النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: إلى الأخ mustafa bali " سينية البحتري "

  1. #1

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141

    إلى الأخ mustafa bali " سينية البحتري "

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mustafa bali
    السلام عليكم ياإخوان
    أرجو مساعدتكم في نفس الموضوع (سينية البحتري ) لأني دورت كتير ومالقيت موقع منيح آخد منو معلومات
    وشكرا لمساعدتكم
    مصطفى


    هلا بك اخوي مصطفى

    وإن شاء الله يكون الموضوع عندك في اقرب فرصة

    تمنياتي لك بدوام التوفيق
    [align=center][/align]

  2. #2

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=center]سينية البحتري



    وصف الشاعر العباسي البحتري إيوان كسرى في سينيته المشهورة التي تتوارد في أبياتها العظة التاريخية لهذه الدولة التي كانت ذات قوة عظيمة ثم اضمحلت يقول فيها:



    صُـــنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي
    وَتَرَفَّعــــــــــتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ

    وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَهـر
    التِماساً مــــــــــِنهُ لِتَعسي وَنَكسي

    بُلَغٌ مِن صُبابَةِ العَيشِ عِـــــندي
    طَفَّفَتها الأَيّـــــــــــامُ تَطفيفَ بَخسِ

    وَبَعيدٌ مابَينَ وارِدِ رِفَـــــــــــــــهٍ
    عَلَلٍ شُـــــــربُهُ وَوارِدِ خِـــــــمسِ

    وَكَأَنَّ الزَمانَ أَصبَحَ مَحــــــمولاً
    هَواهُ مَـــــــعَ الأَخَسِّ الأَخَــــــــسِّ

    لَو تَراهُ عَلِمتَ أَنَّ اللـــــــــــَيالي
    جَعَلَت فيهِ مَأتَماً بَعدَ عُــــــــــرسِ

    وَهوَ يُنبيكَ عَن عَجائِبِ قَـــــــومٍ
    لا يُشابُ الـــــــبَيانُ فيهِم بِلَــــبسِ

    وَإِذا ما رَأَيتَ صورَةَ أَنطـــــاكِيَّة
    اِرتَعـــــــتَ بَينَ رومٍ وَفُـــــــــرسِ

    وَالمَنايا مَواثِلٌ وَأَنوشَــــــــروان
    يُزجي الصُفوفَ تَحتَ الدِرَفــــــسِ

    في اِخضِرارٍ مِنَ اللِباسِ عـــــَلى
    أَصفَرَ يَختالُ في صَبيـــــغَةِ وَرسِ

    وَعِراكُ الرِجالِ بَينَ يَــــــــــــدَيهِ
    في خُفوتٍ مِنهُم وَإِغمـاضِ جَرسِ

    مِن مُشيحٍ يَهوى بِعامِلِ رُمـــــحٍ
    وَمُليحٍ مِــــــــنَ السِنانِ بِتُـــــرسِ

    تَصِفُ العَينُ أَنَّهُم جِدُّ أَحــــــــياءٍ
    لَـــــهُم بَينَهُم إِشـــــــارَةُ خُــــرسِ

    يَغتَلي فيهِم ارتيِابي حَـــــــــــتّى
    تَتَقَرّاهُـــــــــــمُ يَدايَ بِلَــــــــــمسِ

    وَتَوَهَّمتُ أَنَّ كِسرى أَبَـــــــرويزَ
    مُعــــــــــاطِيَّ وَالبَلَهبَذَ أُنــــــــسي

    حُلُمٌ مُطبِقٌ عَلى الشَكِّ عَــــــيني
    أَم أَمانٍ غَيَّرنَ ظَنّي وَحَــــــــدسي

    وَكَأَنَّ الإيوانَ مِن عَجَبِ الصَنعَةِ
    جَوبٌ في جَــــــــــنبِ أَرعَنَ جِلسِ

    يُتَظَنّى مِنَ الكَآبَةِ إِذ يَبــــــــــــدو
    لِـــــعَينَي مُصـــــَبِّحٍ أَو مـــــُمَسّي

    مُزعَجاً بِالفِـــراقِ عَن أُنسِ إِلفٍ
    عـــــَزَّ أَو مُــــرهَقاً بِتَطليقِ عِرسِ

    عَكَسَت حَظُّهُ اللَيالي وَباتَ المُشـ
    تَـــــري فيهِ وَهوَ كَــــــوكَبُ نَحسِ

    فَهوَ يُبدي تَجَــــــــــــــلُّداً وَعَلَيه
    كَلـــــكَلٌ مِن كَلاكِلِ الدَهـــرِ مُرسي

    لَم يَعِبهُ أَن بُزَّ مِن بُسُطِ الــديباج
    وَاِســـــتَلَّ مِـــــن سُتورِ المَـــــقسِ

    مُشمَخِّرٌ تَعلو لَهُ شُـــــــــــــرُفاتٌ
    رُفِعَت في رُؤوسِ رَضوى وَقُـدسِ

    لابِساتٌ مِنَ البَياضِ فَما تُـــبصِرُ
    مِـــــنها إِلـــــّا غـــــَلائِلَ بــــــُرسِ

    لَيسَ يُدرى أَصُنعُ إِنسٍ لِجـــــــِنٍّ
    سَكَنـــــوهُ أَم صـــــُنعُ جِــنٍّ لِإِنـسِ

    فَكَأَنّي أَرى المَراتِبَ وَالقَــــــــومَ
    إِذا مـــــا بَلَغتُ آخِـــــرَ حِسّــــــــي

