كان الغروب يموت على جسديهما
وتتكسر ظلال الأشياء من حولهما
حزينة وفرحة بآن واحد
رفعت وجهها في بطء وثبتت عيناها
على إشتباك خيوط الضوء الأخيرة
وهي تذوب في بحر العتمه
ومن مذياع بعيد إنساب الى سمعيهما
صوت عذب وشجي
لسيدة تجر الآهات
<<تلك الأبيات لم ولن يستعيداها مرة أخرى>>
وفي إنحناءة القلب وإنكسار المقاومة المضحكة للرغبات
إشتبكت أكفهما
ومال الرأس قليلاً للأمام
وألتقت الشفاه في نفس اللحظة التي
كانت فيها أسراب العصافير المتعبة تجلس على الأغصان
تقص لبعضها رحلات النهار وتتبادل الضحكات
إمتلكتهما رعشات واهنة مفعمة بعذابات الروح
وجموح الشهوة يأخذ كل منهما بذراع
ثم لبث كل شئ ساكناً حتى الهواء لم يعد أوراق الشجر
غفت العصافير وصار الكون إنتظاراً
وفي بقايا الضوء الذي تمنحه مصابيح بعيدة
رأى خلف خصلات شعرها الممسدلة إبتسامةً منتشية
نهضا عن المقعد الحجري ومشيا بخطوات
تخشى إنفلات الفرحة الساذجة
وعند إفتراق الطريق خافا كثيراً من العتمة وعناكب الأوهام
إنسحب كفاهما في بطء بينما كانت
الآهات الملتاعة في الصوت القادم من المذياع
لاتزال تجوب إغوارهما
وتدور في سماء فارغة .