مدخل الى مفهوم اللعب

مدخل الى مفهوم اللعب :
اللعب ساحة سحرية تحتوي العالم بأسره ، فهو كل ما يقوم به الطفل طوال يومه باستثناء النوم ، وهو وسيلة الطفل في ادراك العالم المحيط ، ووسيلة لاستكشاف ذاته وقدرته المتنامية ، أداة دافعة للنمو تتضمن أنشطته كافة العمليات العقلية ، وسيلة للتحرر من التمركز حول الذات ، وسيلة تعلم فعالة ، تنمي كافة المهارات الحسية والحركية والاجتماعية واللغوية والمعرفية والانفعالية وحتى القدرات الابتكارية ، وهو كذلك ساحة لتفريغ الانفعالات
(السيد ، 2001 ، 75) . ويعد اللعب الشكل الجوهري للتواصل بالنسبة للطفل ، حيث أنه خبرة تلقائية مستمدة من الحياة تدور في اطار زماني ومكاني (winnicotte , 1988 , 60) فضلاً عن كونه النشاط الذي يقوم فيه الأطفال بالاستطلاع والاستكشاف للأصوات والالوان والاشكال والاحجام وكل العالم الذي يحيط بهم ، حيث يظهر الأطفال قدراتهم المتنامية على التخيل والانصات والملاحظة والاستخدام الواسع للادوات والخامات وكل ذلك للتعبير عن أفكارهم للتواصل مع مشاعرهم ومع الآخرين (GRAFT ,2000 , 39) . ان تحديد مفهوم اللعب ليس بالامر البسيط بل انه أمر في غاية الصعوبة فهنالك مفاهيم وآراء متعددة بتعدد العلماء والفلاسفة والتربويين ، ولقد حاول هؤلاء التصدي لمفهوم اللعب ودوره في تربية الطفل ما قبل المدرسة الابتدائية، إلا ان هناك اجماعاً على أهمية اللعب واسهاماته في مرحلة الطفولة ، ويؤكد الكثير منهم أن اللعب عمل جاد ، بالرغم من ان العمل الجاد يعد في نظر الكثيرين نقيض ما عرف به اللعب ، وقد تكون هذه الطريقة متعمدة من جانب علماء التربية لجذب الاننتباه الى المعنى الحقيقي للعب (حسان ، 1986 ، 106) .
ويمكن الاشارة الى مفهوم اللعب "بأنه ظاهرة اجتماعية نشأت تاريخياً ونوع مستقل من أنواع النشاط للطفل كما يمكن أن يكون اللعب وسيلة لمعرفة الذات واللهو ووسيلة للتربية البدنية والاجتماعية العامة ووسيلة للرياضة وعنصراً لثقافة الشعوب " (مجيد ، وبيلفسكي ، 2000 ، 11). فضلا ًعن ذلك فأنه " نشاط حر ، يأتي به الطفل طواعية أو بايعاز من الكبار يقضي فيه وقتاً ساراً وليس به من وجهة نظر الطفل من هدف سوى الاستمتاع به لذاته"(الطحان،وآخرون،1989،209) . كما يمكن الاشارة الى مفهوم اللعب بأنه " نشاط موجه أو غير موجه يكون على شكل حركة أو عمل يمارس فردياً أو جماعياً ويستثمر طاقة الجسم الحركية والذهنية ، ويمتاز بالسرعة والخفة لارتباطه بالدوافع الداخلية ولا يتعب صاحبه ، وبه يتمثل الفرد المعلومات ويصبح جزءا من حياته ولا يهدف الا للاستمتاع" (بلقيس ، ومرعي ، 1982 ، 15).
ويرى الباحث ان مفهوم اللعب ليس فقط كونه وسيلة للتربية البدنية أو لقضاء وقت الفراغ والاستمتاع بل يتعدى مفهوم اللعب إلى اكثر من ذلك كونه عاملا مهما من العوامل التي تؤثر في التنشئة الاجتماعية للطفل وتكوين مقومات شخصيته بابعادها كافة لذلك يمكن اعتبار اللعب حقيقة ضرورية لنمو الطفل من الناحية العقلية والنفسية والاجتماعية والاخلاقية.
ويمكن تقسيم اللعب إلى نوعين رئيسين ، هما اللعب الفعال واللعب غير الفعال ، ففي اللعب الفعال يحصل الطفل على المتعة مما يقوم به مباشرة ، سواء كان ركضا أو رسما أو تكوين نماذج من طين ، بينما في اللعب غير الفعال تشتق المتعة من مراقبة نشاطات الآخرين. فالطفل يستمتع بمشاهدة الأطفال الآخرين وهم يلعبون ، أو مشاهدة الناس والحيوانات في التلفاز أو التطلع إلى الأشياء الهزلية، كل ذلك يعد لعبا لا يتطلب إلا جهدا قليلا من قبل الطفل والأطفال في كل الأعمار يشاركون في كلا النوعين من الألعاب ، وإن نسبة الوقت المخصص لكل منهما لا تعتمد على عمر الطفل فقط ، بل على صحته وعلى المتعة التي يحصل عليها من كل نوع منهما ايضا . ورغم ما يشاع من أن اللعب الفعال يسود في الطفولة الأولى ، وان اللعب غير الفعال يسود في فترة متأخرة من حياة الطفل ، فان ذلك لا يصح دائما . فالطفل الصغير قد يفضل التلفاز على اللعب الفعال ، لانه لم يتعلم بعد كيف يمارس الألعاب التي يقوم بها اقرانه في نفس سنه ، فاذا تعلم ان يلعب ما يلعبه أقرانه ، فان اهتمامه في اللعب الفعال يحول انتباهه عن التلفاز أو مراقبة ألعاب الناس وتسليتهم (الزوبعي،واخرون،2001، 159).