    وَكَأَنَّ الوُفودَ ضاحينَ حَســـــرى
    مِن وُقـــــوفٍ خَلفَ الزِحامِ وَخِنسِ

    وَكَأَنَّ القِيانَ وَسطَ المَقاصــــــيرِ
    يُرَجِّـــــعنَ بَينَ حُـــــوٍ وَلُعــــــــسِ

    وَكَأَنَّ اللِقاءَ أَوَّلَ مِن أَمــــــــــسِ
    وَوَشـــــكَ الفِـــــراقِ أَوَّلَ أَمـــــسِ

    وَكَأَنَّ الَّذي يُريدُ إِتّـــــــــــــــِباعاً
    طامـــــِعٌ في لُحوقِهِم صُبحَ خَـمسِ

    عُمِّرَت لِلسُرورِ دَهراً فَــــصارَت
    لِلـــــتَعَزّي رِبـــــاعُهُم وَالتـــــَأَسّي

    فَلَها أَن أُعينَها بِدُمــــــــــــــــوعٍ
    موقَفاتٍ عَلى الصـــــَبابَةِ حُـــــبسِ

    ذاكَ عِندي وَلَيسَت الـــدارُ داري
    بِإِقتِرابٍ مِنها وَلا الجــــِنسُ جِنسي


    [/align]
    [align=center][/align]

  3. #3

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    هذا ملف فيه شرح حلووو للسينية


    اتمنى ينال على اعجابك
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة
    [align=center][/align]

  4. #4

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=justify]
    [align=center]تحليل لقصيدة شوقي يعارض فيها سينية البحتري [/align]


    التعريف بالشاعر :

    شاعر مصري عربي ، جركسي الأصل ، تعلم تعليمه الثانوي بالقاهرة ودرس الحقوق في فرنسا أعجب بالشعر الأموي والعباسي وتمثل أشعار البحتري وعارض الكثير من القصائد على نهج الإحيائيين ..

    نفي لإسبانيا ( برشلونة ) وعاد لمصر وقد اتسعت جوانب ثقافته ما بين العربية والتركية والفرنسية ، وفي عام 1927 بويع أميرا لشعراء العرب.

    وقد نظم شوقي في معظم الأغراض الشعرية القديمة كما برع في الشعر الوطني والديني والاجتماعي .



    جو القصيدة :

    نفي أحمد شوقي إلى الأندلس ومر بقصر الحمراء فهاجت الذكرى في نفسه فكتب هذه القصيدة

    وقد بلغت قصيدة شوقي (110) أبيات تحدّث فيها عن مصر ومعالمها، وبثَّ حنينه وشوقه إلى رؤيتها، كما تناول الأندلس وآثارها الخالدة وزوال دول المسلمين بها مستوحيا قصيدته هذه من سينية البحتري ..



    تحليل القصيدة

    الحنين للوطن والشوق إليه :



    1- اختلاف النهار والليل ينسي اذكرا لي الصبا وأيام أنسي
    2- وسلا مصر هل سلا القلب عنها أو أسا جرحها الزمان المؤسي
    3- أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس
    4- وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي

    المفردات :

    1- اختلاف : تعاقب وتتابع ، اذكرا : يخاطب الشاعر صاحبيه على عادة القدامى ، الصِّبا : عهد الحداثة وصغر السن ، أنسي : سعادتي وفرحتي ..

    2- سلا : اسألا، والخطاب لصاحبيه ، سلا : نسى ، أسا : عالج وداوى ، المؤسي : المعالج ، وهي اسم فاعل فعله أسا ..

    3- الدوح : الشجر العظيم ممتد الفروع المتشابك الأغصان ومفردها ( دوحة ) ويقصد الوطن ، بلابله : جمع ( بلبل ) ويقصد بالبلابل ( المصريين )، الطير : يقصد به المستعمرين ..

    4- الخلد : الجنة والبقاء ، نازعتني إليه : غالبتني وخاصمتني

    شرح الأبيات :

    1- إن مرور الأيام وتعاقب الليل والنهار يجعل الإنسان ينسى ما تقادم عهده من أحداث ، فأرجو منكما يا رفيقي أن تذكراني بأيام الصبا الجميلة ، وما كنت أشعر به من سعادة وسرور ، وأنا أمرح بأرض مصر الحبيبة ..

    2- وأرجو منكما يا صديقيّ أن تسألا مصر الحبيبة الغالية ، هل نسيها الفؤاد أو غابت صورتها لحظة عن الوجدان ، أو تمكن الزمان من علاج ذلك القلب الذي جدّ به الشوق إليها ، فاندمل الجرح وشفي ذلك القلب ؟

    3- ومما يدعو إلى العجب أن يحرمنا الاستعمار الإقامة بأرضنا ، والتمتع بخيراتها ، ويحتلها هو ومن جاء معه من جنود الغرب ، وكأننا بلابل حرمت من أشجارها التي تربت ونشأت فيها ، ولتتمتع بها طيور غريبة مختلفة الأنواع والأجناس ..

    4- إن حبك يا وطني الحبيب لا يدانيه حب ، وهو فوق كل حب ، فلو بعدت عنك – حتى ولو كانت إقامتي في جنة الخلد – فإن نفسي ستشتاق إليك ، وتتمنى أن تعود لتقيم في ربوعك ، وبين أحضانك ..



    مواطن الجمال :

    1- الأسلوب في ( اختلاف النهار والليل ينسي ) خبري والغرض منه التقرير ، وهو يجري مجرى الحكمة ..

    والأسلوب في ( اذكرا لي عهد الصبا وأيام أنسي ) إنشائي أمر الغرض منه الالتماس ..

