النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الأفعى ........

  1. #1
    عطر الكلمات
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    414

    الأفعى ........


    فحيح الأفعى يندفع من ركن البيت ، وأنا طريحة الفراش بين الحلم واليقظة .
    فتحت عيني بصعوبة ، فلمحت أشعة خافتة تتماوج في أحشاء الظلمة ، ولاح لي الستار الذي كان يفصل بين عرفة الجلوس والمطبخ
    حدقت فيه ببلاهة ، حيث كان الشعاع قد وشاه حمرة مفزعة .
    أدركت أن الفحيح يندفع من خلف الستار ، حاولت أن أنسل من فراشي ، لكن الإعياء يشدني ، والخوف يلجمني عن الحركة .
    تحسست السرير ، وتفرست ما حولي ، فأدركت أني وحيدة إلا من أشلاء نفسي المبعثرة ،
    هل خرج وأسلمني لوحدتي أقارعها . ليس من عادته أن يخرج في وقت متأخر ، إلا أن يكون خطبا دعاه إلى ذلك . لم لم ينبئني ؟ فهو لا يكتمني أمرا ، ذلك أنه يحبني ، أو هذا ما كنت أشعر به خلال عام ونيف مر على زواجنا . أم تراني كنت مغفلة ساذجة ؟ لست أدري .
    لكنه خرج وتركني محمومة في هذا التابوت .
    أتراه كان يخونني من حيث لا أشعر ؟ كلا ، خفقات قلبي تنكر ذلك .
    قد أحبني وهام بي ، وبادلته حبا بحب .
    رباه ، كيف يستحيل الحب الناصع الشفاف إلى لغز غامض لا أجد له منفذا .
    وكيف تستحيل الأحلام الهانئة جحيما من الذعر الفازع .
    كان يرقد بجواري ، وفتحت عيني فلم أجد سوى نفسي . لا يمكن أن أظل هكذا ، فأنياب الخوف تنغرز في أحشائي . لم لا آت فعلا ؟ كأن أهرب من كابوسي . لكن أنى يتأتى لي ذلك .
    فالباب موصد بإحكام .
    أرأيتم امرأة تلتزم سجنها دون مقاومة ؟ تلك هي أنا .
    كنت لا أبرح البيت إلا برفقة زوجي ، يعزيني في ذلك حبا جارفا ، وغيرة متوجسة .
    كنت أتفهم مشاعره ، فأحترمها وأغفر له . لكن أتراه كان يحبني ؟ أم أنه يخدعني ؟
    يا إلهي ! لماذا يتصرف الرجال كذلك ؟ كيف يستحيل الحب أغلالا تلتف حول أعناقنا ؟
    كيف يصبح سما زعافا ينساب في عروقنا ؟ بل كيف يغدو شبحا يترصدنا ؟
    لا أكاد أفهم ذلك إلا إذا كان الحب مؤامرة دنيئة حيكت لنا .
    الخوف يخرجني عن طوري ، والشك يدك عقلي .
    ليس من الصواب أن أداري هواجسي . وأنا المرأة التي لا يطمع في أمرها . في حين أنه يملك الصبا والثروة والجمال . ليس ما يرغمه على أن يغرر بي .
    لا بد أني ضللت صوابي .
    خير لي الآن أن أتدارك أمري ، قبل أن يفتك بي خوفي .
    لم لا أتحرر من تابوتي ، وأجوس النظر إلى عدو يترصدني خلف الستار .
    ينبغي ألا آت أية حركة . ها هو الستار يتماوج كنجيع دم مغدور .
    ليس هذا وقت تردد . لا مخرج لي إلا أن أكون أكثر جرأة وبأسا .
    ها قد أصبحت جوار الستار . سأذوده قليلا ، وأنظر بحرص وحذر . تلك الأفعى تتلوى في ركن قصي ، يبدو أنها مرهقة ، أحاول أن أتمعنها جيدا ، تبدو رمادية اللون ، ضخمة في الوسط ، تلتف
    حول نفسها ، وقد انسكب من عينيها بريق جهنمي .
    سرت في أوصالي رعشة محمومة ، وأنا أتلافى ذاك البريق . إنه يذكرني بأمر ما .. .
    ربما ذاك البريق الذي كنت أقرأه في عيني زوجي .
    لكن كيف يستحيل وميض الحب الوادع إلى بريق عدواني بغيض ؟
    لا أخال أني لمحت بريقا كهذا في عيني زوجي .
    كم أنا غبيةحتى بت لا أميز بين الأشياء .
    لكن لو أنه وقع في غرام امرأة أخرى ، وقرر أن يضع حدا لحياتي ، أفلا يمكن أن يستحيل بريق عينيه إلى نظرات أفعى ؟
    أفلا يمكن أن يصبح حبه سما زعافا ينفثه في دمي ؟
    هذه الأفعى تثير هواجسي . يخيل لي أن فيها بعضا منه . وفي عينيها بريق من عينيه .
    أم تراني جانبت الصواب ؟ لكن الشواهد تدين زوجي .
    كان ينام بجواري ، وأفقت فإذا به ينبس في جلد أفعى ، وقرر غيلتي 0لكن لماذا لا استجيب لحكمه ، كما استجبت لحبه من قبل .

