صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 45 من 74

الموضوع: بعت الجسد ....رواية

  1. #31
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    نهرني فهد بقول اجزع أمي :
    بعدين
    يوسف
    تزورها بعدين
    فيه أمور خاصة لازم اكلمها فيها الحين

    نظر يوسف بغيض مكتوم وقال معلنا انهزامه:
    طيب أخليكم براحتكم
    وأشوفكم على خير

    رافقت أمي يوسف
    جلس فهد واضعا يده على رأسه وقال والألم في ملامحه :
    الأحد الجاي
    أمي عازمة عمي ماجد وخالتي زهوه جايين للسعودية إجازة
    ولازم تحضرين

    زهوة
    رفيقة زوجة عمي الجوهرة منذ الطفولة وقريبتها المتنقلة مع زوجها الدبلوماسي الوسيم بين عواصم العالم
    رائعة صداقتهما
    لزهوة ابنتين جميلتين ريما وصبا
    وقيس المراهق المدلل
    لقاء هذه الأسرة اللطيفة من أمتع ما يحدث في قصر العليا
    للجميع
    إلا فهد المعارض
    كان يتحجج بالتوافه لتفادي تواجده بينهم
    إلا لأنهم مقربون من أمه
    لا ادري
    كيف يصر أن احضر ما كان يكره
    ماذا سيحدث
    ماذا ستقول الجوهرة لصديقتها عني
    ومن أين لميساء قدرة لتتحمل زوجة الأخ القادمة من الصفوف الخلفية للصدارة
    فعلا سيكون استعراضا غرائبي
    كما رددت لزميلات مدارس الرياض
    ميثى شو

    أكمل فهد حديثه بما أخرجني من توقعات التحالف و المعارضة :
    وبكرة نادين تستناك أربع العصر في مقر الشركة
    فيه إجراءات إدارية
    فتح حسابات وبطاقات ائتمان وعقود بيع وتوكيل مكاتب محاماة وإدارة أموال
    أكيد بحكم دراستك ما راح تلقين صعوبة بالتفاصيل

    ثم أشار للطاولة الصغيرة حيث العلبة الثروة
    وقال :
    و طبعا خزنة للأمانات
    صمت قليلا وهو يشد من ضغط يده على جانب رأسه وتابع بعمق :
    أيمن أنا ما أثق فيه
    معاك
    في حقوقك
    عشان كذا أنا قررت اصفي أشياء مشتركة لسندات بورصة واسهم عالميه
    وأبيع عليك عقاراتي بعقود موثقة

    فكرت
    لماذا
    أنا يورثني فهد كل ما يملك مسابقا المرض
    هل قرأ السؤال بعيني ليقول :
    أنتي زوجتي
    انقلابي الصغير
    في موتي حقيقة
    وما راح تبقي على قبري دمعة اصدق
    من هذي
    مسح بيده اليمنى دمعة لا ادري كيف هربت من حصار أفرضه على الشفقة
    وبيده اليسرى أبعد كفي من فوق فمه بعثتها رسول يستعطفه الصمت
    وكأن الموت لا يحضره إلا نداء :
    يا ليت يا ميثى
    كنت اصغر وأنت اكبر
    والعمر أطول

    ودق على صدره بقوة مفزعة وقال :
    وأنا هنا اطهر
    لا شفت ولا سمعت
    ما فهمتي
    يعنى
    لو أنا مثل أيمن
    كانت الدنيا علينا أسهل
    دخلت أمي بقهوتها
    صدمها حزن المكان ووجوم العرسان

    قلت محتارة من كلمات لا أفهمها ومتمسكة بتفاصيل اعرفها :
    بس فهد أربع العصر
    ما عندي احد يجيبني للشركة

    قال مستدركا :
    فعلا يبيلك سيارة وسواق

    قالت أمي التي لم ترى عبوس سعد اليوم
    حتى انه لم يبارك لي زواجي :
    كلمي سعد ترا وش حليله

    نظر فهد مستفسرا عن سعد فقلت :
    سعد قريب وحده من رفيقاتي يوديني الحين الجامعة بعد انشغال رشيد مع ميساء

    نظر فهد لساعته و قال :
    ما دام عاجبكم
    خلاص خليه يمر بكرا الظهر على الشركة يستلم سيارتك
    ونعمل معاه عقد

    أنهى فنجان قهوته بسرعة
    قال موادعا :
    لا تتأخرين على نادين مرتبطين بمواعيد مع
    قاطعه رنين موحد لجواله
    ولهاتف المنزل
    ومكالمة بنغمة بكماء على جوالي من يوسف
    كلها تحمل نفس الخبر

    ففي الوقت الذي صرخ يوسف بإذني :
    مصعب راجع الخميس

    ابتسم فهد ليقول بطريقة وهو يخطو لخارج البيت :
    هذا الوالد يقول الداخلية تقول نستلم مصعب من المطار صبح الخميس

    وتابع فهد بضيق على خلفية صراخ أمي مبشرة بعودة مصعب :
    وكأنه لازم نتلاقى
    اقصد نتوادع

    استمر صوت أمي يتدفق من صالة المنزل محاربا كل المشاعر إلا الفرح يردد :
    الله يبشركم بالخير
    مصعب راجع
    يا الله لك الحمد
    يا بنات مصعب راجع الخميس
    ميثى تعالى كلمي أم عبد الرحمن زوجة مصعب
    ميثى

    وسط الأمان الذي يبشر به صوت أمي البعيد
    وجدتها فرصة أن أتطاول على أطراف أصابعي وأنا أودع فهد عند الباب لأقبله على خده الحليق الناعم بسرعة وهمست :
    شكرا

    أعطاني اليوم الكثير
    كم هو مهموم
    ووحيد
    حتى الصديق عاد متأخرا

    مسكني مع عضدي بقوة كدت اصرخ من آلمها
    ليقول بصوت يجاهد للخروج من بين أسنانه المطبقة غضبا :
    انتبهي
    عمرك ما تسوين كذا ثاني

    ويخرج
    هل يرفض الشفقة
    أم يرفضني أنا
    لا ادري
    يتوجني ملكة على دولة ثرواته المترامية الأطراف
    ويشمئز من قبلتي
    أخذت أدلك ذراعي عند الباب
    ليلتفت
    ويلتقط لي صورة بجواله وهو يبتسم بغموض
    ويغلق الباب الخارجي
    أقف مشدوهة
    تسحبني منيرة من ذراعي المصابة بحادث قبلة لتقول :
    تعالي
    زوجة مصعب على الخط
    أم عبد الرحمن تبيك

    الحفيد الأول لكل أبناء عمي اسمه عبد الرحمن
    تيمنا بعمي الأمام
    هل سيكون ابن ميساء عبد الرحمن الثامن
    كان ابني
    الثامن
    يا فهد يا من تقتل قبلة
    كان ابني عبد الرحمن الثامن
    أتفهم

    هذا المطلب العويص هو ما صرخت به منيرة :
    أنتي ما تفهمين
    شكلها مستعجلة

    رقيقة هي هيلة زوجة مصعب
    تجرعت الصبر وتميزت بالصمت
    شروط الحياة في بيت أهل الزوج
    غاب مصعب
    فعاشت بين حمى جد أولادها الثلاثة
    و راتب مزنه المشاع
    وهبات فهد الموسمية
    ماذا تريد مني
    منيرة لها اقرب
    كان صوتها بالهاتف منخفضا من فرح وخجل :
    ميثى يا حبيبتي
    سمعتي مصعب راجع
    وأنتي تعرفين الحال
    قصدي
    بسم الله عليك أنتي تفهمين بسواليف التصبيغ والتسنع
    وهو يوم يروح وأنا شي
    والحين
    الله يرحم الحال
    تغيرت

    أيتها المرأة
    تحملين نفسك جريرة الهجران
    وتتزينين لشارد بين دروب الأوهام

    أكملت على استحياء :
    يعني تكفين
    أبي أسوي ترميم
    باللي هو به
    تو فهد الله يكثر خيره معطينا العويده
    كنه عارف

    أساعدك
    اعرف كثيرا عن ترميم النساء لحيطان الجسد
    ولكن يا هيله
    كيف ننقذ أنوثتك من مجاعة عصفت بك أمد
    هلكت من انتظار لإحساس رجل

  2. #32
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    الفصل الخامس عشر
    ][][§¤°^°¤§][][لا تقــــــــــــــــــول ][][§¤°^°¤§][][



    اتفقت مع هيله أن احجز لها بأشهر صالون بالرياض
    بعد مغرب الغد
    إذا انتهيت من لقاء نادين

    ذهبت لغرفتي
    واتصلت باستقبال الصالون
    حجزت لهيلة
    ترميم كامل
    كما طلبت

    لمن تتزين المرأة بسخاء
    للرجل
    إجابة خاطئة
    الرجل أبخس زينة للمرأة

    كان سريري الصغير محتل من علب المجوهرات
    فتحت الغطاء
    ليشع الماس بنوره على وجهي
    مبهر اللمعان المحرر من مناجم التراب
    أغلقتها مسرعة
    خفت أن يغضب القمر ويرفض أن يسلمني نظرة الساري له
    فلا يجتمع ارضي وسماوي معا
    فتحت شباكي
    وتلثم القمر بنطف سحاب وشح علي بانعكاس وجه الغائب عليه
    استلقيت على سريري
    انظر للقمر
    انتظر العفو
    ونمت

    في الحلم كنت على ضفاف بحيرة صافية
    أسبح بلذة
    خرجت منها ولففت جسمي بمنشفتي الوردية
    جلست على العشب انتظر
    كان الساري خلفي
    يخرج من الماء
    تنزاح المياه عن بيجامة المستشفى الزرقاء فتغدو بيضاء ناصعة
    يبتسم فرحا
    لينقلب رضاه كدرا
    و يشير بإصبعه على كتفي
    انظر أجد حبال السوداء بدأت تنمو
    ما خفت
    أشرت له بيدي أن يصمت
    وسلمتها جسدي لتغطيه كله

    استيقظت
    والعرق البارد يغطيني متجاهل نسائم باردة تهب من شباك لم يزره في ليلته القمر
    تفحصت كتفي
    خاليا
    إنها الحبال التي أفزعت أمي
    لماذا طلبت من الساري أن لا يقول
    هو يتحول الآن
    لأنقى
    أسعدتني هذه البشرى
    وأنا
    ماذا يحدث لي


    هذا ما قاله سعد الماكس في سيارته بالطريق إلى الجامعة صباح الغد :
    ميثى أنت وش قاعد يصير لتس

    كنت انتظر أن يطلب مني وصف مقر شركة أبناء عمي
    إذا به يردد سؤالي بعد كابوس
    قلت لأطرده خارج حدود أملاكي الروحية الخاصة :
    سعد أنا أجهز لعرسي
    واحتاج سواق
    ما عندك مانع
    الله يعطيك العافية
    مرتبط
    انتهينا

    قال كثير بصوت لا يسمع وبسرعة لا تفهم إلا كلمات منها :
    سواق
    لي الشرف عمتي

    قلت وأملي أن القلوب الطيبة مفاتيحها استنجاد :
    أنا أبي أصير بحماك
    تذكر
    حماك

    قال بصوت لا يخطئه السمع :
    أنت كنتي بحماي عشاني

    لا
    يجب أن أوقف الكلمات القادمة
    الزمن
    انساب من بين كفي مرة عندما خطبني فهد راكعا بعبثية بجوار كنبته القديمة
    والآن
    كفى
    لتتوقف الكلمات الخطرة
    قلت بأمر العمة للسائق :
    سعد
    انتبه
    لا تقول شيء

    سكت سعد
    وعرف أن سبب ضمي لحماه وصل لي وان استحال أن تتجند أي حروف بمهمة انتحارية للتعبير عنه
    استمر الصمت إلى اقترابنا من بوابة الجامعة ليقول ببرود :
    وين هي فيه شركة المعزب
    وصفت الطريق ونزلت متأخرة


    عند خروجنا من الجامعة أنا و فطومه ظهرا
    طال انتظارنا لسيارة سعد
    إذا به يفتح باب السيارة المرسيدس السوداء الواقفة أمامنا منذ دقائق
    وهو يضحك ويقول :
    ما بغيتوا تعرفوني

    لتصفر فطومه رغم زحمة البوابة وتقول :
    اكشخ يا ذا العز

    في السيارة كلمني يوسف معاتبا :
    إلى الحين ما مريتي على مزنه

    قلت له :
    ما تصدق كيف مشغولة

    قال بضيق :
    عادي
    الفلوس تغير النفوس

    يوسف
    كيف تعيب المال وأنت تطارده بين كل ممنوع
    هذا هو الحال هنا
    نذوب عشقا بما نجلد بسياط ألسنتنا
    نمعن بسب كل ما تمجد قلوبنا
    الازدواجية ديدننا

    تابع بحماس :
    أنا كلمتك بطلب من أبوي
    ممكن تسألين لنا فهد
    وش بالضبط قالت الداخلية لعمي عثمان
    أبوي منحرج يكلم عمي لأنه دايم يقول له لا تحرجني بأولادك الثلاثة
    وحنا ما ندري
    نبي نستقبله ويجي معنا للبيت
    وإلا يبونه الداخلية يحققون معه نأخذ عياله للمطار يشوفونه
    ها تسألينه

