أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


..
..
..
هذه جولة تعريف قصيرة ، كتبتها بشكل مختصر في بعض وسائل التواصل ، ووضعتها هنا لعل فيها فائدة .


1/6
السلام عليكم ورحمة الله ..

الكتاب الذي أعرضه لكم اليوم، رسالة جامعية قدمت لنيل الدكتوراه، وهي رسالة د.خالد بن منصور الدريس (الحديث الحسن لذاته ولغيره- دراسة استقرائية نقدية)
أشرف عليه فيها د/وصي الله بن محمد عباس.وقد نوقشت مطلع العقد االمنصرم (1421ه) وقد أجيزت بتقدير ممتاز مع التوصية بطباعتها على نفقة الجامعة!

وسبب اختياري للكتاب؛هو انصراف كثير من طلبة العلم عنه، لطول الرسالة (خمس مجلدات- طبعته أضواء السلف) ؛ ولقلة النسخ في السوق أيضا .

وقبل أن ألج إلى تفاصيل عرض الكتاب ، فهذه مشاعري [ :) ] تجاه الكتاب :
1- الكتاب –بحق- أنموذج عالٍ للرسائل الجامعية، في التحرير والجهد المبذول.
2- ما أصدق العنوان على المحتوى، ففي كل باب وفصل تجد (الاستقراء) المدهش، و(النقد) الذكي المتقن ، فمثلا : عندما أراد جمع (تحسينات) الشافعي ذهب وقرأ (معرفة السنن والآثار) للبيهقي المطبوع في ثلاث عشرة مجلدة تقريباً! كل هذا فقط من أجل جزئية صغيرة هي تحسينات الشافعي، وهكذا في تحسينات البخاري وأبي حاتم والترمذي ووو
3- يلتزم المؤلف التحرير في العرض، فلا يترك شيئاً إلا أتى عليه، وربما ألجأه ذلك إلى استطرادات [ لذيذة :) ] من أجل ألا يدع نقطة إلا أشبعها .
4- قلم المؤلف رشيق، وتعبيره عما يريد واضح، وهو في كل ذلك لا يدع التأدب مع المتقدم والمتأخر، مقتصراً في ردوده على البيان والدليل.
5- من الواضح أن المؤلف جرد من الكتب (كحشة :) ) فلا يحتاج مثالاً في صلب الموضوع أو في استطراد إلا أتحفك به .
6- نظراً لطول بعض المباحث والمناقشات ، فلا يسلم قارئه من الملل الشاذ الذي يؤكد قاعدة الاستمتاع :)


2/6
قسم الباحث الكتاب أربعة أبواب:
الأول: في استعمالات الحسن عند المحدثين ، حيث تتبع هذا المصطلح ، ونبشه من جذوره، مبيناً أنه مصطلح قديم، وإن لم يكن يريد به المتقدمون ما اصطلح المتأخرون عليه، وسيأتي.
وتطرق في هذا الباب لتحسينات الشافعي وابن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري ويعقوب بن شيبة، وأبي زرعة وأبي حاتم الرازيين ، ثم تحسينات مَنْ بعد الترمذي إلى ابن الصلاح.

وخلص –بعد أن استعرض تحسينات المتقدمين- إلى أنهم لم يريدوا بالحسن ما قَصَرهُ المتأخرون عليه ، وهو : ما رواه عدل (خف) ضبطه ...
بل كانت تحسيناتهم نوعان:
* تحسين احتجاجي: ويكون التحسين هنا معناه : حسن الحديث لقوته في نظر من حسنه، ويدخل في هذا القسم، إطلاق الحسن على الحديث الصحيح، وعلى حديث الراوي المحتمل له .
* تحسين إعجابي: ويكون معنى التحسين هنا: حسن الحديث لميزته (غرابته) وهذا المعنى يكثر في كلام المتقدمين – وإن لم تكن كل تحسيناتهم مقصورة عليه - فهم يطلقون الحسن لفائدة، مثل : غرابته، وعلو سنده، وحسن متنه، ولو كان في نفس الأمر ضعيفاً عندهم .

ولعل من أهم ما توصل له الباحث في هذا الباب : أنه لا يصح ما قاله بعض المتأخرين –كابن حجر وغيره- من أن مصطلح الحسن على المعنى الذي ارتضاه المتأخرون موجود في كلام المتقدمين . وهذه نتيجة مهمة جداً .


3/6
خصص الباحث الباب الثاني : لتحسينات الترمذي .
حيث استعرض المؤلف (جميع!) الأحاديث التي حسنها الترمذي، مضافة أو مركبة، مع دراسة أسانيدها، ومن وافقه على التحسين، أو التصحيح ... (يا له من جهد!)
علما أنه يدرس الأحاديث -بالإضافة إلى النسخة المطبوعة – على نسخة الكروخي (المخطوطة!)
ودرس المؤلف أيضا : تركيبات الترمذي : (حسن) (حسن صحيح) (صحيح) (حسن صحيح غريب) (حسن غريب) وناقش في هذا من قبله، وصال وجال.

