اقتصاديات التعليم.. وفك الاشتباك بين التربية والتعليم
كلمة الاقتصادية
لا يكاد يمر يوم واحد دون أن يتم الحديث عن اقتصاديات التعليم، حتى أصبح العنوان الأبرز في أروقة التعليم، وفي أروقة الاقتصاد معا، دون أن يكون له أيّ أثر كمشروع مستقل وقائم بذاته على الساحة.. ونحن لا نشكك على الإطلاق في أهميته الاستراتيجية في بناء الاقتصادات الحديثة، ليس فقط وفق نظرية الاستثمار في رأس المال البشري وحسب، وإنما كذلك بمفهومه التأسيسي لعناصر الإنتاج، لكن ينبغي للحديث عنه أن نؤسس له الأرضية القابلة لاستنباته، لأن العمل تحت العنوان بأدوات الواقع لن يزيد على خلق مزيد من الفصام ما بين العنوان والمتن. لا تزال هناك رؤية ملتبسة في الأوساط التعليمية لهذا الجانب، هذا ما يجب أن نسلم به أولا، وللخروج من هذا المأزق علينا بداية أن نفرق ما بين التربية والتعليم، فالتربية يجب أن تهتم بالتربية الدينية، والتربية الوطنية، والتربية الرياضية إلى حد ما، لكننا لسنا مطالبين بإخضاع الرياضيات والعلوم من فيزياء وكيمياء وأحياء وغيرها للتربية، لأنها مواد يجب أن تظل تحت عباءة التعليم، ومتى ما استطعنا أن نفك هذا الاشتباك، فإننا نكون قد وضعنا أقدامنا على أول أساسيات البناء لاقتصاديات التعليم، وهذا يستدعي بالتالي انتقال التدريب والتأهيل والتثقيف للمواد العلمية من وزارة التربية لتكون تحت غطاء الجهات التي ينتظم عملها بهذه العلوم. ولإيضاح الفكرة بشكل أكبر.. فإن التلميذ الذي يجهد ذهنه مع المعلم لحل مسألة أو معادلة رياضية معقدة، لا شك أنه يتساءل عن جدوى هذا الجهد الذهني المضني والشاق طالما أن العائد لن يكون أكثر من الظفر بنتيجة نهائية أو نسبية، لكننا لو رفعنا من تأهيل المعلم المتخصص بهذه المواد وثقافته عن طريق دورات تدريبية متخصصة في بعض الشركات العملاقة مثل أرامكو أو سابك، وجعلناه يعيش المدى والبعد الافتراضي لمخرجات هذه المواد العلمية، ولينقلها بالتالي إلى تلاميذه على هيئة صور عملية، وثقافة علمية، لاستطعنا أن نخترق حاجز الجمود، والأسئلة المغلقة حول هذه المواد، والتي قد يشعر بعض التلاميذ بأنها مجرد مواد للتعجيز، وهذه الشركات وحدها هي التي تستطيع أن تبني في ذهن معلم الرياضيات ومعلم العلوم الصورة المرجعية لمعطيات هذه المواد، أمّا الإصرار على إخضاعها للتربية كأي مادة أخرى، حيث يتم تعليمها بالمعايير التربوية ذاتها، كأن يُستعان كما يحدث الآن ببعض القصص كقصص جحا أو كليلة ودمنة لجذب انتباه التلاميذ إليها، فسيظل هذا كله ضربا من العبث الذي لن يكون مؤهلا لإعادة صياغة ذهن المعلم ومن ورائه الطالب لاستيعاب المعنى الحقيقي لاقتصاديات التعليم. هذه المواد العلمية ما لم تأت مرجعيتها الثقافية من المصنع، ومن المعمل، ومن المختبر، وخطوط الإنتاج، فلن تستطيع أن تؤسس لاقتصاديات التعليم، وستبقى مجرد مواد برسم الحفظ من أجل تجاوز الاختبار وحسب. وهناك دول كثيرة وعت هذه المسألة فصارت تستعين بخبراء من شركات لا علاقة لهم بالتربية لإلقاء محاضرات في مدارس التعليم العام، من أجل ربط هذه المواد في أذهان التلاميذ بمكوناتها العلمية، بغية نقل المعادلة الرياضية أو المعلومة الكيميائية أو الفيزيائية في ذهن التلميذ، من الكراسة المدرسية كواجب شاق وحسب، إلى ثقافة حية مستقاة من مكانها الطبيعي في المعامل والمختبرات كمحركات إنتاج، وهذا ما يجعلنا اليوم ننادي بضرورة اجتياز هذا العائق، والعمل على إيفاد معلمي هذه المواد بالتحديد إلى الشركات لا للتدريب فقط، وإنما لتمتين ثقافتهم العلمية حول استخدام المعلومات العلمية كعناصر اقتصادية منتجة، لأن بناء ذهنية المعلم على ثقافة علمية تستقي مصادرها من واقع المشاهدة، لا بد أن يشكل نقلة متميزة في طريقة نقله للمعلومة إلى تلاميذه من معلومة مجردة إلى معلومة مبنية على المتحوّل العملي لها في حقل الإنتاج، وهو ما سيكفل لنا بالنتيجة فتح أذهان التلاميذ جهة اقتصاديات التعليم بالشكل الذي يُتيح لنا تأسيسها على مرتكز ثابت وصلب.
طµط****ظٹظپط© ط§ظ„ط§ظ‚طھطµط§ط¯ظٹط© ط§ظ„ط§ظ„ظƒطھط±ظˆظ†ظٹط© : ط§ظ‚طھطµط§ط¯ظٹط§طھ ط§ظ„طھط¹ظ„ظٹظ….. ظˆظپظƒ ط§ظ„ط§ط´طھط¨ط§ظƒ ط¨ظٹظ† ط§ظ„طھط±ط¨ظٹط© ظˆط§ظ„طھط¹ظ„ظٹظ…