    ( الليل ، النهار ) ( ينسي ، اذكرا ) طباق يوضح المعنى ويبرزه

    التصريع بين الشطرين له أثر موسيقي في افتتاح القصيدة ..

    2- الأسلوب في (وسلا مصر) أمر الغرض منه الالتماس

    وفي قوله : ( هل سلا القلب عنها ) إنشائي استفهام الغرض منه النفي..

    وفي قوله: (أسا جرحها الزمان المؤسي) تقديم المفعول به على الفاعل للاهتمام به ..

    في (وسلا مصر) استعارة مكنية ، فقد شبه مصر بإنسان وحذف المشبه به وأتى بما يدل عليه (سلا) وفيها تشخيص ، وتوحي بمدى تعلق الشاعر بمصر ..

    في (هل سلا القلب) استعارة مكنية ، حيث شخص القلب فجعله إنسانا ينسى..

    ( أسا جرحها الزمان) استعارة مكنية ، حيث جعل الزمان طبيبا وحذف المشبه به وأتى بما يدل عليه ( أسا ) وسر جمالها التشخيص ، وتوحي بعدم قدرة الزمن على مداواة جراحها ، بالرغم أنه من المعروف أن الزمان كثيرا ما ينسي الإنسان آلامه وجراحه..

    ( جرحه ، المؤسي ) طباق يوضح المعنى ويبرزه ..

    ( سلا ، سلا ) جناس تام ، له أثره الموسيقي الواضح وتحريك الذهن..

    3- ( أحرام على بلابله الدوح ) أسلوب إنشائي استفهام الغرض منه الإنكار ، والبيت يجري مجرى المثل ..

    ( بلابله ) استعارة تصريحيه ويقصد بها المصريين ، فقد شبه الشاعر المصريين بالبلابل ، وحذف المشبه وصرح بالمشبه به على سبيل الاستعارة التصريحية ، وهي صورة توحي بالفرحة والسعادة في رياض مصر ..

    ( الدوح ) استعارة تصريحيه ، حيث شبه الوطن بالشجرة العظيمة المتفرعة الأغصان ، وصرح بالمشبه به ، وهي توحي بالراحة والاطمئنان ف ظل الوطن ..

    ( الطير ) استعارة تصريحيه أيضا يقصد بها المستعمرين الغرباء وهي صورة توحي بالحسرة والألم..

    ( حرام ، حلال ) طباق يوضح المعنى ويبرزه ..

    4- الأسلوب خبري يوحي بحب الشاعر لوطنه واعتزازه به ، وهو يجري مجرى الحكمة ..

    ( وطني ) إضافة وطن إلى ياء المتكلم تدل على اعتزازه وشدة انتمائه لوطنه ..

    ( نازعتني ) توحي بقوة تعلق نفس الشاعر بالوطن الذي تربى في أحضانه حتى ملك عليه كل مشاعره وأحاسيسه ..

    ( شغلت عنه ، نازعتني إليه ) طباق يوضح المعنى ويبرزه ..

    ( نازعتني نفسي ) استعارة مكنية ، فقد شخص نفسه وجعلها إنسانا ينازعه وينافسه في حب الوطن وحذف المشبه به وأتى بما يدل عليه ( نازعتني )..

    ** يعيب بعض النقاد على شوقي هذا البيت لفساد معناه ، وذلك لأن الإنسان حين يكون في جنة الخلد تكون الدنيا قد انتهت ، فليس هناك وطن نشتاق إليه ..

    ونحن نقول أن استعمال شوقي لأداة الشرط ( لو ) التي تفيد امتناع الجواب لامتناع الشرط قد أزالت هذا المعنى الذي قد يتبادر لذهن القارئ وعلى ذلك فهي مبالغة مقبولة توحي بإخلاص شوقي ووطنيته الصادقة ، كما تدل على شدة حبه لمصر ..



    قصر الحمراء أثار في نفسه الأشجان



    5- وعظَ البحتريَ إيوانُ كسرى وشَفَّتْنِي القصورُ من عبدِ شمسِ
    6- لم يَرُعني سوى ثَرى قُرْطبي لمَسَتْ فيه عبرةَ الدَّهرِ خمسي


    المفردات :

    5- وعظ : نصح ، إيوان كسرى : قصر كسرى ، شفتني : وعظتني ، عبد شمس :

    6- يرعني ( روع ) : يفزعني ، ثرى : التراب الندي ، قرطبي : نسبة إلى قرطبة ، لمست : أحسست وشعرت ، عبرة : جمعها ( عبرات) وهي العظة ..

    الشرح :

    5- لقد التمس البحتري العبرة والعظة في إيوان كسرى ، وأنا مثله وعظتني قصور الأندلس التي أقامها العرب المسلمين من القدم ..

    6- لم يفزعني فيما رأيت بقرطبة سوى الحال الذي كانت عليه والواضح من خلال القصور والحدائق والبساتين وما آل إليه العرب فيها مما أكسبني العظات الكثيرة ..

    الجماليات

    5- الأسلوب في ( وعظ البحتري إيوان كسرى ) ، و( شفتني القصور من عبد شمس ) خبري الغرض منه التقرير..

    ( وعظ ، شفتني ) ترادف يؤكد المعنى ويوضحه..

    (وعظ البحتري إيوان كسرى) : استعارة مكنية حيث شبه الإيوان بالواعظ الناصح وحذف المشبه به وأتى بما يدل عليه ( وعظ ) ..