    لا لن أخضع ، سأطيح بك أيتها الأفعى ، وأظل الأفعى التي تنكأ جراحك جاثمة على صدرك .
    لن تخدعني مرة أخرى ، فقد تبدت لي مراوغتك .
    لن أنحني لابتسامتك الندية ، وكلماتك الدافئة . فقد علمتني أن تحت الجلود الناعمة سما زعافا .
    تحلي بالجلد والإقدام أيتها المرأة ، فليس بين الجبن والإقدام سوى شعرة .
    اقطعيها وإلا فإن الردى سيطويك للأبد .
    حاولي أن تسددي نحو الرأس . لكن بأي سلاح أنازلها ؟
    ليس بحوزتي سوى الكؤوس والأواني . هيا أيتها المرأة ، تأهبي قبل أن تنقض عليك .
    ها هي تتلوى 0 كم هي مفزعة ، لكنها مرهقة ، لا أظنها ستظفر بي ، فق ابتلعت أكثر من طاقتها .
    أما أنا فقد دب فيّ نشاط لم أعهده من قبل .انسللت إلى مائدة الطعام ، تناولت كأسا كبيرة ،
    غير أن الأفعى انسحبت إلى غرفة النوم . داهمني فزع مباغت ، فقذفت الكأس على غير هدى .
    بيد أنها ارتطمت بذيلها . ولاحت لي قطرات دم تنزف خلفها . بينما راحت تترنح كأنها فقدت
    بعض توازنها .
    شعرت بسعادة غامرة . يخيل لي أن آلاف الأفاعي تصحو في أعماقي . لن تظفري بي أيتها الأفعى
    فأنا وحش عنيد .
    ليس من العسير أن يستحيل الإنسان وحشا كاسرا .
    بل من الضروري أن يفيق فينا هذا الوحش أحيانا .
    سأحاول أن أصوب ضربتي إلى الرأس ، ها هي تتلوى بشراسة ، وتنسحب من ركن إلى آخر .
    عليّ أن أتفاداها ، وأن أسدد لها ضربات خاطفة ، حتى أشل حركاتها المراوغة .
    قليلا من الصبر والثبات أيتها المرأة تذكري أن زوجك سيعود ، وقد اطمأن إلى أنك جثة هامدة .
    لهفي عليك ، سيخيب ظنك حين ترى زوجتك نمرة شرسة .
    تقذفك بنظرة ظافرة ، وتصفعك بابتسامة ساخرة ؟
    ستدرك أني لست ساذجة . وأني سوف أظل في جوارك ، أفعى تنفث السم في د مك وأوصالك .
    يمكنني الآن أن أسدد لها الضربة التالية .
    ها هي تلتف حول نفسها في ركن الغرفة ، سوف أصوب ضربتي إلى الرأس .
    هيا أيتها اليد الفولاذية ، إياك أن ترتجفي أو أن ترتدي .
    ليس هذا وقت الخوف أو التردد .
    ولتكن ضربتك على الرأس كما اتفقنا . 00 آه ، فقد أخطأت أيتها اليد .
    انعطفت الأفعى ، وعاد ذلك البريق يروعني .
    تتقبض عضلاتها ، وتستجمع قواها ، وتقذف رأسها نحوي . فتحت فمها على امتداده ، وخيل لي أنها ستبتلع رأسي . قذفت رشاشا من السم نحوي ، لكني انحرفت لا شعوريا .
    يخيل لي أنها تصوب فمها نحو رأسي . كم هو مروع هذا الفم الأسطوري ، أتراه يكون ملاذي الوحيد ؟
    أحاول أن أفعل شيئا ، كأن أهرب ، أو أصرخ وأستغيث ، لكن الخوف ألجمني .
    تخيلت أن فمها يتمدد ، ورأسي تصغر . وما هي إلا لحظات حتى تختم الرواية .
    انعطفت قليلا ، وبحركة يائسة ، ألفيت نفسي وقد أحكمت قبضتي على عنقها .
    كانت لزجة مرعبة ، شعرت وكأنها تنزلق من يدي .
    إن قبضتي واهنة ، أو أن عضلاتها تضعف من قوتي .
    الويل لك إن تحررت من قبضتك ، ستطبق على رأسك ، وينتهي كل شئ .
    كلا … كلا … اصمدي أيتها اليد ، لا تخذليني . أتوسل إليك .
    أحكمت قبضتي على عنقها ، لكني شعرت بها تلتف على جسدي . يا ويل نفسي .. سوف تفتك بي ، فيضيع رأسي في أحشائها .