    إذا كان فهد ينهى أن أناديه باسمه مجردا أمام الناس
    فكيف أن أشعت بين الأسرة أنني اقصر الطرق إليه
    قلت ليوسف بجرأة :
    أسفه
    عندكم رقمه كلموه
    النفوس تغيرت على قولتك
    وأنهيت المكالمة
    لتقول فطومه بدعابة :
    ميثى
    ترا أنا صقيقتك

    في العصر
    جاءت سيارتي الجديدة لموعد نادين
    وانطلقنا لمقر الشركة
    حيث كانت تنتظرني
    نادين التي كانت نادرا ما تتعطف وتسألني عن أخبار الدراسة وكيف الحال
    تنساق اليوم لمشيئتي بتبعية يمتاز بها من يعبد الدولار
    حاولنا إنهاء كل الإجراءات والمواعيد التي أمر بها فهد
    وما بقي وعدت بإكماله وحدها
    وعرفتني على جيزيل صديقتها التي استعان بها فهد لمساعدتي بالتجهيز للزواج
    كانت سيدة قصيرة متأنقة
    تكلمت عن مميزات مظهري وعيوبه
    وعن احتياجاتي كعروس المدرجة عندها بقوائم محترفة التنسيق
    كانت تسألني رأيي :
    شو بديك
    متل ما بتريدي
    بس انا بأئترح عليك هيك

    تخيرني
    رغم أنها قادمة من عالم فهد القائم على المفروض

    أخذت قياساتي لإرسالها بالبريد الالكتروني إلى ميلانو فقد اختار فهد فستان العرس
    قالت :
    الشيخ فهد
    بدا يكون مفاجأة إليك
    ممتعة جيزيل
    كانت موسوعة معرفية بالذوق واللياقة
    وعلى اطلاع بشبكة محلات الرياض الراقية التي لا تظهر خفاياها لكل من طرق أبوابها سائلا الجديد
    كثيرة هي الترتيبات
    ولكنني أنهيت الجلسة لوعد بيني وبين هيله
    طلبت أن نتقابل السبت القادم
    لتعرض على ما استطاعت توفيره من هنا وخاصة فستان حفلة الأحد و تجهز قائمة باحتياجاتي التي ستراسل لإحضارها من أوربا


    قالت بقلق وهي تعيد تنظم أوراقها بملف مقوى :
    أوف تلات أسابيع شو وئت قصير
    بس كل شيء بدو يصير
    متل ما بتريدي

    هل أقول لها
    لا تقولي مثل ما أريد
    أنا لا ادري
    إرادة من هي التي تتلاعب بي

    بأحلام البنات
    ما كان فستان الفرح طائر غامض يهبط من ايطاليا
    وما كانت البدل الرسمية لباسي ماتينيه
    والأسود هو السواريه
    وما تمنيت فراء المنيك أو معطف طويل
    ما عيب أن ارسم فستاني ليفسده الخياط وتخفي عيوبه طرحة الدانتيل البيضاء
    وان البس التنورات المنفوشة والفساتين الملونة بالخرز المنثور
    لماذا يا فهد هذا الإصرار على أن تبخل على رغم كرمك
    تجرد زواجنا من جمال العفوية وارتباك الخطأ
    هل يحق لي أن اعترض
    أما قلت انه
    انتقام


    كانت هيله واقفة أمام باب بيت السويدي تنتظرني بعباءتها
    أجلت الاطمئنان على صحة مزنه لعودتنا
    التي تأخرت بسبب احتياج هيله لخدمات قائمة الصالون كاملة
    إذا سأراها بالغد
    فهيله تقول أن عمي سيقيم مأدبة غداء للعائلة بمناسبة عودة مصعب
    ويذبح حاشي

    الجمل رمز الصحراء حيا
    وسعادتها النادرة منحورا
    أوصلني سعد لبيتنا وأنا مرهقة
    لأنام ببنطلون الجينز وبلوزتي القصيرة
    في الصباح الباكر
    أيقظتني أمي وهي تسمي الله
    قلت لها وأنا أظنها كعادتها غاضبة من نومي بالبنطلون الضيق :
    ما أبي أغير
    مرتاحة فيه بس تكفين خليني أكمل نومي

    لكنها قالت بصوت خافت :
    ميثى قومي فهد يبيك بمجلس الرجال
    نظرت لي وتابعت :
    وكدي شعرك

    قفزت من السرير ونظرت لساعتي
    كان الساعة السابعة
    هل أخطأت بأوراق الأمس
    رتبت شعري بيدي وأسرعت للمجلس
    وكان فهد وجه يكسوه السواد
    يدخن بقلق
    قلت أمازحه :
    أي غلطة أسفه
    النظام التعليمي عندنا هو السبب
    نتفاهم بشويش
    بس تكفى
    ما أبي محاضرة يوم الخميس

    ليقول دون أن ينظر لي :
    صباح الخير ميثى
    استلمنا مصعب

    يصمت ليأخذ نفسا عميقا من السيجارة ويقول :
    و وديناه الراجحي

    نرفض أن نستوعب كلمة النهاية وان سطرتها حروف صارخة
    لذلك قلت :
    أي راجحي
    فيه بنك فاتح الحين

    قال فهد :
    مسجد الراجحي
    مغسلة الموتى

    قلت طلبي اليائس :
    فهد
    لا تقول
    تكفى
    لا تقول

  3. #33
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    ما كان فهد ليصغي لهروب فأكمل :
    مصعب راجع من العراق جثة

    قالت أمي الواقفة عند الباب بإيمان العجائز :
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    إنا لله وإنا له راجعون
    عياله يعرفون

    قال فهد موجها الحديث لي :
    أنا قلت اخذ ميثى تعلمهم
    زوجته كانت معك أمس

    نعم كانت معي
    تبدد ظرفها الأزرق على لقاء مصعب الذي لن يري لون شعرها الجديد
    أو يصافح يدها المنعمة بالبرافين
    ولن يتمرغ بما فعلناه لنهزم سلطة السنين على مقدرات امرأة منسية

    مسكينة هيله
    تزينت لزوج عائد مشحون بصندوق بعد أن لفظته مدن جهاده المزعوم
    هي لا تعلم
    أن الرجال هنا لا يخطئون
    لهم الدنيا يسرحون ويمرحون
    وإذا تذكروا بيتا بزوجاتهم مسكون
    وعادوا
    كانوا هم الفاتحين
    وزوجاتهم أسرى الخطيئة التي نفتهم للأزقة التي بها عن المتع يبحثون

    لبست عباءتي بجمود المفجوع
    ركبت السيارة بجوار فهد المتوتر
    كانت يده القوية تمسك بالمقود
    رأيت فيها حركة واثقة
    قريبا سترحل
    مثل مصعب
    هل بمثل هذا تفكر يا فهد
    احتاجك
    ساندني بقوة تنبض بها
    الآن
    أنا اضعف من انقل خبر وفاة لزوجة مشتاقة
    وضع يده اليمنى بالقرب مني بما أغراني أن استأذنته بما يكره
    أن يتصل به جسدي
    وأتحسس الحياة في يديه
    قلت بصوت يخاف مصير التجاهل :
    ممكن امسك يدك

    ليرد وعينيه لا تفارق الطريق :
    لا

    قلت وكأنني متسول لحوح :
    طيب
    أديني سيجارة

    أطفئت ما تبقى منها قبل أن ادخل بيت السويدي
    بعد أن صورني فهد وأنا انفثها بعمق
    بلعبته الجديدة التي بدأ يستفزني تكرارها
    كان أولاد عمي جميعهم يرتبون السجاد الأحمر المستأجر بساحة البيت الكبيرة
    التفوا حول فهد ليتحادث معهم همسا
    رأيت عبد الرحمن ابن مصعب بثوب جديد
    يصرخ بوجهه فهد :
    أنت السبب
    قلت لنا ما دام قالوا استلموه يعني ما يبونه
    حتى حنا بعد
    ما نبيه
    ميت
    ما نبيه

    أخذه يوسف خارج البيت ليهدئه
    وركضت للداخل لئلا ينقل صراخ عبد الرحمن الثائر الخبر قبلي
    كانت هيله بالصالة واقفة
    امرأة محسنة
    تنتظر غيري
    الذي لن يعود
    نظرت لي وقالت :
    ميثى
    يا خسارة ظرف السنة
    ليت شريت به سيكل لعبد الرحمن وشنطة لحصة ورفعت الباقي للعيد

    ضاعت أموال ظرفك يا هيله على عملية خاسرة
    ترميم امرأة بور
    لن يطأها رجل

    فكرت
    كأنك لم تخسري غيره يا هيله
    حضنتها
    وبكينا

    سرعة الانتقال من الفرح للحزن امتياز نجدي
    بلحظات فتح بيت عمي للعزاء
    ولبست هيله السواد
    وصار المهنئون معزين

    وفي العاشرة جاءت الجوهرة و ميساء للعزاء
    نظرت لي ميساء بغضب
    لم تحادثني بكلمة
    فكرت أن اصعد لمزنه بغرفتها

    كانت ُمسجاة على سريرها تنظر للفراغ بعيون مفتوحة لا ترى إلا الخواء
    وضعت رأسي على طرف سريرها
    وبكيت الميتة الأخرى
    سمعت صوت عبد الله يقول :
    تراها ما تدري عنك
    ما في داعي للتمثيل

    رفعت رأسي ورأيت الحقد مصورا برجل وقلت :
    عبدالله
    أنت تحسب كل الناس مثلك

    قال بسخرية :
    يا ليت مثلي
    طلعتي أحسن مني بمراحل
    فهد
    وش ذا الهبره يا ميثى
    يا حول يا أنا اللي تورطت بأم رجل


    هنا وقفت وأنا من يرفع السبابة هذه المرة
    فلم اعد سلمى
    التي لا تستطيع الانتصار ولا تطيق الانكسار
    أنا ميثى التي قلت له مهددة :
    تهنئتك بالزواج وصلت بالجوال
    وبعدين
    لا تقول الكلمة هذي ثاني
    فاهم
    لا تهين بنت عمي و أخت زوجي
    أما أني أحسن منك
    بمراحل
    هذا أكيد

    كان يظن أن له حصانة من ماضي العشق
    ليتجرأ بصفاقته على مسمعي
    لكن شفائي منه جعله يخرج متعثرا بثوبه

    نظرت لمزنه
    كأنها غفت رغم العراك
    كان الأطفال يلعبون بمكنونات مكتبها
    لتصير طائرات وسفن ورقية
    لن يرضيك يا معلمتي سر الكلام أن تهان الأوراق وتستباح الأقلام
    أخذت استرجعها من أيديهم الصغيرة العنيدة
    وأرسلهم لساحة الدار ينتظرون الغداء
    الحاشي الموعود

    خط مزنه الجميل مسطرا رسالة أخيرة
    لا تقول
    عني
    مقتاتة على الفتات
    أنا من وهبتك ملذات الحياة
    و صوتك كان بعثي من ممات الأجداث
    فكرك أحافير كل حضارات الجزيرة


    لا تقول
    عريس أنا لهيفاء
    تعيقينني يا أنت عن متعة الأجساد
    أنا
    أسألك فقط
    لماذا تلونت كالحرباء
    إما كنت لك كل النساء
    لا تقول
    لا تقول

    مزقت الورق
    سيقول يا مزنه
    ويكفر بجدارية تشريعات مزنه القادر

  4. #34
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    الفصل السادس عشر
    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»� �لـعـشـيقــة«®°·.¸.•°°·.¸¸. •°°·.¸.•°®»


    كانت أيام العزاء الثلاثة ببيت عمي
    مزدحمة بالتناقض
    هناك من رثاه شهيدا
    ومن حاكمه إرهابيا
    كل تلك الأوجه ما تركت إلا الضيق
    أي مواساة من تطفل
    شهدت مظاهره نسائيه
    بلافتات من أنواع العباءات التي تعبر عن الانتماءات الفكرية المخفية
    ففي بحر من السواد
    تتمايز
    تلك المعتلية لقمة الرأس المبجلة
    والمزاحة على الأكتاف المتمردة
    ولأن الموت حاضر
    تتأدب العيون المتعارضة بجدل محبوك من نظرات
    فقط

    ألزمتني أمي بالوقوف بجوارها
    فكثير من كان يسأل :
    وين زوجة فهد

    قيمة متضخمة تكتسبها المرأة من الزواج
    بقدر هامشيتها قبله

    ماذا تكسب المرأة من الزواج
    قيمة اجتماعيه
    إجابة خاطئة
    قمة الجوع

    في اليوم الثالث
    خرجت من بيت عمي عبد الرحمن مبكرا للقاء جيزيل في مقر الشركة التي أحضرت الكثير للتجربة والقياس
    طلبت من سعد أن يحضر فطومه أريدها معي
    جاءت متأخرة
    بعد أن أنهيت معظم الاختيارات
    فأبدعت بإزعاج جيزيل بتعليقاتها الساخرة التي أخرسها فستان حفلة الأحد
    الغجري الجميل برسومه المرحة ومشد يعلوه من الجلد الأحمر و حذاء بكعب زجاجي مرتفع
    أحببت الفكرة
    أن أسير على الزجاج