واستعرض الانتقادات على تعريف الترمذي للحسن، وبين أن الحق في كثير منها مع الترمذي، وأن الترمذي التزم في تحسيناته ماعرفه به، في أكثر تلك التحسينات ، ولا يشذ إلا القليل.

فمما خرج به –مثلا- : أن الأحاديث التي قال فيها الترمذي (حسن) هي – في أغلبها- حسنة أو صحيحة عنده، خلافا لمن قال-كابن حجر والألباني- أنه يريد به الحسن لغيره!
وأما (حسن غريب) فليس مقصورا على الحسن لذاته كما قال ابن حجر ، بل هذا لا يشكّل إلا 28% فقط مما قال فيه (حسن غريب) وارتضى الباحث أن الغرابة مصطلح حديثي يريد به الترمذي التفرد، سواء كان تفرد الثقة أو المتوسط أو الضعيف، ولذا ربما قال: صحيح غريب!

وخرج الباحث إلى أنه لا يوجد خلاف بين ما يقول فيه الترمذي (صحيح) و(حسن صحيح) , وأن معنى (حسن صحيح) يعني غالباً أن الحديث روي بإسناد حسن وبإسناد صحيح , ولو كان أحد الإسنادين لا يطابق من حيث ألفاظ متنه الإسناد الآخر وإنما يشهد له من حيث المعنى!
وخرج الباحث إلى نفي ما قاله الذهبي وغيره أن الحسن عند الترمذي من أنواع الضعيف، بأدلة كثيرة ذكرها .
وقد استغرق الكلام على الترمذي مجلدين تقريباً .


4/6
بعد ذلك دلف الباحث في الباب الثالث إلى الكلام على (الحسن لذاته) واختلاف الناس في تعريفه، ومراتب الحسن، والرواة الذين يحسن حديثهم.
ومن الفصول المهمة فيه: الفصل السادس الذي خصصه لاستعراض آراء المحدثين في تفرد الصدوق (وهي مسألة من مشكلات الفن وعويص مسائله، في التطبيق)

وخصص الباب الرابع (أول المجلد الخامس!) للكلام عن (الحسن لغيره) وشروط تقوية الحديث الضعيف ، ومنهج النقاد المتقدمين في تقوية الضعيف المعتضد بمثله، والخلاف في الاحتجاج بالحسن لغيره في الأحكام!


5/6 من مميزات الكتاب :

= كثرة المناقشة لآراء الباحثين السابقين (د.المدخلي/نور الدين عتر/ أبو غدة...) بالدليل والبرهان بعيدا عن التعصب وقسوة العبارة.
= مشافهة المتخصصين في بعض المسائل والاتصال بهم [ بالهاتف:) ] ، فمثلا: بعد أن استعرض موقف الشافعي في المرسل ، اتصل بخليل ملا خاطر وسأله عن مسألة معينة (لكونه من أعرف الباحثين بمذهب الشافعي في الحديث، كما يقوله الباحث!)

= وجود بعض الاستطرادات الجميلة ، مثل:
* موقف علي بن المديني من رواية التابعي غير المشهور بالعلم (1/129-136)
* موقف البخاري من عنعنة المدلس (1-527-546)
* قول النقاد: أين الناس عن هذا الحديث؟! (استعراض نصوص) (4/2025)

= جهد الباحث واضح ومثير، وربما صرح بذلك أحياناً :)
= احترام الأئمة النقاد، والسير في فلكهم، وتأويل مشكل كلامهم.
= الوقوف – في كل قضية- على الكتب الرئيسية فيها، ونادرا ما يعتمد على مصدر ثانوي.
= الحواشي معقولة، بل مختصرة تقريباً .
= البعد عن الأساليب الخطابية الإنشائية التي لا خطام لها ولا زمام :)


6/6
سلبيات :
= الاستطراد –أحيانا- من غير حاجة ملحة في نظري.
= ربما حمله تعظيم عالم ما إلى استنفاد كل الأسلحة :) في محاولة تسويغ قوله (مثاله: بعض تحسينات الترمذي والبخاري) (وص 1/496)
= الباحث ضيّق معاني الحسن عند البخاري ، ويدفع الكلام لتقوية الحديث، ويتحاشى أن يفسر مراد البخاري بالغرابة (لا أدري لم ؟! )
= لا يسلم أحد من الوهم وعدمِ تخليص العبارة، وقد وقع الباحث في عدد منها، ولكنها –بحق- قليلة جدا .
= تقسيم الفصول والأبواب على المجلدات سيء! حيث يُبتر الكلام أحياناً .
= هناك عدد من الملحوظات ، لا أستطيع إيرادها هنا لطولها، وهي مدونة على نسختي بأرقام الصفحات [ تتبع العثرات :) ]

هذا ما لدي ، والكتاب مهم ، أنصح بقراءته كاملاً ..

محبكم