    (شفتني القصور) : استعارة مكنية حيث شبه القصور بالواعظ الناصح وحذف المشبه به وأتى بما يدل عليه ( شفتني ) ..

    ( من عبد شمس ) كناية عن قدم مجد العرب بالأندلس..

    6- الأسلوب في ( لم يرعني سوى ثرى قرطبي ) و( لمست فيه عبرة الدهر خمسي) خبري الغرض منه التقرير ..

    ( لم يرعني سوى ثرى قرطبي ) استعارة مكنية ، حيث شبه ثرى قرطبة بالشيء المخيف المفزع وحذف المشبه به ، وأتى بما يدل عليه وهو ( يرعني ) ..

    ( لمست فيه عبرة الدهر ) : استعارة مكنية ، حيث شبه العبرة بالشيء المادي وحذف المشبه به وأتى بما يدل عليه وهو ( لمست ) وتدل على مدى تأثر الشاعر بما يرى ..

    ( عبرة الدهر ) إضافة العبرة إلى الدهر للدلالة على قيمة وعظم العظة المأخوذة منها ..



    وصف حال قصر الحمراء ..


    7- وإذا الدار ما بها من أنيسٍ وإذا القوم ما لهم من مُحِّس
    8- مشت الحادثاتُ في غرف الحمــراء مشي النّعي في دار عُرسِ
    9- مرمرٌ قامت الأسودُ عليه كلَّةُ الظُّفر ليّنات المجسّ

    المفردات :

    7- أنيس : المُؤانِسُ، وكلُّ ما يُؤْنَسُ به. وما بالدار أَنيسٌ، أي أحد ، محس : من يحسّ بالحياة ..

    8- الحادثات : مفردها ( حادثة ) وهي الأمور العظيمة أو المصائب ، النّعي ( نعي ) : الناعي، وهو الذي يأتي بخبر الموت ، عرس : الزفاف للتزويج ..

    9- مرمر : الرُخامُ ، كلّةُ : غير حادة ، لينات : اللين ضد الخشونة وهو الناعم الأملس ، المجس : موضع اللمس ..



    الشرح :

    7- يتحسر الشاعر على مجد العرب الذي اندثر، فيرى قصر الحمراء لم يعد به إنسان ، ولا يستشعر لأصحابه حياة فيه ..

    8- فقد أتت المصائب المتوالية عليه ومشت في أرجائه وكأنها تحمل خبر وفاة مجد العرب فيها بعد أن كانوا يحيون فيها ..

    9- فترى في القصر كتل من الرخام وقد مثلت عليها الأسود لكن أظافرها أصبحت غير حادة وصار ملمسها ناعم من بعد الخشونة ..



    الجماليات :

    7- الأسلوب في ( وإذا الدار ما بها أنيس ) ، ( وإذا القوم ما لهم من محس ) أسلوب خبري الغرض منه التقرير ..

    ( الدار ) كناية عن قصر الحمراء ديار المسلمين ..

    في البيت حسن تقسيم يعطي موسيقى داخلية

    التصريع بين الشطرين له أثر موسيقي في القصيدة ..

    8- ( مشت الحادثات ): استعارة مكنية ، حيث شبه الشاعر الحادثات بالإنسان وحذف المشبه به وأتى بشيء يدل عليه وهو ( مشت ) وسر جمالها التشخيص ..

    ( مشت الحادثات في قصر الحمراء ، مشي النعي في دار عرس ) تشبيه تمثيلي فقد شبه المصائب التي لحقت قصر الحمراء بالذي يحمل خبر الوفاة يوم العرس والفرح ..وهي صورة توحي بالحزن بعد الفرح ..

    9- الأسلوب في البيت خبري لإفادة التقرير ..

    ( الأسود كلّة الظفر لينات المجس ) كناية عما آل إليه أمر المسلمين في الأندلس ..



    وصف خروج العرب من الأندلس


    10- خرج القوم في كتائبَ صُمٍّ عن حفاظ كموكب الدّفن خرس
    11- ركبوا بالبحار نعشاً وكانت تحت إبائهم هي العرش أمسِ
    12- وإذا ما فاتك التفاتٌ إلى الماضي فقد غاب عنك وجه التأسّي


    المفردات :

    10- كتائب : مفردها كتيبة وهي الجيش ، صم : لا يسمعون ، حفاظ : الدفاع عن المحارم ، موكب الدفن : الجنازة ، خرس : لا يتكلمون ..

    11- نعشا : : سرير الميِّت، سمِّي بذلك لارتفاعه. فإذا لم يكنْ عليه ميّت فهو سرير، والمراد السفن ، العرش : سريرُ الملك ..

    12- فاتك ( فوت) : الفوات والترك عن جهل ، التفات : الإكثار من التلفت ، التأسي (أسي ) : التجمّل والتصبّر ..



    الشرح :

    10- فقد خرج المسلمون منها تاركين حضارتهم لا يملكون فعل شيء للدفاع عن محارمهم وكأنهم يسيرون في جنازة ساكتين صامتين ..

    11- خرجوا منها مستقلين السفن وكأنها نعوشهم والتي كانت في عهد آبائهم تستخدم في إقرار الحكم لهم وإبراز قوتهم ..

    12- فإذا فات الإنسان عن جهل أن يعود ويتأمل ماضيه فلن يجد ما يعينه على التجمل والتصبر على ما يصيبه ..



    الجماليات :

    10- الأسلوب في البيت خبري للتقرير ..