    وطلبت من نادين تؤكد موعدي مع الصالون
    لتقول فطومه بقلق :
    إلا ابشري بالدجة والرسوب
    ولا كأن عندك دراسة وامتحانات نهائية
    من عزي لعزيمة
    ويا قلبي لا تحزن

    خفت من حديث عن المذكرات المهملة على سطح مكتبي
    هل سأضيع جهد سنوات الجامعة
    وان كان
    وماذا تعني لي الشهادة بعد أن وقعت تلك الأوراق وملكت ما تعجز أرقامي التي تعلمتها منذ الصغر على إحصائه
    كلمني فهد ليسأل :
    خلصتي مع جيزيل
    وليكمل بأمر دون أن يسمع جواب :
    بكرة الساعة سبعة بالمسا يجيبك السواق عندنا
    وكمان أودعك عشان مسافر

    استغربت أي سفر
    والقادمون يعودون بتوابيت :
    وين مسافر ومتى بترجع

    ليقول بما يبعثر هواجسي :
    لندن
    شوية أعمال
    وعشان ما أعطلك عن المذاكرة
    راجع يوم الزواج
    لا تتأخرين بكرة

    مفتون بلندن
    أخبرتني نادين انه اختارها لقضاء شهر العسل
    وعلى طريقة فهد الخاصة
    دون أن يسألني

    عصر الأحد لبست فستاني الجديد
    قرأت أمي المعوذات
    وشهقت منيرة كيف تغير الملابس النساء
    ذهبت للصالون
    حيث نفذت توصيات جيزيل بدقة
    عندما انتهيت
    كانت بالمرآة
    حرم فهد القادر تبحث عن ميثى في قسماتي
    وهذا ما أرهق شغالة القصر جوزي العثور عليه عندما فتحت لي الباب الرئيسي لمدخل النساء
    ما كنت لأدخل من الأبواب الخلفية بعد عقد القران
    في صالون النساء
    كانت ميساء تتحادث مع صبا وريما الجميلتين
    من كل رفيقات ميساء أحب هاتين الأختين
    لريما ملامح تشبه أمها زهوة بجمال صارخ
    أما صبا فتتمتع بنعومة ورقة عذبة وجاذبية فائقة كوالدها ماجد الذي تجاوز الستين وعيون النساء لا تمل من النظر
    كثيرا ما احترت
    كيف كان في شبابه

    دخل الصمت معي
    زوجة فهد
    نظرت لي ميساء
    أعجبتها
    قضيتها معي بسيطة
    هي لا تريد ميثى تحرجها
    الآن
    لا شيء يحجزني عنها
    سلمت علي بكلمة اشتقت لها رغم سماجتها :
    أهلا حبوو كيفك

    هذا سر اقتحام جلسات البنات المغلقة
    فستان جميل وتسريحة بديعة
    يبدو أن ميثى شو
    لا يقاوم

    كان ترحيب الأختين بي فياضا
    ومع اندماجنا بحكايات حبسها طول الغياب
    دخلت زوجة عمي الجوهرة تضحك مع صديقتها زهوة
    للحظة لم تعرفني
    مدت يدها مصافحة الضيفة الغريبة
    سلمت عليها
    سمعت صوتي
    تجمدت الابتسامة المرحبة على وجهها
    فقضيتها معي معقدة
    حيتني زهوة ببرود
    وقالت :
    مبروك ميثى
    حياة سعيدة إن شاء الله

    أكملت لتخلصني من غرور التفوق :
    السنة هذي كلها أفراح
    ميثى
    وميساء
    وريما
    ما بقي إلا صبا

    لتقول ابنتها الصغرى بغنج :
    لا أنا خلوني على مهلي
    كفاية عليكم ريما
    انسوني شوية

    التفت لريما وقلت :
    مبروك
    ومتى الفرح

    قالت بحسرة :
    أنا فرحي بعد ميساء بأسبوع

    قالت لميساء مهددة :
    يعني تأخري الهني مون لحد ما تحضري فرحي

    وبهذا غرقنا بتفاصيل التجهيز
    هنا بالمقارنة
    عرفت أنا متفوقة يا زهوة
    بجيزيل
    التي وفرت ما تتخبط في إيجاده ميساء وريما
    ما كان لي أن اعتب على فهد
    نظرت له بامتنان كان بالحديقة يجلس بين ماجد الضيف المميز وعمي الذي نادرا ما يحضر مناسبات القصر الاجتماعية
    وهو متوترا يهز رجله بعنف مجبرا على مجالسة من مالا يرغب

    ماذا سيقول حين يراني
    أنا الجديدة

    بدأت همسات الجوهرة وزهوة ترتفع حديثا مسموعا
    عني
    وليصفى جو الحديث بلا خوف من انقل لفهد ما تقول أمه
    قالت الجوهرة زوجة عمي لميساء بتململ :
    ايش رأيكم تطلعوا فوق
    وريهم يا ميساء موديلات السهرة اللي اخترناها

    وبعد لحظات من التفكير
    ارتابت الجوهرة بنوايا ميثى التخريبية لتقول بحرص :
    بس خلي فستان الفرح مفاجأة

    اطمئني
    أنا من تخبئ فستانها
    حتى عني
    ليس لؤم بقدر ما هو جهل

    في صعودنا للدرج الواسع
    قابلنا أيمن بخطواته السريعة
    حيا ريما وصبا بمرح
    فكثيرا ما يتقابلون برحلات الخارج
    وقف أمامي
    ونظر لي
    بمثل تلك النظرة التي اخترقتني بحفل الرجال في الاستراحة وأثارت نادين غرابتها
    عميقة
    طويلة
    متفحصة
    تذكر بما هو أجمل من الشوكلاته
    وتنذر بعاصف
    ما هو يا ترى
    نزل
    دون كلمة
    و صعدت للأعلى
    نظرت لحذائي الزجاجي خائفة من سقوط المرتبك
    لمحته
    واقفا بالأسفل
    يتبعني بعينيه ويهز رأسه كأنه ينفض مشهدا مزعجا من أن يسكن ذاكرته
    عرفت أن لا أخاف أن اضغط بقدمي على كعبي العالي
    ما لم تمزقني تلك النظرة
    فانا حاوي
    يمشي فوق الزجاج

    في غرفة ميساء تحررت قصص تستحي من وجود الكبار
    كانت الضحكات تنافس الكلمات
    أول قبلة لريما
    و غزل عبد الله بميساء
    هذا المخادع
    لو تعرف ماذا سماها في غرفة مزنه
    كيف يملك كل هذا الكذب
    وقف الدور علي
    ماذا أقول
    قالت صبا بلطف بالغ :
    بلاش دلع حكينا
    أنا ما اقدر أتخيل فهد يحب

    سالت عن أخيهم قيس الغائب تهربا من أن اكذب :
    فين قيس
    ما جا معاكم يعني

    لتقول ريما بصوت يخفت عن أمها وهي بالدور السفلي :
    قيس برحلة جماعية مع منظمة تابعة لهيئة الأمم المتحدة
    هو وصديقته اليهودية
    يائيل
    يموت فيها
    بنات اليهود ترا فيهم شيء مو طبيعي
    وكل ليلة جايب لأهلي الجنان
    كتابية
    خلافنا معاهم سياسي
    ومن حقي أرتبط باللي أبي

    قالت ميساء بتعجب :
    ومسموح انه السعودي يتزوج يهودية

    استخفت صبا بالسؤال :
    هو مو حرام
    بس الإجراءات كيف ما ادري
    بس ماما تقول أنها حالة وتعدي

  5. #35
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    تخيلت فهد القومي عندما يسمع بغراميات قيس
    سيكره هذه الأسرة أكثر
    فلازال يستمع لأخبار فلسطين وان فقدت جماهيريتها ورحل زعمائها
    يدندن مع مارسيل خليفة بخشوع المسبح
    ويقرأ لدرويش ولقاسم ولطوقان وكأن الحرف محرر
    هل سيصدق أن سعودي يفكر بمصاهرة يهود
    أظنه سيرحب بموته الذي سيرحمه من أن يشهد مثل هذا
    ففي نشاط مدرستي الثانوية
    ما احترت لحظة
    وقلت لمعلمتي اعرف أين أجد هذا الشعار
    واستعرت الشماغ الفلسطيني من فهد
    وقلت له :
    ذبحونا بها القضية
    كأنه مقدر علينا نتذكرها أكثر من أهلها
    إذا كانوا يقولون ارفعوا أيدكم عنا
    حنا أبخص
    هذي بلدنا يا النفطيين
    بس إذا جا وقت المساعدات
    طلعت لنا
    اسر الشهداء
    وأطفال لحجارة
    وقضية العرب الأولى
    يتجاهلني حانقا وهو يخرج الشماغ الأسود والأبيض من درج مكتبه الواسع
    ثم يقول :
    ما بقي إلا أناقش مراهقة
    طيب ليش ما غنيتي أو مثلتي للسعودية

    اخطف الشماغ وأقول:
    ما حطوا لها إلا فقرتين
    وبايخة

    كان فهد بتلك الأيام لي أقرب
    كيف تغير
    وأنا أفكر به
    دخلت الشغالة جوزي لتبلغني أنه يريدني بجناحه المجدد
    أحاطني ضجيج و غمزات
    بطريقي إليه
    عدلت من وضع المشد وأرخيت الأكمام لتكشف الأكتاف
    وسويت خصلاتي الثائرة على وصايا جيزيل
    دخلت الجناح
    وضعت يدي على خصري الذي يبرزه هذا الفستان
    كان واقفا وسط الغرفة الرئيسية
    فخورا بما أنجز بوقت قصير وذوق مترف
    قال بثقة :
    وش رأيك

    قلت
    وأنا انتظر إجابة منه على نفس السؤال :
    حلو

    قال بعصبية :
    حلو
    كل ها المجهود وحلو

    ليبدأ بحديث ممل عن تفاصيل التجديد
    الشركات الأفكار العمال الخامات
    كنت أتصنع الإصغاء
    أغضبتك كلمتي الوجيزة
    لم تعطي الحيطان المكسوة بالحرير وثريا الكريستال الملون حقها
    والإنسانة التي أمامك
    تكفيها كلمة
    قل لي
    حلو
    لن اغضب
    قل
    انظر لي
    توقف عن تفحص السقف والأرضيات
    فتحت الشباك
    كان صوت سعد يحمله الهواء من حيث يجتمع السائقون
    صاخبا
    مثل ما كنت
    قبل أن أبدا أموت مع فهد

    نظرت للسرير الفخم المغطي بمفرش من الستان اللامع والأشرطة الذهبية
    جلست على حافته
    كان مرتفعا
    جلست مستندة بيدي الممدودة خلف ظهري العب بقدمي ذهابا وعودة
    اطرق بحافة كعبي الحادة خشب الورد المحفور قاعدة للسرير
    هل تعمدت أن استفز فهد
    بحركاتي
    ربما
    لكنه استمر بحديثه الذي لم يوقفه
    إلا رنين جواله
    ليقول بحماس بعد تعرفه على الرقم :
    هذا نياز مدير مكتب لندن
    عن إذنك
    ويلتقط لي صورة وأنا فوق السرير
    ويخرج

    اكره رائحة الخشب المنبعثة من الأثاث لجديد
    كأنها تشكي أسرها من الغابات إلى الحجرات الضيقة مهما رحبت
    لا احتمل شكوى مظلوم لعاجز

    أريد ألفة الكنبة العتيقة
    كانت بالغرفة المجاورة
    بألوانها القبيحة
    يا ملعبنا صغار بانتظار أذن الدخول للقصر
    أدور وأدور
    و ميساء خلفي
    لكن حذائي المرتفع صار مؤلما
    حللت الرباط
    وأخذت العب
    فالدوران يداوي الرتابة
    تعبت
    اختبأت خلف زاوية المسند العريضة
    كانت ميساء تحتار أين ذهبت
    وتبحث عني
    وأنا متكومة كجنين وديع برحم حاني
    أريد أن أبقى هنا
    بعيدا
    عن تفحص الجوهرة
    لخطوتي وقصة شعري وفخامة دبلتي
    و تجاهل فهد
    لأنوثتي
    وذلك الوعيد الساكن نظرة أيمن
    الذي لا أخطئه
    خبيني
    يا لعبة الطفولة

    سمعت فهد ينادي ميثى بالغرفة الرئيسية
    قبل أن أجاوبه
    قال أيمن وهو خارج الجناح :
    يمكن نزلت للعشاء

    وصلني صوت ولاعة فهد وهو يرد :
    أنا تركتها عشان أرسل فاكس لنياز

    دخل أيمن للجناح ليقول باستدراج خبيث :
    يعنى مسافر يا عريس

    ليرد فهد مؤكدا :
    مسافر
    بس جاي لحفلة الزواج

    قال أيمن محققا مع أخيه :
    يعني اشتقت لليزا
    طيب فهمني
    وش تبي بميثى

    أجابه فهد بتفاخر رجل مع مثيله آمن من تصنت امرأة :
    أيمن
    هذا شأن داخلي على قولتهم
    بس عشانك اخوي
    أنورك
    ليزا غير
    هوى الغرب مختلف
    بلا حدود
    مين تكون ميثى عشان تلغي ليزا من حياتي
    وش يعرف ها البدائية بفنون ليزا
    أنت بوعيك
    تقارن ميثى بليزا