2خصائص اللعب :
تتمثل خصائص اللعب فيما يأتي :
1. ان الفرد يبدأ اللعب بمبادرة ذاتية أو بدعوة من الآخرين .
2. ان الذي يدفع الفرد الى اللعب هو رغباته وحاجاته ، إذ أن اللعب يشبع رغبة داخلية فهو لا يفرض على الفرد كما أنه يلبي نداءً داخلياً .
3. ان اللعب يتطلب مشاركة الفرد وبذله مجهوداً عقلياً وجسدياً فليس من اللعب مشاهدة اللاعبين ، كما أن أي لعب يحتاج الى بذل مجهود بدني وفق متطلبات التفكير العقلي .
4. اللعب عمل كلي مكون من أجزاء ، فمباراة الكرة وسباق السباحة ولعبة الشطرنج كل منها يتكون من عدة اعمال مترابطة تؤدي الى نهاية كما أنها ذات بداية .
5. مكونات أية لعبة لها مواصفات فنية ، فركل الكرة أو قذفها باليد أو وضع الجسم في السباحة او تحريك آليات اللعب في الشطرنج أو غير ذلك مما يمارسه الصغار والكبار - أي مكون مما سبق - له مواصفات فنية ومهارية تجعل الفرد أو المجموعة تفوز على الاخرى التي تنقصها هذه المواصفات .
6. ان اللعب بصفة عامة لا يشترط فيه التجمع ، فقد يلعب الطفل بمفرده او مع أطفال آخرين. والذي يحدد الفردية والجماعية هو نوع اللعبة وشروطها من جهة ورغبة اللاعب من جهة اخرى .
7. ان اللعب لا يهدف الى كسب مادي أصلا وانما يهدف الى الاستمتاع وحتى أولئك المحترفون الذين يلعبون باجور فان متعتهم النفسية تكون اهم مما يؤجرون به ، فالفرد في أثناء اللعب يكون في حالة نفسية جيدة ، محققاً ذاته مستمتعاً بما يفعل .
8. اللعب يؤدي الى تعميق الخبرات لدى الفرد ومن ثم تحقيق مطالب النمو ، فمن المعروف أن اكثر الخبرات أثراً في حياتنا واستبقاء وتعظيماً هي التي نتوجه اليها بمحض اختيارنا ونسر عند ممارستها .
9. اللعب استثمار جيد للفراغ ، فهو يأتي بعد قضاء العمل والراحة ليلبي رغبة الفرد في بذل الجهد (حنورة ، وعباس ، 1996 ، 32) . ويمكن التعبير عن الخصائص السابقة بالشكل الآتي :


توجيه ذاتي أو خارجي
يحقق 
رغبة داخلية
تؤدي إلى 
بذل جهد عقلي وجسدي
للقيام بـ 
سلسة من الأعمال
ذات 
مواصفات جيدة
سواء أكانت 
فردية أم جماعية
بقصد 
الاستمتاع واثراء الخبرة واستثمار وقت الفراغ
الشكل (1)
يوضح خصائص اللعب

أهمية اللعب :
ترجع أهمية اللعب الى الحقائق الآتية :
1. ان الميل الطبيعي وحده هوالذي يدفع الطفل لمزاولة اللعبة باعتبار أن اللعبة ظاهرة طبيعية ونشاط غريزي .
2. ان الطفل يجد في اللعب فرصة للحركة والنشاط والتعبير عن النفس بما يحقق له المرح والسرور والسعادة والاستمتاع .
3. انه يشبع حاجة اساسية للطفل لاكتساب الخبرة ووسيلة لاستنفاذ الطاقة الزائدة .
(خطاب ، 1964 ، 15-16)

