أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


سلام عليكم
فإني أحمد إليكم الله الذي إله إلا هو،
أما بعد،
فأتناول هاهنا إن شاء الله تعالى كيفية معرفة كون الرجل صحابيا، وهي مسألة قد تناولها أبو عمرو ابن الصلاح في علوم الحديث – وهو مشهور متداول مطبوع طبعات متعددة، لعل من أحسنها طبعة دار الفكر بتحقيق د/نور الدين عتر - في النوع التاسع والثلاثين، معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وقد تناولها أيضا أبو الفضل ابن حجر في كتابه، الإصابة في تمييز الصحابة،
قال أبو عمرو:
ثم إن كون الواحد صحابيا تارة يُعرفُ بالتواتر، وتارةً بالاستفاضة القاصرة عن التواتر، وكذا بأن يروي عن آحاد الصحابة أنه صحابي، وتارة بقوله وإخباره عن نفسه – بعد ثبوت عدالته – بأنه صحابي، والله أعلم،
قلت: فذكر طرقا لمعرفة كونه صحابيا مرتبة بحسب القوة، فهي كالتالي:
  1. التواتر، وهي أعلى المراتب
  2. الاستفاضة القاصرة عن التواتر
  3. أن يُروى عن آحاد الصحابة أنه صحابي، ولا بد ها هنا من صحة الرواية عن الصحابي
  4. بقوله وإخباره عن نفسه – بعد ثبوت عدالته – بأنه صحابي
وقد ذهب أبو الفضل ابن حجر يُفصِّلُ هذا الكلام، وزاد على هذه المراتب مرتبة أخرى،
قال رحمه الله:
الفصل الثاني: في الطريق إلى معرفة كون الشخص صحابيا:
وذلك بأشياء:
  1. أولها أن يثبت بطريق التواتر أنه صحابي
  2. ثم بالاستفاضة والشهرة
  3. ثُم بأن يروى عن آحاد من الصحابة أن فلانا له صحبة، مثلًا،
  4. وكذا عن آحاد التابعين، بناء على قبوله التزكية من واحد، وهو الراجح،
  5. ثُمَّ بأن يقول هو – إذا كان ثابت العدالة والمعاصرة: أنا صحابي،
أما الشرطُ الأول – وهو العدالة – فجزم به الآمديُّ وغيرُه، لأن قوله قبل أن تثبت عدالته – لأن الصحابة كلهم عدول – فيصيرُ بمنزلة قول القائل: أنا عدلٌ، وذلك لا يُقبلُ،
وأما الشرطُ الثاني – وهو المعاصرة – فَيُعتبر بمُضيِّ مائة سنة وعشر سنين من هجرة النبي صلى الله عليه وسلَّمَ، لقوله صلى الله عليه وسلَّمَ في آخر عمره، أرأيتكم ليلتكم هذه ؟؟ فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليوم عليها أحد، رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر،
زاد مسلمٌ من حديث جابر أن ذلك كان قبل موته صلى الله عليه وسلَّم بشهر، ولفظه: أُقْسِمُ بِاللَّهِ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ تَأْتِى عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ - وَهْىَ حَيَّةٌ يَوْمَئِذٍ،
ولهذه النكتة لم يُصدق الأئمة أحدا ادعى الصحبة بعد الغاية المذكورة، وقد ادَّعاها جماعةٌ فكذِّبوا، وكا آخرهم رتن الهندي على ما سنذكر في تراجمهم كلهم في القسم الرابع، لأن الظاهر كذبهم في دعواهم على ما قررته،
ثُمَّ من لم يُعرف حالُه إلا من جهة نفسه، فمضى كلام الآمدي الذي سبق ومن تبعه ألَّا تثبتَ صحبته،
ونقل أبو الحسن ابن القطَّان فيه الخلاف ورجَّحَ عدم الثبوت،
وأما ابنُ عبد البرِّ فجزم بالقبول بناءً على أن الظاهر سلامته من الجرح، وقوى ذلك، بتصرف الأئمة في تخريجهم أحاديث هذا الضرب في مسانيدهم،
ولا ريب في انحطاطِ درجة من هذا سبيله عمن مضى، ومن صور هذا الضرب أن يقول التابعيُّ: أخبرني فلانٌ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلَّمَ يقول: ... سواءٌ سمع أم لا،
أما إذا قال: أخبرني رجلٌ – مثلا – عن النبي صلى الله عليه وسلم بكذا، فثبوت الصحبة بذلك بعيدٌ، لاحتمال الإرسال،
ويُحتمل التفرقةُ بين أن يكون القائلُ من كبار التابعين، فيُرجَّحُ القبول، أو صغارهم، فيُرجَّحُ الردُّ، ومع ذلك لم يتوقف من صنَّف في الصحابة في إخراج من هذا سبيله في كتبهم، والله تعالى أعلم، أ. هـ.
قلت: كلامٌ جيِّدٌ يستحقُّ التأمُّلُ والدراسة،



يُتبع إن شاء الله تعالى