المدرسة بيئة تعليمية أشبه بالسفينة ربانها مديرها إما أن يقودها لبر الأمان وإما أن يرديها قاع البحار
المعلم والطالب في هذه البيئة بحاجة إلى مدير مقتدر وناجح
يشرف بشكل مباشر ويحضر في كل حدث ببصمة الواثق من نفسه والحريص على إخوانه المعلمين وأبناءه الطلاب في رحلتهم لطلب العلم والمعرفة
المدير الناجح من يستطيع بكل احتراف أن يتواصل مع المعلمين وأن يقدم لهم النصح والرأي البناء والمثمر بكل ود واحترام مع تنوع ثقافتهم وسلوكهم
وليس بالتملق والنفاق وتقييمهم بناءً على أشكالهم ومظهرهم الخارجي
لأن إدارة الرجال فن ومهارة ينتج معها تواصل وإبداع بمحبة واحترام
ليست سيطرة مطلقة تسبب نفور وتصيد للهفوات بكل حقد وغل من كل الطرفين
في البيئية التعليمية السوية نستطيع مواكبة العصر ومنافسة العالم في الإبداع والاختراع
للوصول للاكتفاء الذاتي في جميع المجالات وسعودة جميع التخصصات
والركيزة الأساسية في هذه الحركة التربوية والفكرية هو المعلم
الذي إن صلح صلحت جميع المخرجات
وإن فسد أو ظل انهارت جميع الجهود المبذولة ودب التخلف والتأخر في المجتمع
المعلم هو الأداة التي تكشف عن المواهب وتثري العقول بكل نافع وتتلمس حاجات المجتمع وفق المقام والزمان
يتعامل مع عقول يانعة وشباب متعطش ومتحضر في زمن الثورة التقنية والمعلوماتية
هم في حاجة إلى من يوجههم ويحثهم على الإبداع والمنافسة الشريفة في كل المجالات
من غير تخويف ولا تشكيك
ليحقق الشاب ذاته ويستعمل طاقته في ما يعود علية بالنفع وما يجعله لبنة صالحة لمستقبل زاهر
ومن أجل تحقيق ذلك يحتاج المعلم ببشريته للرعاية والمتابعة الدورية وتلمس حاجاته
لكي يستطيع التعامل مع عقول أبناءنا بكل ثقة وإقتدار
يحتاج أن يهيئ له الجو المناسب لكي يبدع في بيئة تعليمة سوية
مع توفير الوسائل المساعدة والمحفزة للإبداع والإنتاج
في حياتي العملية مررت بالنموذجين وشعرت بتأثيرهم البالغ على العملية التربوية
وانعكاس تعامل مدير المدرسة على مقدار بذل وعطاء المعلم في تقديم رسالته السامية والشريفة بكل أمانة
الصورة الأولى : هي ذلك المدير الذي تراه يرمقك بنظرات الشك والريبة من أول وهلة
يتصيد أخطاء المعلمين وهفواتهم لكي يتجمل أمام المسئولين عنه
ليثبت جدارته واستحقاقه لذلك الكرسي
يظهر ويتوعد الجميع أنه سوف يعاقب ويحرم من يخالفه في الرأي بل وسوف يجعله (يندم؟!)
وبالمقابل سوف يرفع ويعز من يداهنه ويسايره بكل نفاق خضوع وخنوع ..!!
يتعامل مع المعلمين بكل استعلاء..!
أشبه بعمال تحت كفالته وليسوا زملاء يحملون نفس المؤهل وقد يكونون يفوقونه مستوىً وفكراً وإبداعاً
يصرخ هنا... وينهر هناك... صياح وعويل في كل ناحية من المدرسة
بداعي الضبط والسيطرة ..!
حتى في الصلاة أركع يا زيد ارفع يا عمر ..!
ولمجاورة منزلة للمدرسة يقف في وجه المعلم كل صباح
ناظراً في ساعته وحاملاً قلمه الأحمر لتدوين ملاحظات التأخر بالدقيقة والثانية ..!
لا يقبل عذر ولو كان مسكنك في المريخ
أو منعك عن الحضور المبكر عفاريت الجن والأنس ..!