4. ينفس عن التوتر الجسمي والانفعالي عند الطفل .
5. يدخل الخصوبة والتنوع في حياة الطفل .
6. يجذب انتباه الطفل ويشوقه الى التعلم ، فالتعلم باللعب يوفر للطفل جواً طليقاً يندفع فيه الى العمل من تلقاء نفسه .(عدس ، ومصلح ، 1980 ، 27) .
7. للعب تأثير مباشر في تكوين الشخصية المتزنة للطفل وتنميتها وهوالغرض الاساسي للعب المنظم ، إذ يساعد اللعب المنظم بقدر وافر في تقوية الجسم وتحسين الصحة العامة ، ويساهم في المساعدة على النمو العقلي والخلقي واتاحة الفرصة للتعبير الجماعي .
8. له أثره العظيم في تنمية الشخصية الاجتماعية ، فالشخصية الاجتماعية المتزنة اساس العلاقات الطيبة مع الغير ، واللعب مع الجماعة يعتبر سر حياة الطفل.
(خطاب،1964،16)
ويرى الباحث ان اهمية اللعب تعمل على تقوية ارادة الطفل وشكيمته ، اذ ان اللعب يعلم الطفل الإلتزام باللعبة والتقيد بقواعدها كما يعلمه القدرة على التحمل والصبر حيث يمكن اعتبار اللعب بمثابة مدرسة حياتية يتعلم منها الطفل الانصياع والتقيد بمبادئ اللعب ونظمه وبالتالي احترام حقوق الآخرين وتقديرهم .

2 نظريات اللعب :
للعب نظريات وآراء مختلفة باختلاف العلماء والمختصين الذين تناولوا هذه المسألة بالدراسة والبحث تبعا لاتجاهاتهم الفلسفية ، وفيما يأتي تصنيف بسيط لهذه النظريات .

2-1-2-1 النظريات الفلسفية القديمة :
2-1-2-1-1 نظرية الطاقة الفائضة :
تعد واحدة من أقدم النظريات التي حاولت تفسير اللعب ، وان أصحاب هذه النظرية هم: (فردريك شيلر) ، (وهربرت سبنسر) عام 1875 . وترى هذه النظرية أن اللعب جاء نتيجة لوجود الطاقة الزائدة التي لا يحتاجها ، حيث أن رقص الأطفال وصراخهم والتصفيق وضرب الأرض بالأقدام إنما يكون لتصريف الطاقة الزائدة (حنتوش ، 1987 ، 89) . وقد بنيت هذه النظرية نتيجة للملاحظة الدقيقة لجماعات الحيوان ،فالحيوانات الراقية تلعب أما الحيوانات الأخرى فلا تلعب ، والحيوانات الراقية لا تلعب إلا إذا توافرت لها الطاقة بعدما تقضي الحاجات الأخرى من سعي وراء غذائها والتكاثر(القرغولي ، والمفتي، 1989 ، 62).

2-1-2-1-2 النظرية التلخيصية :
صاحب هذه النظرية هو (ستانلي) ويرى أن اللعب هو تلخيص لضروب النشاطات المختلفة التي مر بها الجنس البشري عبر القرون والأجيال وليس إعدادا للتدريب على نشاط مقبل ومواجهة صعاب الحياة . فألعاب القفز والتسلق والعدو وجمع الأشياء المختلفة وهي ألعاب فردية أو جماعية غير منظمة ولعل هذا يشير إلى حياة الإنسان الأول عندما كان يصطاد الحيوانات ويسخرها لمصلحته ، فالطفل حين يجمع حوله جماعات الرفاق ليلعب معهم،انما يمثلون في عمله نشأة الجماعة الأولى في حياة الإنسان،كما انه إذا قدمنا له عدداً من المكعبات فانه يشرع في بناء منزل اوما شابه، وهذه تمثل مرحلة من مراحل التقدم في الحياة.
(السلوم ، 2000 ، 3)

2-1-2-1-3 نظرية الإعداد :
يؤكد هذه النظرية (كارل جورس) و (ستنالي هول) التي تعتمد على أن ألعاب الأطفال هي إعداد الطفل للحياة المستقبلية والعمل الجدي المستقبلي . فألعاب البنات تختلف عن ألعاب الأولاد ، ونجد أن البنات يلعبن الألعاب التي تعدهم للمستقبل كألعاب الأمومة مع الدمية أو لعبة البيوت أو الرضاعة ، أما الأولاد فنجدهم يلعبون مقلدين الكبار من رجال الأعمال أو الجنود أو تقليد الأب في الألعاب أم البنات فيقلدون في ألعابهم أعمال الأمهات (حنتوش ، 1987 ، 91). واللعب له وظيفة حيوية هي إعداد الطفل للحياة المستقبلية ، ولما كانت فترة الطفولة تتميز بأنها فترة إعداد لذا نجدها تتميز أيضا بأنها الفترة التي يمارس فيها الكائن الحي حرية أكبر في لعبه (السراج ، 1986 ، 133) .

