أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الإجازات ليست علمًا بذاتها


وهذا تنبيه مهم لبعض الطلاب والفضلاء المجتهدين في طلب الإجازات، والبحث عن شيوخ الإسناد والرواية والأثبات، خاصة أصحاب العلو منهم، والحامل عليه أن بعضهم يظن بحاصل الحال في جمع الإجازات، أنه بذلك حاز السبق، وجمع الرتب بأعالي الأسانيد، وبلغ السماء بإجازات الشيوخ والمسندين.
والحق أن بعضهم لا يحسن قراءة الفاتحة ضبطًا وأداءًا، ولا يحسن التجويد فنًا وإتقانًا، ولم يجمع من العلم في فنونه كالعقيدة والفقه والتفسير واللغة، إلا ما يجمعه ربما الطفل المبتديء، ثم هو مع ذلك يفخر بأسانيده، على أقرانه وزملائه، وربما انتقص بها من الفضلاء من شيوخه وعلمائه، وحسب المسكين أنه من الكبار المسندين، والعظماء الفاتحين، وهذا من تلبيس إبليس، وهوى النفس بالتلبيس.
والحق أن الإجازات مهمة لطلب الرواية والاتصال والعلو، إلا أنها لا تنفع صاحبها قط، إلا إذا سلك السبيل في طلب العلوم مذاكرة وفهًا وتلقينًا، وجالس العلماء والأكابر في فنونهم وعلومهم مدارسة واستماعًا، وجثى على ركبتيه السنين الطوال، والأوقات الغوالي.
قال الإمام الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ:
"فطلب الحديث اسم عرفي لأمور زائدة على تحصيل ماهية الحديث، وكثير منها مَرَاقٍ إلى العلم، وأكثرها أمور يُشغف بها المحدث: من تحصيل النسخ المليحة، وتطلّب العالي،وتكثير الشيوخ، والفرح بالألقاب والثناء! وتمني العمر الطويل ليروي، وحب التفرد،إلى أمور عديدة لازمة للأغراض النفسانية لا الأعمال الربانية.
فإذا كان طلبك الحديث النبوي محفوفا بهذه الآفات، فمتى خلاصك منها إلى الإخلاص؟ وإذا كان علم الآثار مدخولًا، فما ظنك بعلم المنطق والجدل وحكمة الأوائل، التي تسلب الإيمان، وتورث الشكوك والحيرة، التي لم تكن والله من علم الصحابة ولا التابعين" اهـ. وبالله التوفيق.