَنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإِن ذكرني في مَلأٍ ذكرتُه في مَلأٍ خيرٍ منه، وإن تَقَرَّبَ إِليَّ شِبْرا تَقَرَّبتُ إِليه ذِراعا، وإن تقرَّب إِليَّ ذِرَاعا اقْتَرَبتُ إِليه باعا، وإِن أَتاني يمشي أتيتُه هَرْوَلَة).[البخاري، ومسلم ، والترمذي.]

وما ذكر في آخر هذا الحديث: " وما تقرب..."الخ لعل المراد أنه كلما زاد العبد من طاعاته لله تعالى وذِكره والتقرب إليه، ضاعف الله تعالى له الثواب والإكرام وقرَّبه إليه، وقد يشير إلى مشروعية كثرة الذكر، كما مضى في الآيات قريبا، وكما سياتي في قوله تعالى في الحديث القدسي: "فإذا أحببته كنت سمعه..." الخ.