[img]http://alybalybalk.********************************************/وجه%20الأشجار.jpg[/img]
كن كوجه الشجره
ثابتةٌ صلدةٌ أمام الأنواء , مؤمنةٌ متيقنة أمام زحف الرمال وإغفاءة الليل .
لم تتغير ملامحها . ولم تهن جذورها وقامتها .بل بقيت راسخة أمام وجه الشمس وصرخات الرياح .
وصارت دولاباً يمينياً والعالم كله يمشي إلى اليســار .
كن كشجرة الحور
تنتصب في وضح النهار حوراء جميلة , وفتاتة عشرينية كالأبراج الزجاجية فوق المروج الخضراء وتغني بغنج يشابه غنج البغايا , ومكرٍ يضارع مكر المومسات . ثم لا تميل مع تموجات الهواء . ولا تتقهقر مع أتون الرياح .
وتتمسكن في آخر الليل تحت النجوم اللامعة وأشعة القمر الفضية الحزينة وفوق الأرض الهامدة بترابها اليائس . لتأخذ من قلبك حباته , ومن جهدك نباته , ومن عرقك أكياسه . ثم تمضي هي وأنتَ منشرح الصدر ! .
كن كشجرة السنديان
ترتفع بقامتها نحو السماء , وتمد جذورها متعلقة ً في أقاصي الأرض وتفرض سيطرتها على الفضاء الذي يكتنفها . فلا تقترب إليها إلا وأنت بحذائها تقترب إلى حتفك , وبقربك منها ترسم صورة قبرك ولحدك .
فإن أنتَ اقتلعتها وقطعت عنقها بمنجل عضلاتك , أبت إلا ان تكون غالية . فابتعتها أنتَ نفسك بأغلى الأثمان . وقايضت على سيقانها اليابسة الذهب الأصفر , والعقيق الملَّون , والألماس اللامع .
كن شجرة نفسك
كن شجرة نفسك , ولا تكن شجرة الإنسان , لأن الإنسان بطبعه عجول متكبر متغطرس , يجر أذيال نفسه على الوحول , وبفطرته ينفش ألوانه الرقراقة على الألواح الرمادية فيحسبه المسكين ملَّوناً وما درى أنه عميَّ الألوان فضلاً من أن يكون فاقدها . وأنتَ بطبعك ابن أمك ومدلل أبوك ومنعطفٌ عليه بفعل أختك , تنساب في سحناتك ذكرى ذراعي أمك وانعطاف أبيك وميلان اخوانك . وتتلَّون في خطوط وجهك طفولتك ولعبها , وشبيبتك وتشذيبها , وكهولتك ونصبها .
فلا تسطيع أن ترمي ماضيع خلف ظهرك وتمسح آثار أقدامك بيديك الخرساء . حتى وإن كنت . فأنت كالبحر ؛ يرمي المحارة النفيسة على الأرض الميتة بمده ثم ما يلبث أن يسترجها بجزره .
فكن أنتَ أنت سيد نفسك وقبطانها . تعش سالماً , وتمت آمناً , وتبني لك ذكرى على أكتاف البقاء , وتحوك لماضيك مجداً بأنوال الأبدية . وشفتيك التين كانتا ترتعشان من ألم الاحتضار ستتمتم بعد موتك بأنشودة خلدك في الأرواح .
منقول