أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


شرح بعض الشواهد على مذهب سيبويه والخليل ونحاة البصرة العطف في موضوع الرفع قبل استكمال خبر (إنّ)
التوجيه الأوّل: أن يكون (المعطوف بالرفع) مبتدأ وخبره محذوفاً:
شرْحُ التوجيه: على هذا التوجيه يكونُ الحذفُ من الثاني لدلالةِ الأوّل عليه.
ملاحظة: يقوّي هذا الوجه أن الكثير والشائع في اللغة: حذف الخبر من الثاني لدلالة خبر الأول عليه.
(ذكره ابن هشام الأنصاري في مغني اللبيب عن كتب الأعاريب)
1. قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
المعطوف عليه: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا) (لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) وحرف العطف: (وَ) والمعطوف: (الصَّابِئُونَ)
الشاهد: رفع المعطوف (وَالصَّابِئُونَ) في الآية الكريمة، وقد عطف بالرفع قبل استكمال الخبر (لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)في جملة (المعطوف عليه).
التوجيه الإعرابي: (وَالصَّابِئُونَ): محمول على التأخير، مرفوع بالابتداء، وخبرُه محذوفٌ لدلالةِ خبر الأول عليه.
وعلى ذلك يكون التقدير في الآية والله أعلم:(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا) (وَالنَّصَارَى) (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (وَالصَّابِئُونَ) كَذَلِكَ.
وهذا التوجيه قال به سيبويه وهو الأقوى والله أعلم.
وعليه فإن نظيره في الإعراب والتقدير: (إن زيداً ومحمدٌ قائمٌ) ويكون تقدير الكلام: (إن زيداً قائمٌ ومحمدٌ "قائمٌ") أو (إن زيداً قائمٌ ومحمدٌ "كَذَلِكَ") فحُذِف خبر محمد لدلالة خبر إنّ عليه.
إعراب الشواهد المهمّة في المثال:
إن: حرف ناسخ يفيد التوكيد، مشبه بالفعل، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
الذين: اسم موصول مبني على الفتح، في محل نصب اسم إن.
(لا خوف عليهم): الجملة في محلّ رفع خبر إنّ الذين آمنوا وما عطف عليه.
الصابئون: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم.
(وخبر المبتدأ محذوف والتقدير: "وَالصَّابِئُونَ (لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)" أو "وَالصَّابِئُونَ كَذَلِكَ") وجملة المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب.

التوجيه الثاني: أن يكون خبر إن محذوفاً:
شرح التوجيه: على هذا التوجيه يكون الحذف من الأوّل لدلالة الثاني عليه.
ملاحظة: يضعّف هذا الوجه أن حذف الخبر من الأول لدلالة خبر الثاني عليه قليل، وإنما الكثير العكس.
(ذكره ابن هشام الأنصاري في مغني اللبيب عن كتب الأعاريب)
1. قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
الشاهد: رفع المعطوف (وَالصَّابِئُونَ) في الآية الكريمة، وقد عطف بالرفع قبل استكمال الخبر في جملة (المعطوف عليه).
التوجيه الإعرابي: (وَالصَّابِئُونَ): إن خبر إن محذوف، أي: مأجورون أو آمنون أو فرحون، والصابئون مبتدأ وما بعده الخبر.
وعلى ذلك يكون التقدير في الآية والله أعلم:(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا) مأجورون أو آمنون أو فرحون(وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
وعليه فإن نظيره في الإعراب والتقدير: (إن زيداً ومحمدٌ قائمٌ) لاحظ أن خبر إن محذوفٌ لدلالةِ خبر الثاني عليه.
ويكون تقدير الكلام: (إن زيداً قائمٌ ومحمدٌ قائمٌ)
أو يكون التقدير: (إن زيداً ـــ ومحمدٌ قائمٌ ـــ قائمٌ ") وتلاحظ أن جملة المبتدأ والخبر اعتراضية وحينئذ تكون جملة لا محل لها من الإعراب.
إعراب الشواهد المهمّة في المثال:
إن: حرف ناسخ يفيد التوكيد، مشبه بالفعل، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
الذين: اسم موصول مبني على الفتح، في محل نصب اسم إن.
(وخبر إنّ محذوفٌ والتقدير والله أعلم: "(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا) مأجورون أو آمنون أو فرحون.")
الصابئون: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم.
(لا خوف عليهم): الجملة في محلّ رفع خبر الصابئون وما عطف عليه.
وجملة المبتدأ والخبر اعتراضية لا محل لها من الإعراب.
هذا أحسن الأقوال كما ذكر محي الدين عبد الحميدفي تعليقه على شرح ابن عقيل لأننا إذا لم نقل معترضة وقلنا إنها معطوفة على جملة إنواسمها وخبرها لزمنا من هذا القول تقديم المعطوف على بعض المعطوف عليه وهذا ليسبجيد.
ملاحظة: أيضاً ذهب المحقق الرضي إلى أن جملة المبتدأ والخبر حينئذ لا محل لها معترضة بين اسم إن وخبرها، وهو حسن، لما يلزم على جعلها معطوفة على جملة إن واسمها وخبرها من تقديم المعطوف على بعض المعطوف عليه، لان خبر إن متأخر في اللفظ أو في التقدير عن جملة المبتدأ والخبر، وخبر إن جزء من الجملة المعطوف عليها.

