المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مـفـهـوووم الإخـتـلا ط 0000



بـيـبـرس
08-04-2008, 01:36 AM
عبدالله فراج الشريف(حرمة الخلوة بين الأجنبيين معلومة بالضرورة من الدين والنهي عنها جازم إذا كانا في مكان لا يراهما ولا يسمعهما فيه أحد، أما أن يكونا في مكان عام أو يمشيان في طريق فليس هذا من الخلوة في شيء)??هذه? الكلمة (اختلاط) لا وجود لها في قاموسنا الفقهي اصلاً، الا ما تحدث عنه الفقهاء في الخلطة في باب الزكاة، كما ان النصوص الشرعية من الكتاب والسنة لم تذكرها حتى ترتب عليها حكماً، ومعنى الكلمة من الناحية اللغوية كما جاء في لسان العرب يعني التمازج فيقال: خلط الشيء بالشيء خلطاً وخلطه فاختلط: مازجه، وحتماً ليس من معانيه اللغوية اجتماع النساء والرجال في مكان واحد، ولا يرد بهذا المعنى في عرف اهل اللغة او عرف اهل الشرع، ومن يستعمل هذا اللفظ في زماننا هذا لا يوضح لنا ما يعنيه به، لانه يعلم انه ليس من المصطلحات الشرعية، واذا حدد له معنى طولب الا يتجاوزه، وهو يريد ان يضع في سلة الاختلاط كل ما يؤاخذ عليه الرجال والنساء وان لم يكن له دليل عليه، فمن يزعم ان اجتماع الرجال والنساء هو المعنى اللغوي المقصود عند اهل اللغة فليذكره لنا مؤيداً ما يقول بنقل عنهم صحيح، ومن يزعم ان الله حرم الاجتماع بين الرجال والنساء وان كانوا اجانب عن بعضهم بعضاً مما تنتفي معه الريبة فليأتنا بنص صحيح صريح يثبت به قوله، ولو وجد مثل هذا لما تحدث احد عن اختلاف حول مفهوم هذه الكلمة، وعزل النساء عن الرجال في كل حال لم يقل به احد من اهل العلم اصلاً، بل ان الواقع الممارس الثابت عبر عصور الاسلام التي مضت كلها ينبئ بضده، فالنساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي العهود التي تلته يصلين الفرائض الخمس مع الرجال في المساجد، لا يفصل صفوفهن عن صفوف الرجال حاجز من اي نوع كان، ويرتدن الاسواق يبعن ويشترين، يخاطبن الرجال ويخاطبهن الرجال، وبعضهن يتخذن مواضع في السوق يعرضن فيها بضائع لهن يبعنها للناس، وقد روى ان سيدنا عمر بن الخطاب ولى (الشفاء) وهي امرأة من قومه الحسبة في سوق المدينة، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، والمرأة على مر عصور الاسلام ترتاد دور القضاء تخاصم وتدافع عن نفسها تحضر قضاياها بنفسها، ولم يطلب اليها قط ان يكون لها وكيل اذا راجعت دوائر حكومية لها فيها مصالح، ومن رأى من الفقهاء ان لها تولي منصب القضاء كالاحناف حيث اجازوا لها توليه في غير قضايا الحدود، وكالظاهرية الذين رأوا ان لها توليه حتى في قضايا الحدود، اقتضى ذلك اجتماعها بالرجال حتما، والمرأة تتحمل الشهادة وذلك يقتضيها حضور مجالس القضاء مع الرجال لتؤديها، والمرأة في بيتها تخدم ضيوف زوجها من الرجال ولا حرج، ففي الصحيح دعا ابو اسيد الساعدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عرسه، فكانت امرأته يومئذ خادمهم، وهي العروس، قال سهل: اتدرون ما سقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، نقعت له تمرات من الليل في تور فلما أكل سقته إياه، وتحضر المرأة دروس العلم وتستمع إلى المواعظ، وفي ‏صحيح مسلم من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه (أنه شهد مع ‏رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة ‏قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى ‏الله ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن ‏وذكرهن، فقال: فإن أكثركن حطب جهنم، فقامت امرأة من سطة ‏النساء سعفاء الخدين فقالت: لم يا رسول الله قال: لأنكن تكثرن ‏الشكاة وتكفرن العشير، قال: فجعلن يتصدقن من حليهن، يلقين في ‏ثوب بلال من أقراطهن وخواتمهن) ومن سطة النساء أي خيارهن، ‏وسعفاء الخدين أي سود مشربة بحمرة، وما كان لراوي الحديث أن ‏يصف خديها لو لم يرهما، والحديث مما يحتج به أيضاً على ان ‏الوجه ليس بعورة، وكان رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ‏كما جاء عن أنس في صحيح مسلم يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار ‏معه يسقين الماء ويداوين الرجال، وكل هذا يقتضي اجتماع الرجال ‏والنساء، والمالكية يرون ألا بأس من اجتماع النساء والرجال على ‏الطعام، إذا كانت قد جرت بذلك العادة، فإذا كان الأمر كذلك فما ‏المقصود بالاختلاط، هي الخلوة بين الرجل الأجنبي والمرأة الأجنبية ‏أم كل اجتماع يتم بين رجال ونساء حتى ولو كان بقصد العبادة في المسجد او في درس علمي، فحرمة الخلوة بين الأجنبيين معلومة بالضرورة من ‏الدين لا تحتاج حتى للاستدلال عليها، فالنهي عنها جازم، فلا يخلون ‏رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، ولكن الخلوة لا تتحقق إلا أن ‏يكونا في مكان لا يراهما ولا يسمعهما فيه أحد، أما أن يكونا في ‏مكان عام أو يمشيان في طريق فليس هذا من الخلوة في شيء، وهل ‏من الحسبة التي أمر الله بها أن يستوقف الخلق في الطرق ليسألوا عن ‏صلتهم ببعضهم، أفي الشريعة نص في كتاب الله وسنة رسوله – ‏صلى الله عليه وآله وسلم يؤيد هذا ، فما هو إذن الاختلاط الذي يتحدث ‏عنه الناس في زماننا هذا ويجعلونه سبب كل شر وفتنة، أهو ما ‏يستشهدون عليه بآيات الحجاب أو بالآيات الآمرة بغض الأبصار ‏وحفظ الفروج، وإذا لم يكن اجتماع بين الرجال والنساء في المساجد ‏وحلقات الدرس والأسواق والأعمال فعما يكف البصر ما دام لكل ‏منهما مجتمعه منفصلاً عن الآخر، وما لم يحدد المتحدثون عن الاختلاط ‏الذي يرونه شراً ويقيموا الدليل النقلي الصحيح عليه فسيظل حديثهم ‏عنه بلا جدوى،. فهل يفعلون ما نطلبه منهم، هو ما ‏نرجو والله ولي التوفيق
المـصـدر صـحـيـفـة المـديـنـة الـسـعـوديـة

