أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




بسم الله الرحمن الرحيم
واجب المسلمين نحو رسولهم صلى الله عليه وسلم
*********************************************

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله . أما بعد :
للنبي صلى الله عليه وسلم حقوق وواجبات كثيرة على أمته ، فيجب عليهم أن يقوموا بها جميعاً حتى يكونوا مؤمنين حقاً وحتى يستحقوا أن ينالوا محبته صلى الله عليه وسلم ويتشرفوا بها لتكون في ميزان حسناتهم يوم القيامة. وأولى هذه الحقوق والواجبات الإيمان به صلى الله عليه وسلم، وتصديقه بكل مايخبر عنه ، إذ هي من مستلزمات إيمانهم ، قال سبحانه : (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) [النساء/136]
ومن الواجبات أيضاً محبته صلى الله عليه وسلم أكثر من النفس والولد والناس أجمعين قال صلى الله عليه وسلم : ( لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين )(1) . ومن المعلوم أن صدق محبته صلى الله عليه وسلم إنما تكون بتجريد المتابعه له ، بل هي من لوازم المحبه لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم لأن موافقة المحبوب من موجبات المحبه وثمراتها ، وكلما كانت المحبه أقوى كانت الموافقه أتم . قال الله عزوجل : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [ آل عمران / 31]
قال الحسن رحمه الله وغيره من السلف : قال قوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنا نحب الله ، فأنزل الله هذه الآيه فابتلاهم بها (2) فبين سبحانه وتعالى أن متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم من شرط محبته سبحانه وتعالى ، ولأن من أحب حبيبا فلابدّ أن يحب ما يحبه ويبغض ما يبغضه وإلا لم يكن محباً له محبة صادقه .
كما أن من واجباتنا نحوه صلى الله عليه وسلم طاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، والتمسك بسنته ، والتحاكم إلى ما جاء به من عند الله ، والرضا بحكمه صلى الله عليه وسلم والتسليم التام له ، وعدم تقديم قول أحد أو رأيه أو مذهبه على قوله أو سنته كائناً من كان . وقد وردت بذلك النصوص الكثيره من الكتاب العزيز من ذلك قول الحق جلّ في علاه : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )[آل عمران / 132] وقال سبحانه : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ )[ الحشر/7] وقوله أيضاً : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )[ النساء / 65] وحذرسبحانه من مخالفته صلى الله عليه وسلم بقوله : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[ النور/63] . وقد ضمن عزوجل الجنة والفلاح والمغفره والرحمة لمن يطيعه ويطيع رسوله ويتبعه فقال : (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا )[ الفتح/17] وقال : (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )[ النساء /13] فهذه النصوص القرآنية وغيرها الكثير الكثير تُذَكر المؤمنين بمقتضى إيمانهم بنبيهم صلى الله عليه وسلم ، وتعرِّفهم بواجباتهم نحوه عليه الصلاة والسلام ، ومن واجباتنا نحوه أيضا عليه الصلاة والسلام التأدب عند سماع حديثه الشريف وسنته المطهرة والأصغاء الكامل لها ، والرضا بها والعمل بها وعدم الخروج عليها أو معارضتها بآراء الرجال وأقوالهم ، فإذا سمع المسلم (قال رسول الله ) فليعلم أنه لاقول لأحد مع قوله ولا فوق قوله ولامعارضة لقوله صلى الله عليه وسلم ، وإنما عليه الاستماع والفهم لحديثه ولسنته صلى الله عليه وسلم والعمل بها بلا جدال أو شك .
كما أن من واجباتنا نحوه صلى الله عليه وسلم الابتعاد عن إيذائه بأي شئ وبأي قدرمن الايذاء ،
فإن هذا كله محرم ، بل ويؤدي بالإنسان للخروج عن الإسلام ــ والعياذ بالله ــ قال سبحانه : (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا )[ الأحزاب/53] ويدخل في إيذائه صلى الله عليه وسلم الطعن في زوجاته الطاهرات العفيفات الكريمات رضي الله عنهن أجمعين ، كما يدخل في إيذائه صلى الله عليه وسلم الطعن في آل بيته الأطهار ، أو صحابته الكرام ، أو سبهم أو عداوتهم كما جاءت بذلك الآثار الناهيه عن مثل هذه الأفعال المنكره . ومن واجبنا نحوه ــ بأبي هو وأمي ــ أيضا الصلاة والسلام عليه فقد أمرنا بذلك رب العزة في كتابه العزيز فقال : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[ الأحزاب/56] . *****************************


فنسأل الله أن يثبتنا على دينه ، وأن يتوفنا على ملته وسنته ، وأن يجمعنا به وبأصحابه في الجنة إنه سميع مجيب . وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(1) أخرجه البخاري في الصحيح ــ كتاب الايمان ــ 1/58 حديث 14
(2) أنظر : تفسير ابن كثير (1/358)