    ( خرج القوم في كتائب صم عن حفاظ كموكب الدفن خرس ) تشبيه تمثيلي حيث شبه خروج المسلمين من الأندلس لا يستطيعون عمل شيء لأنفسهم ، بالذين يسيرون في جنازة صامتين لا يستطيعون تقديم شيء لأنفسهم ..

    11- الأسلوب في البيت خبري للتقرير ..

    (نعشا ) استعارة تصريحيه ، ويقصد بها السفينة ، فقد شبه الشاعر السفينة بالنعش وحذف المشبه وصرح بالمشبه به على سبيل الاستعارة التصريحية ، وهي صورة توحي بالحزن الشديد عند خروج العرب من الأندلس ..

    (هي العرش) تشبيه بليغ ، حيث شبه السفينة بالعرش ، وهي صورة توحي بقوة الترسانة البحرية عند المسلمين في الماضي ..

    12- الأسلوب في البيت خبري للتقرير وهو يجري مجرى الحكمة

    علاقة الشطر الثاني بالشطر الأول ، علاقة نتيجة بسبب ( فإذا لم تلتفت للماضي ) ( يغيب عنك أوجه التصبر ) ..[/align]
    [align=center][/align]

  5. #5

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=center]وهذا سينية شوقي التي عارض بها البحتري

    سينية شوقي

    وحينما وصل شوقي إلى بلاد الأندلس بعد رحلة طويلة مضنية في أرجاء البلاد شاهد خلالها الأطلال والآثار المتهدمة من القصور والقلاع والجوامع، هيجت لديه الأحزان، وجددت به الآلام وهزت فيه الوجدان فأثارت مشاعره وشحذت أحاسيسه، وتجلت في خياله قصيدة البحتري، فانطلقت قيثارة شعره بسينيته معارضاً بها البحتري في خضم الظروف السيئة التي أحاطت به، وآثار الرحلة الشاقة التي زادت من تعاسته وعذابه النفسي، تطأ قدمه أرض الأندلس التي تضم أروع صور التاريخ الإسلامي وأزهرها وأشرقها، فأنشأ يقول:



    اخـــــتلاف النــــــهار والـــــليل ينسي
    اذكــــــرا لـــي الصبا وأيـــــام أنسي

    وصـــــفا لـــي ملاوة مـــــن شـــــباب
    صـــــورت مــــن تصـــــورات ومس

    عصـــــفت كالصبا اللــــعوب ومـــرت
    ســـــنة حـــــلوة ولـــــذة خــــــــــلس

    وســلا مصر: هل سلا القلب عــــنها
    أو أسا جـــــرحه الـــزمان المؤسي

    كلـــــما مـــــرت الـــــليالـــي عـــــليه
    رق، والعـــــهد فـي الليالي تقــــسي

    مســـــتطـــــار إذا البـــــواخـــــر رنت
    أول الـــــليل، أو عوت بــــعد جرس

    راهـــــب فـــــي الضلوع للسفن فطن
    كـــــلما ثرن شاعـــــهن بنــــــــــقس

    يا ابـــــنة اليـــــم، ما أبـــــوك بـــخيل
    مـــــاله مولعاً بمـــــنع وحــــــــــبس

    أحـــــــرام عــــلى بلابـــــله الـــــدوح
    حــــلال للـــــطير من كـــــل جـــنس؟

    كـــــل دار أحـــــق بـــــالأهـــــــــل إلا
    في خبيث مـــــن المـــذاهب رجـــــس

    نفســـــي مـــــرجل، وقـــــلبي شراع
    بهما في الدموع ســـــيري وأرســــي

    واجـــــعلي وجهك (الفنار) ومجراك
    يـــــد (الثغر) بــــين (رمل) و(مكس)

    وطـــــني لو شـــــغلت بالخلد عـــــنه
    نازعتني إلـــــيه في الخـــــلد نفسي

    وهـــــفا بالفـــــؤاد فـــــي سلســـــبيل
    ظمأ للـــــسواد مـــن (عين شمس)

    شهد الله لـــــم يغب عـــــن جـــــفوني
    شخـــــصه ساعـــــة ولم يخل حسي

    يـــا فــــؤادي لكـــــل أمـــــر قـــــرار
    فــيه يبـــــدو وينجـــــلي بعـــــد لبس

    عقلـــــت لجـــــة الأمـــــور عـــــقولاً
    طالت الحوت طـــــول ســـبح وغس

    غـــــرقت حـــــيث لا يصاح بطـــــاف
    أو غـــــريق، ولا يصـــــاخ لحـــــس

    فلـــــك يكســف الشـــــموس نــهــاراً
    ويســـــوم البـــــدور ليـــــلة وكــس

    ومـــــواقـــيت للأمـــــور إذا مـــــــــا
    بلغـــــتها الأمـــــور صـــــارت لعكس

    دول كالرجـــــــــــــــال مـــرتهـــــنـات
    بقـــــيام مـــــن الجـــــدود وتـــــعس

    وليـــــال مــــن كـــــل ذات ســــــــوار
    لـــــطمت كـــــل رب (روم) و(فرس)

    ســـــددت بالهـــــلال قوســــاً وســلت
    خنـــــجراً ينـــــفذان مـــــن كل ترس

    حكـــمت في القرون (خوفو) و(دارا)
    وعـــــفت (وائلاً) وألـــــوت (بعبس)

    أيـــــن (مروان) في المشارق عــرش
    أمـــــوي وفي الـــــمغارب كــــرسي؟

    سقمت شـــــمسهم فـــــرد عــــــــليها
    نـــــورها كل ثاقـــــب الرأي نـــــطس

