المدن التي تسافر حول العالم
منقول
فهد عامر الأحمدي
الانجازات العظيمة تبدأ دائما بأفكار مجنونة ..
هذا ما أؤمن به شخصيا ويمكنني إثباته من خلال أحلام مجنونة تحققت في عصرنا الحاضر (كالصعود للقمر، وشطر الذرة، وإرسال الصور عبر الأثير) .. واليوم أصبحت قادراً على التنبؤ بإنجازات المستقبل العظيمة من خلال قياس (قوى المعارضة) و(مستوى الجنون) الذي تطرح به هذه الأيام ...
ومن آخر الأفكار المجنونة - التي سمعت عنها وعشقتها فعلا - بناء مدينة عائمة فوق البحر تسافر حول العالم بشكل مستمر .. وهذه المدينة ستبنى على هيئة سفينة ضخمة (تدعى سفينة الحرية أو freedom ship) تضم منازل وشققاً ومدارس ومستشفيات ومجمعات تجارية - وكل ما يمكن تصوره في مدينة حديثة معاصرة !!
.. ففي كل عام يقوم مليون سائح برحلات بحرية حول العالم يتمنون لو تستمر إلى الأبد .. ومن هنا فكرت إحدى الشركات في فلوريدا ببناء سفينة ضخمة تعمل كمدينة عائمة يعيش فيها الناس ويعملون بشكل دائم .. وبعد سنتين من الدراسات ظهرت للمستثمرين كبارجة حربية ضخمة تتضمن 12 طابقا (ينتهي أعلاها بمطار دولي كبير، وأسفلها بميناء تجاري يستقبل سفن التموين واليخوت الخاصة) !!
وحسب تصريح نورمان نيكسون (مدير الشركة وصاحب الفكرة) ستبحر المدينة بشكل مستمر، وتلف الكوكب كل عامين، وتتيح لركابها النزول (من خلال قوارب صغيرة) في أشهر المعالم حول العالم . ورغم وجودها الدائم في البحر إلا أنها ستبقى على اتصال مستمر بقارات العالم السبع (عبر الأقمار الاصطناعية) بحيث يمكن لرجال الأعمال والاقتصاد ممارسة أعمالهم كالمعتاد !!
وبسبب تكلفة السفينة الهائلة قررت شركة (Freedom Ship international) بناءها اعتماداً على طريقة بسيطة ابتكرها اليابانيون قبل ثلاثين عاما .. وتعتمد الفكرة على بناء طوافات حديدية مجوفة (أشبه بالصناديق العائمة) تجمع مع بعضها البعض بحيث تشكل مسطحا هائلا (بطول 1400 متر وعرض 230 متراً) . وفوق هذا المسطح يتم بناء المدينة على شكل طوابق مفتوحة يمكن بيعها كمساحات خالية أو منازل جاهزة للسكن !!!
وبسبب حجمها الكبير (الذي يتجاوز أكبر سفينة في العالم بأربع مرات) احتار المصممون في كيفية دفعها عبر المحيط .. وفي النهاية قرروا تزويد السفينة بمئات المحركات الصغيرة (أسفل كل صندوق عائم) يمكن التحكم بها بشكل جماعي أو مفرد .. وبهذه الطريقة لا يتوفر للسفينة الدفع الكافي فقط، بل ومرونة حركة تحسدها عليها السفن الصغيرة (حيث يمكن لمراوحها الكثيرة الدوران في كافة الاتجاهات) !!
وبدون شك ستكون هناك صعوبات مالية وهندسية - وربما سياسية - تقف في وجه هذا المشروع؛ ولكن ما أراه شخصيا هو أن «المدن العائمة» ستكون من السمات المميزة للقرن الواحد والعشرين .. ففي ظل الشعور المتنامي بالعولمة - واختلاط الثقافات وذوبان الهوية - لا أستبعد ظهور مجتمعات بحرية لا ينتمي أطفالها لأي دولة أو قومية .. وشيئا فشيئا قد تتحول هذه المجتمعات إلى دول بحرية تعبر عن مواقف شخصية وثقافية لم تنجح «اليابسة» في استيعابها (... خصوصا في ظل قدرتها على التوسع بشبك طوافات جديدة
رد مع اقتباس