    قال أيمن مشجعا حديث يروي نشوى احتقاري :
    الحين أنا فهمتك
    يعني زواج ميثى واجهه اجتماعية
    وحده مثلها
    راح تخليك على كيفك

    قال فهد مختالا :
    زواجي من ميثى له متعته وأهدافه اللي ما تقترب من علاقتي بليزا
    إلى هنا و انتهى الدرس
    ارتحت الحين
    خل ننزل تأخرنا عليهم

    أعلن خروجهم صمت
    إذن فهد مسافر للقاء العشيقة
    الفائقة القدرات

    بدا الشك يطل برأسه الماردي الضخم
    قد لا يكون فهد مريضا
    ماذا عن الأوراق التي وقعتها
    خدعة لإرضاء طمع الفقيرة
    وحلم أمي
    هل اصدق أضغاث أحلام
    وحالته الصحية المتغيرة منذ سنة
    وصداعه المستمر
    وفقدان السفر لتأثيره عليه
    ما أدراك قد تكون أعراض العشق والوله على ليزا اللندنية
    شعرت
    بإغماء
    أو يقظة
    بحثت أين فردة حذائي الأخرى
    كانت هنا بقربي
    نهضت من خلف الكنبة بفرده واحده
    ليقدم أيمن الأخرى

    بانحناءة ساخرة وهو يقول :
    أتمنى انك سمعتى زين
    يا سندريلا

    قلت له وأنا أداري الصدمة :
    يعني عارف إني وراء الكنبة

    قال بتشمت دنيء :
    نسيتي انك كنت فرجتي
    وألعابك دنيتي
    شفت الجزمة وأنا بالممر
    وعرفت
    اللعبة القديمة
    بس فهد هو اللي عارف قدرك
    كبير هو على سحرك
    يا بدائيه

    يا ليت لي من السحر ما يخفيك من أمامي يا أيمن
    جلست على الكنبة
    جمعت قدمي لحضني
    وأنا من كانت تشفق على ميساء المخدوعة بحديث عبد الله منذ دقائق
    لست بأحسن حال منها
    بقي أيمن واقفا
    ليسمع مكالمة سعد المزعجة التي رديت عليها ليشتكي بصوته العالي العابر لأذن أيمن ببساطة :
    ميثى
    تر ولد عمك أيمن
    قضب حلقي
    شايفك قبل كذا
    وين كنت تشتغل فيه
    انتبهي
    الظاهر انه عرف إني أنا اللي كنت معك بالاستراحة هكا الليلة

    قلت له وأنا واقعة في مصيدة أخطر :
    عادي يا سعد
    عادي

    ليرمي أيمن حذائي أرضا ويخرج من الغرفة ويقول بتلميح حقير :
    أنت سعد
    وفهد ليزا
    صدق
    لايقين على بعض

  6. #36
    شـــــاعر الصورة الرمزية ماجد نصار
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    2,568
    أوّل خطوه


    لازلنا في ظلال هذا الجمال الوارف




    لك الود والتقدير
    على هذا الذوق والإختيار

  7. #37
    بنت الجنوب الصورة الرمزية الدندووووونه
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    7,520
    روايه جميله بإنتظار البقيه..

    ودمـــتي
    (( يـوماً ما كنتُ هنا .... " ومو نـــادمـه" ))



    http://ensan.org.sa/

  8. #38
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جرح طاهر
    أوّل خطوه


    لازلنا في ظلال هذا الجمال الوارف




    لك الود والتقدير
    على هذا الذوق والإختيار

    جرح طاهر

    سعيدة بمتابعتك وانها حازت على اعجابك

  9. #39
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدندووووونه
    روايه جميله بإنتظار البقيه..

    ودمـــتي

    هلا بك الدندوونه

    اقتربنا من النهاية ............ و سوف يبقي صدى الرواية بداخلك

    ولو انه قليل من قرائها هنا وعلق عليها :زعلان:


    أول خطوة

  10. #40
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    الفصل السابع عشر
    ×?°ســــــــــوان ×?°



    لا اذكر كم بقيت عالقة بين وسائد الكنبة القديمة
    أعاد رنين الهاتف الداخلي الحركة لأطرافي المتيبسة
    لأرد على ميساء وهي تقول بخيال شاعري :
    خلاص
    كفاية عليكم اليوم كذا
    تعالي نتعشى
    ترا ماما بدأت تشيط
    شغل حموات بئاا

    أخذت حذائي المرمي على الأرض
    أين أنت من حذاء السندريلا
    عنوانها الخاص
    قاد لها السعادة
    وأنت جلبت وعيد أيمن وحقيقة فهد
    لو لم يراك أيمن
    لبقيت ليزا خليلة فهد حبيسة الخفاء

    ما هو عقاب المتصنت
    سماع ما لا يرضيه
    إجابة خاطئة
    رضوض في السمع

    نزلت للدور السفلي
    وأكملت السهرة
    لم أرى فهد
    وما وادعني
    أحسن باختياري بائعة لجسدها درعا له عن نقد المجتمع
    أين له بقنوعة مثلي

    عدت لبيتنا في النسيم
    بتماسك ظاهر
    وداخل مشتعل بأتون من الأفكار
    التي سلمت لها نفسي
    وكان القرار
    يجب أن ادرس
    وانجح
    شهادتي اصدق من خداع الرجال
    ليرحل حتى الساري
    لا أريده بقمر ولا حلم ولا خاطرة ولا تلك الرائحة النجوى
    و أبي ساكن الصورة
    سأغلق عليه دفتر المذكرات بمفتاحه الذهبي الصغير
    اكتفيت من الذكور
    سأنجح بتفوق
    نمت
    لأستيقظ
    وارمي نفسي بين صفحات الكتب وجداول المذاكرة
    عالم العليا محاصر بعيدا عن غرفتي
    ليس لي منه إلا سيارة سوداء يقودها سعد كل صباح
    ومكالمات متقاطعة من فهد
    روتينية
    كيف الحال
    والحل بالامتحان
    وإلحاح للقاء نادين و جيزيل
    كنت أؤجل
    حتى سأل أمي عن جدولي وعرف أيام الفراغ
    ليكلمني بغضب ليقول :
    ميثى
    أنا ما افهم بدلع البنات
    لازم تخلصي شغلك مع الموظفات اليوم

    قلت بحيلتي السخيفة :
    بس أنا امتحن
    ما ني فاضيه

    ليرد بإصرار :
    وهم كمان
    عندهم شغل
    خلاص هذا أخر اجتماع معهم قبل الزواج

    قلت بثورة رفض متأخرة :
    بس أنا ما أبي أتزوج

    ليقول بحزم وإقرار لواقع :
    ميثى
    حنا متزوجين خلاص
    يا دلوعتي
    لمن أجي أشوف حكايتك

    ارق كلمة قالها لي فهد
    كامرأته
    كان الصدى ورائها مدويا
    البدائية

    حادثت نادين عبر أرقامها المكررة بجوالي بمكالمات لم يرد عليها لأخبرها أنني سأقابلها اليوم
    نظرت لأوراق التقويم المثنية فيه الصفحة الخالدة
    أخر يوم لي بجامعة الملك سعود
    بعدها بيومين زفافي على فهد
    لم يبقى عليها إلا ثلاثة أيام
    اعتصرني ألم
    كم سأشتاق لغرفتي
    تذكرت أول يوم سكنا بيت النسيم وصارت لي غرفة
    أنا وحدي
    مملكة على أطلال العوز
    قالت منيرة يومها :
    يا حظك
    صار لك غرفة من غير ما تعريسين

    وذهابي بنفس اليوم الحار مع عبد العزيز لحراج الأثاث المستعمل
    لأشتري ما يشبه غرفة ميساء
    بعدد القطع فقط
    عثرت بصعوبة على سرير ودولاب كجديدين
    أما تسريحتي كانت بأدراج مفقودة
    صنعت ستائرها من الشيفون والخرز ورتبت تذكاراتي وزينتي بأدراج عارية
    احترت بكتبي
    بقيت بكرتونها الورقي حتى جاء المكتب متأخر
    أعرجا
    بساق مكسورة
    رغم إعاقته حمل كتب الجامعة وأخفى مهرباتي من كتب مزنه
    أحبها
    ويعز علي فراقها
    لجناح فهد
    كم سيستمر زواجنا
    متى ينتهي هدف فهد منه
    منذ الخطوبة ما ودعتها
    قال ستعودين بعد أربعة شهور إليها
    من رحلة محبة
    رفقة
    الآن اشك بكلمات الطيوب

    جاء سعد عصرا على الموعد ومعه فطومه لتقول :
    طيب أنت تضيعين دراستك
    وبتعرسين
    بس انا
    وش ذنبي

    قلت لها أو لنفسي :
    لازم تدفعين ثمن الرفقة

    لم يعجبها المبهم من كلامي
    لأقول استجابة لقرصات أصابعها الحارقة :
    أنت بعد بيكرمك ربي بابن الحلال

    تستمر تحمسني بتوجيهات إشارات يدها لأنساق بمدحها :
    أكيد مرضي والديه اللي يبي يأخذك

    ليقول سعد بضيق من مسرحية مكشوفة :
    ميثى
    تبين شركة المعزب الحين

    وتلطم فطومه على خديها بيأس

    كانت نادين تحاول أن تكتم غضبها من تجاهلي لمكالماتها وتقول لي :
    جيزيل عاملة إليك ليست بالمحلات التوب اللي بلندن
    كل شي لازم تشوفيه هونيك
    أنا أرسلتها لمكتبنا بلندن من شان يضيفوها لبرنامج الرحلة

    لتقول فطومه متعجبة :
    أنت رايحة رحلة كشافة
    هذي هني مون
    بالعربي
    بالعافية يا ذا القمر
    معاريس
    صاكين عليكم غرفتكم وهات ياذا الروم سيرفس

    أسعدني أن حديث فطومه طلاسم لنادين و جيزيل
    شددتها من كم فستانها لأقول مؤدبة :
    فطومه
    استحي من ها الأغراب

    لتقول باستهزاء :
    من ها الأجواد
    هذولا تسحتين لو استحيتي عندهم


    أخذت فطومه تعبث بالطرود البريدية في المنتشرة في المكتب
    لتبدأ جيزيل بعرضها علي
    فقد وصلت الأشياء المطلوبة من أوربا
    وكانت متوافقة بمعظمها مع المواصفات بقيت مجموعة من العلب الملونة لتقول جيزيل :
    ازا بتريدي تشوفي إلي هدول

    ظننت أن تعليق فطومه أخجلني
    لكن الملابس التي كانت بهذه العلب تأثيرها عاصف
    قلت لها بحرج :
    معليش ممكن أقيسهم وحدي

    قالت جيزيل بابتسامة هي الأولى منذ معرفتي بها :
    متل ما بتريدي

    لتسترسل بعدها بما يجب أن ملاحظته عند ارتدائها
    وكيف اعرف مدى مناسبتها
    بسلاسة
    من لم يسمع كلمة عيب
    ولم يهدد بجهنم إذا ارتفع طرف الفستان
    وما استغرب من قبلات العيد التي توزع كحلوياته على الكل إلا بين الأزواج
    جيزيل هل عشت قريبة من لا حدود ليزا

    في دورة المياه الملحقة بالمكتب
    تأملت جمال الملابس الحريرية المثقلة بالدانتيل والفرو الناعم
    هل سألبسها يوما
    لا أظن
    أليس من شروط العقد أن جسدي يمتلكه ولا يريده
    لماذا القياس
    بعد غياب دقائق عدت وقلت لجيزيل كاذبة :
    مناسبين

    لتقول باعتزاز :
    أنا عارفه هيك
    بس كان بدي أتأكد

    وكأي عرض ختامه فستان الزفاف
    كان بصندوق خشبي
    أشارت له جيزيل لتقول :
    هيدا فستان الفرح بس الشيخ فهد مصر ما تشوفيه إلا يومتها
    شيء غريب
    بس رومانسي
    راح نبعته على هونيك

    كان أخر أعمال جيزيل أن نذهب لمحل المجوهرات
    لشراء قطع متنوعة تتماشى مع ملابسي
    والساعة
    الساعة الماركة
    هل كان تنازل يوسف ليمتلكها اقل مني
    في السيارة كانت ثرثرتي أنا و فطومه مع سعد واختياراتنا للأغاني الشعبية مثار ضيق جيزيل
    أخذت تنظر بتعجب
    أوكأنها تقول
    وان ألبستها كأميرة
    تظل بدائيه