2-1-2-1-4 نظرية الاستجمام :
تفترض هذه النظرية أن الإنسان يلعب كي يريح عضلاته المتعبة وأعصابه المرهقة التي أنهكها التعب ، وذلك لأن الإنسان عندما يستخدم عضلاته وأعصابه بالصورة غير التي كان يستخدمها في أثناء العمل فانه بذلك يعطي لعضلاته المجهدة وأعصابه المتعبة فرصة كي تستريح .(السلوم ، 2000 ، 4) . ويؤيد العالم (باتريك) هذه النظرية بقوله " إن نشاط اللعب لا يتطلب توتر الأعصاب أو شدة التركيز والانتباه التي يتصف بها المجهود الذهني" .
(القرغولي ، والمفتي ، 1989 ، 60)

2-1-2-1-5 نظرية الاسترخاء :
إن للعب وظيفة أخرى كما أوضحها العالم(كارت) تتصف بتهدئة الحالة السيكولوجية للفرد وذلك من خلال إشباع ميوله التي يتسبب من عدم إشباعها حالة من التوتر والإحباط . فقد أوضح أن اللعب يعد عاملاً من العوامل المشبعة لميول غير ميسور أشباعها بطريقة جدية، وذلك لأن المجتمع ونظمه لاتقر إشباع هذه الميول بصورة جدية . وبذلك يستطيع الفرد أن يشبع ميوله بهذه الكيفية بدلاً من كبتها أو إشباعها عن طريق غير مشروع وما سوف يترتب على ذلك من آثار نفسية سيئة .(الحمامي ، 1986 ، 32) .

2-1-2-1-6 نظرية اللعب الاجتماعية :
علماء هذه النظرية (ادلر ومكرنكو) تتلخص بأن اهمية اللعب تكمن في حاجة الطفل الى اشباع رغباته وميوله الاجتماعية ، ونشاط الطفل يتناسب مع عمره الزمني وخصائص كل مرحلة من مراحل نموه ، ومع تطور السن يصبح الطفل اكثر اجتماعية في اتجاهاته نظراً لأن البيئة الاجتماعية هي المنطقة الاكبر لدوافع الفرد . ان حاجات الشخص تعتمد في اشباعها الى حد كبير على المثيرات الاجتماعية .(حنتوش ، 1987، 91) .

2-1-2-2 نظرية التحليل النفسي :
تؤكد نظرية التحليل النفسي الخاصة باللعب جانب العلاقة المتبادلة بين لعب الأطفال ونمو وتطور الجانب العاطفي والانفعالي ، وترى هذه النظرية ان اللعب له أهمية كبيرة بوصفه محاولة جادة منه لاشباع وارضاء الدوافع والحوافز وتحقيق الرغبات ، وكذلك السيطرة على تنظيم الاحداث المضطربة التي تهدد شخصية الطفل . فالطفل الذي يوجه ضربته الى دمية قد تعكس لنا هذه الصورة محاولة هذا الطفل للتغلب على تجربة معينة تهدده بشكل مباشر (Mcclinton&Meier , 1978 , 308). ويؤكد لنا (فرويد) ان اللعب ماهو الا تعبير رمزي غالباً ما يعبر عن رغبات محبطة او مخاوف ملازمة او متاعب لاشعورية مكبوته ، فهو تعبير من شأنه خفض مستوى التوتر والقلق لدى الطفل ، ويقول ان اللعب يؤدي دوراً وظيفياً هاماً في الحياة النفسية للطفل ويعينه على التخفيف معاً على ما يعانيه من توترات نفسية وصراعات داخلية وقلق ملازم وهكذا يجد (فرويد) أن اللعب اسلوب الطبيعة في الشفاء الذاتي وبخاصة السنوات الاولى من حياة الطفل لذا اتخذ لعب الأطفال وسيلة تشخيصية لمعاناة الطفل النفسية (مردان ، 1987 ، 31) .
أما (أريكسون) فانه يركز على الطبيعة التطورية المتغيرة والمتبدلة للعب الطفل ، ففي عام 1976 ناقش(ستام) الانواع الرئيسة والاساس للعب التي افترضها(أريكسون) وهي:
1. اللعب الذاتي الواسع : يشتمل على اللعب الذي يرتبط بجسم الطفل فبعد ان يتفحص جسمه ينتقل الى اختبار العالم الخارجي .
2. اللعب على نطاق محدد : تشير الى توسع نطاق اللعب ليشمل لعب الطفل بالدمى ، ويعتقد ان اللعب بالدمى والالعاب الاخرى تساعد الطفل على تنمية وتطوير مهارات وقدرات تمكنه من فرض سيادته وسيطرته على الاشياء .
3. اللعب على نطاق واسع : تشمل هذه المرحلة لعب أطفال ما قبل المدرسة مع أطفال آخرين فينمو نوع من الالعاب الاجتماعية منها ما يكون امتلاك الطفل مهارات وقدرات مختلفة تمكنه من مشاركة الآخرين معه (mcclinton & meier , 1978 ,309) .

