أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


ملاحظات يسيرة على فهرس المخطوطات العربية
بدار الكتب المصرية (المجاميع)

الحمد لله أن قيض لدار الكتب المصرية بالقاهرة من يعمل على إصدار فهرس يكشف عن كنوز المكتبة مما هو غارق في المجاميع، والصلاة والسلام على معلم البشرية الخير محمد بن عبد الله.
أما بعد
فلله الحمد من قبل ومن بعد على نعمه الكثيرة أن يسر إخراج فهرس المخطوطات العربية بدار الكتب المصرية (المجاميع) المتكون من أربعة أجزاء، صادر عن مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي بلندن، هذه المؤسسة التي عملت ولا زالت تعمل بما يخدم تراث الأمة فلهم الأجر والمثوبة على ما يقومون به.
صدر الفهرس عام 1432هـ الموافق 2011م، في أوله تصدير للمكرم أحمد زكي يماني رئيس مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، ثم تقديم للأستاذ الدكتور محمد صابر عرب رئيس مجلس إدارة دار الكتب المصرية وقتئذ، ثم مقدمة للمحرر المراجع الأستاذ الدكتور عبد الستار الحلوجي.... جزاهم الله خير الجزاء على ما قدموا.
لا بد أن يعلم القارئ الكريم أن العمل البشري يستحيل أن يكتمل، وعليه فإن النقص والخلل والزلل والسهو والخطأ...الخ كلها أشكال تدخل في الأعمال البشرية، وهذا لا يعني أن الباب مفتوح على مصراعيه فترتفع النسبة المئوية للخلل المقدر للأعمال البشرية ذات الضبط والإتقان.
إن فهرسا كفهرس المخطوطات العربية بدار الكتب المصرية (المجاميع) عمل عليه كوكبة من الأكابر، يفترض فيه أن يكون الزلل أو الخطأ يسير جدا أو على الأقل بحدود المعقول....لكن الله جلا وعلا لحكم عظيمة يجعل الأكابر يقعون في مثل هذه المزالق، ليأتي من هو مثلي من الأصاغر فيعتذر لهم قبل أن يستدرك عليهم ويدعو لهم فتتعاقب الدعوات وتكثر الأجور وفضل الله لا يحد.
أنا هنا من أجل الحرص على الضبط والإتقان في الفهارس القادمة التي ستظهر.
عندما اشتريت الفهرس من مبيعات دار الكتب المصرية بالقاهرة في 10/ربيع ثاني/1434هـ، قرأت المجلدات الأربعة على طريقة الجرد، ولم أدون الملاحظات، ثم بعد أن استأذنت الدكتور أحمد عبد الباسط في تدوين الملاحظات رحب بذلك فله الشكر.
عدت وقرأت المجلدات الأربعة مرة ثانية أيضا على طريقة الجرد ولكن مع التدوين والحرص على كتابة المميز من العناوين، وما يصلح لأن أطلب منه صورة.
وبعد أن فرغت من قراءة الفهرس دونت العناوين التي أرغب تصويرها، وبعد التدوين أصبح لزاما علي أن أعرف المخطوط الذي أردت ما الذي قبله وبعده من الرسائل في المجموع، مثال ذلك المجموع رقم 671 الرسالة رقم 8 هي التي أردت تصويرها ولكن لزاما على المحقق أن يذكر في الدراسة الرسائل المصاحبة لرسالته التي يعمل عليها، فكيف لي أن أعرف الرسائل السبع التي سبقت رسالتي وهل بعد رسالتي رسائل أم لا؟!
مما دعاني لقراءة الفهرس المرة الثالثة لأبحث عن بقية المجموع تبين أن المجموع 671 فيه 12 رسالة فلقيت العناء في عملية البحث، مما يخالف المنهج الأسمى لإصدار الفهارس وهو خدمة الباحث وتسهيل وتيسير الوصول إلى المعلومة.
قاعدة عامة وذهبية لكل مفهرس ومعد فهرس:
الهدف من الفهرسة ومن إعداد الفهرس ونشره هو توصيل البيانات الوافية الكافية عن كل مخطوط، والحرص الشديد على تيسير السبل لخدمة الباحث.
هذه القاعدة لو تأملها كل مفهرس، وكل معد فهرس لما وقعنا في الأخطاء المنهجية القوية.
سوف أعرض ملاحظاتي بشكل يسير وربما أذكر مثالا لك ملاحظة ولن يكون ترتيب الملاحظات حسب الأقوى بل حسب ما تيسر تدوينه:
1 ـ كان الأولى الوضوح في الكلام على منهج العمل في المقدمة.
