أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


http://t.co/26Ma1xi6bv

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والله أكبر, أعزَّ جنده, ونصر عبده, وغلب الأحزاب وحده, فلا شيء بعده.
وصلى الله وسلَّم على عبده ورسوله محمد, وعلى آله وصحبه ومن اتَّبعهم بإحسان.
أما بعد ..

فبين يدي ما يجري هذه الأيام في دمَّاج صعدة من اعتداء كبير وظلم عظيم على أهل السنة من قبل الحوثيين الروافض أقول - وبالله تعالى التوفيق - :

إن دعوة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى كانت دعوة للتوحيد وإخلاص الدين لله جلَّ وعلا, واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبارك الله في هذه الدعوة ما شاء الله أن يبارك, واهتدى بسببها جمهور عظيم من الناس, وكان منها طلبة علم ودعاة انتشروا في البلاد, ونفع الله بهم العباد.
ومن آثار هذه الدعوة المباركة, جهاد أولئك الروافض باللسان, والظهور عليهم بالحجة والبيان, ومنع انتشار باطلهم, فالحمد لله على ذلك.

وعقيدة هؤلاء الروافض شر العقائد على وجه الأرض؛ فعندهم من الشركيات والكفريات في ربوبية الله وألوهيته وغير ذلك ما ليس عند أحد. وهم يدعون الناس إلى باطلهم ويفتنونهم بضلالاتهم. إضافة إلى ذلك عداوة عظيمة يضمرونها (بل يجاهرون بها) لأهل السنة خاصة, دينا واعتقادًا, وكتبهم وعقائدهم محشوة بذلك, وودوا لو ظفروا بأهل السنة ساعة من نهار.

ومصداق ذلك ما يحصل لأهل السنة (دون غيرهم من الطوائف) في إيران والعراق والشام - قديما وحديثا - من فظائع وجرائم على أيدي الروافض مما لا يخطر على البال, وقد شاهد الناس من ذلك ما يغني عن وصفه هنا. وما يجري هذه الأيام في دمَّاج وغيرها من نواحي اليمن هو امتداد لما يجري في تلك البلدان من حرب على الإسلام وأهله.

وإنَّ ما يدعون إليه من الشرك بالله وفتنة الناس به أشد من القتل, كما قال ربنا تعالى وتقدس : (والفتنة أشد من القتل). قال أبو جعفر ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى : (والشرك بالله أشد من القتل, .. وأصل الفتنة : الابتلاء والاختبار. فتأويل الكلام : وابتلاء المؤمن في دينه حتى يرجع عنه فيصير مشركًا بالله من بعد إسلامه أشد عليه وأضر من أن يُقتل مقيمًا على دينه متمسكًا عليه مُحقًا فيه).

وكان الذي ينبغي هو مبادرة هؤلاء بالجهاد والقتال حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله, كما قال ربنا جلَّ وعلا : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ). أما وقد بدأوا بالاعتداء .. ومالأهم من مالأهم .. فلا مناص من مناجزتهم وكف عدوانهم وإقامة كلمة الله فيهم. وجهادُهم من أعظم الجهاد في سبيل الله, ومن أعظم النصرة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في قتال التتار : (وإذا كانت السنة والإجماع متفقيْن : على أن الصائل المسلم إذا لم يندفع صوله إلا بالقتل قتل, وإن كان المال الذي يأخذه قيراطًا من دينار, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : « من قتل دون ماله فهو شهيد, ومن قتل دون دمه فهو شهيد, ومن قتل دون حرمه فهو شهيد ». فكيف بقتال هؤلاء الخارجين عن شرائع الإسلام, المحاربين لله ورسوله, الذين صولهم وبغيهم أقل ما فيهم ؟! فإن قتال المعتدين الصائلين ثابت بالسنة والإجماع, وهؤلاء معتدون صائلون على المسلمين في أنفسهم وأموالهم وحرمهم ودينهم, وكلٌّ من هذه يبيح قتال الصائل عليها, ومن قتل دونها فهو شهيد, فكيف بمن قاتل عليها كلها ؟).

وبناء على ما تقدم : فإني أؤيد ما دعا إليه الشيخ يحيى الحجوري (جزاه الله خيرا) أهل اليمن من النفير والجهاد ضد الحوثيين الروافض, ووجوب ذلك عليهم, لردِّ عدوانهم, وكسر شوكتهم, نصرة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولعباده المؤمنين.

والذي يجب على أهل العلم من أهل اليمن (من طلاب الشيخ مقبل وغيرهم) الاجتماع على هذا, وحث الناس ودعوتهم على الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس, وأن يكونوا في مقدمتهم, يثبتونهم بإذن الله, ويرتبون صفوفهم, ويعلمونهم .. , فلا تخذلوا إخوانكم أعاذكم الله من ذلك, فإن المعركة معركة إسلام وإيمان وكفر ونفاق.