    ثم غابت وكل شمس سوى هـــــــاتيك
    تبلـــــى، وتنـــــطوي تحـــــت رمس

    وعـــــظ (البحتري) إيـــوان (كسرى)
    شـــــفتني القصور من (عبد شمس)

    رب ليـــــل ســـــريت والبرق طـــرفي
    وبساط طويـــــت والريـــــح عنسي

    أنظم الشرق في (الجزيرة) بالـــــغرب
    وأطوي الـــــبلاد حزنـــــاً لـــــدهس

    فـــــي ديـــــار من الخـــــلائف درس
    ومـــــنار مـــــن الطـــــوائف طمس

    وربى كالـــــجنان في كنف الـــزيتون
    خـــــضر، وفـــــي ذرا الكرم طـــلس

    لـــــم يرعـــــني سوى ثرى قــــرطبي
    لمست فيه عــــــــــبرة الدهر خمسي

    يـــــا وقى الله مـــــا أصبح مــــــــــنه
    وسقى صــفوت الحيا ما أمــــــــــسي

    قرية لا تـــــعد في الأرض كـــــــــانت
    تمسك الأرض أن تمــــــــــيد وترسي

    غشيت ســـــاحل المحيط وغــــــــطت
    لجة الروم من شراع وقـــــــــــــــلس

    ركب الدهر خـــــاطري فــــي ثراهــــا
    فأتى ذلك الــــــــــحمى بــعد حـــــدس

    فتجلت لي القصور ومـــــــــن فيـــــها
    من العــــــــــز في مــــــــــنازل قعس

    ســـــنة من كـــــرى وطـــــيف أمـان
    وصــــــــحا القلب مـن ضلال وهجس

    وإذا الـــــدار ما بها مـــــن أنيـــــــس
    وإذا القوم ما لــــــــــهم مـــــن محس

    ورقيـــــق مـــــن الـــــبيوت عـــــتيق
    جاوز الألف غير مــــــــــذموم حرس

    أثـــــر مـــــن (مــحـــــمد) وتـــــراث
    صــــــــار (للروح) ذي الولاء الأمس

    بلــــــــغ النجـــــم ذروة وتنـــــاهـــــى
    بين (ثهلان) في الأساس و(قـــــدس)

    مـــــرمر تســـــبح الـــــنواظر فـــــيه
    ويطــــــــــــــول المدى عليها فترسي

    وســـــوار كأنـــــها فـــــي اســـــتواء
    ألفــــــــــات الوزير في عرض طرس

    فـــــترة الدهـــــر قد كست ســـطريها
    مــــــا اكتسى الهدب من فتور ونعس

    ويحـــــها! كـــــم تـــــزينت لعلــــــــيم
    واحــــــــــد الدهر واستعـــدت لخمس

    وكـــــأن الرفيف فـــــي مسرح العين
    مــــلاء مــــــــــدنرات الــــــــــدمقس

    ومكـــــان الكـــــتاب يغـــــريك ريـــــاً
    ورده غــــــــــائباً فــــــــــتدنو للـمس

    صـــــنعة (الداخـــــل) المبـــــارك في
    الغـــــرب وآل لـــــه ميامـــين شمس

    مـــــن (لحمراء) جـــــللت بغبـــــــــار
    الدهر كالـــــجرح بـــــين بـرء ونكس

    كـــــسنا البرق لو مــحا الضوء لحظاً
    لمحتها العـــــيون مـــــن طــول قبس

    حصـــــن (غرناطة) ودار بني الأحمر
    مـــــــن غـــــافل ويقـــــظان نـــــدس

    جـــــلل الثلج دونـــــها رأس (شيرى)
    فـــــبدا مــــــــــنه في عـصائب برس

    ســـــرمد شـــــيبه، ولـــــم أر شـــــيئاً
    قـــــبله يــــــــــرجى البــــقاء وينسي

    مشت الحادثات في غرف (الحمراء)
    مــــــــــشي النـــــعي في دار عــــرس

    هـــــتكت عــزة الحجـــــاب وفـــــضت
    ســــــــــدة الباب مــــن سمير وأنسي

    عـــــرصات تخـــــلت الخــيل عـــــنها
    واســــــــــتراحت من احتراس وعس

    ومغـــــان عـــــلى الليالـــي وضـــــاء
    لـــــم تجــــــــــد للــــعشي تكرار مس

    لا ترى غـــــير وافدين عـــلى التاريخ
    ساعـــــين فـــي خـــــشوع ونـــــكس

    نقلوا الطـــــرف فـــــي نضـــــارة آس
    مـــــن نقــــوش، وفي عصارة ورس

    وقبـــــاب مـــــن لازورد وتـــــــــــــبر
    كالـــــربى الشـــــم بيـــن ظل وشمس

    وخطـــــوط تكـــــفلت للمـــــعانــــــــي
    ولألفـــــاظـــــها بـــــأزيـــــن لـــــبس

    وتـــــرى مجـــــلس السبـــــاع خـلاء
    مـــــقفر القـــــاع مــــن ظباء وخنس

    لا (الثـــــريا) ولا جـــــواري الثريـــــا
    يـــــتنزلن فـــــيه أقـــــمار إنـــــــــس

    مـــــرمر قامـــــت الأســـــود عـــــليه
    كـــــلة الظـــــفر ليـــــنات المـــــجس

    تنثر المـــــاء في الحـــــياض جمــــاناً
    يـــــتنزى عـــــلى تـــــرائب مـــــلس

    آخـــــر العـــــهد بالجزيـــــرة كــــانت
    بـــــعد عـــــرك مــن الزمان وضرس