2 ـ الإشارة إلى مسألة مهمة يغفل عنها كثير من معدي الفهارس وهي كيفية الحصول على صورة من المخطوط. وضع عدة خطوات افتراضية وأرقام تواصل وعناوين إلكترونية تسهيلا للباحث.
3 ـ الترتيب الهجائي للمجاميع كان جيدا، لكن ما حدث معي مما سبقت الإشارة إليه أعلاه ليس له حل إلا بوضع طريقة تخدم الفنون وتوضح أين موقع الرسائل للمجموع الواحد.
4 ـ سنة وفاة المؤلف وضعت بالتاريخ النصراني والصواب أن توضع بالتاريخ الهجري.
5 ـ وضع حرف (ج) للدلالة على جزء وحرف (ص) للدلالة على الصفحة ليس له داعي، ويكفي أن يكتب الأعلام 2 : 125. فمعلوم أن الرقم الأول الجزء والثاني الصفحة.
6 ـ لزوم ما لا يلزم بحيث لا يوجد من مصادر التوثيق إلا الأعلام للزركلي وكشف الظنون لحاجي خليفة !، مما فيه تضييق واسع.
7 ـ كثرة الأرقام المربكة للباحث أولا رقم الصفحة في الفهرس ثم فوق العنوان رقم تسلسلي لعنوان المجموع الذي يستفاد منه في الكشاف، ثم رقم الاستدعاء المخزني ثم رقم الميكروفيلم. والصواب أن يكون هناك رقم واحد والتفاصيل للموظفين لأن المراد خدمة الباحث.
8 ـ أيضا عبارة مجاميع ثم رسالة مثال ذلك مجاميع 42 رسالة 5، معلوم أن الرقم الأول للمجموع وأن الرقم الثاني للرسالة داخل المجموع والصواب أن يكتب هكذا: 42 /5 وعبارة المخزني ليس لها داعي والصواب (رقم الحفظ) أو (رقم الاستدعاء) فقط.
9 ـ إذا تكررت النسخ من العنوان الواحد فإن المقرر أن الحقول المتكررة لا تكتب وللأسف كثير من النسخ ذات العناوين المتكررة كتبت نفس البدايات ونفس الخاتمات.
10 ـ عنونة الإجازات تحتاج إلى إعادة ضبط.
11 ـ التفصيل في بعض رؤوس الموضوعات ليس له داعي، ويحدث الاضطراب عندما يكون منهج الفهرس موضوعيا أي بحسب الفنون، ثم إن بعض الرسائل تضيع عندما نضعها في الموضوعات الدقيقة، هذا فضلا عن أننا لا نجيد التفصيل في كل الفنون، فليس من الإنصاف أن نفصل في فنون ونجمل في أخرى.
12 ـ تقدير سنة النسخ، هذا مما يربي مفهرس المخطوطات ويجعله يتعلق بعلم المخطوطات إذا تولدت لديه ملكة تقدير سنة النسخ، وأحيانا لا يحتاج الأمر إلى كياسة وفطنة بل تنظر في التملكات أو الأوقاف المؤرخة ثم تجعل النسخة قبل ذلك تقديرا، ووجد العلامات المائية يساعد أيضا.
13 ـ الرسم الإملائي القديم غير معتبر، والأخوة في الفهرس اعتبروه ! مثل القسم والحرث وسليمن والصواب الرسم الإملائي الحديث القاسم والحارث وسليمان، واستخدموا الرسم الإملائي القديم في كتابة النص أيضا...حتى صار المفهرس ألعوبة بيد النساخ.
14 ـ تقدير سنة الوفاة للمؤلف ليست صعبة لأنه تحديد بالقرن فهناك قرائن يجب على المفهرس والمراجع ومعد الفهرس كل هذا الجيش أن يعمل بها.
15 ـ عنونة القطع وأجزاء الكتب لا تكون جزء كذا وكذا وإنما يكتب العنوان ثم يذيل بعبارة بين قوسين جزء منه أو قطعة منه.
16 ـ الكتب المجهولة كثير منها في فهرس الدار الذي طالعته ليست مجهولة بحق، كان يكفي المفهرس أو المراجع أو المعد أن يضرب العنوان في قوقل أو جزء من النص ثم بكل سهولة سيظهر لديه العنوان وبياناته، بعد ذلك يتحقق من صحة الأمر من عدمها.
17 ـ بعض العناوين مستنبطة من المحتوى، وهذا معروف في فن فهرسة المخطوطات، ولكن الذي لا يعرفه كثير من المفهرسين هو توحيد الصياغة فقد رأيت أكثر من عنوان لكتاب واحد من صنع المفهرسين!!!.