2-1-2-3 النظريات التطورية (النمائية) نظرية جان بياجيه:
ان نظرية (جان بياجيه) في اللعب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتفسيره لنمو الذكاء . ويعتقد (بياجيه) ان وجود عملية التمثيل والمواءمة ضروريتان لنمو كائن عضوي . وتضفي نظرية (بياجيه) على اللعب وظيفة بيولوجية واضحة بوصفها تكراراً نشطاً وتدريباً يتمثل المواقف والخبرات الجديدة تمثلاًُ عقلياً ، وتقدم الوصف الملائم لنمو المناشط المتتابعة (السلوم،2000،7).
تقوم نظرية (جان بياجيه) على عمليتين رئيستين هي التمثيل والمواءمة ، وتشير عملية التمثيل عند (بياجيه) الى النشاط الذي يقوم به الطفل لتحويل ما يتلقاه من أشياء او معلومات الى بنى خاصة به ، وتشكل جزءاً من ذاته ، أما عملية المواءمة فهي النشاط الذي يقوم به الطفل ليتكيف أو يتوافق مع العالم الخارجي الذي يحيط به لتسيير عملية التمثيل ، ويعزو (بياجيه) عملية النمو العقلي عند الأطفال الى النشاط المستمر للعمليتين.
(بلقيس، ومرعي، 1983، 27)
وينظر (بياجيه) الى اللعب على انه تعبير عن نمو الطفل واحد متطلباته الاساس فكل نوع من انواع اللعب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمرحلة معينة من مراحل النمو المختلفة .
(الجراح ، 1989 ، 21)
أما أهم الالعاب التي وضعها (بياجيه) فهي :
1. لعب السيادة .
2. اللعب الرمزي .
3. اللعب المنظم . (مردان ، 1991 ، 58)

2-1-2-4 النظرية البيئية (المواقف السلوكية) :
اهتمت النظريات البيئية في تفسير اللعب بحالة وبيئة سلوك اللعب ومنذ بداية الثلاثينات من القرن التاسع عشر ، حاول عدد قليل من الباحثين العمل من أجل تطوير مفهوم النظرية البيئة في مواقف اللعب . ويرى اصحاب هذه النظرية ان مواقف اللعب المتشابهة تؤدي الى سلوك لعب متشابهة ، أي ان استجابات الأطفال في اللعب تكون متماثلة حتى اذا اختلف الافراد (Levy, 1978 , 13) .

2-1-2-5 نظرية التنشئة الاجتماعية :
2-1-2-5-1 نظرية التعلم الاجتماعي (المثير - الاستجابة) :
اكتشف (ايفان بافلوف) عالم النفس الروسي الاسلوب الذي اصبح أساس نظرية المثير - الاستجابة والمعتمدة على الاشتراط البسيط ، وفي أمريكا أوضح (واطسن) الذي يعد أباً للتعلم الاجتماعي ان المثيرات المقدمة يمكن ان تنتج استجابات مؤكدة لدى الانسان كما هو الشأن مع الحيوان ، ومن خلال هذه الاعمال الاصيلة المتمثلة في اسهامات (بافلوف) و (واطسن) نما هذا الاتجاه واشتهر عند عدد من العلماء مثل (هل ) و(سبنسر) و(دولارد) و(ملير) و(دوث) .

2-1-2-5-2 نظرية التعويض :
هو محاولة من قبل علماء النفس من أجل توضيح كيف يتعلم الانسان ان يتعامل ويتصرف مع الصراع المستمر والاحباطات المتكررة . ترى هذه النظرية ان الفرد مدفوع الى اللعب من أجل ان يعوض عن شعوره بالعجز في شيء ما وذلك في سبيل تحقيق التفوق في أي مجال من مجالات الحياة .

