عادَ العملاق البافاري ليؤكد على قيمتهِ العالية بين أندية كرة القدم، معلناً عزمه على الإحتفاظ بالكأس الغالية، وتمديد فترة رئاستهِ للكرة الاوروبية بفوزٍ كبير ومستحق في أرض الانجليز وعلى حساب أحد عمالقتها بثلاثية من المسموح وصفها مع الرأفة .


بينما أعلنَ بيلجريني ورجاله استسلامهم أمام عملاق اوروبا منذ دقائق المباراة الأولى، في مواجهة تعيد ذات الأسئلة بعلامات الإستفهام ذاتها حول مدى قدرة الأغنياء على المنافسة الاوروبية بالرغم من ترسانة النجوم التي يملكها !!

والآن مع تحليل لأهم النقاط الإيجابية والسلبية في هذه المباراة:

مانشستر سيتي | ليس لأوروبا .. حتى إشعارٍ آخر !



■ ذات الآمال والآحلام التي يحملها جماهير ملعب الإتحاد مع بداية كل موسم للإعلان عن فريقهم بين كوكبة كبار اوروبا، تبخرت كما في الموسمين الماضيين في أول اصطدامٍ مع الكبار .
فظهرت كتيبة بيلجريني بأداءٍ هزيل وباهت، لا يعكس أبداً توقع أكثر المتشائمين وبغض النظر عن النتيجة .
فلا يزال الأغنياء بشخصية الهرم الضعيف الذي لا يقوى على إظهار أي مقاومة أو خطورة على منافسٍ كبير وحتى وهو يلعب على أرضه .


■ فشلَ بيلجريني فشلاً ذريعاً في استعداده للمواجهة، فاكتفى بدور المدير الفني العادي البسيط، والذي لا يلائم أبداً مواجهة تحمل في أحد أطرافها فريقاً كالبايرن .
فأعدَ تشكيلته معتمداً على ما يملكونه من قوة ومميزات في الأداء، متجاهلاً مهمته الأهم بوضع خطة واحدة على الأقل لإيقاف عملاقٍ كالبايرن .
ففي هذه المواجهات، يتوجب على أي مديرٍ فني يطمح بصنع المفاجأة وخطف الإنتصار، بإعطاء واجبات فردية لكل لاعبٍ في الفريق، بالإضافة لخطةٍ جماعية اختصرها بيلجريني بكل سذاجه بالهجمات المرتدة، أو بجملة : "حاولوا أن تحرموا البايرن من الكرة ! " .
وهذا يمكن استنتاجه برعونة تعامل لاعبي ارتكاز السيتي والمدافعين مع هجمات البايرن وسيطرته على منطقة الوسط، فكان من السهل جداً كسر التسلل والتوغل في منطقة الجزاء في ظل غياب الرقابة الحقيقية على نجوم فريق البايرن في الوسط والدفاع .

ولكن السيد بيلجريني، نسي بأن البايرن يخطط كذلك لإيقاف أي محاولة قد تزعج دفاعاته من قبل أصحاب الأرض، وكانت المهمة سهلة جداً في إيقاف خطة بيلجريني البدائية التي لا يمكن أن تعمل أمام فريقٍ يرفض التنازل عن نقطة .

■ حاول السيتي في أكثر من مرة عن طريق نافاس تحديداً بالإنطلاق في هجمات مرتدة، إلا أنها كانت بدون أي خطورة بالرغم من قدرات هجوم السيتي وأجنحته بالقيام في ذلك .
وهذا لأن نافاس كان افتقدَ في جميع الحالات للدعم والمساندة من أي لاعب من السيتي، فكان نافس يجد نفسه وحيداً ومحاطاً بين مدافعي البايرن، والذين أجبروه في عدة مرات على إطلاق عرضيات بدون معنى أو عنوان.

■ انعدام الدعم والمساندة في كتلة فريق السيتي كانت في حدود الحضيض نظراً للياقة اللاعبين الضعيفة بدنياً وذهنياً، فكانت عودة الأجنحة وخصوصاً نصري، بطيئة جداً لمساندة أظهرة الفريق الذين عانوا الويل في سبيل إيقاف روبين وريبيري .
كل هذه الضغوط التي حملها لاعبو السيتي خلال المباراة، دفعتهم للإستسلام أمام إنعدام الحلول في مواجهة الشمشون البافاري، مما دفعهم لإعتماد الخشونة برعونةٍ لم يتعامل معها حكم المباراة بشكلٍ يمنع إصابة محتملة في صفوف البافاري .

■ لا أرى شخصياً بأن الـ13 دقيقة الأخيرة من المباراة، والتي أسفرت عن هدف نيجريدو، عارضة سيلفا وتصويبة ميلنر الذي أخرجها نوير، بنقطة مهمة تعكس أهمية تبديلات بيلجريني، أو انتقاد تأخره بإجرائها .