مثال ذلك من فهرس الدار: عنوان أسئلة نفيسة لابن حجر 1 : 171، هو نفسه في عنوان آخر تسعة وعشرون سؤالا 1 : 479. ومن فتش في الفهرس وجد عبارات أمثال (بحث، مسألة، فتوى، رسالة، كتاب، من) غالبا دلائل على استنباط المفهرس، وكان الأولى ضبط ذلك ووضع العنوان بين قوسين.
18 ـ الخط الفارسي، والأولى أن يقال خط التعليق.
19 ـ ترتيب نسخ العنوان الواحد، الصواب أن ترتب حسب تواريخ النسخ فيقدم الأقدم ثم الذي يليه. مثال: فتح الباري لابن حجر وفتح الباري لابن رجب يقدم ابن رجب لتقدم وفاته على ابن حجر.
20 ـ ترتيب شروح الرسالة الواحدة، فيكون الترتيب حسب وفاة المؤلف الأقدم ثم الذي يليه. مثال: شرح الآجرومية لمؤلف من أهل القرن العاشر، شرح الآجرومية لمؤلف تاريخ وفاته 1055هـ، فإن الأولية له نصيب في الأولوية. فإن كان المتن عليه شرح للمؤلف فإن أول الشروح يوضع هو شرح المؤلف ثم الشروح التي تليه.
21 ـ أربع رسائل لابن تيمية وضعت في الفقه الحنفي!....قال لي أحد الأفاضل في دار الكتب المصرية أن هذه المعلومة من مفهرسي الدار القدماء، وكنت أحسب أن مفهرسي الدار القدماء كانوا علماء!، ولكن قال لي: ليس كذلك، قلت في نفسي: ابن تيمية شخصية مشهورة في الفقه الحنبلي فصغار طلبة العلم في الفروع الأخرى بل حتى أهل البدع يعرفون هذا الرجل. سبحان الله.
22 ـ أفضل أن نلغي علم الكلام ونجعل مكانه أصول الدين.
23 ـ من أمثال العناوين التي يقوم المفهرس بسبكها أو استنباطها وقد لا يوفق عنوان (من قصيدة كذا) أو (من كتاب كذا)، سبقت الإشارة إلى أن يكون المدخل بالعنوان ثم بين قوسين (قطعة منه) أو (جزء منه).
24 ـ يجب وضع كشاف لجميع الأعلام من نساخ وواقفين ومتملكين بل وحتى أعلام ذكروا في أول وآخر المخطوط، فضلا عن الأعلام الذين يذكرون في السماعات.
25 ـ يجب على المفهرس والمراجع ومعد الفهرس أن يعي أهمية بداية المخطوط، وأن المراد ليس تعبئة كلام أي كلام، بل كلام مفيد له معنى انظر مثل في فهرس الدار 1 : 306 كتب في بداية المخطوط: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين...وهذا خلاف المقرر في قواعد الفهرسة وفنها.
26 ـ أما أخطاء الفهرسة فهي بالجرد السريع كثيرة ولكن نماذج منها:
1 : 5 رقم المجاميع.
1 : 185 رقم المجاميع.
1 : 233 خط مغربي. و 2 : 38، وله في 2 : 208 خط فارسي.
1 : 306 بداية المخطوط.
1 : 480 اسم الناسخ.
2 : 315 لعلها للسيوطي.
2 : 320 تجزئة المجموع!.
3 : 36 تاريخ النسخ لا يتوافق مع وفاة المؤلف.
4 : 167 عبارة سماع من ابن المؤلف خاطئة بسبب التاريخ.
على كل حال الأخوة يشكرون، من عمل في فهرسة المخطوطات عرف الجهد المبذول والحق أن يشكروا، كما الرجاء منهم أن يعدلوا الفهرس في الطبعات القادمة، ويتفطنوا للملاحظات في الفهارس الجديدة التي ستصدر تباعا كما أفاد الدكتور أحمد عبد الباسط، وأهم الملاحظات تلك المنهجية.
لا أريد أن أطيل وأعلم أنني أطلت، ولكن الأمر يستحق لأن دار الكتب رائدة وسمعتها طيبة فأتمنى أن تستمر كذلك حتى في إنتاجها، وأما الأخطاء فنحن في مكتبة الملك عبد العزيز لدينا بضعت آلاف من المخطوطات الأصلية ومع ذلك لم نسلم من الأخطاء الفادحة الشنيعة، عسى هذا أن يكون في سلوى للأفاضل وعسى هذا يكون دافع للعمل وبذل الجهد والحرص على الضبط والإتقان، والله الموفق.
كتبه
إبراهيم بن عبد العزيز اليحيى
رئيس قسم المخطوطات بمكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض

الصور المصغرة للصور المرفقة