اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد ..
مُدارسة القرآن الكريم من السنن المهجورة ، والتي هجرها الكثير من المسلمين ..
وسنتدارس سوياً بإذن الله سورة ( يوسف ) .. طيلة أيام شهر رمضان المبارك .
فـ سورة يوسف ترتبط بواقعنا إرتباط كبير .. وتُجيب على أسئلة كثيرة تواجهنا في حياتنا .. إما في واقعنا الشخصي ، أو في البيت ، أو في المجتمع ، ومع الأعداء ..
فنحن نريد أن نربط واقعنا المعاصر بالقرآن ، ونحل مشاكلنا الخاصة بالقرآن .. وسنجد كل هذا بإذن الله في سورة يوسف ..
قال تعالى : " نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ "
يقصد بالغافلين هنا .. أي أنك لا تعلم عن هذه القصة ، فقبل القرآن كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم عن أحوال الأمة شيء .. فهذا كان قبل الوحي ، أما بعد الوحي فهو ليس من الغافلين .
قال تعالى : " إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجدين "
المسألة الأولى : يدل على قوة الارتباط بين الأب وابنه ، وبين الابن وأبيه .
" يا أبتِ " هذا يدل على أن يعقوب عليه السلام قد ربى ابنه يوسف ليرجع إليه في الأمور المهمة ، فالابن عندما رأى هذا الحدث المهم ، والرؤيا المهمة ، جاء لأبيه يقص عليه هذه الرؤيا .
بعض البيوت الآن في علاقتها جفاف ، وضعف ، فيجب أن يكون الأب مرتبط بابنه ، ويشعر بحاجته إليه .
المسألة الثانية : توجيه يعقوب عجيب جداً ، ولا عجب ، فهو نبي .. هذا الأب .. ماذا قال لابنه لما قص عليه الرؤيا ؟
يعقوب عليه السلام عرف الرؤيا ، وعرف تأويلها ..
والقول الراجح أنه عرف تأويلها جملةً ، لا تفصيلا .
فقد عرف أن ابنه سيُبتلى ، وأن نهايته ستكون عز وشرف وسعادة .. لكن كيف ؟ لا يعلم .
هو لم يفسر الرؤيا تفسيراً دقيقاً ، وإنما فيها إماء ، لأن عقله ما أراد أن يوقعه في الإشكال ..
فقال له : " قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مبين "
جمع بين النهي والتعليل والتوجيه .
لا تقصص : نهي .
فيكيدوا لك كيدا : علل له سبب كيد إخوته ، ووجهه إلى السبب وهو أن الشيطان سيدخل بينهم .
والآن نجد أغلب الآباء هداهم الله ، يستخدمون السُلطة فقط .
الأمر ، والنهي .. افعل ، ولا تفعل .
حتى لو سأله ابنه : لماذا ؟ قال : لا شأن لك !
قد يزجره ، قد ينهره لو طلب منه الابن تعليم !
يعقوب عليه السلام ابنه ما طلب تعليم ، نهاه ، وما اكتفى بهذا ، لأنه عرف أنه يجب عليه الإجابة التي تدور في ذهن ابنه .
" فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا " .. فلماذا يكيدوا له كيدا ؟ .. ماذا فعل بهم ؟
" إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مبين "
لاحظوا الترتيب المنطقي للأسئلة ، والدقة العجيبة من يعقوب عليه السلام .
فالابن تساءل ، سواء سؤال صريح أو لم يسأل .. فهو لا بد من التساؤل ..
لماذا لا أقصها على أخوتي ؟ .. ما المشكلة ؟
وهذا يذكرنا بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم مع الحسن لما أخذ من تمر الصدقة ، قال له : ( كِخ كخ ، إرمي بها أما علمت أنا لا نأكل تمر الصدقة ؟ )
كأنه يخاطب شاب في العشرين من عمره .
هل نحن نتعامل مع ابناءنا بهذا الأسلوب ؟
وهل آباؤكم كانوا يتعاملون معكم بهذا الأسلوب ؟
هل أنت تتعامل مع أخوتك بهذا الأسلوب ؟
الأطفال يفهمون .. لكنهم لا ينطقون ، قد لا يحتجون .. لكنهم يدركون ويلاحظون .
وبإذن الله لنا لقاء آخر للمتابعة .
[align=left]* تأملات في سورة يوسف / ناصر العمر .[/align]
رد مع اقتباس
-new.gif)
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 乂 .. ندى الحروف .. 乂