والمزيد من الشواهد أدناه:
التوجيه الأوّل: أن يكون (المعطوف بالرفع) مبتدأ وخبره محذوفاً:
شرح التوجيه: على هذا التوجيه يكون الحذف من الثاني لدلالة الأول عليه.
ملاحظة: يقوّي هذا الوجه أن الكثير والشائع في اللغة: حذف الخبر من الثاني لدلالة خبر الأول عليه.
الشواهد:
1. ويتخرّج على هذا التوجيه ويمتنع عن الآخر: قول ضابئ بن الحارث البرجمي:
فَمَنْ يَكُ أَمْسَى بِالمَدِينَةِ رَحْلُهُ ... فَإِنّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ
الشاهد: (وَقَيَّارٌ): العطف بالرفع قبل استكمال الخبر. فيكون التقدير: (فإنِّي لغريب وقيار كذلك)
إنّي: إنّ: حرف ناسخ يفيد التوكيد، مشبه بالفعل، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
والياء: ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم (إنّ).
اللام: مزحلقة، حرف توكيد، مبني على الفتح، لا محل له من الإعراب.
غريب: خبر إن منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
الواو: حرف عطف مبني على الفتح لا محل لها من الإعراب.
قيّار: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
(وخبر المبتدأ محذوف والتقدير: "وَقَيَّارٌ غريبٌ" أو "وَقَيَّارٌ كَذَلِكَ") وجملة المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب.
ملاحظة: سبب امتناع التأويل أو التوجيه الآخر: أن خبر إنَّ يقترن بلام الابتداء وحقّه أن تكون لام الابتداء داخلة عليه.
لذلك لا يجوز فيه التأويل الآخر (الحذف)، وأيضاً فإنَّ اللام لا تزاد في الخبر، وما ورد فهو شاذ لا يُقاس عليه، فلا يجوز أن يُخبر عن المبتدأ بما فيه لام الابتداء.
1. وقال بشر بن أبي خازم الأسْدي: وَإلّا فَاعْلمُوا أنَّا وأنْتُمْ ... بُغَاةٌ مَا بَقِينَا في شِقَاقِ.
الشاهد: العطف بالرفع (وأنْتُمْ) على اسم إن قبل استكمال الخبر المذكور (بُغَاةٌ)
نلاحظ أن المعطوف بالرفع هو: أنتم، ويمتنع أن يكون معطوفاً بالنصب لأنه من ضمائر الرفع المنفصلة، ولو كان الشاعر يريد العطف بالنصب لقال: (فاعلموا أنّا وإياكم).
والتقدير: (أنَّا بُغَاةٌ وأنْتُمْ بُغَاةٌ) أو (أنَّا بُغَاةٌ وأنْتُمْ كَذَلِكَ).
الإعراب: أَنَّا: (أنّ) حرف ناسخ يفيد التوكيد، والضمير (نا) ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم (إنّ).
أنْتُمْ: ضمير مرفوع على الابتداء وخبره محذوف والنية به التأخير عما في حيز إن من اسمها وخبرها.
(وخبر المبتدأ محذوف والتقدير: "وأنتم بغاةٌ" أو "وأنتم كَذَلِكَ") وجملة المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب.
بُغَاةٌ: خبر إن مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
ويتخرّج هذا الشاهد على التوجيه الثاني. واكتفيتُ بهذا التوجيه لقوّته وشيوع دلالة خبر الأول على الثاني، والله أعلم.

