[align=center]ثرثرة
أبحرت الزوارق المضيئة محملة بضجيج الموانئ إلى ذلك المحيط .... إلى ابعد نقطة....
تشق عباب الموج المتلاطم .... تشق طريقها دون اكتراث ...لا تعبأ بالألم الذي احدثتة على وجه الماء.
تلك الإضاءة أخذت تخفت من وهجها تدريجيا كلما غاصت إلى عمق المحيط ... حتى اختفت في شباك الظلام الحالك....
لف الهدوء ارض الميناء وسكن البحر عن الهيجان.
بدأت خيوط الليل بالانسحاب لتغزوا خيوط الصباح السماء...
وبعد ذلك المخاض الطويل بزغت أول إطلالات الأمل أعلنت عن وصولها بأشعة ذهبية... دثرت صقيع الميناء المتجمد بعد ليلة شتاء قاسية......تلك
الزوارق الآفلة ما هي إلا أيام ترسو فترة ولكن ما تلبث حتى تحمل زادها لترحل ولا اعلم أتكون الأيام القادمة تحمل معها أصداف الأمل؟؟
اتسائل ولا أجد الجواب لما الأيام التي ترسوا موانينا تكون حاملة معها الشقاء والأحزان؟
ألا يمكن أن تضل طريقها في عراء البحار وان تفقد بوصلة اللقاء حتى لا تعلم أين مكان الإرساء!!
ليتها تضل وتهلك.. ليتها تصادف عاصفة تحيلها كومة من الرماد... ليتها تغرق في دوامة السنين ..... ليتها ... وليتها...
لكن كل تلك الأمنيات لا تشيد من الخيال بناء!! ولا تسرج من النجوم أحصنة ذهبية!! وكل تلك الابتهالات لا تصل سقف السماء.
وان تلك الأحزان لو طال بها الضياع ستبحث بين خرائطها البالية حتى تجد ارض المعاد...
انظر إلى افعونة الأيام وهي تلقي بالأحزان .. لتضع عن كاهلها حملا ثقيلا ولا يهمها إذا تسببت بالأذية لأنها اعتادت التطفل بعنجهية...
ولكنها لم تعلم أنها ستواجه بحصون ممتدة الأسوار تقف بالمرصاد أمام قذائفها الرعناء.
ولا أبالي إذا ما اخترقت الأحزان جدران حياتي لأني عرفت كيف أتحايل عليها وأعيد تسخيرها!!!
اكتشفت أن أفضل طريقه لوقف تلك الآلام هي مواجهتها بابتسامة!!
فيمكن أن أصنع من أشواك الألم أطواق السعادة!!
واقتبس لمقولتي ابسط مثال على الحرباء التي تتلون لتخفي ضعفها أمام الأعداء .. فهي ذكية بانتهاجها هذه الوسيلة ، وإن فكرت قليلا سأجد طريقة أسخر بها من تلك الأحزان.
فمهما تعاظم الألم وكبرت في كياني تموجات الآهات أجد متنفسي بافتعال ضحكة هوجاء متمردة بسخرية على واقع الحياة .
وإذا ما باغتتني عيناي بالبكاء.. أحدثها كل تلك الدموع من كثرت الضحك أيتها الرعناء!!
دائما أجد المبررات لتندي عيناي!!
أتوعد تلك الأحزان إذا ما انتهكت بقوافلها بساتين الصفاء لن يكون عندي للرحمة مكان .
سأأد تلك الأحزان داخلي وانطلق إلى عالمي مغتصبة ابتسامة ساحرة واشراقة مفتعلة ورنين ضحكة زائفة .... وأنا في قرارت نفسي اعلم أني ارتدي القناع !!
اجل قناع يحميني من نظرات التجسس المشفقة وأهازيج المواساة المبحوحة .
فلا احد يعلم ما في داخلي ..... نجحت في لعب دوري وببطولة ..... استحق وساما على براعتي في التمثيل ... أخفيت ما أريد وأظهرت ما يريدون !!
كبرت خبرتي بالحياة بت إذا صادفت أشخاصا يتمتعون بنفس القدرات .. مرح .. فرح ... وحياة مفعمة برائحة السعادة الدائمة....
اضحك بصمت لأني اعلم أنهم أناس تعساء ولكن بكبرياء لأنهم داسوا على أحزانهم ليشيدوا من آلامهم أضخم نكتة ساخرة على واقعهم .
أقول في نفسي ألا تظنون أيها الرفاق أننا نجذف عكس التيار؟؟
يرد عليّ صوت لا اعلم من أين جاء ...!!
جدفي عكس التيار فقد يحالفك البقاء أفضل من أن تجذفي مع التيار وأنت تعلمين انك هالكة لا محال .
تعدني أيامي بالأحزان وأنا أعدها بالنضال .
وتدور رحى السنين لأجد ثرثرتي غافية بين أوراقي المهملة..بين ذكرياتي العتيقة... أخذت أتأمل حروفها.. وأتلمس سطورها.. واردد عباراتها ... حتى استوقفتني تلك الكلمات " احتفل بأيامي ولم اعلم أن أيامي تهديني الشقاء كعربون وفاء " هزتني تلك الكلمات أعادة إليّ ذكرى ذلك الماضي الذي كان شاهدا على لحظات ضعفي.
ولأخفي الدليل!!..
لا أجد بدا من تمزيقها وقذفها!! فلا مكان لها سوى في سلة المهملات.[/align]