أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده
و صلّ الله و سلم على من لا نبي بعده
و على آله و صحبه

من أعجب الأشياء
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى :
من أعجب الأشياء أن تعرفه، ثم لا تحبه، وأن تسمع داعِيَهُ ثم تتأخر عن الإجابة، وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره، وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له، وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته، وأن تذوق عصرة القلب في غير حديثه والحديث عنه ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره و مناجاته، وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره، ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه، والإنابة إليه واعجب من هذا علمك انك لابد لك منه وانك أحوج شيء اليه وأنت عنه معرض وفيما يبعدك عنه راغب.
الفوائد

قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى :
الجنين في الرحم بمنزلة الثمرة على الشجرة في اتصالها بمحلها اتصالا قويا فإذا بلغت الغاية لم يبق إلا انفصالها لثقلها وكمالها وانقطاع العروق الممسكة لها فكذا الجنين تنهك عنه تلك الأغشية وتنفصل العروق التي تمسكه بين المشيمة والرحم وتصير تلك الرطوبات المزلفة فتعينه بإزلاقها وثقله وانتهاك الحجب وانفصال العروق على الخروج فينفتح الرحم انفتاحا عظيما جدا ولا بد من انفصال بعض المفاصل العظيمة ثم تلتئم في أسرع زمان وقد اعترف بذلك حذاق الأطباق والمشرحين وقالوا لا يتم ذلك إلا بعناية إلهية وتدبير يعجز عقول الناس عن إدراك كيفيته فتبارك الله أحسن الخالقين فإذا انفصل الجنين بكى ساعة انفصاله لسبب طبيعي وهو مفارقة إلفه ومكانه الذي كان فيه وسبب منفصل عنه وهو طعن الشيطان في خاصرته فإذا انفصل وتم انفصاله مد يده إلى فيه فإذا تم له أربعون يوما تجد له أمر آخر على نحو ما كان يتجدد له وهو في الرحم فيضحك عند الأربعين وذلك أول ما يعقل نفسه فإذا تم له شهران رأى المنامات ثم ينشأ معه التمييز والعقل على التدريج شيئا فشيئا إلى سن التمييز وليس له سن معين بل من الناس ما يميز لخمس كما قال محمود بن الربيع عقلت من النبي مجة مجها في وجهي من دلو في بئرهم وأنا ابن خمس سنين ولذلك جعلت الخمس سنين حدا لحدة سماع الصبي وبعضهم يميز لأقل منها ويذكر أمورا جرت له وهو دون الخمس سنين وقد ذكرنا عن إياس بن معاوية أنه قال اذكر يوم ولدتني أمي فإني خرجت من ظلمة إلى ضوء ثم صرت إلى ظلمة فسئلت أمه عن ذلك فقالت صدق لما انفصل مني لم يكن عندي ما ألفه به فوضعت عليه قصعة وهذا من أعجب الإشياء وأندرها فإذا صار له سبع سنين دخل في سن التمييز وأمر بالصلاة .
تحفة المودود بأحكام المولود

قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى :
وأما قولكم كل آية أباحت النكاح في القرآن فالخطاب بها للمسلمين فهذا الاستدلال من أعجب الأشياء فإن الأمة بعد نزول القرآن مأخوذة بأحكامه وأوامره ونواهيه وأما قبل ذلك فما أقره القرآن فهو على ما أقره وما غيره وأبطله فهو كما غيره وأبطله فأين أبطل القرآن نكاح الكفار ولم يقرهم عليه في موضع واحد ؟ على أن البيع والرهن والمداينة والقرض وغيرها من العقود إنما خوطب بها المؤمنون فهل يقول أحد إنها باطلة من الكفار ؟ وهل النكاح إلا عقد من عقودهم كبياعاتهم وإجاراتهم ورهونهم وسائر عقودهم ؟ وليس النكاح من قبيل العبادات المحضة التي يشترط في صحتها الإسلام كالصلاة والصوم والحج بل هو من عقود المعاوضات التي تصح من المسلم والكافر .