    في المحل أعجبتني بعض اختياراتها ورفضت بعضها
    حارت كيف يرفض الذهب ويتمرد على الألماس
    لأنني لست بالرخص الذي تظنين
    حتى الساعات التي طلبت
    لم تعجبني
    أحست أنها بورطة
    لم نشتري الساعات بعد
    أخذت تحاور البائع ليحضر تصاميم أخرى
    كانت فرصتي
    ذهبت للبائع السعودي الذي ينظر لي منذ دخولي وكأنه يتذكرني
    كان بيننا وثاق غير مرئي
    كلانا في يم يجهل السباحة فيه
    إلى حيث لا ينتمي
    تذكرت من عينيه الجريئة التي أغضبت فهد دبوس المجوهرات
    في ذلك اليوم كان بقايا ماضي رجل حر
    الآن
    هو رجلي و معها قبل الزفاف بخمسة أيام
    إما قال لي
    حنا متزوجين خلاص
    يا دلوعتي
    قلت للبائع السعودي بهمس :
    مساء الخير
    ممكن خدمة

    أسعده أن يقدم شيء
    بنخوة الأصيل قال :
    تأمرين

    قلت وأنا أحاول أن اهرب من تصنت البائع اللبناني :
    زوجي فهد القادر شرا من هنا لي بروش مفاجأة
    عرفت صدفة من نديم المرة اللي فاتت
    بس ما يبغاني أشوفه قبل عيد ميلادي
    يا ريت لو له صورة أو سكيتش
    عشان اعرف الملابس اللي تمشي معاه

    كرر بحماس :
    تأمرين

    ودخل بسرعة إلى المكتب الداخلي
    كانت جيزيل بحيرة من احتمال فشل المهمة الأخيرة
    تفحص المعروضات بضيق
    عروس دون ساعات
    وتفكر
    هل تحارب ميثى الوقت
    أم تثور على كلمة النهاية
    قالت فطومه بتعاطف مع جيزيل :
    اتركي حركات الكبر
    وساعدي ها المسكينة
    أي وحده من ها الساعات كانت لك حلم
    ها الحين تبطرين عليهن

    قلت وان أتابع عودة البائع السعودي من المكتب الخلفي وبيده ملف كبير :
    لا يمكن اشتري إلا شي عاجبني
    بعدين فطومه
    هذي أهم شيء بالصفقة الساعة الماركة
    الماركة
    تفهمين

  11. #41
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    قالت بملل :
    افهم انك تبين تضيعين وقتنا

    رأيت نفس التعبير بعيون جيزيل الحانقة
    حجبها عني الملف الذي عرضه علي البائع السعودي كستار بيننا
    وفيه صورة صغيرة على الجانب الأيسر لورقة مواصفات دبوس المجوهرات
    كان بتصميم فراشة ذات أجنحة ملونة من الأحجار الكريمة على بتلات وردة من الياقوت الأحمر
    ركزت نظري
    وكأني سأري ليزا السرية فيه
    ارتبك البائع من تفحصي للصورة بجنون وهو الذي يرغب بإعادتها بسرعة ليقول :
    بعد إذنك
    أتمنى أن الصورة واضحة
    فكرت
    هل لك أن تتخيل ضبابيتها

    جاءت جيزيل لتقول بنفاذ صبر :
    مادام ما في شيء عجبك
    كفاية عليك هدولا الئطع
    والساعات
    شوفي محلات لندن

    لتقول فطومه بتأثر ساخر :
    تسذا تكسرين بخاطرها المسكينة
    ما ينفع اشري بدالتس

    لتنظر لها جيزيل نظرة حادة لتقول فطومه :
    ادري بس امزح


    جاء اليوم المنتظر
    منذ الصباح الباكر كنا بالاستراحة

    رحب بنا عم حسين
    وفتح لنا الشاليه الرئيسي
    غرفة فهد
    حيث صندوق فستان الفرح
    وضعت منيرة ملابسها هي وأمي على السرير وهي تقول :
    الله يبارك لك يا ميثى
    صدق
    أحس ا ربي عوضني فيك
    استجاب دعاي

    كنت أنظر من الشرفة للحديقة الأمامية
    العشب الأخضر الممتد أمام الليوان الكبير تحتله تدريجيا طاولات الحاضرات بمفارش أرجوانية
    والمسرح الذي ينسق عليه المصمم كوشة الفرح بزنابق بيضاء ساحرة
    وريكسي يلاعب عبد العزيز
    تألف معه بسرعة
    أما أمي فكانت تنظر لهما من بعيد
    و بحركتها اللاواعية تلف طرحتها الطويلة حول جسمها وكأنها تحتمي بها من إعصار الفرح العنيف
    كثير ما تراه صيته يحيط بأبناء عبد الله القادر
    اعتادت أن نكون بآخر القائمة
    اليوم كل نساء الأسرة التي أهانتها تتسابق على رقاع فرح ابنتها الصغرى
    وبعد ساعات
    ستقف بجوار الجوهرة
    تلك المعززة بتاريخ أسرتها وأصولها العريقة
    مساواة مخيفة
    فتلف طرحتها بشكل أقوى
    وتبتسم

    الكل سعيد
    وأنا تائهة
    يستحيل أن افرح
    ولا أريد أن احزن
    من أجلك أمي
    وإيمانك منيرة
    لا مكان للندم

    قلت بحماس استوحيته من أطفال منيرة المحيطين بي :
    خل نشوف الفستان السر

    فتحنا الصندوق
    وكان الفستان الجميل
    قطع متعددة
    كل منها محاط بمخدات من الستان تحميه من التجعد
    أجمل ما رأيت
    كانت طبقات التل الداخلية تحمل جرس صغير
    يرن بعذوبة ومنيرة تحرك الفستان مبهورة
    وتقول بخجل :
    ميثى
    تسمحين أقيسه
    صدقتي منيرة جمال الفستان يتسع لنا كلنا
    لتقول بتردد :
    بس أشوف وش لون يلبس
    حتى لو ما صك علي

    أخذته للحمام وأولادها يصرخون
    ماما تبي تصير عروسة
    نعم
    ما كانت منيرة إلا ضحية
    مثلي
    العرائس
    دمى شقراء قد تشبه ليزا
    لماذا لم يتزوجها فهد وهي التي لا تقارن بي

    استقبلت مكالمة من فهد
    ليقول :
    صباح الخير

    قلت له بتأدب الواجب وأنا انزل للحديقة بعيدا عن صراخ منيرة و أولادها :
    الحمد الله على السلامة

    قال بصوته القريب بعد فراق :
    ها شفتي الفستان
    أنا خليته مفاجأة
    عارفه ليش

    رديت عليه بغيض :
    سخافة
    وألا هذا فستان الفرح ولازم كنت أنا اللي اختاره

    كأنه أحس بانقلاب ليقول :
    التصميم اسمه البالارينا
    حلمك
    اللي كان
    أحب الدهشة بوجهك
    وأبي الحق عليها الليلة
    و ما تفوتني

    وصلت للحديقة
    يركض ريكسي لي بفرح فأقول بقسوة متعمدة إفساد جمال البوح :
    تدري مين اللي شافها الحين
    ريكسي
    ليقول مصدوما :
    أش فيك
    يجاوبه نباح ريكسي ليقول بضيق :
    وعدنا الليلة

    لاعبت ريكسي المهمل بين شجيرات الغاردينيا
    واختبأت منه خلف نخلات استراحة عرقه
    الفاشلة
    ما اطلعت رطبا
    ولا أخفتني عن الزفاف
    لكنها استدعت الساري بقدرة تحضير الأرواح
    فنسمات الهواء بين سعفاتها
    كانت توشوشني شعره
    وطيفه لمحته بين جذوعها
    وطاردته
    وما التقيت به وان رأيته
    بأم عيني

    عثرت على فطومه لتقول :
    حالة النكوص للطفولة
    معناها الله يسلمتس انتس رافضة العرس
    بس تو لايت بلحيل ائئوي
    دانا وميس الكوافيرات فوق بدهن اياتس
    يبون يشوفون شغلهن

    أرهقت جسدي باللعب
    فاستسلمت لأيدي مبدعة
    مع الوقت
    أضيئت الاستراحة بإبهار
    و حضر الجميع
    وتأخرت الجوهرة و ميساء

    وأحيت خدوج بغنائها الصاعد بقوته الجميلة لغرفة فهد فرح عائلة القادر
    بعربون من السكريت ليرة ذاتها
    وعروس الليلة التي شاركت بحفل الرجال الماضي
    ولكن حياتها علمتها دفن الأسرار خلف دقات الدفوف
    وإلا يعلو صوت فوق السامري
    فهنا الرياض

    رغم أن هيله في الحداد على مصعب وأم محمد زوجة عمي عبد الرحمن غائبه
    أصرت الجوهرة على وجود الطرب
    وما كانت لتعاب
    تصرف وقح دارته مكانتها ونفاق المجتمع

    قالت ميس لتصرح للمصورة أن تبدأ بالتقاط الصور :
    هيك خلصنا
    بس خسارة
    كل ها الجمال والفرح صغير
    ليس للفرح مقاسات متعددة
    الفرح الليلة غائب
    يا ميس

    أعطتني فطومه باقة العروس الرائعة
    وسمعت الجرس بين طبقات التل بفستاني يرن مع نزولي درجات الاستراحة المزينة بأكاليل فاتنة
    وكانت الزفة المهيبة
    معبر مطوق بالشمعدانات الفواحة لتنافس عبير زهور الليل العبقة
    خفتت الأضواء
    لتركز علي بخطواتي المرتعشة في بداياتها

    لتشجعني فطومه بقبلة وتقول :
    خيال
    كل شيء خيال يا ميثى

    نعم
    كل هذا وهم
    زال الخوف
    وانسقت وراء السراب
    وأنا اسمع همسات الحاضرات وذكر الله من الخاشعات
    وصلت الكوشة الرقيقة
    البالارينا
    تحركت لأعزف بالجرس وأحيي الجميع
    قبلات كثيرة انهمرت من أقارب مر أزمان على رؤيتهم
    افتقدت مزنه
    تذكرت مكالمتها قبل أن تغيب عن دنياي
    دمعت عيناي
    أعادني للخيال الذي أحياه
    خفوت الضوء مرة أخرى
    جاء العريس
    برفقة أخي عبد العزيز
    وأبيه عمي عثمان
    ببشته الأسود ووجه المحبوب
    استوقفته نساء الأسرة المسنات بقبل غامرة وأحضان وفية
    شعبيته كاسحة
    تفوق عمي الذي وصل إلى الجوهرة قبله
    وعبد العزيز الذي يصنف بفكره الغربي القرابة إلى درجات
    وصل متأخرا إلي
    قبل رأس أمي باحترام
    ووجنتي أمه بخفة
    وحضن ميساء
    صافحته منيرة وهي تغطي يدها بطرف عباءتها السميكة
    وقرص وجنتي
    وهمس بإذني ليقول :
    اشو اللي لحقت بقايا على الدهشة بوجهك
    قلت له متجاهلة تعليقه :
    وين يوسف ليش ما جاء معكم
    تجاهلني بدوره
    سؤالي
    كررته الجوهرة عن أيمن
    قال عمي عثمان لها :
    كان معنا
    بس تعلق فيه ريكسي راح يهديه ويجي

    رقصت الجوهرة أمام ابنها
    اليوم طالع قمر
    بزهو
    وغرور
    وفرحة أم وان أنكرتها
    لكن فهد ضاق بسعادتها
    هل يؤذيه أن تحبه
    أم فشل الانتقام
    تغيرت ملامحه وعجل بانصرافنا
    أمام قالب الحلوى وضع كفه على يدي الباردة ورفع السيف الذهبي معي بتناغم جميل
    وقطعنا القالب بأدواره التسعة بسهولة وتناسق
    قال لي :
    يدك معايا يا ميثى
    أبيك معايا
    التسعة رقم غامض
    أحبه
    إذا إخترتيه بيوم
    تذكريني

    ما هذا
    تعبت من هذا التلاعب
    فهد من أنت
    أيها القادم من ليزا لتسافر لها
    أين أنا منك

    صعدت للأعلى مع أمي ومنيرة
    لأخذ عباءتي وحقيبتي وقبل الوداع
    بطريقي لفهد
    توقف غناء فرقة خدوج
    تفضلوا على العشاء الله يحيكم
    تردد بضيافة المدعي
    يتبعها
    صمت مفاجئ
    سمعت موسيقى اللوف ستوري ونباح ريكسي بآخر الممر حيث غرفة أيمن
    هل هو عالق هناك
    فتحت باب الغرفة المظلمة
    النور المتسلل معي أراني بشت أيمن الأبيض ملقيا بإهمال على مقعد كبير من القش
    كان واقفا أمام الشباك يداعب ريكسي بيده وعينيه لم تعد من هناك بعد
    حيث المراسيم التي غاب عنها وحضرها
    والصندوق المكسور بعزفه يغري جرس فستاني الساذج ليرافقه بدندنة تعلن وجودي
    التفت نظر بعينيه المتحجرة ووصفني بصوت يمزقه نكران :
    سوان
    بيوتفل سوان
    أنها نبوءة ماري التي واستني بها بعد أن عذبتني بأمر الجوهرة الظالم
    كأيمن
    سوان
    يا طائر البجع
    كم عانيت لقاء اسمك الجميل
    بكيت
    لا ادري
    لماذا
    بكيت حب أضعناه
    أنا وهو
    أيمن غيبك عني حب عبد الله
    وعاطفتك واريتها ثرى الطبقية وأبت إلا أن تبعث من جديد