التوجيه الثاني: أن يكون خبر إن محذوفاً:
شرح التوجيه: على هذا التوجيه يكون الحذف من الأول لدلالة الثاني عليه.
ملاحظة: يضعّف هذا الوجه أن حذف الخبر من الأول لدلالة خبر الثاني عليه قليل، وإنما الكثير العكس.
الشواهد:
1. قرأ محمد بن سليمان الهاشمي (وهو أمير البصرة) على المنبر: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتُهُيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ).
فَعَلِمَ أنَّه قَد لَحَنَ؛ فبعث إلى النحويين، فقال لهم: خَرِّجوا له وجهًا.
ملاحظة: وهي قراءة ابن عبّاس، وعبد الوارث، عن أبي عمرو كما ذكر ابن خالويه في كتابه: (مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع)
فقالوا: تعطف به على موضع (إنّ)؛ لأنها داخلة على المبتدأ والخبر، فأجازهم، وأحسن صلتهم، ولم يرجع عنها لئلا يقال له لَحَنَ الأميرُ ...
الشاهد: العطف بالرفع (وَمَلَائِكَتُهُ) على اسم إن المنصوب (اللَّهَ) قبل استكمال الخبر.
التوجيه: لو قلنا: إنَّ: حرف ناسخ، والله: لفظ الجلالة هذا اسمها، ويصلون: لو قلنا إنه على حذف الخبر من الأول فإنه لا يصلح أن تقول: إنَّ الله يصلون؛ لأن الله مفرد ويصلون هذه جماعة.
فيكون التقدير والله أعلم:(إِنَّ اللَّهَ)يُصلّي (وَمَلَائِكَتُهُ يُصَلُّونَ). لأن الخبر: "يصلون" جاء على صيغة الجمع الملائمة لـ "ملائكته".
2. قول الشاعر (هذا البيت بلا نِسبة):خَلِيلَيَّ هل طِبٌّ فإني وأنتما ... وإن لم تَبُوحَا بالْهَوى دَنِفَانِ.
الشاهد: العطف بالرفع (وأنتما) على اسم إن قبل استكمال الخبر المحذوف.
الأمر الأول: أن المعطوف بالرفع هو: أنتما، ويمتنع أن يكون معطوفاً بالنصب لأنه من ضمائر الرفع المنفصلة، ولو كان الشاعر يريد العطف بالنصب لقال: (فإني وإيّاكم).
كما أنّ قوله "دنفان" يتعيّن أن يكون خبرًا عن "أنتما" ولا يجوز أن يكون خبرًا لــ (إنّ) واسمها المفرد (ياء المتكلّم)، ولا أن يكون خبرًا لإن والاسم المرفوع بعدها معًا، وذلك لأن "دنفان" مثنى واسم إن مفرد، وهو مع الاسم المرفوع بعده جمع، ولا يجوز أن يخبر بالمثنى عن المفرد ولا عن الجمع.
الأمر الثاني: سياق الكلام الحديث عن المفرد (فإنّي). ثم عطف بالمثني وجاء الخبر كذلك مثنّى وهذا دليل على أن خبر إنّ محذوف.
والتقدير: (فإنِّي دنف وأنتما دنفان وإن لم تبوحا بالهوى). (وخبر إن محذوف والتقدير: "فإنِّي دنف")
الإعراب: إنّي: إنّ: حرف ناسخ يفيد التوكيد، والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم (إنّ).
أنْتُما: ضمير مرفوع على الابتداء. وخبره دنفان. وجملة المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب.

أخيراً: إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
والشكر الجزيل لشيخنا الفاضل أبو محمد يونس لمساعدتي .