جميل الثبيتي
08-04-2008, 05:37 AM
الأخ الفاضل

بيبرس

وحتى لانخوض في إي حديث مهما كان مصدره بغير دليل

يحكمه ( الهوى) أو كما جاء في المقال بدون نص

ونظرا لأن الموضوع كبير فلي عودة إما للتأيد

وإما للتوضيح بقد ر مستطاعي


والله اسأل لنا الهداية والبصيرة


الموضوع قديم جديد وكثر الكلام عنه

يتجاذبه الكتاب تارة إلى اليمن وىخرى إلى الشمال

ويبنهم وسط .

جزاك الله خيرا

@الخياله@
08-04-2008, 11:17 AM
أخوي / بيبرس

جزاك الله خير الجزاء

وبارك فيك


.
.
.


أختكـ الخياله

جميل الثبيتي
08-04-2008, 07:11 PM
أخي بيبرس

منذ ان قرأت الموضوع وانا اعلم اننا امام قضية القضايا بين مطنب ومقتضب وبين معتدل والموضع كثر فيه الحديث وكل يستشهد في الموضع بما يقوي وجهة نظره ، يعلم الله بأنني عشت لحظة قلق ولكنني آثرت البحث والتنقيب فهي قضية جوهرية وحيوية وهامة ذاك انها تمس الجزء والنصف الهام في حياتنا المرأة الأم والزوجة والأخت والبنت ورتبهن كم تشاء ماعدا قلبي وفكري وعقلي أمي حفظها الله فهي دوما بالمقدمة وتدعمني دوما في ذلك زوجتي حفظها الله
المهم فقد وجدت لكم هذه الرسالة الهامة المعتدلة والتي توضح حكم الإختلاط وتوضح ذلك وتستشهد بكل آية وبكل حديث
عسى أن نوفق بينها وبين كل ذي بصيرة وعقل
والله اسأل لنا وللجميع الهدايا
مكررا عميق تقديري لفكر اخي بيبرس وبعد نظرته في طرحه مثل هذه المواضيع بغية أن نتحاور ونصل بعد ذلك للمنهج الحق والفكر المعتدل المبني على بيان ووضوح شريعتنا السمحاء .