    بجانب الصندوق كانت العلبة الحمراء بإطار ذهبي أخذها ببطء
    فتح العلبة
    الساعة
    الساعة الماركة
    قال بقسوة أيمن التي لا يضعفها حب :
    سألت نادين وش أهديك
    زوجة اخو ي الكبير
    بعد
    قالت ما شرت ساعة
    ليش
    تبين تهربين من عداد الزمن

    صرخ بقوة أمرة وهو يعطيني العلبة بصوت كصفعة أوقف دموعي من الخوف :
    البسي
    البسي
    خليها
    تحسب عليك
    ثواني و دقايق وساعات وأيام وشهور سنينك الجايه
    وأنت معلقة مع فهد
    سوان
    ملعونة
    محبوسة ببحيرة راكدة

  12. #42
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    الفصل الثامن عشر


    ~*¤ô§ô¤*~هجم النفط علينا ~*¤ô§ô¤*~


    البسي
    أيمن
    فعل الأمر زمن انقرض من لغة نساء العرب
    تركت يده معلقة بالهواء تحمل عطاء محروم
    جمعت أطراف ثوبي بيدي
    وغادرت مشهد الختام
    أتمنى
    في أعماقي هدير ينفي ذلك
    حمم الحب التي تتأجج داخل عاشق ستصليني بعذاب
    وان ركضت لفهد
    خلفي هي
    يقودها شغف مهان
    ستطالني بوقت تؤرخه تلك الساعة
    الماركة

    لماذا يموت الحب
    الظروف
    إجابة خاطئة
    أظرف ما بالحب موته

    أضأت أشجار الحناء المشذبة كستار بين مواقف السيارات والحدائق سيارة قادمة
    جاء يوسف
    قال لي أمس :
    لازم أشوفك عروس
    وأبي اعرض لك مع أمي صيته بعقالى و بشتي وأذوب القلوب

    أوقف سيارته الاستنساخ من بي ام دبليو أيمن
    بجوار سيارة فهد التي ينتظرني بداخلها
    وركض يوسف لي
    رميت بثقلي بين أحضانه
    استراح رأسي على كتفه ثواني
    أبعدني عنه لينظر لي
    قبل جبيني
    وسحبني من يدي لعامود النور الحديدي وهو يقول :
    ميثى
    خليني أشوفك زين
    ما ادري
    كنك تتغيبين عن عيوني
    ولا أشوفك ثاني

    قلت بتعنيف واثق :
    كلامك مستحيل
    تدري ليش
    أنا حاستي ا لسادسة قوية
    لو كنت ما راح أشوفك
    كان عرفت
    تتشطر على قلبي
    روح العب بعيد يا واد

    مسك يدي ليديرني وذيل الفستان المطرز والطرحة الطويلة تلهث لتلحق بدوراني السريع
    وقال بكلمات اقوي من منبه سيارة فهد التي تستعجلني :
    حتى لو غبت عني
    شفتك بأحلى صورة
    تصدقين
    جو الرجال مع العريس وما علموني وبغت تضيع عليك هديتي

    اخرج من جيب ثوبه الجديد علبة صغيرة
    بها الخاتم الأحجية
    البزل رينق :(
    من حلقات ثلاثية متداخلة مطعمة بالألماس
    بلاتينية وذهبية ونحاسية
    قال مبتسما :
    تذكرين يوم توريني إياه بالمجلة وتقولين ها الخاتم مثلنا
    لخبطة
    أخوة وقرابة وحب
    فزورة التصاق
    ما تنحل

    رأيت يومها بهذا التصميم انعكاس ارتباطنا
    لبسته
    بالسبابة اليمنى
    وقبلته شاكرة
    نظر للخلف ليطمئن أن فهد الذي لا يرغب بوجوده معي بعيد وقال :
    بأمان الله
    ميثى
    فهد ذا غيور بجنون
    انتبهي لنفسك
    سكت ليكمل بتردد :
    منه

    قلت له وأنا امسح اصدق الدموع :
    رحلتنا للندن العصر
    يوسف
    أنت بعد
    انتبه لنفسك
    وبنفس التردد أكملت :
    من نفسك

    هنا خرج فهد من السيارة ليقول بنفاذ صبر:
    ميثى
    كفاية
    شهر وانتم راجعين لبعض

    كف يوسف أحكمت قبضتها على يدي مكذبة كلام فهد
    ثم ارتخت بيأس
    ورحلت
    إلى قصر العليا
    فهد تجاوز بسعادته الليلة سخافات مزاجي المعكر كما وصف تغير ميثى
    وبدأ بحديث الرفقاء الطويل
    خليط الشعر والذكريات والسياسة
    فهد
    هل ملابسنا تنكرية
    ما ذنب فستاني الايطالي أن يعيش بغربة السعودية
    حيث افتقار الديار للمطر
    اضعف التصحر
    وارق الجفاف
    مقارنة بقلوب البشر
    حتى أعمدة النور الواقفة بشوارع الرياض شبه الخالية بساعات الفجر تعلمت ألا تتصنت على غزل المحبين
    ارتوت من الإحباط
    فنمت طويلة منيرة بقوة صفراء
    نابعة من حرقة غليان شظف المشاعر

    كان القصر هادئا
    صعدنا لجناح فهد المبخر بالعود الأزرق رائحة الصفوة
    ذهب فهد لكنبته الغالية
    ودخلت للغرفة الرئيسية المحتلة بحقائب السفر الجلدية الفخمة المغلفة بحقائب الحماية الشفافة معلنة على استعدادنا لرحلة الغد
    وباقات الزهور الجميلة
    وسلال الحلويات المزينة
    مرتبة باركان الغرفة الواسعة
    لبست بيجامتي الحريرية البيضاء
    بذوق خجول
    ما اقترب من لا حدود ليزا
    في الغرفة الأخرى
    رأيت فهد يفتح خزانة الأسلحة التي يهوى اقتنائها
    يخيفني السلاح
    وان علمني فهد أطلاق النار
    أتجاهل الجدار بأكمله إذا دخلت للغرفة
    وكأن الاعتراف بوجدها قد يحررها من خلف الزجاج السميك
    فتح درج الذخيرة بمفتاح صغير
    وكانت المفاجأة
    علب كثيرة أخرجها برتابة المعتاد
    من كل علبة حبة ملونة
    يبتلعها
    ويتجرع بعدها الماء
    رجعت للخلف بهدوء
    فهد مريض
    أيفرحني انه صادق
    لا بل يقتلني
    فهد
    سلاحك المدمر من خزانتك هذه المرة ليس معدني
    ليتك مستغل كاذب
    فهد يموت
    ويحب ليزا
    وتزوجني
    رؤية واضحة
    هل أخاصم زوج لخيانة حكم عليها الزمن بأقسى العقوبة
    الإعدام لنفاذ الأيام
    أخذت سلة شوكلاته
    ودخلت للغرفة بابتسامة
    أخرجت أوراق اللعب من مكانها القريب لجهاز التلفزيون
    هذه الأوراق الصاحبة المثنية أطرافها بأصابع لاهية
    درسني فهد بها
    اللعب والغش
    نعم
    احتاج لهما معا

    ضحك فهد وان اخلط الأوراق وأوزعها كما في أيام مضت
    وبجواري الشوكلاته وقال :
    هلا والله
    هذي ميثى اللي أنا خابر
    عدت لك
    كما ملكتني
    بالموت الغير قابل للتفاوض

    استيقظت على رنين التلفون الداخلي من نوم لا اذكر متى أصابني ليصرعني على السجادة وحولي أوراق لعبة لم تكتمل
    ووسائد الكنبة الهزيلة التي رفضها فهد أن تشاركه النوم تحيط بي
    كانت ميساء لتقول :
    صباحية مباركة
    حبوو
    انزلوا فيه برانش خفيف قبل المطار

    أكملت بهمس طفولي :
    وهدايا تجنن كمان

    قلت لها بصوت يثقله النوم :
    شوي و جايين

    أيقظت فهد متعجلة
    تأخرت بالاستعداد للسفر

    لبست بدلتي الكتان
    ومجوهراتي الجديدة الراقية
    وحملت حقيبتي الباهظة
    وطلبت من الشغالة جوزي أن تنزل باقي الحقائب
    سبقني فهد لغرفة الطعام
    الكل بمكانه القديم
    إلا ميساء
    مقعدها بجوار فهد خالي
    كانت بالقرب من عمي عثمان بمقعد أيمن الغائب
    أشار فهد أن اجلس بمكان ميساء
    نظرت لمقعدي البعيد
    كنت هناك
    بنهاية الطاولة
    هل هذا ما فكرت به الجوهرة كروية الطاولة المستطيلة
    لتقول بانتقاد :
    طلعتوا أمس بدري
    ما بغيتوا نفرح بكم

    مزح عمي عثمان بتعليق هامس اضحك فهد
    وما سمعناه
    هذا الوزير
    يصرح لوكالات الأنباء بطلاقة
    تغيبها الجوهرة في قصره بنظرة انزعاج
    قال فهد وهو يشير بيده على الطاولة الجانبية وفوقها علب مغلفة بالورق الملون :
    وش ذا الزين

    ليحمل وجه والدته تعبير حماس
    وتحضر العلب بنفسها
    تعرضها عليه
    أكثر مني
    وهو تسمى له أسماء الأسر الصديقة والأقارب المجاملين بذوق رائع
    اسم واحد كنت أريد أن اسمعه
    لكن الجوهرة بخلت به علي
    فهي تؤمن أنني لا استحق هدية من أم الزوج
    أما العلبة الأخيرة
    فقد رأيتها البارحة
    ساعة أيمن
    فتح فهد العلبة وألبسني إياها وهو يقول :
    ما قصر أيمن
    بس وينه

    تصفدت يدي اليسري بكل القيود المهذبة
    دبلة وساعة
    تنافستا
    بالإغراق بالسخرة
    لأبناء العم
    قالت الجوهرة بتدخل لا يرضي فهد :
    أيمن نايم
    بس قال أديكم هديته
    ارفع لكم الهدايا عندي لما ترجعون بالسلامة


    أشار فهد للخادمات أن يحملن العلب الكثيرة إلى الأعلى
    وقال لي ببرود :
    شكرا
    ميثى
    انتظرك فوق

    لا
    لا تتركني وحدي
    رغم أن الغرفة كانت مضيافة
    اليوم
    ضاقت بي
    قلت له وأنا أتجنب نظرات من حولي :
    أنا خلصت
    سفرة دايمه

  13. #43
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    قال عمي بحنان :
    بس ما أكلتي شي
    فهد
    انتبه بس لا توديها المروش
    تخربها على أكل السعودية

    وضحك وحده
    عمي كيف لا تعرف أن هذه الكلمة
    إهانة الجوهرة
    اللجام الذي يشكم كبريائها المنطلق ويحوله لخضوع مستأنس
    ركزت زوجته الجوهرة وجهها في طبقها وانسدل شعرها بحركة تواري عن عيون فهد التي تسلطت عليها بنظرات جامدة
    أشفقت من ذل العزيز
    فتشاغلت عن رؤيته بمساعدة ميساء بترتيب العلب بين يدي الشغالات
    وصعدت للأعلى معهن
    دخل فهد للغرفة الرئيسية

    كان السرير محطة استقبال لعلب الهدايا بعد أن غادرته الحقائب
    أزاح اللوحة الضخمة بتقنية تظهر خزنة مخفية بمفتاح رقمي
    شفرته
    Liz 9
    دلع محبوبته
    ورقمه المفضل

    قال بتأكيد :
    أحفظي الشفرة
    ما يعرفها إلا أنت
    ردديها
    بسيطة
    بس ردديها كل يوم

    فهد
    ما كانت بسيطة
    بل شائكة
    اسم العشيقة
    هو مفتاح الكنز
    وترنيمة كل صباح

    في الخزانة كانت أوراق ملكية وعقد الزواج وسندات ومال وظرف كبير
    رتب العلب بجوارها
    وأغلق بابها السميك
    اخذ حقيبته الأوراق اليدوية للغرفة الصغيرة
    وحملها بالأدوية
    وطافت عينيه بنظرة وداع لا تنسى
    جعلتني ارتعب
    حتى الجوامد بادلته النظر
    وعصافير الشباك الكبير نطقت بهيجان زقزقتها السلام الأخير
    الكنبة المثوى بهتت ألوانها أكثر
    يوسف
    ليت حاستي السادسة أضعف


    رحلتي الأولى بالطائرة
    انطلقت من صالة كبار الشخصيات
    الخارج
    الذي سمعت به مهرب من كل نقص
    ومورد لكل كامل
    سأراه اليوم
    تذكرت صيف الرياض الحار
    وأبناء عمي عثمان راحلون بين رحاب هذا الرمز
    وأنا رهينة غرفة مزنه
    أفكر
    متى اعبر الحدود بعكس اتجاه هذه الكتب المهربة
    أرى واسمع واشتري مثل ما يفعلون
    الآن
    الخارج
    الموعد الخالي من الترقب
    مجرد شيء تعمل عليه ساعة أيمن لتفتك به
    وأنا معه