2-1-2-5-3 نظرية العزو :
في العقدين الاخيرين ظهرت العديد من نظريات العزو ، وأحدثت تلك النظريات التي حظيت باهتمام الباحثين ودعمت بالدراسات التجريبية وتقدير المهنيين والتربويين والمعالجين وكذلك الباحثين في سلوك اللعب هي نظرية موقع الضبط الداخلي - الخارجي التي قدمها (جوليان روتر) عام 1966 . وترى هذه النظرية ان اللعب يتحد بالاسلوب الذي يعزى فيه الافراد المدخلات ومخرجات سلوكهم وبعبارة اخرى ان سلوك اللعب يحدده موقع الضبط لدى الفرد . (Levy,1978, 156-180) .

2-1-2-6 نظرية التعبير الذاتي :
تعد نظرية التعبير الذاتي من أحدث نظريات اللعب فهي تزعم ان الانسان كائن حي يتمتع بالنشاط ومع ذلك فتكوينه التشريحي والفسلجي يفرض بعض القيود على نشاطه اضافة الى ان درجة لياقته البدنية تؤثر كثيراً في أنواع النشاط والفعاليات التي يستطيع ممارستها . وأن ميوله السايكولوجية التي هي نتيجة احتياجاته الفسلجية وعاداته واستجابته واتجاهاته تدفعه الى انماط معينة من اللعب . ويعتبر كل من (ميتشل وماسون) من رواد هذه النظرية.
(الحمامي ، 1986 ، 34)


بعد ان استعرض الباحث نظريات اللعب وجد ما يأتي :
1. ان موضوع اللعب نال اهتمام العديد من العلماء والباحثين حيث قدموا في نظرياتهم تفسيراً لظاهرة اللعب كل من وجهة نظره الخاصة .
2. ان النظريات السابقة كلها لا تتنافس في تفسير اللعب وطبيعته ولكنها تتكامل فتفسر كل نظرية منها مظهرا من مظاهر اللعب .
3. ان النظريات السابقة كلها لم تعط تفسيرا شاملا لوظيفة اللعب ، ولكن الجميع يتفقون على نقاط معينة في أن اللعب ما هو الا تعبيرا تلقائيا عن السرور ، فاللعب شأنه شأن أي نشاط انساني آخر لا بد له من دافع .
وخلاصة القول يرى الباحث من الناحية العلمية التطبيقية اننا لو تناولنا اية نظرية فلا يمكن انكار ان الميل للعب قوي وطبيعي وتلقائي ، وهو بهذه الصفة اصبح من الوسائل الفعالة المستخدمة في التربية ، وان اقرب نظرية لموضوع البحث الحالي هي نظرية الاعداد .