وهذا النوع من الجهاد (وهو جهاد الدفع) لا يُشترط فيه الإذن, قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى : (وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل, ودفع الصائل عن الحرمة والدين واجب إجماعًا. فالعدو الصائل الذي يُفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يُشترط له شرط، بل يُدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك العلماء, أصحابنا وغيرهم. فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده). قال : (ويجب على القَعَدة لعذرٍ أن يخلُفوا الغزاة في أهليهم ومالهم. قال المرُّوذي : سئل أبو عبد الله عن الغزو في شدة البرد في مثل الكانونين, فيتخوَّف الرجل إن خرج في ذلك الوقت أن يُفرِّط في الصلاة, فترى له أن يغزو أو يقعد ؟ قال : لا يقعد، الغزو خير له وأفضل. فقد أمر الإمام بالخروج مع خشية تضييع الفرض، لأن هذا مشكوك فيه، أو لأنه إذا أخر الصلاة بعض الأوقات عن وقتها, كان ما يحصل له من فضل الغزو مُرْبِيًا على ما فاته). قال : (وسئل [أي الإمام أحمد] أيضًا عن رجل قدِم يريد الغزو ولم يحج, فنزل على قوم فثبطوه عن الغزو, وقالوا : إنك لم تحج تريد أن تغزو ؟ قال أبو عبد الله : يغزو ولا عليه، فإن أعانه الله حج، ولا نرى بالغزو قبل الحج بأسا. قال أبو العباس : هذا مع أن الحج واجب على الفور عنده). قال : "وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب, إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة, وأنّه يجب النفير إليه بلا إذن والدٍ ولا غريم". انتهى من «الاختيارات» للبعلي (ص/447-448).

وقال عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب كما في الدرر السنية (8\200) : " إذا عُلم بقصة أبي بصير, لما جاء مهاجرا فطلبت قريش من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرده إليهم بالشرط الذي كان بينهم في صلح الحديبية, فانفلت منهم حين قتل المشركين الذين أتيا لطلبه, فرجع إلى الساحل لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (ويل أمه مسعر حرب لو كان معه غيره), فتعرض لعير قريش إذا أقبلت من الشام يأخذ ويقتل فاستقل بحربهم دون رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا معه في صلح- القصة بطولها- فهل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطأتم في قتال قريش لأنكم لستم مع إمام؟ سبحان الله ما أعظم مضرة الجهل على أهله, عياذا بالله من معارضة الحق بالجهل والباطل" ا.هـ

ومما يلاحظ سكوت الحكومة اليمنية عن هؤلاء الحوثيين (إن لم يكونوا ممالئين لهم) مع أن شرهم قد مضى عليه سنوات, بينما في الجنوب ساقت الجيوش لضرب المسلمين هناك, ومثلها أمريكا, فهي ترسل طائراتها بلا طيار للفعل نفسه, بخلاف الحوثيين, فضلا عما يذكر عنها مما هو أشد من ذلك, وهذا يبين لك التمالؤ العالمي على المسلمين.

فواصلوا الجهاد بالجهاد رحمكم الله, حتى لا تقوم لهم قائمة ولا يبقى للشرك منهم داعية, وقد جربتم فيهم المكر والخديعة ونقض المواثيق, فأجمعوا أمركم, وتوكلوا على الله وحده,فإنه نعم الوكيل والنصير.

وأنا أدعو الحوثيين إلى الرجوع إلى الإسلام, وترك ضلالاتهم. ولْيُعلم أن الذي يساعدهم في القتال ويمدهم بالمال والسلاح أنه منهم, (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ). قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى عن التتار : (وكلُّ من قفز إليهم من أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمه حكمهم). وقال : (فمن قفز عنهم [أي عن عصابة أهل الشام] إلى التتار كان أحق بالقتال من كثير من التتار, فإن التتار فيهم المكره وغير المكره, وقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعددة). وقال : (ومن أخرجوه معهم مكرهًا فانه يُبعث على نيته, ونحن علينا أن نقاتل العسكر جميعه, إذ لا يَتميز المكره من غيره). وقال : (بل لو ادعى مدعٍ : أنه خرج مكرها, لم ينفعه ذلك بمجرد دعواه). وقال : (المكره على قتال المسلمين مع الطائفة الخارجة عن شرائع الإسلام .. فلا ريب أن هذا يجب عليه إذا أُكره على الحضور أن لا يقاتل وإن قتله المسلمون). ا.هـ. وقد اختصرت كلامه, فراجعه مطولاً بأدلته في «الفتاوى» (28/530-541).

أسأل الله تعالى أن يجعل لأهل السنة (في اليمن وفي كل مكان) من لدنه وليًّا, ويجعل لهم من لدنه نصيرا.

عبد الله بن عبد الرّحمن السّعد
الثلاثاء 8\1\1435 هـ