حكم اختلاط الرجال بالنساء

الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى

* اختلاط الرجال بالنساء له ثلاث حالات :الأولى :
اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال ، وهذا لا إشكال في جوازه .
الثانية :
اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد ، وهذا لا إشكال في تحريمه .
الثالثة :
اختلاط النساء بالأجانب في : دور العلم ، والحوانيت والمكاتب ، والمستشفيات ، والحفلات ، ونحو ذلك ، فهذا في الحقيقة قد يظن السائل في بادئ الأمر أنه لا يؤدي إلى إفتتان كل واحد من النوعين بالآخر ، ولكشف حقيقة هذا القسم فإننا نجيب عنه من طريق : مجمل ، ومفصل .
أما المجمل :
فهو أن الله تعالى جبل الرجال عن القوة والميل إلى النساء ، وجبل النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف بان ، فإذا حصل الاختلاط نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيء ، لأن النفوس أمارة بالسوء ، والهوى يعمي ويصم ، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر .

أما المفصل :
فالشريعة مبنية على المقاصد ووسائلها ، ووسائل المقصود الموصلة إليه لها حكمه ، فالنساء مواضع قضاء وطر الرجال ، وقد سد الشارع الأبواب المفضية إلى تعلق كل فرد من أفراد النوعين بالآخر ، وينجلي ذلك بما نسوقه لك من الأدلة من الكتاب والسنة .