الالعاب الحركية :
2-1-3-1 المدخل إلى مفهوم الألعاب الحركية :
ان الالعاب الحركية تتطلب من الطفل الحركة عند ادائها او ممارستها لمدة معينة قد تطول أو تقصر حسب طبيعة اللعبة كما ان الحركة ستتفاوت في السرعة والعدد بالنسبة لكل لعبة . كما ان هذه الألعاب تنقل الطفل من مكان الى آخر او تجعله يتحرك في مكانه كأن يدور جسمه وهو في مكان معين او يحرك جزءاً من جسمه كيديه او رجليه او رأسه . وهذه الالعاب تدرب القوى الحركية لدى الطفل على القيام بوظائفها العامة ونراها أول الالعاب ظهوراً عند الأطفال ، فالطفل يحرك يديه ورأسه ويرفس برجليه وهومازال في مهده ، وكلما كبر ونما ازدادت حركاته وانتظمت .(الطائي ، 1981 ، 13) .
ويعتبر هذا النوع من الالعاب من أحب الالعاب لدى طفل الروضة حيث تراه لايستقر له قرار سواء في قاعات الروضة او في ساحاتها فيحرك يديه ورجليه بسرور ، ثم يجري ويقفز في حيوية ويحاول استغلال كل شيء في محيطه لاشباع حاجته الى الحركة ، وفي الحقيقة ان النمو الجسمي والحركي السريع يقوده الى ممارسة قواه الحركية ثم تمرين عضلاته الكبيرة في التسلق والتزحلق والتوازن والجري . (حنورة ، وعباس ، 1996 ، 57) .
وتؤدي بعض الالعاب الحركية الى تعويد الطفل على تناسق الحركات وتعويده على ادائها بشكل خاص يؤدي الى هدف معين كلعبة الكرة ، أو قد تعود الطفل على القيام بحركات قوية يتوقف نجاحهاعلى كبر وعظم المجهود الذي يبذله الطفل للوصول الى غايته كالسباقات الرياضية المختلفة مثل التمارين السويدية والركض والقفز والعدو والدحرجة والتسلق والتأرجح والموازنة واستعمال الدراجات والسيارات والعربات وغير ذلك من العاب الساحة .
(الطائي ، 1981 ، 13)
فضلاً عن ذلك فمن الممكن ممارسة الالعاب الحركية داخل غرفة الصف مثل لعبة الكراسي المعروفة اولعبة المنديل اولعبة البروالبحر . حيث ان مثل هذه الالعاب الحركية البسيطة ممكن ان تقوم بها معلمة الروضة لتقديمها للأطفال داخل حجرة الصف وذلك من خلال اختيارها مكاناً خالياً وسط الصف تهيئه لهذا الغرض .
هذا ومن المهم جداً ان نعرف اللعبة الحركية الواحدة قد تتوافرفيها عدة صفات وتدرب نواحي متعددة لدى الطفل . كما إنه يتعلم من خلال هذه الالعاب أشياء عديدة مثل تعليم الطفل على القفز من مكان الى آخر ، فضلاً عن تعليمه الانتباه الى كلام المعلمة ، وقوة الملاحظة وكذلك محاولة الفوز وعدم الخسارة كما تقدم له بعض المعلومات عندما تقوم المعلمة بوصف اللعبة الحركية وكيف تكون قبل بدء اللعبة .(الطائي ، 1981 ، 14) .
ويرى الباحث ان الاحترام المتبادل بين الأطفال في اثناء القيام بالألعاب الحركية وادراك كل منهم امكانية تطبيق قواعد اللعب وفق ما يراه الأطفال يتيح كلاهما للطفل فرصة التلاؤم مع رغبات المشتركين معه في اللعب فضلا عن التلاؤم لدوافعه وحاجاته في اللعب ، ونحن نجد ان الألعاب الحركية تسهم في تكوين اخلاقيات الطفل التعاونية من خلال التزام كل طفل بقواعد اللعب .

2-1-3-2 خصائص الألعاب الحركية :
1. ان جميع الأطفال في مواقف الألعاب الحركية يسعون إلى تحقيق هدف واحد .
2. تتسم مواقف الألعاب الحركية بالاعتماد الايجابي المتبادل بين الأطفال .
3. ان مواقف الألعاب الحركية تدفع الأطفال على بذل اقصى جهد لديهم مع اقرانهم داخل المجموعة .
4. يمارس الأطفال في اثناء الألعاب الحركية كثيرا من المهارات الاجتماعية الايجابية فيما بينهم داخل المجموعة .
5. ان كل طفل يدرك باقي الأطفال من داخل جماعة الألعاب الحركية بوصفهم امتدادا لذاته ومدعمين ومساندين له (Bounie, 2000, 36-42).