    في مقاعد الطائرة الواسعة استسلم فهد للنوم بالقرب مني
    في ملامحه شوق
    قال بتلقائية :
    أنا أبي أنام
    عشان الرحلة تصير اقصر ونوصل أسرع

    في جهاز الاستماع اخترت لائحة الأغاني الحديثة
    أغنية عبد الإله المجيد
    الجديدة
    كانت قصيدتي التي بعت للساري
    أعاد صياغة بعض الكلمات بموسيقية محترفه
    لتخدع القلوب البريئة
    بأكاذيب
    مغموسة بالزيف
    هل كل الشعراء مثلي
    بأوجهه مزدوجة عميلة
    من شباك الطائرة الصغير
    عرفت أنني عن الأرض بعيدة
    علو بلا طهر
    مسيرة
    بلا إرادة

    قالت المضيفة بالانجليزية لتخرج وحيدة من عزلة مع رجل نائم يحلم بلقاء قريب مع غيرها:
    ستعجبك لندن
    ابتسمت وقلت بلغة تنتفض من اختزان بالصمت :
    السؤال
    هل سأعجبها
    يكفيني رفض الرياض لي

    تعجبت
    انجليزية قوية
    لا تفهم

    فهد المغيب باللهفة بالطائرة
    صار حاضرا بمطار هيثرو بكل كيانه
    ينقلني بتوجيه خبير من نقاط التفتيش والجوازات
    إلى أن وصلنا لصالة القدوم الواسعة
    ارتديت نظارتي الشمسية بالمساء
    الدهشة تحولت على وجهي لبلاهة
    من الأفضل أن تحجبها عدساتي الداكنة
    أدرك فهد ارتباكي
    قال انتظريني
    سأعود

    ازدحمت المقاعد
    كل هذه الأجناس اختلطت بالقادمين العرب لنذوب بينهم
    تقودنا لبعض نظرات التفحص الباحثة عن خبر يطرب مجالس الوطن
    نهضت للعامود البني الكبير
    أسندت ظهري عليه
    بالجهة الأخرى أصوات مألوفة
    تقول بالعربية :
    وين هن كل الركاب وصلوا
    شو أحنا ما عندنا شغل غيرن

    تعجبت
    أي لقاء هذا
    بلا شوق أو انتظار
    استمر حديثهم عابر لي
    مصرا على ملاقاة سمعي الباحث عن أشباه الهوية
    ليقول صوت رجالي آخر بالانجليزية :
    سمر
    كم اكرهه المجاملات
    معاملات المكتب معطلة لأستقبله
    واحمل زوجته كطرد بريد لشقة العائلة
    لا وقت يضيعه
    يريد الذهاب لعالمه الخاص
    ونكون لها جليسي أطفال

    قالت بالانجليزية هذه المرة بتحذير:
    اصمت
    لقد جاء
    لا تنسى
    ابتسم

    قال بتأفف بعربية معطلة منذ زمن أبيات نزار قباني :

    هجم النفط مثل ذئب علينا
    فارتمينا قتلى على نعليه

    رددت باقي القصيدة
    الشتيمة
    وأنا ابتعد عن العامود

    يا بلادا بلا شعوب أفيقي
    واسحبي المستبد من رجليه
    يا بلادا تستعذب القمع حتى
    صار عقل الإنسان في قدميه

    ورجعت لمقعدي
    لأرى
    فهد قادم باتجاههما يحيهم ويتحدث معهم
    وأنا أتفحص من بعيد
    سكان الضفة الأخرى من العامود
    سمر بشعر بني طويل أجعد و بدلة عمل سوداء بتنورة قصيرة جدا
    والآخر
    الأعجمي الفصيح
    ببدلته الأنيقة وشعره الطويل
    بعد دقائق أشار فهد لي
    التفت الناقم على الرجعيين
    نظرت له
    صدق نزار
    نار التغيير في عينيه

  14. #44
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    الفصل التاسع عشر
    |--*¨®¨*--|وصـفـة غـبـــاء |--*¨®¨*--|


    العيون نوافذ الأرواح
    بقدر نفور عيناه الخضراء من بدو الجزيرة
    كانت بريق التوافق ينادي من عيون سمر البنية الضيقة
    صافحتني
    وعرفتني بنفسها
    نائبة مدير مكتب لندن
    ووقف هو بلا مبالاة بالقرب من فهد المشغول بجواله وهو يلتقط صورتي كمهووس
    حتى في ليلة الزفاف
    ضاقت المصورة بتصوير بالجوال بحضرة أدق آلات التصوير
    كان الأشقر الوسيم يبتسم بسخرية
    ونظراته تنتقل بيني وبين فهد
    وكأنه يقول
    متى يمل ذئب النفط من هاتين اللعبتين

    لماذا نلتقط الصور
    للذكرى
    إجابة خاطئة
    الصور نطق الذاكرة

    تقدم فهد ليعرفني به
    قال :
    نياز مدير مكتبنا بلندن

    بالمجاملة التي سمعت انه يكره رحب بي:
    تشرفنا يا مدام

    رن جوال فهد ليتحدث وجهه بالفرح قبل شفتيه ويقول بالانجليزية :
    قادم أنا بطريقي

    أكمل أوامره لنياز المغتاظ
    ورحل قائلا لي :
    ميثى
    بيوصلونك للشقة
    عندي موعد مهم
    يمكن أتأخر

    لم ينتظر مني رد
    بقدر سمر المتعجبة
    ترقبت أن تنطق زوجة الشيخ
    تعجبت إلا ينمو بتلك البلاد شجر ولا لسان
    عروس جديدة تلقى مع الحقائب في المطار
    ليلتقطها الموظفون
    أهن نساء أم إماء

    قاد نياز السيارة بنا في الطريق إلى الشقة في ماي فير
    ركبت وسمر بالمقاعد الخلفية
    حديثها السريع المرح عن جمال لندن وخطط النزهات
    ما سمعت منه
    إلا تربيت جليسة أطفال على صغير معاقب بلا ذنب
    فكرت
    من المطار يا فهد رميت بي
    ولهثت للقاء ليزا
    دمعت عيناي من قسوة الطيوب

    قال نياز بلباقة قومه بغير لغتهم :
    سمر
    مدام فهد تحتاج المناديل الورقية

    كان يرصد الوجع بالمرآة الأمامية
    الحديث بالانجليزية في لندن
    خلصني من مترادفات نتلاعب فيها بالحقائق
    وبلاغيات نجمل بها النكسات
    قلت بتبرير ساذج رفضته اللغة الجديدة قبل أسماعهم :
    اعتذر
    أول مرة ابعد عن أمي

    لو تعرفون
    أمي
    التي ما قربت منها

    سعد الماكس
    اخترت لي الكذب هواية في حواري عليشه
    صار في أكسفورد ستريت احتراف

    بعد إيصالي لشقة عائلة عثمان القادر
    استأذنا بالانصراف
    وأكدت سمر أن موعدنا غدا
    لزيارة قصر بكنجهام و مشاهدة تغير الحرس الملكي
    قالت :
    تقليد السياحة هنا
    ابتسمت
    وفكرت
    سمر
    لا تحدثني عن التقاليد
    أنا قادمة من حيث نافست الأديان

    كانت الشقة جميلة بذوق الجوهرة الراقي وعناية العاملة الانجليزية ذات النظرات الجامدة والبنية القوية المتفانية بخدمة الأسرة السعودية منذ سنوات
    قالت أنها بخدمتي
    ما اسمها
    لا أتذكر
    حتى وجودها لا اشعر به
    من عشرتها للفراغ صارت منه
    قادتني لغرفة نومي المجهزة لاستقبالي من غرف النوم الثلاث
    وأشارت بيدها للغرفة المجاورة :
    تلك غرفة السيد فهد

    كان بغرفتي تلفزيون يستقبل المحطات العربية الغنائية
    سهرت معه بعد مكالمة مع أمي
    قصيرة موجزة
    فلا املك جواب لسؤال الأمهات عن ليلة الزفاف
    كانت الأغنية رفيقة الطائرة تبث كل ساعة بإهداء لأعزاء
    تذكرت نصيحة مزنه
    بيعي
    ينتشر
    يغنى
    يهديه الأحبة لبعضهم
    نحن رهائن الأصل
    لنكفر بأشهر المقولات
    اعلموا
    أن فاقد الشيء هو من يعطيه
    الحرية
    لك يا كلماتي
    ولي
    العبودية

    أغلقت التلفزيون
    السكون البارد منتشرا في كل الأماكن
    الوحدة
    تستدعي الأخيلة المخيفة
    يا أحلام الصغيرات الساذجة
    بأن بيوت الأهل ممر نعبر منه لدفء العواطف والأسرة المزدوجة
    غرفة النسيم
    ما دخلتها ليلة قصص ملوك الجان ولا أشباح الموتى
    هنا
    كل قصص يوسف المخيفة
    اقتسمت معي الفراش
    تكومت تحت الغطاء الناعم المعطر برائحة اللافندر
    لكن الباب الزجاجي للشرفة الصغيرة يئن بأزيز رتيب
    صار الصوت نداء
    فتحته
    ليصمت
    و وقفت وسط الظلام
    لندن
    تهديني محبتها وتقرئني السلام
    وتبشر برحلات جميلة
    وبشيء ما
    إنذار شؤم
    فلأنام
    قبل أن يصل
    هذا الطارق

    في الصباح
    ارتديت الجينز الباهت وقميص ابيض وسترتي الجلدية وحذاء الجري
    توعدتني سمر بسياحة لا تليق بها أناقة المطار
    في المطبخ المجهز بإمدادات سعودية
    حضرت القهوة العربية وطبق من التمر السكري المكنوز
    وجهزت العاملة إفطار انجليزي
    و قالت أن السيد عاد قبل ساعتين مرهقا
    ولا يريد الإزعاج
    أسرعت افتح الباب لأوقف الجرس اللحوح
    فهو لم يتعلم أن يسمع الكلام
    كانا نياز وسمر
    شربنا القهوة وتشاركنا الإفطار
    نياز يتجنب الحديث بترفع المختلف
    ويتجرع القهوة العربية بلذة المغترب
    وأنا وسمر
    تعارفنا أكثر وصار الحديث بيننا أسهل
    وجد بيننا ما يشبه الصداقة المذبوحة بصراع الحضارات
    أي نفتقر لخطوة
    لا نتجاوزها
    ما كنت سيدتها ولا رفيقتها
    بين هذا وذاك
    نتبادل بعض الأفكار
    بالكلمات
    والأخرى
    تحتجز على حدود التلميح
    تشعر بي
    بإحساس الأنثى
    وتصمت لخدمة رب المهنة

    قلت لهم بدهشة :
    غريب
    ما كنت اشتاق لقهوة أمي ببلادي
    وهنا
    صرت درويشه
    قال نياز بتعجب وهو يثبت نظارته الشمسية بشعره الأشقر الكثيف :
    كيف تتذوقين درويش
    قلت له بتحد :
    كما تتذوق قهوتي
    بعد هذه الجملة
    انصاع لقوة الفكر
    فما غاب يوما عن حواراتنا الانجليزية المطرزة بالقصائد العربية
    والسخرية القاتلة
    والنقاشات الحادة
    نفترق بعدها
    ليذهب إلى العمل
    ونسرع أنا وسمر لمحطات الأندرقرواند
    لنجهز على قوائم سمر الاستكشافية لمعالم لندن
    المتاحف
    القصور
    الحدائق
    أما الأسواق فطلبت أن تكون غنيمة الأسبوع الأخير
    لنعود بالمساء
    حيث يستعد فهد للخروج
    فهو في لندن كائن ليلي
    تحضر سمر كل ليلة مشهد خروجه من الشقة لأعماله الخاصة الغائبة عن جدول أعمال نائبة مدير مكتبه
    تدرك
    فراقنا المتوحد بعقد الزواج
    وتتجاهل
    مثلي

    على طاولة الإفطار الدائرية أعلنت فتوحا في قلب نياز المغلق أمام امرأة سمراء
    مهجورة
    تتمرغ بالمهانة بلا حراك
    يفرح قلبي بومضات عينيه المفتونة
    وتحول تراتيل البغض في المطار لصفاء عابد
    هل تواجده معي ثأر من رفض فهد لي
    تعويض لكبرياء مهشم
    بلا أضرار
    حتى حدث الانقلاب
    ببيانه الأول الذي قال فيه ذات صباح :
    حاربت العيون السود لبلادتها
    والمرأة لطمعها
    أنت
    جبار بغموض زاهد
    يحيرني
    من أين لك سيدتي
    هذا الإبهار
    مع قهوتك دفء معشر سنفتقده أنا وسمر
    لن تعود لندن بعدك
    كافية للحياة
    أدمناك
    قلت بضيق
    فحديثنا اليوم خرج عن المسار :
    لا تجاملني
    بدفاع عن نفسه أكد :
    لا
    أنا مجاملتي مختلفة
    إذا سكت أو رددت نزار
    اعرفي أنني عاجز عن الحقيقة

