الذكريات المؤلمة

أقول وقد شاقتنيَ الريحُ سحرةً ومَنْ يذكرِ الاوطانَ والأهلَ يَشْتَقِ
ألا هل تعودُ الدارُ بعد تشتُّتٍ ويُجْمَعُ هذا الشملُ بعدَ تفرُّق
وهل ننتشي ريحَ العراقِ وهل لنا سبيلٌ الى ماء الفرات المصفَّق
حبيبٌ إلى سمعي مقالةُ " احمدٍ " : " أأحبابَنا بين الفراتِ وجِلَّق "
فو اللهِ ما روحُ الجنان بطيّبٍ سواكم ولا ماءُ الغوادي بريق
ووالله ما هذي الغصونُ وإن هَفَتْ بأخْفَقَ من قلبي إليكم وأشوق
شرِبنا على حكمِ الزمانِ من الأذى كؤوساً أضرت بالشراب المعتق
فما كان يَهنيه صَبوحٌ ومغبقٌ فإن من البلوى صَبوحي ومغبقى
خليليَ لا تُلْحى سهامُ مصائبٍ أُتيحت فلولا حكمه لم تُفَّوق
تعنف أحكام القضاء حماقة كأن القضاءَ الحتمَ ليس بأحمق
كفى مخباً بالحال أنْ ليس مُنيةٌ لنفسيَ إلا أن نعودَ فنلتقي
وما فارسٌ الا جنانٌ مُضاعةٌ ويا رُبَّ خمْرٍ لم تجد من مُصفق
هنيئاً فلا مسرى الرياح بخافتٍ وبيٍّ ولا مجرى المياهِ بضيّق
اتى الحسنُ توحيه إليها من السما يدُ الغيث في شكل الكمام المفتَّق
مضى الصيفُ مقتاداً من الحسن فيلقاً وجاء الشتا زحفاً إليها بفيلق
كأن الثلوجَ النازلاتِ على الرّبى عمائمُ بيضٌ كُوِّرتْ فوق مَفْرِق


شاعر آخر يضيف في المعاناة والشوق والإيلام.....

صبوت إلى أرض العراق وبَرْدها اذا ما تصابى ذو الهوى لربى نجدٍ
بلاد بها استعذبتُ ماء شبيبتي هوىٍ ولبست العزَّ بُرداً على برد
وصلت بها عمرِ الشباب وشَرخَه بذكر على قرب وشوق على بعد
بذلت لها حق الوداد رعايةً وما حفظ الود المقيم سوى الود
سلام على أرض العراق إنها مراح ذوي الشكوى وسلوى ذوي الوجد
لها الله ما ابهى ودجلةُ حولها تلف كما التف السوارُ على الزند
يعطر أرجاها النسيم كأنما تنفس فيها الروض عن عابق النَّد
هواؤكِ أم نشر من المسك نافح وأرضك يا بغداد أم جنة الخلد
أحباي بالزوراء كيف تغيَّرت رسوم هوىً لم يُراعَ جانبهُ بعدي
رَضِينا بحكم الدهر لا جو عيشنا بصاف ولا حبل الوداد بممتد
كأن لم نحمِّلْ بيننا عاتق الصبَّا رسائل أعيته من الأخذ والرد
جفوتم ولم انكر جفاكم فلستمُ بأولِ صَحْب لم يدوموا على العهد


ويضيف شاعر له من الروعة والشجاعة ماله فيقول :-

ومراد النفوس أصغر من أن نتعادى فيـه وأن نتـفانى
غير أن الفتى يُلاقي المنايـا كالحات، ولا يلاقي الهـوانا
ولـو أن الحياة تبقـى لحيٍّ لعددنا أضلـنا الشجـعانا
وإذا لم يكن من الموت بُـدٌّ فمن العجز ان تموت جبانا



أماالشاعر بشار بن بردفقد اثرانا وألهم حواسنا وحدسنا فقال :_

إذا بلغَ الرأيُ النصيحة فاستعنْ
بعزم نصيح، أو بتأييد حازم ِ
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة
مكان الخوافي نافع للقوادم ِ
وخلّ الهوينى للضعيف ولا تكن
نؤومًا، فإن الحزم ليس بنائم ِ
وما خير كفٍّ أمسك الغل أختها
وما خير سيف لم يؤيد بقائم ِ
وحارب إذا لم تُعط إلا ظُلامة
شبا الحربِ خيرٌ من قبول المظالم ِ
وأدن ِعلى القربى المقرّبَ نفسه
ولا تُشهد الشورى امرءا غير كاتم ِ
فإنك لا تستطردُ الهمَّ بالمنى
ولا تبلغ العليا بغير المكارم



لَعب الدَّهْرُ علَى هامَتِي

الشاعر بشار بن برد

قَدْ لَعب الدَّهْرُ علَى هامَتِي وذُقْتُ مُرًّا بعْد حَلْوَاءِ
إِنْ كُنْتِ حَرْباً لهُمُ فانْظُرِي شطري بعينٍ غيرِ حولاء
يا حسنهاحين تراءتْ لنا مكسورة َ العينِ بإغفاء
كأنَّما ألبستها روضة ً مابين صفْراءَ وخضراء
يلومني " عمروٌ" على إصبع نمَّتْ عليَّ السِّرَّ خرْساء
للنَّاس حاجاتٌ ومنِّي الهوى ......شيءٌ بعد أشياء
بل أيها المهجورُ منْ رأيه أعتبْ أخاً واخرجْ عن الدَّاء
منْ يأخذ النّار بأطرافه يَنْضَحْ علَى النَّار من المْاء
أنْت امْرُؤُ فِي سُخْطنا ناصبٌ ومنْ هَوَانَا نَازحٌ نَاء
كأنَّما أقسمتَ لا تبتغي برِّي وَلا تَحْفلْ بإيتَائي
وَإِنْ تَعَلَّلْتُ إِلَى زَلَّة ٍ أكلتُ في سبعة أمعاء
حَسَدْتَني حينَ أصَبْتُ الغنَى ما كنتَ إلاَّ كابن حوَّاء
لاقَى أخَاهُ مُسْلماً مُحْرماً بطعنة ٍ في الصُّبح نجلاء
وَأنْتَ تَلْحَاني ولا ذَنْبَ لي لكم يرى حمَّالَ أعبائي
كأنَّما عاينتَ بي عائفاً أزرقَ منْ أهلِ حروراء
فارْحلْ ذميماً أوْ أقمْ عائذاً ملَّيتَ منْ غلٍّ وأدواء
ولا رقأتْ عيْنُ امْرىء ٍ شامتٍ يبكي أخاً ليس ببكَّاء
لو كنتَ سيفاً لي ألاقي به طِبْتُ به نفْساً لأَعدائي
أوْ كُنْت نفْسي جُمعتْ في يدي ألْفيْتني سمْحاً بإِبْقاء