أحكام أهل الذمة


قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى :
وربما اتكل بعض المغترين على ما يرى من نعم الله عليه في الدنيا وأنه يغتربه ويظن أن ذلك من محبة الله له وأنه يعطيه في الآخرة أفضل من ذلك فهذا من الغرور قال الامام أحمد ثنا يحي بن غيلان ثنا رشد بن سعد عن حرملة بن عمران النحبيبي ! عن عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر عن النبي قال إذا رأيت الله عز و جل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فانما هو استدراج ثم تلى قوله عزوجل فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتي إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون وقال بعض السلف إذا رأيت الله عز و جل يتابع عليك نعمة وأنت مقيم علي معاصيه فاحذره فانما هو استدراج منه يستدرجك به وقد قال تعالى ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكؤن وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين وقد رد سبحانه على من يظن هذا الظن بقوله فاما الانسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقد عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا أي ليس كل من أنعمته ووسعت عليه رزقه أكون قد أكرمته وليس كل من ابتليته وضيقت عليه رزقه أكون قد اهنته بل أبتلى هذا بالنعم وأكرم هذا بالابتلاء وفي جامع الترمذي عنه إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الايمان إلا من يحب وقال بعض السلف رب مستدرج بنعم الله عليه وهو لا يعلم ورب مفتون بثناء الناس عليه وهو لا يعلم ورب مغرور بستر الله عليه وهو لا يعلم. فصل
وأعظم الخلق غزورا من اغتر بالدنيا وعاجلها فأثرها على الآخرة ورضي بها من الآخرة حتى يقول بعض هؤلاء الدنيا نقد والآخر نسيئة والنقد أنفع من النسيئة ويقول بعضهم درة منقودة ولادرة موعودة ويقول آخر منهم لذات الدنيا متيقنة ولذات الآخرة مشكوك فيها ولا أدع اليقين للشك وهذا من أعظم تلبيس الشيطان وتسويله والبهائم العجم أعقل من هؤلاء فان البهيمة إذا خافت مضرة شيء لم تقدم عليه ولو ضربت وهؤلاء يقدم أحدهم على ما فيه عطبه وهو ينظر اليه وهو بين مصدق ومكذب فهذا الضرب إن آمن أحدهم بالله ورسوله ولقائه والجزاء فهو من أعظم الناس حسرة لأنه أقدم على علم وإن لم يؤمن بالله ورسوله فا بعد له وقول هذا القائل النقد خير من النسيئة فجوابه انه اذا تساوي النقد والنسيئة فالنقد خير وان تفاوتا وكانت النسيئة أكبر وأفضل فهي خير فكيف والدنيا كلها من أولها الى آخرها كنفس واحد من أنفاس الآخرة كما في مسند أحمد والترمذي من حديث المستورد بن شداد قال قال رسول الله ما الدنيا في الآخرة الا كما يدخل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع فايثار هذا النقد على هذه النسيئة من أعظم الغبن وأقبح الجهل واذا كان هذا نسبة الدنيا بمجموعها الى الآخرة فما مقدار عمر الانسان بالنسبة الى الآخرة فأيما أولى بالعاقل إيثار العاجل في هذه المدة اليسيرة وحرمان الخير الدائم في الآخرة أم ترك شيء حقير صغير منقطع عن قرب ليأخذ مالا قيمة له ولا حظر له ولانهاية لعدده ولاغاية لأمده وأما قول الآخر لا أترك متيقنا لمشكوك فيه فيقال له إما أن تكون على شك من وعد الله ووعيده وصدق رسله أو تكون على اليقين من ذلك فان كنت على اليقين فما تركت الا