    فتـــــراها تقـــــول: رايـــــة جـــــيش
    باد بالأمـــــس بـــــين أســـــر وحـس

    ومفـــــاتيحها مقـــــالـــــيد مــــــــــلك
    بــــــــــاعها الوارث المضــيع ببخس

    خـــــرج القــــوم في كـــــتائب صـــــم
    عن حــــــــــفاظ كموكب الدفن خرس

    ركـــــبوا بالبـــــحار نعـــــشاً وكـــانت
    تحــــــــــــت آبائهم هي العرش أمس

    رب بـــــان لهـــــادم، وجـــــمـــــــوع
    لمـــشت ومحــــــــــسن لمــــــــــخس

    إمـــــرة الـــــناس هـــــمة لا تــــــأنى
    لـــــجبــان ولا تســـــنى لــــــــــجبس

    يا ديــــــــــاراً نزلت كالخلد ظــــــــــلاً
    وجـــــنى دانياً وســــــــــلسال أنـــس

    مـــــحسنات الفـــــصول لا نـاجر فيها
    بقـــــيظ ولا جــــــــــمادى بـــــــقرس

    لا تـــــحش العـــــيون فـــــوق ربــاها
    غـــــير حـــــور حــو المراشف لعس

    كســـــيت أفـــــرخي بظـــــلك ريـــشاً
    وربـــــا فـــــي ربـــاك واشتد غرسي

    هـــــم بـــــنو مـــصر لا الجميل لديهم
    بمضـــــاع ولا الصـــــنيع بـــــمنسي

    مـــــن لسان عـــلى ثنـــــائك وقـــــف
    وجـــــنان عـــــلى ولائـــــك حـــــبس

    حسبـــــهم هـــــذه الطـــــلول عـــظات
    مــن جـــــديد على الدهـــــور ودرس

    وإذا فاتـــــك التفـــــات إلـــى الماضي
    فـــــقد غـــــاب عـــــنك وجه التأسي

    [/align]
    [align=center][/align]