أما الأدلة من الكتاب فستة :
الدليل الأول :
قال تعالى : { وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ، وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون } وجه الدلالة أنه لما حصل اختلاط بين إمرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كاان كامناً فطلبت منه أن ويافقها ، ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها ، وذلك في قوله تعالى : { فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم } وكذلك إذا حصل اختلاط بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر ، وبذلك بعد ذلك الوسائل للحصول عليه .
الدليل الثاني :
أمر الله الرجال بغض البصر ، وأمر النساء بذلك فقال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } . وجه الدلالة من الآيتين : أنه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر ، وأمره يقتضي الوجوب ، ثم بين تعالى أن هذا أزكى وأطهر . ولم يعف الشارع إلا عن نظر الفجأة، فقد روى الحاكم في المستدرك عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له " يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة " قال الحاكم بعد إخراجه : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي في تلخيصه ، وبمعناه عدة أحاديث . وما أمر الله بغض البصر إلا لأن النظر إلى من يحرم النظر إليهن زنا ، فروى أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " العينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطأ " متفق عليه ، واللفظ لمسلم . وإنما كان زناً لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها ، فتعلق في قلبه ، فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها . فإذا نهى الشارع عن النظر إليهن لما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط ، فكذلك الاختلاط ينهى عنه لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه .
الدليل الثالث :
الأدلة التي سبقت في أن المرأة عورة ، ويجب عليها التستر في جميع بدنها ، لأن كشف ذلك أو شيء منه يؤدي إلى النظر إليها ، والنظر إليها يؤدي إلى تعلق القلب بها ، ثم تبذل الأسباب للحصول عليها ، وذلك الاختلاط .
الدليل الرابع :
قال تعالى : { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } . وجه الأدلة أنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل وإن كان جائزاً في نفسه لئلا يكون سبباً إلى سمع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم غليهن، وكذلك الاختلاط يُمنع لما يؤدي إليه من الفساد .
الدليل الخامس :
قوله تعالى : { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } فسرها ابن عباس وغيره : هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم ، ومنهم المرأة الحسناء وتمر به ، فإذا غفلوا لحظها ، فإذا فطنوا غض بصره عنها ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غمض ، وقد اطلع إليه من قلبه أنه لو اطلع على فرجها ، وأنه لو قدر عليها فزنى بها . وجه الدلالة أن الله تعالى وصف العين التي تسارق النظر إلى مالا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة ، فكيف بالاختلاط .
الدليل السادس :
أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن ، قال تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } . وجه الأدلة : أن الله تعالى أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن ، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين ، أما تقرر في علم الأصول أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصيصه ، وليس هناك دليل يدل على الخصوص ، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن ، فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق ؟ . على أنه كثر في هذا الزمان طغيان النساء ، وخلعهن جلبات الحياء ، واستهتارهن بالتبرج والسفور عند الرجال الأجانب والتعري عندهم ، وقل الوزاع عن من أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم .
أما الأدلة من السنة فإننا نكتفي بذكر تسعة أدلة :
الأول
روى الإمام أحمد في المسند بسنده عن أم حميد إمرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله : إني أحب الصلاة معك ، قال : قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي . قالت : فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها وأظلمه ، فكانت والله تصلي فيه حتى ماتت . وروى ابن خزيمة في صحيحه ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان من بيتها ظلمة . ويعطي هذين الحديثين عدة أحادث تدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد . وجه الدلالة : أنه إذا شرع في حقها أن تصلي بي بيتها وأنه أفضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه ، متى يمنع الاخلاط من باب أولى .
الثاني
ما رواه مسلم والترمذي وغيرهما بأسانيدهم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها " قال الترمذي بعد إخراجه : حديث حسن صحيح . وجه الدلالة : المسجد فاتهن ينفصلن عن الجماعة على حدة ، ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخير ، وما ذلك إلا لبعد المتأخرات عن الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك ، ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربة من النساء اللاتي يشغلن البال وربما أفسدت به العبادة وشوشن النية والخشوع ، فإذا كان الشارع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط ، فحصول ذلك إذا وقع اختلاط من باب أولى ، فيمنع الاختلاط من باب أولى .
الثالث
روى مسلم في صحيحه ، عن زينب زوجة عبد الله ابن مسعود رضي الله عنها ، قالت : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً " وروى أبو داود في سننه والإمام أحمد والشافعي في مسنديهما بأسانيدهم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات " . قال ابن دقيق العبد : فيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم ، وربما يكون سبباً لتحريك شهوة المرأة أيضاً ، قال: ويلحق بالطيب مافي معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة ، قال الحافظ ابن حجر : وكذلك الاختلاط بالرجال ، وقال الخطابي في ( معالم السنن ) : التفل سوء الرائحة ، يقال : امرأة تفلة إذا لم تتطيب ، ونساء تفلات .
الرابع
روى أسامة بن زيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء " . وجه الدلالة : أنه وصفهن بأنهن فتنة ، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون ؟ هذا لا يجوز .
الخامس
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الدنيا خلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظرة كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل في النساء " رواه مسلم . وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء ، وهو يقتضي الوجوب ، فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط ؟ هذا لا يجوز .
السادس
روى ابو داود في السنن والبخاري في الكني بسنديهما ، عن حمزة بن السيد الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء : " استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق " فكانت المرأت تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها ، هذا لفظ ابي داود . قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث : " يحقق الطريق " هو أن يركبن حقها ، وهو وسطها . وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق لأنه يؤدي إلى الافتنان ، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك ؟
السابع
روى ابو داود البالسي في سننه وغيره ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باباً للنساء ، وقال : " لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد " وروى البخاري في التاريخ الكبير عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تدخلوا المسجد من باب النساء " . وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال والنساء في أبواب المساجد دخولاً وخروجاً ومنع أصل اشتراكهما في أبواب المسجد سداً للذريعة الاختلاط ، فغذا منع الاختلاط في هذه الحال ، ففيه ذلك من باب أولى .
الثامن
روى البخاري في صحيحه ، عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيراً ، وفي رواية ثانية له ، كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي رواية ثالثة : كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله . فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال " . وجه الدلالة : أنه منع الاختلاط بالفعل ، وهذا فيه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضوع .
الدليل التاسع
روى الطبراني في المعجم الكبير عن معقل ابن يسار رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له . قال الهيثمي في مجمع الزائد : رجاله رجال الصحيح ، وقال المنذري في الترغيب والترهيب : رجاله ثقات . وروى الطبراني ايضاً من حديث أبي أمامة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " لأن يزحم رجل خنزيراً متلطخاً بطين وحمأه خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له . وجه الدلالة من الحديثين : أنه صلى الله عليه وسلم منع مماسة الرجل للمرأة بحائل وبدون حائل إذا لم يكن محرماً لها . لما في ذلك من الأثر السيء ، وكذلك الاختلاط يمنع ذلك . فمن تأمل ما ذكرناه من الأدلة تبين له أن القول بأن الاختلاط لا يؤدي إلى فتنة إنما هو بحسب تصور بعض الأشخاص وإلا فهو في الحقيقة يؤدي إلى فتنة ، ولهذا منعه الشارع حسماً للفساد . ولا يدخل في ذلك ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة كما يقع في الحرم المكي ، والحرم المدني ، نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يزيد المهتدي منهم هدى ، وأن يوفق ولا تهم لفعل الخيرات وترك المنكرات والأخذ على أيدي السفهاء ، إنه سميع قريب مجيب ، وصلى الله على محمد ، وآله وصحبه .