ذرة عاجلة منقطعة فانية عن قرب لأنه متيقن لأشك فيه ولا انقطاع له وان كنت على شك فتأمل آيات الرب تعالى الدالة على وجوده وقدرته ومشيئته ووحدانيته وصدق رسله فيما أخبروا به عنه وتجرد وقمم لله ناظرا أو مناظرا حتي يتبين لك أن ما جاءت به الرسل عن الله فهو الحق الذي لاشك فيه وان خالق هذا العالم هو رب السموات والأرض يتعالى ويتقدس ويتنزه عن خلاف ما اخبرت به رسله عنه ومن نسبه الى غير ذلك فقد شتمه وكذبه وأنكر ربوبيته وملكه اذا من المحال الممتنع عند كل ذي فطرة سليسة أن يكون الملك الحق عاجزا أو جاهلا لا يعلم شيئا ولا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ولا يأمر ولا ينهي ولا يثيب ولا يعاقب ولا يعز من يشاء ولا يذل من يشاء ولا يرسل رسله إلى أطراف مملكته ونواحيها ولا يعتني باحوال رعيته بل يتركهم سدي ويخليهم هملا ولهذا يقدح في ملك آحاد ملوك البشر ولايليق به فكيف يجوز نسبه الملك الحق المبين اليه واذا تأمل الانسان حاله من مبدأ كونه نطفة الى حين كماله واستوائه تبين له ان من عني به هذه العناية ونقله الى هذه الأحوال وصرفه في هذه الأطوار لا يليق به أن يهمله ويتركه سدى لا يأمر ولا ينهاه ولا يعرفه بحقوقه عليه ولا يثيبه ولا يعاقبه ولو تأمل العبد حق التأمل لكان كل ما يبصره وما لا يبصره دليلا له على التوحيد والنبوة والمعاد وأن القرآن كلامه وقد ذكرنا وجه الاستدلال بذلك في كتاب إيمان القرآن عند قوله فلا أقسم بما تبصرون ومالا تبصرون إنه لقول رسول كريم وذكرنا طرفا من ذلك عند قوله وفي أنفسكم أفلا تبصرون وأن الانسان دليل نفسه على وجود خالقه وتوحيده وصدق رسله وإثبات صفات كماله فقد بان بان المضيع مغرور على التقديرين تقدير تصديقه ويقينه وتقدير تكذيبه وشكه فان قلت كيف يجتمع التصديق الجازم الذى لا شك فيه بالمعاد والجنة والنار ويتخلف العمل وهل في الطباع البشرية ان يعلم العبد انه مطلوب غدا الى بين يدي بعض الملوك ليعاقبه أشد عقوبة أو يكرمه أتم كرامة ويبيت ساهيا غافلا لا يتذكر موقفه بين يدي الملك ولا يستعد له ولا يأخذ له أهبة قيل هذا لعمر الله سؤال صحيح وارد على أكثر هذا الخلق واجتماع هذين الامرين من أعجب الاشياء وهذا التخلف له عدة أسباب أحدها ضعف العلم ونقصان اليقين ومن ظن أن العلم لا يتفاوت فقوله من أفسد الاقوال وأبطلها وقد سأل ابراهيم الخليل ربه أن يريه أحياء الموتي عيانا بعد علمه بقدرة الرب على ذلك ليزداد طمأنينة ويصير المعلوم غيبا شهادة وقد روى أحمد في مسنده عن النبي انه قال ليس الخبر كالمعاين فاذا اجتمع الى ضعف العلم عدم استحضاره أو غيبته عن القلب كثيرا من أوقاته أو أكثرها لاشتغاله بما يضاده وانضم الى ذلك تقاضي الطبع وغلبات الهوي واستيلاء الشهوة وتسويل النفس وغرور الشيطان واستبطاء الوعد وطول الامل ورقدة الغفلة وحب العاجلة ورخص التأويل والف العوائد فهناك لا يمسك الايمان في القلب الا الذي يمسك السموات والارض أن تزولا وبهذا السبب يتفاوت الناس في الايمان والاعمال حتى ينتهي الى أدني مثقال ذرة في القلب وجماع هذه الاسباب يرجع الى ضعف البصيرة والصبر ولهذا مدح الله سبحانه أهل الصبر واليقين وجعلهم أئمة في الدين فقال تعالى وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون.
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (الداء والدواء)