  6. #6

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=justify]شوقي في المنفى



    شوقي في المنفى(1) :
    أطلق خيالك؛ لتتصور الشاعر أحمد شوقي (1868 ـ 1932م)، وقد اتخذ مجلسه في داره كرمة ابن هانئ مسنداً رأسه بيده اليمنى، وتلوح على وجهه سحابة من حزن وغم، وهو يجيل الرأي؛ لعله يخلص من هذه الورطة التي ألمت به، أو يخفف من وقعها على نفسه قليلاً.
    وما باله يحزن ويقتل نفسه أسفا!؛ فقد كان شاعر الخديوي المقرب، ويحظى بمكانة مرموقة يحسده عليها كثير من الشعراء والأدباء، وشهرته طبقت آفاق العالم العربي، وكانت الثروة تجري بين يديه في حين يعيش غيره على الفتات، وما يتساقط من المائدة الكبيرة. ولكن حق للحزن الممض أن ينزل بساحته؛ فالخديوي عباس حلمي الثاني(2) الذي قرّبه وأدناه فرضت عليه سلطات الاستعمار الإنجليزي الإقامة الجبرية في تركيا، بعد أن خلعته من منصبه، وأقامت مكانه السلطان حسين كامل(3).
    لم تكن إنجلترا حين أرادت أن تشدد قبضتها على مصر على وفاق مع عباس؛ لأنه عثماني النزعة، فخلعته، ولم تسمح له بالعودة من القسطنطينية (إستانبول)، وأتت بحاكم لا يعارضها فيما صممت عليه من تثبيت قدم الاستعمار في مصر والشام، لا سيما والحرب العالمية الأولى بدأت تقذف حممها أو كادت.
    ولم تكن بريطانيا راضية عن شوقي شاعر البلاط، فلطالما ندد بالاستعمار في شعره، وكان هواه مع العثمانيين كسيده. وكيف تسمح للشاعر أن يبقى في مصر يوقد المرجل، ويشعل الأتون؟! إن في نفيه عن البلاد قطعاً لذلك الصوت الذي أقلق سلطات الاستعمار الإنجليزي أشد القلق، وأفسد عليها بعض خططها.
    والشاعر في جِلْسته تلك في يوم من أيام سنة خمس عشرة وتسع مئة وألف (1915م) يبدو كاسف البال، قد ظللت محياه غمامةٌ من كآبة، وسحابة من حزن؛ إذ قد تسلم منذ لحظات قصار أمر نفيه إلى جزيرة مالطة.
    وما له ولهذه الجزيرة؟!.
    وكيف يتسنى للشعر أن يجري على لسانه في هذا المكان المنعزل في عُرْض(4) البحر الأبيض المتوسط، وقد حيل بينه وبين رؤية أي شيءٍ ما عدا الماء والسماء؟!.
    بل كيف يتنفس الهواء ويستطيب العيش وينعم بالراحة والهدوء، وهو يرى من كانوا سبباً في نفيه عن البلاد يغدون أمام ناظريه ويروحون بأسلحتهم وجبروتهم؟!.
    إذا لم يكن مفر عن نفيه، فلماذا لا يكون إلى مكان يجد فيه بعض أنسٍ وراحةٍ، ومنطلقاً لشاعريته المحلقة، إلى مكان مثل إسبانيا البلاد التي عاشت على أديمها حضارة عربية وإسلامية زاهية امتدت ثمانية قرون؟!.
    وتسفر الوساطة المبذولة عن موافقة السلطة الحاكمة على نفيه إلى الأندلس.
    ويعود إلى الشاعر شيءٌ من طمأنينة وبعض راحة؛ ففي بلاد الأندلس مساحب حضارة الإسلام سيجد أُنساً وعزاء فيما نزل به، وسيمتع نفسه، ويمضي وقته في الاطلاع على آثار حضارة العرب التي كانت في أيامها نوراً يضيء الخافقين، وسيدرج في تلك المغاني الوارفة التي طالما رددت أصداء شعر ابن زيدون، وابن عمار، وابن خفاجة، والمعتمد، وغيرهم من بلابل الأندلس وهزاراته(5).
    ويركب الشاعر وأسرته السفينة من بور سعيد، وتلقي به في برشلونة، وتمتد إقامته في الفردوس المفقود أربع سنوات كانت من أخصب الفترات الشعرية في حياته، وظفرنا بأندلسياته التي بلغ فيها قمة الشاعرية والأداء البياني.
    تمكن شوقي ـ خلال إقامته في الأندلس ـ أن يصل حاضره بماضيها، ويتغلغل إلى بواطن الشاعرية الأندلسية وأعماق حياتها، وما كان أضرابه من الشعراء يتقلبون فيه من أعطاف الطبيعة الفينانة، والأنس والمراح. يتخيل كل هذا ويتصوره، ثم يحوله إلى قصيد يبعث الشجن، ولكنه يمتع ويفيد.
    وفي أثناء تَطْواف الشاعر على آثار الحضارة الإسلامية في طُلَيْطُلَةَ وقرطبة وغَرْناطة قفزت إلى ذهنه سينية البحتري (206 ـ 284 هـ) في وصف إيوان كسرى التي مطلعها(6):
    صُنْتُ نَفْسِي عَمَّا يدنِّسُ نَفسِي
    وترفعْتُ عن جَدَا كُلِّ جِبْسِ(7)
    فأنشأ على وزنها ورويها قصيدة طويلة بلغت مئة وعشرة أبيات. وهي ملحمة سجل فيها انطباعاته ومشاعره عن الحضارة الإسلامية وآثارها في الأندلس، ولم يغفل عن ذكر وطنه والحنين إليه. يقول فيها(8):
    اختلافُ النهار والليل يُنْسي
    اذكرا لِي الصِّبَا وأيامَ أُنْسِي
    وصِفَا لي مُلاوةً من شبابٍ
    صُوِّرتْ من تَصَوُّراتٍ ومسِّ(9)
    عصفَتْ كالصَّبَا اللعوبِ ومرتْ
    سِنَةً حُلْوةً ولذةَ خَلْسِ(10)
    وسلا مصرَ هل سلا القلبُ عنها
    أو أَسَا جُرْحَهُ الزمانُ المؤسِّي(11)؟!
    كلما مرت الليالي عليه
    رقَّ، والعهد في الليالي تُقَسِّي
    مسْتطارٌ إذا البواخرُ رنتْ
    أولَ الليلِ، أو عوَتْ بعد جَرْسِ(12)
    يا ابنةَ اليمِّ ما أبوكِ بخيلٌ
    ما له مولَعاً بمنعٍ وحَبْسِ(13)
    أحرامٌ على بلابله الدوحُ
    حلالٌ للطيرِ من كلِّ جنس(14)؟!
    كلُّ دارٍ أحقُّ بالأهلِ إلا
    في خبيثٍ من المذاهبِ رجسِ
    وللشاعر قصيدة أخرى قالها وهو في الأندلس، لا تقل روعة عن سينيته، عارض بها قصيدة ابن زيدون (334 ـ 463 هـ) النونية التي مطلعها(15):
    أضحى التنائي بديلاً من تدانينا
    ونابَ عن طيبِ لقيانَا تجافِينا(16)
    ومطلع قصيدة شوقي(17):
    يا نائحَ الطلح أشباهٌ عوادينا
    نَشْجَى لواديكَ أم نَأسَى لوادينا(18)
    وهي قصيدة طويلة تقع في ثلاثة وثمانين بيتاً، فهي أطول من قصيدة ابن زيدون، وتستحق أن تفرد لها دراسة أدبية تتناول جوانبها الفنية، وأرى أنها من أجمل القصائد التي تضمنتها الشوقيات، ومن أبلغ ما قيل في الحنين إلى الوطن والتشوق إليه، ووصف مرابعه ومناظره، وقد وفق شوقي في توظيف حركة الزمن والتاريخ ومشاهد الطبيعة وإيقاع الوزن (البحر البسيط)، وجمال القافية في نقل مشاعره، والتعبير عن عاطفته المشبوبة بأسلوب متميز مؤثر؛ فهي من القصائد التي تمتاز بجمال التعبير وصدق العاطفة.
    [/align]
    [align=center][/align]

  7. #7

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    هذا الي قدرت اتحصل عليه من سينية البحتري ورد شوقي له في سينية اخرى


    اعتذر عن التقصير


    مع تمنياتي لك بدوام التوفيق
    [align=center][/align]

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 32
    آخر مشاركة: 14-08-2014, 11:08 AM
  2. مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 26-12-2012, 02:12 PM
  3. """ْتساريح صينية غريبة...!!!!"""
    بواسطة ينابيع الأمل في المنتدى منتدى الأناقه والمكياج
    مشاركات: 38
    آخر مشاركة: 07-02-2009, 08:51 AM
  4. .."""""""......""""""""......""""""""..........هنا تقبل التعازي في وفاة اختنا العزيزة
    بواسطة بنت مضاوي في المنتدى منتدى الفكاهة والغربلة
    مشاركات: 42
    آخر مشاركة: 25-09-2006, 08:56 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •