أمراض القلوب!!
إن من سنن الله ـ تعالى ـ في خلقه انتشار الأمراض بينهم , و قد جعلها الله و قدرها لعباده المؤمنين ليبتليهم , و يمحص عنهم المعاصي و الآثام , و يرفع درجاتهم , و يرشدهم إلى الصبر و الاحتساب و عدم الجزع و القنوط من رحمة الله , و إن البدن تصيبه الأمراض العضوية المختلفة و التي تؤلم المسلم , فيبحث عن الدواء لهذه الأسقام في المشفيات , و كذلك الحال في القلوب فهي من أعضاء البدن التي تصيبها الأمراض العضوية كالأبدان , أو الهموم و الغموم و الأحزان , التي يجد الطب غالبا لها العلاج . و التي تزول بالدواء . فالقلب عضو من أعضاء البدن , فإذا تأثر القلب من البدن كذلك يتأثر البدن باعتلال القلب , و إن الطب مهما تقدم بأبحاثه و معلوماته و تقنياته الحديثة إلا أنه يقف عاجزا عن معالجة بعض الأمراض , و أن من أمراض القلوب و البدن ما يزول بالأدوية الطبيعية , ومنها الذي لا يزول إلا بالأدوية الشرعية الإيمانية . لكن القلب قد يصيبه مرض آخر لا يؤلم المسلم , و لا يستطيع الطب علاجه إلا أن خطره عظيم على المسلم كمرض الجهل و الغي و الشبهات و الحسد و الغيبة و العداوة و الشك , فالألم موجود و لا يحس به المسلم لأنه غارق في الشبهات و الشكوك و الأمراض , فتكون أمراض القلوب سببا في فساد تلك القلوب و قسوتها أو موتها ـ لا قدر الله ـ و إن الإسلام حث المسلمين لما فيه حياة القلوب , و حفظها من الشهوات و الشكوك و الشبهات , و رغبها في رضوان الله وسعادة الدارين , و اتباع هدي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي أوحاه الله إليه , قال تعالى : ( و النجم إذا هوى . ما ضل صاحبكم و ما غوى . و ما ينطق عن الهوى .إن هو إلا وحي يوحى )1, 2, 3, 4, النجم . و إن القلب متى اتصل برب العالمين ، و آمن بقضاء الله و قدره و أنه ـ جل جلاله ـ بحكمته خلق الداء و الدواء , قوي أيمان المسلم , و صار أشد تعلقا بالله و تذللا و خضوعا , و يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطأه , و ما أخطأه لم يكن ليصيبه , فيستطيع المسلم الصبر و تحمل تلك الأسقام , و يحمد الله و يحتسب الأجر و الثواب من الله تعالى , و يتوكل على الله جل جلاله , و يبحث عن الأسباب و العلاج , و يبتعد عن التواكل , و هذه صفات عظيمة لا يتصف بها إلا المسلمون الذين نهلوها من الشرع المطهر , دون غيرهم . و متى صح القلب وتداوى بهذه الأدوية الشرعية الصحيحة صح الجسد بإذن الله تعالى . و إن الوحيين مملوءان بالنصوص الدينية التي تعتبر أدوية للبدن أو القلب كانت عضوية أو هموم و حزن و غموم , كالإيمان بالله و إخلاص النية لله تعالى , و توحيد الله في أسمائه و صفاته , و اتباع القرآن الكريم تدبرا و تطبيقا قال تعالى : ( و ننزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لا يزيد الظالمين إلا خسارا ) 82 , الإسراء , و اتباع سنة الرسول صلى الله عليه و سلم , و قراءة الأدعية و الأذكار الصحيحة المأثورة عن الرسول صلى الله عليه و سلم و التي أثبتها الطب الحديث , في شفاء الكثير من الحالات المرضية في القرآن و السنة , فقد ورد في السنة المطهرة أن ماء زمزم ماء مباركة، قال صلى الله عليه وسلم في ماء زمزم : ( إنها مباركة إنها طعام طعم ) ، وفي رواية عند أبي داود ( و شفاء سقم ) .

عبد العزيز السلامة / أوثال