أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


المطلب الأول : الشرك الأكبر:

الغصن الأول : تعريف الشرك الأكبر وضابطه:

الشرك الأكبر : هو أن يتخذ العبد نداً لله يسوِّيه به في ربوبيته أو إلوهيته أو أسمائه وصفاته.
فالشرك من المشاركة والإشتراك فمن زعم أن هناك شريكا لله في ربوبيته أو في إلوهيته أو أسمائه وصفاته فهو مشرك ، فمن ادعى أن هناك مخلوق يشارك الله في صفات الربوبية كالخلق أو التدبير أو الملك أو يصرف شيئا من العبادة لغير الله أو يشبه الله بالمخلوقين في صفاته فهو مشرك بالله.
والشرك ظلم عظيم ، قال تعالى (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)لقمان13.

والشرك ظلم عظيم لأنه يكون بإشراك مع الله آخر سواء في ربوبيته أو إلوهيته أو أسمائه وصفاته وهذا ظلم أن يسوي المرء بين الخالق والمخلوق والقدير والعاجز والقوي والضعيف والغني والفقير والعزيز والذليل ، كما أنه ظالم لنفسه من ارتكبه لخلوده في النار فكان سببا في شقاء نفسه وعذابها.

ما هو ضابط الشرك الأكبر؟

الشرك الأكبر هو الشرك المخرج من الملة وهو ما نقض أصل الدين الذي هو توحيد الله والإلتزام بالشريعة إجمالا.

هل يجوز التوبة من الشرك الأكبر ؟

إن التوبة الصادقة يمحو الله بها جميع الخطايا حتى الشرك بالله ، قال تعالى ( قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ)الأنفال:38.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) متفق عليه.

فيجوز التوبة بالكف عن الشرك والرجوع إلى الله والدخول في الإسلام والعودة إلى دائرة الإيمان وإلتزام شعائر الإسلام الظاهرة والباطنة ، والتوبة تعني الرجوع ، فمن رجع إلى الله وترك ما عليه من كفر أو شرك أو نفاق أو معاصي وندم على ما فعل وكان مخلصا واستقام على أمر الله تاب الله عليه فمن أسمائه التواب.

وما ينطبق على الشرك الأكبر ينطبق على الكفر الأكبر والنفاق الأكبر.

الغصن الثاني :أقسام الشرك الأكبر:

1) الشرك في الربوبية:

هو أن يجعل لغير الله تعالى معه نصيباً من الخلق أوالملك أوالأمر أو التدبير أو الرزق أو الحكم أوغير ذلك من صفات الربوبية ، ومن أمثلة ذلك ما يلي:

1- من يعتقد أن الأولياء سواء في حياتهم أو في مماتهم لهم قدر من التصرف :
كأن يجلبون نفعا أو يدفعون ضرا كأن يكونون سبباً في الرزق أو دفع الأضرار وغير ذلك كمن يعتقد أن الحسين مثلا أو البدوي أو الجيلاني أو الدسوقي أو الرفاعي بيدهم الرزق أو الأجال أو الجنة أو النار.
2- الاعتقاد أن الجن لهم تصرفات خارجة عن إرادة الله:
فمن يعتقدون أن الجن بيدهم الضر أو النفع من دون الله فقد أشركوا بالله شركا أكبر ، وربما يحملهم ذلك على الخوف منهم والذبح لهم والاستغاته بهم فيكونون بذلك أشركوا في الإلوهيه بصرف العبادة لغير الله ، ويكونون بذلك مشركين في الربوبية والإلوهية معا.
3- إعتقاد أن هناك من يعلم الغيب غير الله .
لا يعلم الغيب إلا الله وهي صفة من صفات الله سبحانه وتعالى فمن شاركه فيها وادعى أنه يعلم الغيب فهو كافر مشرك ، فمن أدعى أنه يعلم الغيب بأي وسيلة من الوسائل بغير إخبار من الله كان مشرك شركا أكبر و من صدق من يدعي علم الغيب كان حكمه كذلك مشرك .

× كعقيدة الرافضة في الأئمة الأثنى عشر فهم يعتقدون أنهم يعلمون الغيب وبيدهم الرزق وغير ذلك وهذا شرك أيضاً في الصفات لأن صفة علم الغيب لله وحده وقد أثبتوا تلك الصفة لغير الله سبحانه وتعالى عما يشركون.
× كمن يدعي علم الغيب بواسطة قراءة الكف أو الفنجان أو الكهانة أو السحر أو التنجيم أو الأبراج.
4- الخضوع التام للحكام والرضا بتحليل الحرام وتحريم الحلال بغير إنكار:
هذا شركا أكبر لأنه جعل لله ندا يشرع ويحلل ويحرم ، و صفة الحكم من صفات الربوبية فله الأمر وله الحكم والتشريع ، ويعد شركا في الإلوهية أيضا وذلك بطاعتهم في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله إذ الطاعة عبادة ومن صرفها لغير الله فقد أشرك.
5- شرك النصارى:
الذين يقولون إن الله ثالث ثلاثة أي ثلاثة آلهة تشترك في الملك والتدبير والتصرف وغير ذلك.
6- شرك المجوس:
الذي يسندون حوادث الخير إلى إله النور و حوادث الشر إلى إله الظلمة.
7- شرك القدرية:
الذي يزعمون أن الإنسان يخلق أفعاله.
8- شرك كثير من غلاة الصوفية والرافضة من عباد القبور:
الذي يعتقدون أن أرواح الأموات تتصرف بعد الموت فتقضي الحاجات وتفرج الكربات أو يعتقدون أن أئمتهم وأوليائهم يتصرفون في الكون أو يغيثون من استغاث بهم ولو مع غيبتهم عنه.
9- الاستسقاء بالنجوم واعتقاد أن له تصرف في الكون:
وذلك باعتقاد أنها مصدر السقيا بدون مشيئة الله أو الاعتقاد بأنها تتصرف في الكون بالخلق أو الرزق أو الإحياء أو الإماتة أو بالشفاء أو بالمرض أو الربح أو الخسارة أو الشقاء أو السعادة.
10- شرك فرعون :
ففرعون إدعى الربوبية ، وقد تجاوز حده من العبودية إلى الربوبية فقد تجاوز حده من كونه عبدا لله فقيرا محتاجا إليه إلى إدعاء الربوبية وزعمه الإستغناء عن الله ، فقال لهم ما علمت لكم من إله غيري وقال لقومه أنا ربكم الأعلى ، فهو قد شبه نفسه بالخالق سبحانه وتعالى في العلو والغنى والكبرياء والعظمة .
11- شرك النمرود بن كنعان:
فالنمرود قد ادعى الإحياء والإماته التي هي من صفات أفعال الله ونسبه لنفسه .
12- شرك ملك أصحاب الأخدود:
فقد ادعى الربوبية وتجاوز حده من العبودية إلى الربوبية .
13- شرك الميراز حسين علي :
وهوالملقب بالبهاء ومؤسس فرقة البهائية حيث ادعى الربوبية وأنه القيوم الذي سيبقى ويخلد وأنه روح الله وأنه من بعث الأنبياء والرسل وأوحى بالأديان كلها .
14- شرك غلاة أئمة الصوفية وبعض الطوائف المارقة التي قالت بالحلول والإتحاد ووحدة الوجود:
قال غلاة الصوفية :أن الإنسان من شدة العبادة والمحبة يحصل الاتحاد بين المحب ومحبوبه فمن شدة العبادة سقطت العبودية ووصل الى الحرية فإذا قال الله : أنا الله لا إلا إلا أنا فعبدني ، يقول: أنا .
فالله عندهم يحل محل الانسان والانسان يحل محل الله ولذلك يقولون العبد رب والرب عبد ولهذا فرؤيتهم للشيخ هو رؤية لله بزعمهم لأن الله قد حل فيه وهو مكشوف عنه الحجاب فيعلم علم الغيب.
ما المقصود بوحدة الوجود؟
أسسس هذا المذهب محي الدين بن عربي ، ووحدة الوجود تعنى لا يوجد ما يسمى خالق ومخلوق فالمخلوق صوره للخالق فكما ينظر الإنسان إلى نفسه في المرآه فيرى صورته فالله خلق الخلق ليرى صورته فعندما يريد أن يرى نفسه جبارا يرى نفسه في فرعون وعندما يريد أن يرى نفسه رحيم يرى نفسه في رجل رحيم وهكذا وعندما يريد أن يرى نفسه جميلا يرى نفسه في امرأة جميلة وهكذا فأي ضلال وخبال هذا؟
فالمخلوق طبقا لهذا المبدأ هو صورة لله والكون كله واحد ، والله يتجلي في مخلوقاته .