يقسم في كل اجتماع أنه لن يمنح أحد عذر للتغيب ..!
حتى لو كان مضطراً لأن إجازة المعلم في الصيف عليه تأجيل المرض وكل عرض حتى تحين إجازة الصيف
يرفع بالخصم عن كل متأخر ولو بعذر مع التوصية بلفت النظر
يحرض المعلمين الذين في نظره (مروضين ) على الطلاب بدعوى ترويضهم وضبطهم
بكل قسوة يحسسك بالهوان في العمل تذلف إلى المدرسة كأنك تجر بأنفك
مقابلته للمعلم عند باب المدرسة كل صباح تقتل فيه كل حماس وتعطل كل دافع للعطاء ..
ينظر بعدها المعلم المتشنج إلى طلابه فيتخيل فيهم ذلك المدير الجاهل
ينهرهم بلاشعور ويصدهم عن كل سؤال وحوار
يسعى للخلاص من جدوله اليومي بكل سلبية
ويتحرك في المدرسة بكل عشوائية
يسير بلا وعي
ولو رأي أعظم المنكرات لقال دعها لذلك الهمام الذي يدير هذا المكان
طلاب تلك المدرسة أشبه بالطيور الكاسرة
تحاول الخروج بكل وسيلة ولو كانت قاصرة
لأنهم في أقفاصهم ممنوعون عن كل شي وأي شي لكي يتم النظام وتجمل المدرسة أمام كل ضيف ومستضاف
هم ذلك المدير أن لا يسمع صوت ولا يرى حركة
يسير في كل الممرات
ويسترق السمع من هنا وهناك
ويتلصص بين القاعات
لأنه يخاف من الخلل و القصور ولن يطرح الثقة في أحد ولو كان والد أو ولد !!؟
الصورة الثانية : ذلك الربان الموفق والمربي الفاضل
مدير ناجح لديه أدوات الإدارة والريادة بكل اقتدار ..
له من اسمه نصيب أسعد المعلمين بابتسامته وأخلاقه
أستطاع أن يستوعب ما يزيد على خمسين معلم فلا غياب ولا تأخر
يخجل منه حتى المضطر
بكل حب واحترام لرسالته وتكليفه الوظيفي يشرف ويتواصل مع الجميع
فحقق المراد بكل احتراف نالت مدرسته أعلى الدرجات والتقديرات
فذاع صيته وعلة مكانته
من مكتبه يسير الأمور
و بثقته وحسن ظنه تنافس المعلمين وبرز المبدعين
في مركبه قرابة الثمانمئة طالب
يقودهم لبر الأمان بكل أمانة وأبوة حانيه
يقدم لهم ما يحتاجون في تربيتهم وتعليمهم
يستقبل مقترحاتهم وأفكارهم
بكل شفافية يناقشهم لأنه يعدهم رجالاً للمستقبل
هذا هو النموذج الذي نسعد به ونحتاج إليه في التربية والتعليم لأنه قادر على مواكبة العصر واستشعار أن الإدارة المدرسية مهارة وتواصل
ليست كما يعتقد ذلك السلبي أنها سيطرة مطلقة تملق ونفاق وتلميع الصورة الخارجية للمدرسة
دون مراعاة لما ينتج عن ذلك من تحطيم وإحباط بل وقتل كل موهبة وقدرة لدى المعلمين والطلاب الذين يقابلون المجتمع بكل تشاؤم وسوداوية ..!
هذا أن استطاعوا الخروج بعقل بعد ما شاهدوا من تعدي على حريات وخصوصيات البشر ..!
المعلم في المدرسة يبقى له شرف التعليم وحمل الرسالة العظيمة ..
والطالب يبقى له كرامة وشرف طلبه العلم ...
ليس مهان بكونه طالب فيستحل في حقه كل مكروه ومنكر
هل تحرص وزارة التربية على اختيار من يشرف على عقول أبناءنا في ميدان التربية والتعليم ؟
لسنا في حاجة لمن يرهب أبناءنا لكي يحسن صورته ويحتفظ بمنصبه على حساب مخرجات التربية والتعليم
منقول للفائدة
رد مع اقتباس