    هنا أعلنت سمر انقضاء ثلاثة أسابيع سريعة من شهر عسل زوجة الشيخ بقولها :
    سنمضي يوم الغد في هاوردز
    وقت تسوق الهدايا قد حان

    قلت برجاء:
    لا
    لماذا لا نعيد زيارة متحف مدام توسو

    ابتسمت لتقول :
    لماذا
    كنت كحبة فيشار
    تقفزين أمام كل تمثال
    قلدتني و لتتطاير بالهواء وتشد يدي بمثل ما افعل معها

    قال نياز بصوت هادئ:
    أتعلمين
    الدهشة تملك على وجهك سلطة أخاذة
    تذكرت فستان فرحي المفاجأة كأنه حدث من ألف عام وقلت :
    نعم
    فهد يقول ذلك
    يحب الدهشة على وجهي

    ليقول بجرأة غريبة :
    أهنيئة
    فهو يرى الجانب الآخر من وجه العملة
    يقال النوم بالمقابل يملك اثر أجمل
    هنا
    دخل فهد غرفة الطعام
    يبدو أن الألم أعاق هجوم النوم على جسده المتعب
    سمع تعليق نياز
    رأيت ذلك بوجهه المكفهر
    قال وهو يتفحص فستاني الأبيض بزهور زرقاء و سترة صوفية بلون سماء ذلك الصباح المشرق :
    إلى أين ستذهبون اليوم

    قالت سمر بصوت مرتعش :
    نادي يوركشير للبولو

    رد بعنف :
    هل آخذتيها لعين لندن

    قالت وهي تنظر لي :
    لا سيدي
    السيدة تخاف المرتفعات
    ولإنقاذي أكملت :
    وأنا أيضا
    نظر بحدة وتشفي لنياز وقال :
    لا
    يجب أن تذهبوا إلى هناك
    اذهب معهم يا نياز
    اخرج من جيبه جواله وألقاه عليه بعنجهية و قال :
    وصورها

    لماذا يا فهد
    تحول نياز لسياف
    عامل تحت أوامرك يسوقني لما أكره
    قلت له بالعربية التي أعادها لحديثي الخوف :
    فهد
    تكفي
    ما أبي
    أنا شفت لندن من الأرض وشو داعي من السما

    جاوبني بالعربية بصوت خافت
    لا يجادل
    بالقرب من أذني :
    لا بتروحين
    و ابتسمي للصورة
    وريه أن عملة السعودية لها أكثر من وجهين

    التفت تجاههم وقال بلهجة تسلط :
    غدا
    أنا ادعوكم للعشاء هنا
    ليحضر كل منكم رفيق

  15. #45
    | عيون الحب | الصورة الرمزية أول خطوة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    526
    قالت سمر بمحاولة لتبديد التوتر :
    سيسر عاصي بالحضور

    اعرف عاصي
    خطيب سمر الذي يتصل بها كثيرا في جولاتنا
    التقيت به يوما في حديقة سانت جيمس بارك
    قبلها بشوق
    وضع يده على خصرها
    وأهداها باقة ورد حمراء
    حياني وقال:
    أخذتي مني سمر
    متى تعيديها

    أغضبها تدخله بعملها
    اصمت عتابها بقبلة طويلة
    ابتعدت عن العشاق
    ونظرت للبجع الذي يتهادى في البحيرة
    على صوت شتائم أيمن
    ملعونة
    محبوسة
    ببحيرة راكدة
    وأفكر
    فهد يهديني كل يوم
    النوم
    يحضره لك من عند ليزا
    التي ما تمتعت بنوم فهد العميق في سريرة الضخم وأدويته بجواره والستائر السميكة تحجب النور
    أنا وحدي من تتسلل كل فجر لزاوية الغرفة وتراقبه
    وتتنصت على صوت أنفاسه
    وتدعو الله أن لا تتوقف
    وأحيانا
    أخاطر
    والمس كفه لأعيدها تحت للغطاء
    عاصي لا تغتر بهداياك
    فزوجي يحضر لي النوم من بين كل النساء

    قال فهد كمعلم يستحث الطلاب :
    بسرعة
    عين لندن تنتظركم

    عين لندن
    تلك العجلة الحديدية الضخمة على الضفة الجنوبية لنهر التايمز
    مشنقة لروحي
    أحسست أن أنفاسي تكاد أن تقف
    ارتفعت بنا
    أنا و نياز
    ومجموعة من السياح
    تصبح الكابينة الزجاجية الواسعة أضيق
    تزيغ الرؤيا
    أتلمس قدمي اليسرى
    رباط الستارة الذي عقدته ماري على فخذي
    عاد
    أحس به
    قدم من ذاكرتي إلى عين لندن بلا تذكرة
    إلى متى جسدي تنفيس غضبكم علي
    فهد
    تعلقني بين الأرض والسماء
    وأنت تذكر
    ليلة الخريف ونسمات الرياض البخيلة إذا هبت
    ولعبة الأسرار بالحديقة
    وقارورة الماء تدور
    وقفت
    وأشارت بفوهتها الفارغة على
    قلت بسرعة :
    سري أخاف المرتفعات

    استبشرت وقلت :
    زين عرفنا شي ممكن نعاقبك فيه
    هو أذا عقاب
    توقفت العجلة بنا
    لكن رباط الستارة يضغط بقوة
    صورني نياز
    ما احتملت الألم
    صار أقوى
    كانت عيون التغير الخضراء أخر ما رأيت
    أغمى على

    أيقظتني لسعات الماء البارد على وجهي
    وعطر سمر القوي
    وغضبها الذي يستسقي العربية فتنهمر كلمات حانقة :
    از هو ما بدو إياها
    وكل همه انو يدمرها
    ولا بتشوف خلئتو الا بخرجاتو ودخلاتو
    لك يعتئها لوجه الله
    سمر
    ألا تسمعين الأخبار
    لقد حررت الجواري في بلادي

    كان جاكيت نياز وسادتي على المقعد الخشبي
    وهو راكع بجواري
    قال بهمس :
    الغبي
    حقق أمنيتي
    رأيت إغراء الغيبوبة على من وجهه مثير بالدهشة
    نهضت بجمود
    وعدلت من ملابسي
    وقلت بصوت من ذاق العقاب وفهم الدرس :
    سمر
    لا اسمح بكلمة سوء عن الشيخ فهد
    أراد أن أتعلم الشجاعة
    نياز
    أرجو أن تلزم حدودك بالحديث معي
    لنعود للشقة
    وما عاد شيء كما كان


    في الغد
    استيقظت متأخرة
    فحفل العشاء الليلة
    كانت العاملة تجهز كل التفاصيل بمهنية المعتاد
    الزهور
    المطاعم
    الأواني
    أما أنا
    فأمضيت النهار بمكالمة طويلة مع فطومه
    التي لا تحتاج مني إلا الإصغاء
    سمعت صوت فهد بالغرفة المجاورة
    أول يوم في لندن اشهد صباحه المسائي
    عند خروجي من غرفتي
    قالت العاملة انه رحل
    عاد بعد نصف ساعة

    كنت أمام المدفأة المعطلة عن العمل في هذا الوقت من العام
    دخل وأشعل سيجارة
    بدأت ملامحه تصاب بالضعف
    كأنها تستجدي مني الغفران على قسوة المؤدب
    قال ببرود يماثل المدفأة :
    جبت نيويوركر شيز كيك للعشاء
    رجاء
    لا تنسونها
    واخذ يتصفح الجريدة

    ذهبت لغرفتي
    ففي الصالون الكبير من التماثيل ما يكفي
    أعدت الاتصال بفطومه
    وفكرت
    كيف ستكون رفيقة نياز
    أظنها شقراء

    في السابعة
    حضرا سمر وعاصي
    بعدهم بدقائق رن الجرس
    ذهبت لأفتح بفضول التعرف على ذوق نياز
    صدقت
    شقراء رشيقة ثلاثينية
    يا لجمالها
    فستان اسود يبرز سحر الغرب
    والروعة
    هذا الدبوس المغموس بطعم النفط
    وردة الياقوت الأحمر بفراشة الأحجار الكريمة
    نياز
    حتى أنت تتلاعب بي
    أيها الخادم الوفي
    تحضر عشيقته لبابي
    يا من تشاركني قهوتي وخبزي المعجون بالقهر
    التغير في عينيك اصطناع
    ما كان حقيقة
    أنت أحقر من أن تكون رفيق
    وأدني من كل حوار
    رحبت بهما
    وجلست بالمقعد الكبير بصمت
    اقتربت مني سمر
    ووضعت يدها على كتفي
    بمواساة
    من يفهمك
    رغم غضبها مني بالأمس عندما نهرتها
    بدأت حديث ثرثار
    كيف تجادلت السيدة ميثى مع المتحدثين في السبيك كورنر في الهايد بارك
    وأبواب محلات الادجور رود الزجاجية التي ترفض أن تفتح لها
    فتصطدم بها بتكرار
    فيعلق نياز الجبان كحر نبيل :
    اعذريها يا سمر
    تريد أن تصطدم بالسيدة
    لا تحتمل أن يعبر هذا السحر دون أن تلامسه
    استفز فهد
    أحست بذلك رفيقة نياز ليزا الطبيبة النفسية لتقول :
    حقيقة
    السيدة ميثى مميزة
    أنت محظوظ جدا يا سيد فهد

    يقول بصوت يشبه فهد الرياض :
    نعم
    زواجي منها من أفضل ما حدث بحياتي
    اسمع باقي الجملة وحدي
    حياتي التي تعرفين عنها أكثر
    نعم
    تسكن أروحهما لبعض
    تملك أخر كلمات جمله الناقصة
    تبعد الوسائد التي تعيق حركة يديه
    تضع له قالبين سكر بكأس الشاي كما يشرب في داره
    تتعلق بذراعه بغفلة
    تذكرت
    كان يسألنا بعد كل حفلة
    ما خطبتوا لي
    في تلك الأيام
    لو رأيت مثل ليزا لجئت لك فرحة
    وجدت من تليق بك يا ابن عمي
    نعم
    هي لك
    أين أنا منها
    بدائية
    بكل ما تعلمت
    تناقشه بورقة قرأتها لفرويد عن التابوا
    يضيف لها تصحيح
    تضحك بعذوبة
    يبتسم ويتذكر كتاب
    يأخذها للمكتب لتتعرف على تذكارات عربية محنطة ومخطوطات قديمة
    تصل للصالون تعابير الانسجام
    يضيق عاصي من الوضع ويقص علينا أحداث مسرحية هزلية ويقول :
    أتمنى أن تأخذك لها سمر ذات مساء
    قبل عودتك للسعودية

    بمرارة أقول :
    عاصي
    أرتني لندن من الهزل
    ما يفوق دراما الرياض

    بعد العشاء
    أحضرت العاملة قالب كيكة الجبن بصلصة الفروالة السميكة لتقول ليزا بعفوية :
    الحلوى المفضلة عندي

    يبتسم فهد بحرج
    ينظرلي
    اغرس شوكتي بقطعة الفروالة
    يطمئن
    غبية ما فهمت
    استأذن
    اذهب للشرفة أدخن
    يتبعني نياز
    يتمتم :
    لماذا تدخنين

    قلت وان انفث الدخان بقوة :
    علمني فهد

    قال بالعربية لنزار :
    أرفضي
    لن أكون رمادا في سيجاراتك
    ولست اهتم
    بنارك أو جناتك

    قاطعته بضيق :
    لماذا لا
    آنت تهتم جدا
    أكملت :
    ما يحيرني
    لماذا يفترض الكل أنني غبية

    قال بقناعة :
    لأن لديك مقادير الوصفة
    امرأة
    سعودية
    لا بل نجدية
    جميلة
    سمراء
    غنية
    قلت بتعجب :
    وهل هذه مؤهلات الغباء بنظرك
    قال بتنهيدة خبير :
    أنها مجربة
    وصفة
    أكيدة
    انضمت لنا ليزا
    لماذا لا ابغضها
    في نظراتها لي ما يحميها من كرهي
    لا اعرف ما هو
    جديد
    احتار
    هل طلبت من فهد أن تراني
    أم أنها شاركت بإذلال نياز
    قالت بلطف :
    عن ماذا تتحدثون
    بسأم رديت:
    عن وصفات الطبخ
    ويبدو أن نياز
    شيف بإحضار الطلبات للمنازل
    نظر لحذائه متهربا وفهم أبعاد حديثي وقال :
    سيدتي
    أعلن فشلي
    الوصفات لا تنجح كل مرة

صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي
    بواسطة لي طب۶ي الخاآاآص في المنتدى رحيق الذائقة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 04-04-2007, 06:13 PM
  2. الحسد
    بواسطة سعد النخيش في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 28-03-2006, 12:32 AM
  3. اهل الحسد
    بواسطة ديمة الشوق في المنتدى الشعر النبطي
    مشاركات: 72
    آخر مشاركة: 01-03-2006, 01:18 AM
  4. { لغة الجسد }
    بواسطة نجمةجدة في المنتدى منتدى الأخبار
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 13-02-2006, 12:05 AM
  5. الحسد..
    بواسطة رمــــــاد في المنتدى منتدى الأخبار
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 12-06-2004, 09:13 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •