[ALIGN=CENTER]من مذكراتي
31-12-2003
بيان :
خيـــــانة قــــلم !
صحوت كعادتي في الصباح الباكر ,, كي ألقي عليه تحية الصباح .. وأداعب قامته الطويلة .. وأمشي معه على صفحات دفتري القديم ..
أخذته أصابعي كي تكتب ما صرخ به قلبي .. وحاولت عبثاً تحريكه ..كي يقف بكل شموخ وكبرياء .. رافضاً تلك الأصابع التي طالما احتوته وخطت به أجمل الحروف !
أبعدت يدي عنه رويداً رويداً .. خوفا عليه من السقوط ! ولكن الشيء الوحيد الذي سقط هو يدي المجروحة الكرامة .. من هذا الجسد النحيل البارد .
وخيّل إلي بأنه ارتفع فجأة وطعنني آلاف الطعنات في قلبي الضعيف . حتى سالت من مآقي ّ الدموع ..وتبعثرت كل صرخات قلبي بجنون !
نظرت إليه أحاول أن استشف سببا ً يوقف هذا النزيف في قلبي .. حتى بدأ بالتحرك !
نعم يا سادة .. تحرّك قلمي بدون أي مساعدة مني ! وبدون أن يبث فيه قلبي الحروف .. وبدون أن تضمه أصابعي كي تدله على الطريق ..
وبدأ بتشكيل النقط والحروف .. ويهب من نفسه حبراً صافياً .. .يداعب خشونة الورقة البيضاء بنعومة .. حتى أصبحت تلك الورقة حريرا ً يحتضن قطرات الحبر الحمراء .
واستأذنت دموعي للرحيل.. وقررت الانصراف والتخلي عني هي الأخرى ..
حتى سقط قلمي بعد حين في وسط تلك الورقة البيضاء يقطر حبراً .. أحمر اللون .. تنبعث منه رائحة الدم !
نظرت بحسد كبير لتلك المخطوطة الغالية على قلمي .. والتي أودت بحياته بدون رحمة ..
وكم كانت تلك الحروف الأربع قاسية ... كي تنتزع الحياة من ذلك النحيل الغالي !
نظرت مليّا.. قرأتها عدة مرات متتالية .. وأنا أشبه بالهستيريا الغاضبة ... حزنا وألما على قلمي الغالي !
ولم أدفن تلك الهستيريا إلا حينما توقف قلمي عن النزيف .
مات قلمي وجفت أحباره .. وجفت معها كل كتاباتي وأشعاري !
أعلنت الحداد .. فلقلمي علي ّ حق الحزن حين مماته .. وله علي حق التكريم والتقدير !
أخذته بلطف .. ولطخت دمائه راحة يدي .. ورحلت في ذات الصباح الباكر كي أدفنه .. وأبكي عليه تحت ظل شجرة تحتويني وتنفخ نسمات رقيقة تداعب وجنتي ّ..
حفرت له قبراً نحيلا يشبه صاحبه .. وسويت الأرض بالتراب .. وعدت من حيث أتيت .. وحيده بائسة .. مُهانة وغاضبة من تلك الخيانة المدبرة ..
عدت لتلك الورقة البائسة ..عدت لفراش موته .. ومكان احتضاره .. حتى سبقني نظري لتلك الوصية التي كتبها فيها !
وتجلت أمامي أخيرا تلك الحروف الأربع .. ويا لها من حروف قاتلة.. كُتبت هكذا .. "أحـــبـــك" .. وبعض الدماء المتناثرة حولها !
نهاية البيان[/ALIGN]