هذا ولأن البايرن كان واضحاً عليه الإكتفاء بالنتيجة، ورفضَ التهور والمغامرة في احتكاكاتٍ قد تكلفه إصابة جديدة .
لذا فإن الحكم على آخر 10 دقائق غير منطقي، بعد إعلان إنتهاء المباراة مع هدف روبين في الدقيقة 60 !

بايرن ميونخ | سوبر بايرن .. لا حسرة على هاينكس



■ بعكس السيتي الذي يفتقد لشخصية اوروبية، فإن البايرن لعب الليلة بشخصيته الاوروبية التي تجعلها لا يفرق بين ملعبه وملعب الخصم، فلم يشعر أحد بأن البايرن يلعب في ملعب خصمه منذ الدقيقة الأولى، وذلك بما يملكه من خبرة كبيرة وعظيمة لا يملكها الكثير من فرق كرة القدم عبر التاريخ .
فالفريق الذي لعبَ ثلاثة نهائيات من البطولة، وفاز باتعادل الدقيقة الآخيرة في براج أمام جدران تشيلسي، لا يمكنه أن يتأثر بأجواء ملعب أو بجماهيره .

■ أحسنَ جوارديولا في قرائته للمباراة وحسمَ بناءاً عليها خطته وطريقته في اللعب .
فأدركَ بأن بيلجريني سيحاول أن يلعب على ضغوط البايرن في الارتداد السريع وافتكاك هدفٍ مبكر يزيد من ضغوط البايرن .
إلا أن جوارديولا اختار أن يأخذ زمام المبادرة منذ البداية بدون جس نبضٍ أو خوفٍ من هدفٍ مبكر .
فانتشرَ لاعبوه وكأنهم يواجهون أحد الفرق المغمورة، وتبناقلوا الكرة بسهولة في طريقة أهدت لهم الهدف المبكر بعد كسرهم حاجز الخجل من المحاولة .


■ جميع من شاهدَ بأن لام هو من سيكون في إرتكاز الفريق البافاري، ظنَ خطأً بأنه سيكون لقمة سائغة أمام توريه وفيرناندو .
إلا أن حقيقة الأمر بأن البايرن لعبَ بثلاثة لاعبي ارتكاز بمساندة كروس وشفاينشتايجر لفيليب لام، وهذا كان واضحاً في تناوبهم على استلام الإرتكاز الدفاعي في عدة لقطات، حيث كان لام يتقدم مع روبين في الجهة اليمنى، في حين كان يفعل ذلك شفاينشتايجر في الجهة اليسرى مع ريبيري .

فكان لتبادل الأدوار ذلك عاملاً مهماً في توهان لاعبي الوسط من السيتي، فلم يكن يدرك توريه من هو الذي يجب مراقبته وإخراجه من المباراة .
وهنا يُحسب لجوارديولا شجاعته وقدرته في الإستفادة من ما يمتلكه من لاعبين، وتسخير قدراتهم بشكلٍ أكبر لصالح الفريق .
فالإستفادة من لام في الوسط، أهدت هجوم البافاري المساندو والدعم التي كانت حاسمة في كثير من المرات للجهة اليمنى، ولكنها كانت تواجه مشكلة في ثغرة الظهير عند تقدم لام للهجوم .
فوجود بدلاء للأظهرة في منتصف الملعب بقدراتهم الكبيرة على التمرير وقطع الكرات، جعل من السهل الحفاظ على أظهرة الفريق في أماكنهم دون مغادرته لمساندة الهجوم .

■ تمكنَ البايرن عن طريق خط وسطه القوي، من إغلاق جميع الطرق والمنافذ على فريق السيتي الذي كان يواجه مشكلة في التحول نحو الهجوم، والتي ذكرناها في نقطة غياب الدعم والمساندة في الهجمات المرتدة .
فاللعب بمهاجمٍ وهمي، شكلَ قوة بافارية مفرطة بخط الوسط، حيث لعب البايرن فعلياً بسبعة لاعبين في خط الوسط، جعلت من منطقة الوسط مركزاً بهلوانياً لتمريرات البايرن واستحواذه على الكرة الذي تجاوز في بعض فترات المباراة الـ70% وربما أكثر .

■ عززَ جوارديولا شيئاً مهماً وضرورياً في شخصية لاعبي فريقه، والذين لم يبحث أحدهم عن مجدٍ شخصي أو هدفٍ يتصدر به عناوين الصحف، فشكلت تمريرات البايرن وتناقله للكرة مزيجاً رائعاً للوحةٍ فنية مبهرة بعنوان "جماعية كرة القدم ".

مبروك للبافاري وهاردلك للستيزين او كما يحب البعض تسميته ’’نسور مانشستر’’