توصيل الأطفال إلى المدارس مغامرة صباحية خطيرة
--------------------------------------------------------
في كل صباح تخرج من بيتك أو يخرج أولادك من بنين وبنات لمدارسهم ويدك على قلبك، سواء كنت تقود السيارة أو أوكلت المهمة لأحد هؤلاء المتهورين، الذين لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، وكأنك في سجال أو مشهد عنف وحشي قاعدته البقاء للأقوى.ولمن لم يجرب من أولياء الأمور أهمس في أذنه أن يقوم بتجربة توصيل أولاده ولو لمرة واحدة وليتأمل هذه المغامرة وهنا لست أبالغ ففي رحلتي للتوصيل لمدرسة واحدة فقط وليوم واحد فقط تعرضت لثلاثة مواقف خطيرة في ظرف عشر دقائق (مع أن الوقت مايزال مبكراً إذ كان الـ 6.20 صباحاً) وفي مسافة لا تزيد على كيلو مترين وكان المنقذ فيها بعد الله أنني أسير بهدوء وترقب وحذر وإلا لحصل ما لا يحمد عقباه.وأتذكر مشهداً لا يزال يلازم مخيلتي حين خرج أحد السائقين من شارع فرعي إلى شارع أكبر منه دون أي توقف وبسرعة أيضاً وإذا بثلاثة من الشباب أمامه، كاد يمزق أجسادهم ولكن أنقذتهم عناية الله وحده.ومشهد آخر كاد الصبي فيه يسقط من نافذة بسبب قيادة متهورة وفي حافلة مهترئة. فهل تقبل أن يتعرض ابنك أو ابنتك لأي من هذه المواقف؟والذي أجزم به أن في مخيلة كل قارئ ذكرى مريرة وموقفا لا ينسى من هذه المعاناة اليومية، التي أمكن حلها في كثير من بلاد العالم، ومازلنا نتخبط، لا ندري في أي اتجاه نسير.
إن المتأمل في حال النقل المدرسي الخاص ليجد العجب العجاب، من ذلك:
1- وجود مخالفين ومقيمين بطريقة غير نظامية.
2- وجود سيارات تالفة تؤذي وتتلف ما حولها.
3- عمالة قليلة الوعي والتعلم.
4- سائقون لم يمسكوا بعجلة القيادة إلا في بلادنا وعلى رقاب أبنائنا.
5- أناس قد يقل ذوقهم وحياؤهم (وأرجو أن يكونوا قلة).
6- نقل هذه الخبرة السيئة لأبنائنا.
7- تشويه كبير ومتعمد من هؤلاء لمظهر بلادنا.
8- تسببهم في أضرار اجتماعية، وأسرية.
9- مساهمة في مآس إنسانية، ومشاكل اقتصادية كبيرة، بتسببهم في الحوادث.
10- تعليم للاتكالية لدى الأسر عموماً.
11- ومشكلات أخرى يصعب حصرها، منها تلويث البيئة، وإفساد المجتمع، وربما كان بعضهم هارباً، وربما كان مدخناً، وربما.. وربما، مما لا يليق ذكره.
وهنا أناشد الجهات المعنية للعمل على إيجاد نقل مدرسي آمن يقلل كثيراً من المآسي التي تقع من غير الواعين.ويحق لي كما يحق لكثير من الناس أن يسأل: لماذا لا يكون هناك شروط لمن سيقود سيارة في بلادنا من حصوله على حد أدنى من التعليم واجتيازه لدورات في القيادة والمهارات الأساسية لقيم المجتمعات؟ لماذا تصبح بلادنا مسرحاً ومرتعاً لهؤلاء المخالفين وغير المبالين؟ لماذا لا تفعل أنظمة منع التستر، ولم لا تتم معاقبة المخالفين بمنع قدومهم إلى البلاد مطلقاً؟لماذا نرى مكفولاً يهرب من كفيله ليعود بعد مدة بجواز آخر، بل ويقبض عليه ويتبين أنه صاحب سوابق؟ لقد تقدم العلم وتطورت التقنيات لدرجة إمكانية ضبط ومنع كثير من المشكلات بإجراءات يسيرة وغير مكلفة، ولست هنا في مجال التنظير والتنظيم لأتحدث عن البصمة الإلكترونية، وعما اكتشفه العلم الحديث، من اكتشافات مهمة، غير أني أهمس وأشير ولعل في الإشارة ما يغني عن العبارة.مع يقيننا بوجود الناصح والأمين والحريص ومن يسهر ليخدم البلاد والعباد ويقوم على مصالحهم، ومن الواجب أن تتكاتف الجهود، وألا يكون العبء على قطاع دون غيره، فالالتزام من المواطن هو خط الدفاع الأول الذي يجب القيام به من كل فرد منا.
الدكتور عبدالواحد بن حمد المزروع
وكيل كلية المعلمين في الدمام للشؤون التعليمية
http://www.alwatan.com.sa/daily/2007-02-24/readers.htm