2) الشرك في الأسماء والصفات:

وهو : أن يجعل لله تعالى مماثلاً في شيء من الأسماء أو الصفات ، أو يصفه تعالى بشيء من صفات خلقه ، وسببه هو تشبيه الخالق بالمخلوق ، ومن مظاهر الشرك في أسماء الله وصفاته ما يلي:
1- إثبات أسماً أو صفة من صفات الله لغيره من المخلوقين مع اعتقاد ما دل عليه الاسم أو الصفة مما اختص الله به نفسه:
وحكم ذلك أنه شركاً أكبر مخرج من الملة ، ومن صور ذلك ما يلي :
× من يسمي نفسه أو غيره العزيز أو الجبار معتقداً دلالة المعنى الذي يوصف به الله دون غيره.
× من يثبت صفة الرزق أو علم الغيب لغير الله:
كغلاة الصوفية والرافضة الذين يعتقدون أن أوليائهم وأئمتهم يعلمون الغيب وبيدهم الرزق.
× من اعتقد بأن السحرة يعلمون الغيب وما سوف يقع في المستقبل:
فقد وقع في الشرك الأكبر المخرج من الملة.
× من يعتقد أن هناك أي مخلوق قد يهب البركة بنفسه :
فيبارك في الأشياء بذاته استقلالاً ؛ لأن الله تعالى وحده موجد البركة وواهبها ، فقد ثبت في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال( البركة من الله)صحيح البخاري .
فطلبها من غيره ، أو اعتقاد أن غيره يهبها بذاته شرك أكبر، والتبارك صفة ثابته لله تعالى بموجب ما ورد في القرآن ، قال تعالى(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)الملك1.
× الكهانة وما على شاكلتها كالرمال والعراف وقاريء الكف والفنجان وغيرهم:
والكاهن هو الذي يدعي علم الغيب ومثله العراف أوالرمَّال ونحوهم مما يدعون أنهم يعلمون ما غاب عنهم دون أن يخبره بذلك مخبر أو زعم أنه يعرف ما سيقع قبل وقوعه فهو بذلك مشركا شركا أكبر سواء أدعى أنه يعرف ذلك عن طريق الطرق بالحصى ، أم عن طريق حروف أبا جاد ، أم عن طريق الخط في الأرض ، أم عن طريق قراءة الكف ، أم عن طريق النظر في الفنجان ، أم غير ذلك ، كل هذا من الشرك.
ودليل ذلك قوله صصص( ليس منا من تَطيَّر أو تُطيِّر له ، أو تَكهَّن أو تُكُهِّن له ، أو سَحَر أو سُحِرَ له ، ومن أتى كاهناً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)صححه الألباني.

× السحر:
وهو عبارة عما خفي ولطف سببه ، وهو عبارة عن عزائم ورقى شركية ، وله حقيقة ومنه ما يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه وتأثيره بإذن الله الكوني القدري ، وهو عمل شيطاني ولا يتوصل إليه إلا بالشرك والتقرب إلى الشياطين بعبادات لا تصرف إلا لله ، وكذلك التقرب من الشياطين بأعمال كفرية ومن ذلك عدم الصلاة مطلقا وتدنيس المصحف بالنجاسات واستخدام الرقى والتمائم والتعويذات الشركية و طاعتهم في معصية الله بالزنا ، وشرب الخمر ، وأكل الحرام ، وعدم التطهر من الجنابة ، وعدم قراءة القرآن إلا للتلبيس على الناس ، وعدم دخول المساجد إلا للتلبيس وغير ذلك.
والسحر من السبع الموبقات أي المهلكات .
والسحر شركا أكبر من ناحيتين :
الأولى: تقرب السحرة من الشياطين بعبادات لا تصرف إلا لله:
ومن ذلك الخوف منهم والإستغاثة بهم و دعائهم والذبح لهم.
الثانية: إدعاء السحرة لعلم الغيب :
ولكن ما هو حكم الساحر؟
حكم الساحر القتل ردة على كفره فهو مرتد ويطبق عليه أحكام الردة.
وما هو حكم الذهاب للساحر؟
لابد أن نفرق بين الأحوال التالية :
1- من ذهب للساحر معتقدا أنه يعلم الغيب وصدقه فيما يقول:
فهو مشرك شركا أكبر لأن علم الغيب صفة من صفات الله فمن ادعى علم الغيب فهو مشرك ومن صدقه في ذلك فهو مشرك ، لقوله صصص (......ومن أتى كاهناً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم )صححه الألباني.
2- من ذهب للساحر فقط يسأله عن شيء ولم يصدقه:
فقد ارتكب كبيرة من الكبائر ولا تقبل له صلاة أربعين يوما ، فعن بعض أزواج النبي أنه قال (من أتى عرَّافًا فسألَه عن شيٍء لم تُقْبَلْ لهُ صلاةٌ أربعين ليلةً)صحيح مسلم.
3- ومن ذهب للساحر لعمل سحر لشخص أخر ولم يصدق أنه يعلم الغيب:
فهذا يكون كافرا كفرا أصغر و شريكا له في إثمه ، وقد قال النبي صصص( ليس منا من تَطيَّر أو تُطيِّر له ، أو تَكهَّن أو تُكُهِّن له ، أو سَحَر أو سُحِرَ له ، ومن أتى كاهناً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم )صححه الألباني.

× التنجيم:

وهو إدعاء ما سوف يقع في المستقبل من غيبيات عن طريق النظر في النجوم ، أي إدعاء علم الغيب ، ويعد من الشرك الأكبر ، كإدعاء هزيمة قوم أو نصر آخرين أو خسارة لرجل أو ربح لآخر أو زواج لفلان أو طلاق لآخر وغير ذلك.
× الاعتقاد بأن لكل برج تأثيراً معيناً على من ولد فيه :
فيقول: فلان وُلِدَ في برج كذا فسيكون سعيداً ، وفلان وُلِدَ في برج كذا فستكون حياته شقاء ، ونحو ذلك ، وهذا كله كذب ، ولا يصدقه إلا جهلة الناس وسفهاؤهم ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فهذا اتخذ تعلُّم النجوم وسيلةً لادّعاء علم الغيب ، ودعوى علم الغيب كفر مخرج من الملة".

2- إثبات إسماً أو صفة من صفات المخلوقين لله:
فمن أثبت لله إسماً أو صفة من صفات المخلوقين والتي لا تجوز في حق الله كالقول بأنه يمسه اللغوب وهو التعب أو وصفه باللعب أو وصفه بالفقر كما وصفه اليهود عليهم لعنة الله أو تسمية الله كبير مهندسي العالم أو كبير الأطباء أو فاعلاً موثراً أو موجبا أو آب كما فعلت النصارى ، أو تسميته العلة الفاعلة ،أوغير ذلك فقد كفر وأشرك.
3- تمثيل وتشبيه الله في صفاته بصفات المخلوقين:
فتمثيل وتشبيه الله بخلقه سواء في ذاته أو أسمائه أو صفاته شركا وكفرا ، كمن يقول أن ذات الله كذات الإنسان أو أنه كالإنسان في هيئته وشكله أو أن وجهه كالقمر أو يده كيد الإنسان أو ساقه كساق الإنسان أواستواءه على العرش مثل إستواء الإنسان على الكرسي وغير ذلك.
4- إشتقاق الأسماء للآلهة الباطلة من أسماء الإله الحق:
قال تعالى(وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)الأعراف180.
الإلحاد : هو الميل بأسماء الله الحسنى من الحق إلى الباطل.
وقال ابن عباس: يلحدون في أسمائه يشركون ، ومنه ‏: سموا اللات من الإله ، والعزى من العزيز.‏

3) الشرك في الإلوهية:

هو اعتقاد أن غير الله تعالى يستحق أن يعبد أو صرف شيء من العبادة لغير الله .
وهو على ثلاثة أنواع:
1- اعتقاد شريك لله في الإلوهية:
فمن اعتقد أن غير الله يستحق العبادة أو يستحق أن يصرف له أي نوع من أنواع العبادة فهو مشرك شركا أكبر مخرج من الملة ، فمجرد الإعتقاد بذلك شركا حتى ولو لم يتم صرف شيء من العبادة فعلا لغير الله ، ويدخل في هذا النوع من يسمي ولده عبد الرسول وعبد الحسين وعبدالمسيح معتقد أن هذا المخلوق يستحق العبادة.
2- صرف شيء من العبادات المحضة لغير الله:
فمن صرف شيء من العبادات لغير الله سواء كانت عبادة قولية كالدعاء والاستغاثة والاستعانة والاستعاذة والاستجارة وغير ذلك ، أو البدنية كالطواف والركوع والسجود وغير ذلك ، أو المالية كالصدقة والذبح وغير ذلك ، أو القلبية كالخوف والطاعة والمحبة والانابة والتوكل والرجاء وغير ذلك ، فقد أشرك بالله شركا أكبر مخرج من الملة.


ومن أراد تفصيل ذلك فليراجع مظاهر الشرك في توحيد الإلوهية منعا للتكرار، ومن ذلك الشفاعة الشركية.

فما هي الشفاعة الشركية؟
× الشفاعة الشركية:

الشفاعة الشركية هي أن يجعل المرء بينه وبين الله تعالى واسطة في الدعاء ، ويعتقد أن الله تعالى لا يجيب دعاء من دعاه مباشرة ، بل لا بد من واسطة بين الخلق وبين الله في الدعاء ، فهذه شفاعة شركية مخرجة من الملة.

واتخاذ الوسائط والشفعاء هو أصل شرك العرب ، فهم كانوا يزعمون أن الأصنام تماثيل لقوم صالحين ، فيتقربون إليهم طالبين منهم الشفاعة ، كما قال تعالى(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)الزمر: 3 .
ومعنى الآية : ألا لله وحده الطاعة التامة السالمة من الشرك ، والذين أشركوا مع الله غيره واتخذوا من دونه أولياء ، قالوا: ما نعبد تلك الآلهة مع الله إلا لتشفع لنا عند الله ، وتقربنا عنده منزلة .
فلله الشفاعة جميعًا ، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه ، فهو الذي يملك السموات والأرض ويتصرف فيهما ، فالواجب أن تُطلب الشفاعة ممن يملكها ، ولا تُطلب من غيره ممن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، قال تعالى(يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا)طه109.
3- الشرك في الحكم والطاعة:
وصوره هي :
1- اعتقاد أن حكم غير الله أفضل من حكم الله أو مثله فهذا مشرك شركا أكبر مخرج من الملة لأنه مكذب بالقرآن ، قال تعالى(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)المائدة50 ، وقال تعالى(وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)يونس109.
2- اعتقاد جواز الحكم بغير ما أنزل الله شرك أكبر لأنه اعتقد خلاف ما دلت عليه الأدلة القطعية في الكتاب والسنة والإجماع من تحريم الحكم بغير ما أنزل الله.
3- أن يضع تشريعا أو قانونا مخالفا لما جاء في كتاب الله وسنة نبيه معتقدا جواز الحكم بهذا القانون أو معتقدا أن هذا القانون خير من حكم الله أو مثله فهذا شرك أكبر.
4- من يحكم بغير ما أنزل الله سواء بقوانين وضعية أو عادات آبائه وأجداده أو بالعرف أو عادات القبيلة وهو يعلم أنها مخالفة لحكم الله معتقدا أنها أفضل من حكم الله أو مثله أو أن يجوز الحكم بها فهذا شركا أكبر.
من يطيع من يحكم بغير شرع الله عن رضا مقدما لقولهم على شرع الله ساخطا لحكم الله ، أو معتقدا جواز الحكم بغيره ، أو معتقدا أن هذا الحكم أو القانون أفضل من حكم الله أو مثله ، قال تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) المائدة44 ،وفي الحديث الصحيح أن النبي صصص تلا هذه الآية على عدي بن حاتم الطائي ، فقال يا رسول الله‏!‏ لسنا نعبدهم قال (أليسَ يحرمونَ ما أحلَّ اللهُ فتحرِّمونَه ، ويحلُّونَ ما حرَّمَ اللهُ فتحلُّونَه ، قال : قلتُ : بلى ، قال : فتلكعبادتُهم ) حسنه بن تيمية.
5- من يدعوا إلى عدم تحكيم شرع الله وإلى تحكيم القوانين الوضعية محاربة للإسلام وبغضا له كالذين يدعون إلى سفور المرأة واختلاطها بالرجال في المدارس والوظائف العامة ، وإلى التعامل بالربا ، ومنع تعدد الزوجات وغير ذلك مما فيه دعوه إلى محاربة شرع الله ، فالذي يدعوا إلى ذلك مع علمه أنه يدعوا إلى المنكر وإلى محاربة شرع الله ظاهر حاله أنه لم يدعوا إلى ذلك إلا لما وقع في قلبه من الاعجاب بقوانين الكفار واعتقاده أنها أحسن من شرع الله ولما وقع في قلبه من كره لدين الاسلام وأحكامه وهذا شرك مخرج من الملة.
الخــــــلاصـــــة





1- الشرك الأكبر يعتبر ناقض من نواقض التوحيد ويخرج من الملة ويخلد صاحبه في النار ما لم يتب منه وتقبل توبته.
2- الشرك الأكبر ثلاثة أنواع شرك في الربوبية وشرك في الإلوهية وشرك في الأسماء والصفات.
3- شرك الربوبية بأن يجعل المرء لغير الله نصيبا من الخلق أو الملك أو الأمر أو التدبير أو الرزق أو الحكم أو غير ذلك من صفات الربوبية .
4- شرك الإلوهية بأن يعتقد المرء أن هناك غير الله يستحق العبادة أو بصرف أي شيء من أنواع العبادة سواء كانت قلبية أو قولية أو بدنية أو مالية لغير الله ، فيجب إلا ندعوا إلا الله و لا نسعين إلا بالله و لا نستغيث إلا بالله ولا نذبح إلا لله ولا نطلب الحاجات إلا من الله ولا نخاف ولا نخشى إلا الله ولا نحب إلا الله ولا نرجوا إلا الله ولا نخلص إلا لله ولا نطوف إلا ببيت الله ولا ننحني بالركوع والسجود إلا لله .
5- شرك الإسماء والصفات بأن يجعل المرء لله تعالى مماثلا في شيء من أسمائه وصفاته ، ومن ذلك إثبات إسما أو صفة من صفات الله لغيره من المخلوقين مع اعتقاد ما دل عليه الإسم أو الصفة ، أو إثبات إسما أو صفة من صفات المخلوقين لله ، أو تمثيل وتشبيه الله في صفاته بصفات المخلوقين.
6- أن الكهانة والعرافة والتنجيم من الشرك الأكبر فلا يعلم الغيب إلا الله وهؤلاء كذابون في ادعائهم لعلم الغيب وما سوف يحدث للإنسان في المستقبل ومن صدقهم في دعواهم فقد أشرك.
7- السحر يعتبر كفر وشرك أكبر مخرج من الملة حيث يتقرب الساحر من الشياطين بأعمال كفرية ويزعمون علمهم الغيب ويصرفون كثيرا من العبادات للشياطين ، فإياك والذهاب إلى الساحر فتعينه على الباطل ولا تذهب إليه حتى من أجل فك السحر فإنه حرام شرعا لأن في ذلك إعانة له على كفره وغيه وفساده وضلاله ويؤدي إلى تعلق قلوب العباد بالسحرة والشياطين وأنهم يقدرون على الشفاء وعلى قضاء الحاجات فهذا والله هو الظن السيء بالله فكيف يذهبون إلى العاجز ويتركون القوي وكيف يذهبون إلى الكافر ويتركون المؤمن وكيف يذهبون إلى من لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا ويتركون المالك الملك المليك ؟
8- إتخاذ الوسائط والشفعاء من الشرك الأكبر فالله لا يريد واسطة بينه وبين عباده ، فكن عبدا ربانيا و إلجأ إلى الله في كل كبيرة وصغيرة ودع مشايخ الطرق الصوفية الضلال الذين يزعمون أنه لابد من أن تتخذهم واسطة تقربك إلى الله ، كما أنه لا يجوز إتخاذ الناس من الأولياء المزعومين شفعاء فالذي يملك الشفاعة هو الله وحده ولا يشفع عنده أحد إلا بإذنه بل هذا المخلوق الذي تتخذه شفيعا هونفسه فقير إلى الله ولايعلم حقيقة حاله إلا الله وهذا الفقير سوف يحتاج ولا شك إلى شفاعة الشافعين من الأنبياء والصالحين يوم القيامة بعد أن يأذن لهم الملك العزيز بذلك .

من كتاب السراج المنير في شرح العقيدة الإسلامية

لتحميل الكتاب أدخل على الرابط التالي - في الملتقى - المرفقات أسفل الموضوع


http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=318807