ابن الاثير ( 555هـ - 630هـ) في كتابه ( الكامل في التاريخ )

صــــ 1686 في الكتاب الضخم المدمج

او صــ 145 جـ 11 في الكتاب ذو المجلدات الاثني عشر

في احداث سنة 545 هــ

[[(( سنة خمس واربعين وخمسمائة
في هذه السنة رابع عشر المحرّم , خرج العرب (زَعْبٌ) ومن انضم اليها , على الحجّاج بـ (الغرابي) , بين مكة والمدينة , فأخذوهم ولم يسلم منهم الا القليل .
وكان سبب ذلك ان (نظر) امير الحاجّ [ لمّا عاد من الحلّة على ماذكرناه – الكلام لابن الاثير – وسار على الحاجّ ] قايماز الارجواني , وكان حَدَثا ً غَرّا ً , سار بهم الى مكة , فلما رأى امير مكة قايمازَ استصغرهُ وطمع في الحاجّ , وتلطّف قايماز الحالَ معهُ الى ان عادوا . فلمّا سار عن مكّة سمع باجتماع العرب , فقال للحاجّ – يقصد الحجّاج- : المصلحة انّا لا نمضي الى المدينة , وضجّ العَجَمُ وتهدّدوه بالشكوى منه الى السلطان " سنجر" , فقال لهم : فأعطوْا العربَ مالاً نستكفُّ به شرّهم ! فأمتنَعوا من ذلك , فسار بهم الى الغرابيّ , وهو منزلٌ يُخرَج اليه من مضيق بين جبلين , فوقفوا-يقصد "زعب" ومن معها – على فم المضيق , وقاتلهم قايماز ومن معه , فلما رأى عجزهُ اخذ لنفسه امانا ً , وظفروا بالحجّاج , وغنموا اموالهم وجميع مامعهم , وتفرّق الناس في البرّ, وهلك منهم خلقٌ كثير لا يحصون كثرة , ولم يسلم الا القليل , فوصل بعضهم الى المدينة وتحملوا منها الى البلاد , واقام بعضهم مع العرب حتى توصلوا الى البلاد .

ثم ان الله سبحانه وتعالى انتصر للحاج من "زعب" فلم يزالوا في نقصٍ وذلّة ,
ولقد رأيت شابا ً منهم بالمدينة سنة ستٍ وسبعين وخمسمائة , وجرى بيني وبينه مفاوضة قلت له فيها : انني والله كنت اميل اليك حتى سمعت انك من "زعب" فنفرت وخفت شرّك. فقال: ولِمَ ؟ فقلت بسبب اخْذِكُم الحاجّ . فقال لي : انا لم ادرك ذلك الوقت , وكيف رأيت الله صنع بنا ؟ والله ما افلحنا , ولا نجحنا , قلّ العدد وطمع العدوُّ فينا , انتهى كلام ابن الاثير