سامي .. يا حقود
د تركي العواد




كان رفيق غرفتي لسنوات .. تشرفت بتلك الرفقة أكثر مما تعتقدون لأنني أعرف أن المبدعين لا يولدون كل يوم، ولا كل سنة، ولا حتى كل عشر سنوات. طموحه بلا حدود .. يريد أن ينجح .. حفر الصخر بيديه لينجح. قصة نجاحه تستحق أن تُدرس لكي يعرف أبناؤنا أن الأحلام لا تتحقق بمصباح علاء الدين بل بالتوكل على الله والصبر والمثابرة.
لو كان سامي في بلد آخر لأطُلق اسمه على ملعب أو متحف أو على الأقل شارع . فما قدمه لوطنه لا ينساه إلا فاقد للذاكرة أو للضمير. لن أتحدث عن إنجازاته .. يكفي أنه اللاعب العربي الوحيد الذي سجل في ثلاث كؤوس للعالم ليدخل التاريخ مع بيليه ومارادونا وبيكام ورونالدو. كل واحد من هؤلاء النجوم عاد لبلده ليجد الشكر والامتنان والفخر والورود في استقباله، إلا سامي عاد ليعاني الجحود والتشكيك والشتائم وصورة مسيئة فوق البيعة.
لا نريدكم أن تشكروه .. لا نريدكم أن تحبوه .. ولكن على الأقل "خلو عندكم دم" واحترموه. لا اجد تفسيرا لتلك الصورة المسيئة لسامي إلا أنها تعكس واقعا مريضا في مجتمعنا. فالمبدعون عندنا يحُاربون بكل الوسائل والأسلحة.
%5 منا ناجحون و95% منا يتفنون في مسخ وتقزيم نجاحاتهم. يكرهون كل مبدع .. يحقدون على كل ناجح. يرون في المبدعين عجزهم .. ويرون في الناجحين فشلهم.
كيف سنتقدم والمبدعون يُرجمون بالحصى والبيض الفاسد والصور المفبركة؟
اتعلم يا صاحب الصورة سبب اجتهادك وعملك الدءوب ليل نهار لإنجاز لوحتك؟ لأن فشلك في حياتك يستفزك كلما شاهدت ناجحاً على شاشة التلفزيون حتى لو كنت لا تعرفه. ما يستفزك أكثر هو ثناء الناس عليه، فتتمنى أن تكون مكانه. ذنبه الوحيد أنك فاشل .. ذنبه أنك اخترت الدوران في الشوارع والتفحيط والتدخين خلف المدرسة على الاجتهاد. لو كنت مثابرا في حياتك مثابرتك في فبركة الصورة لصرت ناجحاً في مجال ما. ولكنك بذلت جهدا لا ينفعك.
الشيخ عايض القرني الذي كتب (لا تحزن) حزن على حالنا وقال في أحد اللقاءات الصحفية:
المجتمع السعودي أصبح محباً للسباب. ثم أضاف: 70% من مجتمع تويتر يعيش على السب والشتم وتصيد الأخطاء.
كشفت لنا المواقع الاجتماعية السواد المتراكم في الصدور. أصبح لدى كل واحد منا قلم ولكنه لم يفكر يوماً في كتابة شيء نافع أو ممتع أو حتى مقنع، بل تفرغ لقذف الناس وشتمهم والاستهزاء بهم وكأنه سيعيش للأبد ليستغفر عن كل حرف كتبه. نسي أنه المفلس .. نسي أنه سيأتي يوماً ليسدد الدين.
لم يكتف بسب شيوخنا ومبدعينا ونجومنا بل تعدى الحدود ليصّدر حقده الخام للعالم. فكلما ظهرت قضية قذف أو سب على مستوى الخليج أو العالم العربي عرفنا أن من فعلها هو الغل الأسود الساكن في قلب صاحبنا المحبط.