    شعرت بجسمي يهتز مثل قشة في مهب العاصفة . أكاد أن أتهاوى ، أن أتوسل لها .
    لكنها تتلوى على جسمي بقوة ، ورأسها يترنح ، كأنه يبحث عن رأسي .
    شعرت قوة غامضة تدب في يدي ، أحكمت قبضتي عليها من جديد .
    أحسست بها تتهاوى عن جسدي ، وعضلات عنقها تفقد بأسها .
    قذفت برأسها إلى الأرض ، واندفعت إلى المطبخ .
    عدت والكؤوس في يدي .
    طفقت أقذفها بالكؤوس واحدا تلو الآخر . الدماء تنزف منها . أي أفعى أنت ، يا لك من صلبة عنيدة . أما أنا فقد كلت عزيمتي . وانتابني إعياء شديد .
    قدمي تؤلمني ، والدماء تنزف منها غزيرة . كم أنا بائسة تعسة . لكني لن أكون فريستك ، بل مفترسك الظافر .
    تلوي كما تشائين ، لكن لا بد أن تنهد قواك ، وأن تخمدي .
    ولا بد أن أسدد لك الضربة القاتلة .
    ما زالت بعض الكؤوس في يدي . سأحطمها على رأسك الواحد تلو الآخر .
    عبثا تحاولين الفرار ، فأنا وأنت في قفص الصراع .
    لا تندفعي باتجاه النافذة ، فالأسلاك لن تسمح لك بالنفاذ .
    كم أنت عنيدة أيتها الأفعى . ألم أقل لك إن جسمك الضخم لن ينفذ من ثقوب النافذة ؟
    لا بد أن ترتدي بعد أن تعييك المحاولة .
    لكن لماذا أنتظر ؟ فرأسها بات خارج الأسلاك . أما جسمها الضخم فيأبى إلا أن يظل يتلوى أمام ناظري .
    سأضربها على بطنها ، هيا أيتها اليد ، لتكن ضرباتك موفقة صائبة .
    قد أحسنت صنعا أيتها اليد ، فقد تلاشت مقاومة الأفعى .
    ترنحت قليلا ثم ما لبثت أن ارتطمت بالأرض .
    رفعت كأسا آخر وصوبته نحو رأسها .
    يا إلهي ، قد أصبت الهدف . ها هي تزحف ببطء نحو مائدة الطعام .
    لعلها اختارت أن تلفظ أنفاسها الأخيرة تحت المائدة ، حيث الوحدة والظلمة .
    تنفست الصعداء ، وشعرت بارتياح عميق .
    توجهت إلى المائدة أطمئن على حالها . وما أن رفعت الستار حتى لمحت ما أفزعني .
    دارت بي الأرض . وتقبضت أنفاسي … وشعرت بأني على شفا الإغماء .
    ضغطت على جبهتي … انعطفت مرة أخرى ، واختلست نظرة مذعورة .
    كانت الأفعى تلتف على عنق رجل مهزوم تحت المائدة .
    تفرست وجهه ، فأدركت أنه زوجي .
    زوجي الذي راودني فيه أي هاجس …
    إلا أن يكون تحت المائدة .
    يوما ما .. كنت هنا

  2. #2
    عطر الكلمات
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    414
    لا أكاد أفهم ذلك إلا إذا كان الحب مؤامرة دنيئة حيكت لنا .

    الخوف يخرجني عن طوري ، والشك يدك عقلي .

  3. #3
    عطر الكلمات
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    414
    هذه الأفعى تثير هواجسي . يخيل لي أن فيها بعضا منه . وفي عينيها بريق من عينيه .
    أم تراني جانبت الصواب ؟ لكن الشواهد تدين زوجي .

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مصدر مسئول يثبت حقيقة المولود شبيه الأفعى في السعودية
    بواسطة majroh-tamem في المنتدى منتدى الأخبار
    مشاركات: 41
    آخر مشاركة: 22-06-2007, 04:49 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •