المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرات في أشرطة قصص من التاريخ للدكتور طارق سويدان 3/1



أهل الحديث
09-05-2004, 05:13 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
انتهينا في الحلقة الماضية من التعليق على الشريط الثاني ، و كان هو عبارة عن مفتاح الموضوع الذي نحنن بصدد التعليق عليه ، ألا و هو الأحداث التي تلت مقتل عثمان رضي الله عنه ، و هنا مكمن الخطر و الأرض الزلقة التي زل فيها الكثير إلا من رحم ، فسبحان الله .
الشريط الثالث : توسع الفتنة وانتشارها ..
ذكر المحاضر وفقه الله بعد أن سرد بعض الأحداث التي تلت مقتل عثمان من محاولة الثوار السعي و الضغط على طلحة والزبيرو علي لقبول البيعة ، و أن الرفض جاء من الجميع ، فقال : ( و ظلت المحاولات خمسة أيام .. و ذكر طلب الثوار من أهل المدينة أن يبايعوا أحداً وإلا قتلوا علي و طلحة الزبير .. الخ ) .
قلت : وهذا الخبر من مبالغات الإخباريين ، حيث أن الثابت تاريخياً أن بيعة علي رضي الله عنه كانت في نفس اليوم الذي قتل فيه عثمان رضي الله عنه ، و دليله ما ذكره ابن سعد في طبقاته أن بيعة علي رضي الله عنه بالخلافة كانت يوم الجمعة سنة خمس و ثلاثين و ذكر من جملة الصحابة الذين بايعوا طلحة و الزبير و جمع من الصحابة ممن كان في المدينة . الطبقات ( 3/31 ) .
ذكر المسعودي أن علياً بويع في اليوم الذي قتل فيه عثمان بن عفان رضي الله عنه يعني البيعة الخاصة ، ثم قال إنه بويع البيعة العامة بعد مقتل عثمان بأربعة أيام . مروج الذهب للمسعودي (ص358) .
قال المحاضر وفقه الله : ( أن طلحة والزبير رفضا بيعة علي إلا بأخذ الثأر من قتلة عثمان ، وأن أهل الفتنة أجبروهم على البيعة و ذكر الطريقة التي أحضروا فيها إلى المسجد من أجل البيعة كرهاً .. قال طلحة إنما أبايع كرهاً .. فقدم يده ليبايع و كانت يده مشلولة فقال أحد الجلوس : أول يد تبايع يد شلاء هذا أمر لا يتم .. الخ ) .
قلت : إن الصحيح الثابت في بيعة علي رضي الله عنه ما قاله محمد بن الحنفية : كنت مع أبي حين قتل عثمان رضي الله عنه فقام فدخل منزله ، فأتاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن هذا الرجل قد قتل و لا بد للناس من إمام و لا نجد اليوم أحد أحق بهذا الأمر منك ، لا أقدم سابقة و لا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لا تفعلوا ، فإني أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً ، فقالوا : لا والله ! ما نحن بفاعلين حتى نبايعك ، قال : ففي المسجد فإنَّ بيعتي لا تكون خفياً و لا تكون إلا عن رضا المسلمين ، قال سالم بن أبي الجعد : فقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فلقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يُشغب عليه ، و أبى هو إلا المسجد ، فلما دخل المهاجرون و الأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس .
و هناك رواية ثانية عن أبي بشير العابدي يقول فيها : إن المهاجرين و الأنصار و فيهم طلحة و الزبير أتوا علياً فقالوا له : إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة ، و قد طال الأمر . فقال لهم : إنكم اختلفتم إليَّ و أتيتم و إني قائل لكم قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم ، و إلا فلا حاجة لي فيه . فقالوا : ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله . فبايعوه في المسجد .
و رواية ثالثة أخرى تفيد أن طلحة و الزبير قالا : يا علي ابسط يدك ، فبايعه طلحة و الزبير و هذا بعد مقتل عثمان لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة - و المقصود من هذه البيعة هي البيعة العامة ، لأن عثمان رضي الله عنه قتل يوم الثاني عشر من ذي الحجة ، و كانت بيعة علي في نفس اليوم الذي قتل فيه عثمان - .
و هناك رواية رابعة أخرى عن عوف بن أبي جميلة العبدي قال : أمّا أنا فأشهد أني سمعت محمد بن سيرين يقول : إن علياً جاء فقال لطلحة : ابسط يدك يا طلحة لأبايعك فقال طلحة : أنت أحق و أنت أمير المؤمنين فابسط يدك فبسط عليّ يده فبايعه . كلها عند الطبري في تاريخه ( 4/427-428) و (4/434) . و كذلك في فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/573) .
و ذكر اليعقوبي في تاريخه : أن طلحة و الزبير بايعا علياً وكان أول من بايعه و صفق على يده يد طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه . تاريخ اليعقوبي (1/178) .
يقول الحافظ الذهبي في شأن البيعة : لما قتل عثمان سعى الناس إلى علي و قالوا : لابد للناس من إمام فحضر طلحة و الزبير و سعد بن أبي وقاص و الأعيان ، و كان أول من بايعه طلحة ثم سائر الناس. دول الإسلام للذهبي (1/28 ) .
و أما الروايات المخالفة التي نقلها الإمام الطبري فمنها من يقول بأن طلحة و الزبير بايعا كرها ، حيث روى من طريق الزهري قال : بايع الناس علي ابن أبي طالب فأرسل إلى الزبير و طلحة فدعاهما إلى البيعة فتلكّأ طلحة فقام الأشتر و سل سيفه و قال : والله لتبايعن أو لأضربن بهما بين عينيك فقال طلحة : و أين المهرب عنه ! فبايعه و بايعه الزبير و الناس . و هناك روايات أخرى تبين أنهما بايعا و السيف فوق عنقيهما . تاريخ الطبري (4/429) و (4/431) و (4/435) . فهذه الروايات كلها لا تصح لأنها من روايات الواقدي و أبي مخنف الكذاب .
قلت أيضاً : إن قيام المحاضر وفقه الله بنقل تلك الروايات من كتاب البداية النهاية لابن كثير جعله يقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه غيره ممن تحدث في هذه الأمور ، و قيام المحاضر نفسه بالتحذير من الواقدي ، و من مروياته ، حيث إن ابن كثير رحمه الله قد اعتمد على كتاب تاريخ الطبري خاصة في أحداث تلك الفترة ، فاختار أتم الروايات في الموضوع دون الاعتماد على الصحيح ، مع حذف أسانيدها ، وهذا باعترافه هو ، فلو أن المحاضر وفقه الله رجع إلى تاريخ الطبري لاستطاع أن يعرف أن هذه الرواية و غيرها مروية من طريق الواقدي و الأخرى من طريق أبي مخنف ، الذي اعتمد عليه المحاضر في أحداث معركة صفين و ما تلاها من أحداث حتى مقتل الحسين .
والشيء بالشيء يذكر فإنه قد ورد اعتراض من أحد الإخوة ، قائلاً لماذا لا يتم التحذير من كتاب البداية النهاية لابن كثير .. الخ ما ذكر .
قلت : إن الإنسان الذي لا يستطيع أن يميز بين الغث والسمين ، و بين الصحيح والسقيم ، فلا يقرب من هذه الكتب بل عليه بالكتب المختصرة التي بينت بعض الصحيح و تناولت تلك الأحداث بشيء من الحيادية و الموضوعية ، لكن طالب العلم المتخصص والقادر على دراسة الأسانيد والمتون و تمييزها من الأصيل والدخيل ، فيكون واجب عليه أن يقرأ في تلك الكتب و ينقحها بقدر المستطاع حتى يخرج لنا بتلك الصورة الصحيحة النقية الناصعة عن تاريخ أمتنا الإسلامية .
و قد ظهرت بعض الدراسات التي تناولت هذه الأمور ، مثل : كتاب : مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري للدكتور يحيى بن إبراهيم اليحيى ، و كتاب استشهاد عثمان و وقعة الجمل في مرويات سيف بن عمر للدكتور : خالد الغيث ، وهناك رسالة بعنوان : مرويات ابن إسحاق في تاريخ الطبري لم تطبع بعد ، كما وأن هناك كتاب نفيس غاية في الأهمية بعنوان : أثر التشيع على الروايات التاريخية في القرن الأول الهجري للدكتور محمد نور ولي ، وإنك لتصعق حين ترى الكم الهائل من الروايات المزيفة والموضوعة التي دسها الرافضة في تاريخنا الإسلامي .
نعود إلى إيراد الحقيقة حول ما ذكره المحاضر وفقه الله عن بيعة علي رضي الله عنه .
و لنا لقاء آخر بإذن الله تعالى مع الشريط الثالث/2 .


اعداد :
أهل الحديث

صائد الطرائد
09-05-2004, 09:08 AM
بارك الله فيك

مجروحة الزمن
09-05-2004, 08:25 PM
جزاك الله خيرا اخي

وننتظر لقائاتك المقبله

تحياتي لك

صدى الآهات
09-05-2004, 08:59 PM
أخي اهل الحديث

شكراً لك

الأميرة الناعمة
10-05-2004, 02:37 PM
جزاك الله خير