الالعاب الاجتماعية :
2-1-4-1 مدخل الى مفهوم الالعاب الاجتماعية :
ان الالعاب الاجتماعية التي تقوم بها مجموعة من الأطفال بتمثيل ادوار اجتماعية عادة ما تكون هذه الادوار التي يمارسها الكبار في مجتمعهم فهي اجتماعية لانها تتكون من مجموعات ولانها تمثيل لواقع الكبار ويطلب من الأطفال السير على منهجهم . وتعد الالعاب الاجتماعية مرحلة تلي مرحلة الالعاب الفردية وتتاخر بعض الوقت ، فالطفل يبدأ بمداعبة اعضائه واللعب بادواته بمفرده ثم ينتقل الى اللعب مع الآخرين ويرى بعض التربويين ان لعب الأطفال مع بعضهم بعضاً اكثر انتشاراً بين أطفال الثانية وما بعدها.
(حنورة ، وعباس ، 1996 ، 59)
فضلاَ عن ذلك فان الالعاب الاجتماعية ماهي الا اعداد الطفل لادوار الام والاب وتساعد الالعاب الاجتماعية التي يقوم بها الأطفال على فهم المجتمع الذي يعيشون فيه والعلاقة مع الناس . ويؤكد علماء التربية وعلم النفس ان اللعب الاجتماعي يعكس ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه الطفل فاللعب الاجتماعي يساعد الطفل على تمثيل الحياة من حوله . أضف الى ذلك ان الالعاب الاجتماعية هي وسيلة لزيادة النمو الاجتماعي عند الأطفال الصغار بعد تدريبهم على تمثيل الادوار والسلوك الاجتماعي وبعد ذلك انخراطهم في نشاط أكبر للتواصل مع زملائهم (معاجيني ، 2001 ، 30) .
ومن خلال ما تقدم يرى الباحث ان الألعاب الاجتماعية عبارة عن نشاط يأخذ الأطفال على عاتقهم القيام بدور الراشد في ظروف اللعب المكون مسترجعين نشاط الراشدين وعلاقاتهم فيما بينهم . ولا تقتصر الألعاب الاجتماعية على ألعاب مرتبطة باحداث حياتية (البنات ، الأمهات ، الآباء) فحسب ، بل إلى العاب ذات طابع اجرائي ايضا مثل (البناء ، سكة حديد ، قطار … وهكذا) .
فضلاً عن ذلك فان الأطفال يحتاجون الى ممارسة تلك الالعاب وذلك لأن تلك الالعاب تعمل على اكسابهم الخبرة الاجتماعية عن طريق الاحتكاك بأطفال آخرين في جو يسوده روح اللعب . فان كثيرا من الأطفال الذين يعيشون في المدن يقطنون أحياء متأخرة ، حيث يتفشى الانحراف ، وحيث لاتسمح البيئة بنموالخبرات الاجتماعية النظيفة وفي مثل هذه الحالة تصبح المدرسة او رياض الأطفال مكاناً يجد فيه الأطفال فرصة للاختلاط النظيف ، اذ تهيئ لهم التربية البدينة والنفسية والاجتماعية جواً نظيفاً للعب معاً . كما ان الخبرات الاجتماعية كثيرة لدرجة لا يمكن حصرها وبالامكان رسم الخطط لحدوثها في الالعاب . وبسبب حب الطفل للعب يصبح على استعداد لأن يتصرف تبعاً للاصول المتبعة ، وتقبل المسؤوليات ، ويسهم في العمل لصالح الجماعة ، ويحترم حقوق الآخرين ، كذلك يحس بأهمية التعاون كأساس لتحقيق الاهداف التي يرغب فيها الفرد اوالجماعة فكل فرد في الجماعة يحب ان يعمل كما لو كان جزء من آلة ، فالآلة يجب ان تعمل بسهولة وهذا لا يحدث الا اذا قام كل جزء بنصيبه من العمل ، فالتعاون لا يمكن ان يحدث الا اذا قام كل جزء بنصيبه من العمل وحده .
(صالح والتكريتي ، 1981 ، 96)

2 خصائص الألعاب الاجتماعية :
1. تعمل على تعويض الطفل ما يفتقده من الحياة العادية كأدوار القيادة ، وتحمل الفشل ، والالتزام بالقوانين ، وآداب السلوك الاجتماعي (حنورة ، وعباس ، 1996 ، 59) .
2. النضال من أجل القيادة ، واختلاف مظاهر هذا النضال باختلاف الأدوار الاجتماعية التي يلعبها الطفل أي يحياها في أثناء اللعب فينمو بوساطتها وينفتح أمامه عالم الكبار بكل سلوكياته المرغوبة والمرفوضة .
3. يتعلم الطفل إشباع حاجاته (القواعد) و(الضوابط الاجتماعية) و(القيم) وما تنتجه هذه القواعد من تدريب على إخضاع رغباته للقواعد الجماعية وما يقره صالح مجموعة اللعب.
4. سيشبع الطفل حاجته من الانتماء إلى الجماعة ، ولذلك يستمر النضال دائماً من أجل تقبل الجماعة للطفل ، وتبعاً للدور الذي يلعبه الطفل قد يكتسب رضا الجماعة ، بإظهاره القوة الجسمية تارة وإجادته لدور معين تارة أخرى .
5. تعلم الطفل التعاون مع الفريق ، كذلك خبرات المنافسة وتنظيم الصراع والحوار الذي يمليه عليه دوره في اللعب .
6. تعلم الطفل تحمل المسؤولية ، وينشأ هذا من قبوله لمركزه والدور الذي اكتسبه بمجهوده داخل الجماعة .(عبد الخالق ، 2001 ، 24) .

استاذتي


مفهوم اللعب والمدخل له وما وضعتي من معلومات ستحقق الفائدة للمهتمين

جزاك الله خيراً
تحياتي الخالصة

طيبه عجام


مشرفة القسم القديرة


شكرا لمرورك ومتابعتك لموضوعاتي


بارك الله فيك وفي سعيك وحقق لك الاماني

الاخ دودو الجزائري


كل التقدير لوجودك في صفحتي


تحياتي

لمياء

بارك الله فيك ربي يعطيك العافية

لك خالص تحياتي

الاستاذة العظيمة لساني
وقلبي عاجزين عن الشكر
اتمني من الله ان يحفظكي لنا
موضوع جميل جدا شكرا لكي
وجزاكي الله خير الجزاء