أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


محنة أهل السنة في العراق وسبل مواجهتها

أوردت وكالات الأنباء خبر اعتقال الدكتور أحمد العلواني، وهو نائب منتخب في البرلمان العراقي ومن المفترض أنه يتمتع بحصانة برلمانية حسب قوانين العالم الذي يسمونه المتمدن. فقد أرسل النظام الطائفي قوة كبيرة من بغداد مدججة بالسلاح ومجهزه بالمدرعات لاعتقال شخص مدني أعزل من داره. الرجل كان بطلا شجاعا لم يهرب كما فعل غيره من الناس، ومنهم الذين يحكمون الآن بقوة السلاح ويدعمم الأجانب ويسوقهم الحقد المذهبي الأعمى. ورفض الاعتقال التعسفي وقاوم ذلك والنتيجة أنهم قتلوا أخاه وأخته وأصابوه بجروح خطيرة. الرسالة واضحة وهي أننا قادرون على الوصول إلى كل سني ولو في وسط الأنبار وبين عشائر السنة ولو كان المطلوب محمي بنصوص الدستور. ولن يحميكم منا أحد فليس لكم إلا الخضوع والذل والاستسلام والانقياد.

تبرز هذه الخطوة مدى الحقد والكراهية التي يكنها هؤلاء وقدرتهم على القتل والإرهاب، وعدم قدرتهم على تحمل الرأي الآخر. وهذا يدل على ضعف بنائهم وخوفهم الداخلي من كل شيء. لأن الواثق من نفسه لايهمه نقد الناس له مهما كان هذا النقد جارحا. وهذه صفة المنافقين الذين يخافون ويشكون في كل ماحولهم كما قال تعالى: ففف يحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ققق.

عملهم هذا يدل على أنهم لايفكرون بمنطق الدولة وإنما بمنطق الطائفة والتعصب، وهذا لن يبني دولة ولن يكون في صالحهم في المستقبل. يدل على ذلك أن المليشيات الشيعية المسلحة تستعرض في وضح النهار، وتهدد أهل السنة وتقتلهم وتمثل بجثثهم، ويظهر قادتها على الفضائيات ولايستطيع أحد اعتقالهم، إما لأنهم هم الذين يحكمون حقيقة، أو لأن طائفتهم تحميهم، أو لأن إيران وأدواتها في البلد تدير المشهد بمساعدة أو تواطؤ أمريكا وحلفائها، أو كل هذه العوامل مجتمعة.

من يقرأ تعليقات الطائفة التي ينتسبون لها في شبكات التواصل الاجتماعي يدرك أنهم طائفة يحكمهم حقد أعمى لكل ما هو سني. بعضهم يريد مسح الأنبار كلها، وبعضهم يحث جيشهم الطائفي أن يضع بساطيله على رؤوس أهل الأنبار، وبعضهم يريد إبادة السنة جميعا، وغير ذلك من التعليقات التي تدل الإفلاس الأخلاقي وعلى مدى الانحطاط الذي وصل إليه هؤلاء.

لم يكن اعتقال العلواني مستبعدا فقد استهدفوا قبله النائب الدايني والنائب عدنان الدليمي والنائب مشعان الجبوري ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وكل هؤلاء من الذين يفترض أنهم أبعد الناس عن الاعتقال لأنهم دخلوا في العملية السياسية رغم معارضة أكثر السنة لذلك. فيفترض من الشيعة أن يتعاونوا معهم على أقل تقدير، ولكننا رأيناهم أول ضحايا التصفيات الطائفية. وهناك آلاف غيرهم من ضباط الجيش السابق والأكادميين وعلماء الدين السنة الذين يتعرضون لتصفية ممنهجة لم تعد خافية على أحد. بل إنهم وصلوا إلى حد اغتصاب الرجال فضلا عن النساء وهذا أمر لم يفعله حتى الصهاينة المحتلون. والعمل جاري على تغيير المناهج الدراسية، والإعلام، والمناسبات الطائفية التي لا أول لها ولا آخر والمطارات والعمارات الإيرانية التي تبنى حول قبور وأضرحة ومشاهد أوليائهم التي زرعوها في كل مكان، والربط الكهربائي والنفطي والتجاري مع ايران، والآن بدأوا بتغيير القوانيين وغير ذلك. هذا غير العمل مع النظام الطائفي السوري الآثم لقتل أهل السنة وإبادتهم في سوريا.

لقد وصلنا إلى قناعة أن هؤلاء لايؤمنون بالشراكة الوطنية، ويراهنون على عامل الوقت لكسب مزيد من القوة لكي يقوموا بعد ذلك بحملة تطهير أوسع ضد أهل السنة في العراق بنفس الطريقة التي فعلها اسماعيل الصفوي في إيران. ولكننا نؤمن أن مشروعهم هذا سيكون مصيره الفشل المحتوم وسيكون ذلك وبالا على طائفتهم وعندها لن يستطيع أحد السيطرة على ردود فعل المظلومين والمعذبين الذين امتهنت كرامتهم وديست مقدساتهم.

لا أزعم أنني أتيت بشيء جديد هنا لأن هذا توصيف لواقع يعرفه الجميع. لكن السؤال الأهم هو ما هو الحل؟ وما هي الخطوات التي يجب على أهل السنة اتخاذها لحماية دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم والعيش الكريم في العراق البلد الذي فتحه أجدادهم من الصحابة الذين يشتمهم هؤلاء صباح مساء؟

أرى أن علينا أن نعلم أن كل سنى في العراق مستهدف، وكل من يبرز في العلم أو الدين أو السياسة فإن مصيره مصير العلواني وإخوانه. فلنعلم أننا أمة مستهدفة مطلوب إبادتنا عالميا وإيرانيا. فيجب على كل أهل السنة العمل جميعا لحماية مصالحهم. والابتعاد عن منطق التشفي والتسقيط. والبعد عن منطق التفرد والاستبداد بالرأي، والابتعاد عن منهج التطرف والغلو البغيض الذي ولغ في دماء أهل السنة أكثر مما ولغ فيه أعداؤهم. وأن ننسى الماضي وننظر إلى مستقبلنا ومستقبل أبنائنا. وأن نتعاون ونشرح قضيتنا لكل العالم لاسيما إخواننا أهل السنة في الدول المجاورة الذين سيكونون الهدف التالي لهذا المشروع الجهنمي الآثم.

قال تعالى: ففف وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ققق