أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الأهمية المعنوية
في

"السلام عليكم وعليكم السلام"
الاحتياج المعنوي في تحية الإسلام
يتحدث الإنسان تحت رعاية الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس ،وفي تحية الإسلام ما يدل على ذلك ، " حيث يحيي المسلم أخاه المسلم بقوله:"السلام عليكم" ويكون رد التحية بالقول:"وعليكم السلام" فَلِم كان في جانب المسلِّم تقديم السلام وفي جانب الرادِّ تقديم المسلَّم عليه؟ في ذلك فوائد عديدة ،منها:-
الفائدة الأولى:الفرق بين الردِّ والابتداء ،فإنه لو قال في الردِّ :السلام عليكم"أو:سلام عيكم "لم يُعرَف أهذا ردٌّ لسلامه عليه أم ابتداء تحية منه؟ فإذا قال :عليك السلام عرف أنه قد ردَّ عليه بتحية ، ومطلوب المسلِّم من المسلَّم عليه أن يرد عليه سلامه وليس المقصود أن يبدأه بالسلام كما ابتدأه به ، وإذا كانوا قد اعتمدوا الفرق بين سلام المبتدئ وسلام الرادِّ خصُّوا المبتدئ بتقديم السلام لأنه هو المقصود ، وخصُّوا الرادَّ بتقديم الجار والمجرور للفائدة (ولأنه المقصود).
الفائدة الثانية :سلام الرادِّ يجري مجرى الجواب ،ولهذا يكتفى فيه بالكلمة المفردة الدالة على أختها ، فلو قال الرادُّ: وعليك ، لكان متضمنا للرد ،مع أنَّا مأمورون أن نردَّ على من حيَّانا بتحية مثل تحيتهم ،وهذا من باب العدل الواجب لكل أحد ، فدلَّ على أنَّ قول الرادِّ:وعليك، "مماثل لقول المسلِّم :سلام عليك " لكن اعتُمد في حق الرادِّ إعادة اللفظ الأول بعينه تحقيقا للمماثلة ودفعا لتوهُّم المسلِّم عدم ردِّه عليه ،لاحتمال أن يريد:عليك شيء آخر،والمقصود أنَّ الجواب يكفي فيه قولك:وعليك، وإنما كُمِّل تكميلا للعدل وقطعا للتوهم.
الفائدة الثالثة:أنَّ المسلِّم لمّا تضمن سلامُُه الدعاءَ للمسلَّم عليه بوقوع السلامة عليه وحلولها عليه ،وكان الرد متضمنا لطلب أن يحلَّ عليه من ذلك مثل ما دعا به ،فإنه إذا قال وعليك السلام ،كان معناه:وعليك من ذلك مثل ما طلبت لي ،كما إذا قال:غفر الله لك فإنك تقول:ولك يغفر ،ويكون هذا أحسن من قولك :وغفر لك ،وكذا إذا قال:رحمة الله عليك ،تقول:وعليك ،وإذا قال:عفا الله عنك ،تقول:وعنك ،وكذلك نظائره ،لأن تجريد القصد إلى مشاركة المدعو له للداعي في ذلك الدعاء لا إلى إنشاء دعاء مثل ما دعا به ،فكأنه قال:ولك أيضا ،وعنك أيضا ،وأنت مشارك لي في ذلك ،مماثل لي فيه ،لا أنفرد به عنك ،ولا أختص به دونك ،ولا ريب أن هذا المعنى يستدعي تقديم المشارك المساوي فتأمله.(1)فالتحية االإسلامية تقوم على الأهمية المعنوية عند المتكلم وعلامات أمن اللبس ، والمتقدم في المكانة والمنزلة متقدم في الموقع والمتأخر في المنزلة والمكانة متأخر في الموقع كذلك ،والإنسان يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.
==================
(1)ابن القيم - بدائع الفوائد - ج 1- ص155