الثورة الحضارية و التجمعات البشرية في بداية عصر المعادن
[align=justify]
يعتبر عصر البرونز هو فترة التكوين في تاريخ الإنسان الحضاري إذ أن كل مظاهر المدنية ومؤسستها قد بدأت تأخذ شكلها في خلال هذا العصر . وقد بدأ هذا التغير الثوري السريع في حوالي الألف الرابعة قبل الميلاد وإقتصر على مناطق قليلة من العالم كانت الظروف الجغرافية فيها ملائمة لإحداث هذا التغير أما في بقية أجزاء العالم أي في الجزء الأكبر من المعمورة فظلت الجماعات الزراعية تعيش بطابعها التقليدي القديم بفترة أخرى من الزمن إستغرقت بضعة مئات من السنين أو للألف سنة أخرى وقد ظاهرة الثورة المدنية في العراق أولاً ثم ما لبثت أن انتشرت في مصر ولذلك نستطيع أن نتتبع هاتين المنطقتين حيث انهما توضحان طريق انتشار ثورة عصر المعدن والتي ظهرت أيضاً في وادي السند في الصين علي ضفاف النهر الأصفر وعلي الرغم من أن الأربع مناطق السابقة هي المراكز الرئيسية لهذه الحضارة إلا أن معظم العناصر الخاصة بهذه الحضارة مستقاة فقط من مصر والعراق ومن ثم لابد أن نسأل عن الأسباب والظروف الجغرافية التي مكنت هذين القطرين من أن يلعبا دور الطليعة في الاستجابة لمتطلبات الحضارة الجديدة ولقد كان للتربة الخصبة دوراً كبيراً بل ومؤثراً أيضاً في قيام المدنية حيث أن وجود التربة الخصبة السهلة الاستغلال قد مهدت لقيام الزراعة . كما أن المناخ أيضاً قد لعب دوراً هاماً وفعال وأنه العامل الأساسي الذي شجع الإنسان علي العمل خارج المنزل على مدار السنة كما أنه المسئول في بعض المناطق عن الخمول الذي يعيش فيه الإنسان . ففي المناطق المدارية مثلاً يجد الإنسان صعوبة فى العمل أثناء النهار ولا سيما إذا كان الجو مشبعاً ببخار الماء وهكذا نجد أن التربة الخصبة والمناخ الملائم يساعد على قيام الزراعة .
على أي حال فقد ظاهر الوجود في هذا العصر منطقتان :-
الأولى :-
كانت عبارة عن مستنقعات واسعة يخترقها نهر دجلة والفرات وهما في طريقهما على الخليج العربي حاملين معهما من روافدهما العليا الطمي الذي أخذ بدورة يترسب قرب الخليج في نفس الوقت الذي أخذت فيه المستنقعات تجف لتعطى مجالاً لظهور سهل فيضي خصب لم يعرفه الإنسان من قبل .
الثانية :-
أما المنطقة الثانية كانت دلتا النيل التي بدأت تعمر بالسكان فلأول مرة بعد أن انحسر مياه النيل عن فروع الدلتا وتعهد فيضان النهر بأن يجدد خصوبة التربة سنوياً ونلاحظ أن الله قد حبا هاتين المنطقتين بتربة خصبة ذات إنتاج زراعي وفير وظروف مناخية ملائمة للتطور السريع .
* وهكذا قامت علي هذه الأرض الخصبة الفيضية في بادئ الأمر أكواخ صغيرة منعزلة ثم ما لبثت أن تجمعت الأسر والعشائر وكونت قرى تطور بعضها إلى مدن ذات إتصالات خارجية ومع الاستقرار البشرى في مصر والعراق بدأ المجتمع المتحضر فى الظهور وبدأ تقسيم العمل فظهرت الطبقات ونظمت التجارة و أخترعت الكتابة وعلى الرغم من أن ثورة التغير المدني كانت متشابه في كلا من العراق ومصر ألا أن الحضارة في المنطقتين قد إختلفت في بعض مظاهرها الأساسية . حقيقة أن الحياة الاجتماعية البسيطة التي ميزت العصور السابقة قد اختفت من المنطقتين بعد قيام حياة جديدة على أسس اقتصادية جديدة .
إلا أن المجتمع المتحضر فى العراق إنحصر في عدد من المراكز المنفصلة التي تلتف كل منها حول مدينة وتكون دولة صغيرة حريصة على حكمها الذاتي .
· أما فى مصر فقد انتظم كل وادي النيل في دولة واحدة تحت حكم ملكاً واحد ولعل هذا التناقض فى النظام السياسي بين المجتمعين هو أحد الاختلافات الهامة بين حضارتهما .
سنتحدث عن مصر كمثال لتجمعات البشرية في بداية عصر المعادن :-
عقب انتهاء العصر الجليدي تحولت الصحراء المصرية من مرتع خصب لصيد إنسان العصر الحجري القديم إلى أرض مقفرة غير صالحة لإستغلال الإنسان فى معظم أجزائها أما تلك الأودية الجافة التي تقترب فيها المياه الباطنية من السطح فتسمح للعشب بالنمو وبقيام الحياة الرعوية أما وادي النيل نفسه فقد ظل حتى ظهور حضارة البداري أرضاً مستنقعية مليئة بالبحيرات في حين ظلت الدلتا مغطاة بعيدان البوص ولهذا كان على الزراعة أن تنحصر في مناطق معينه صالحة لهذا الغرض كمنخفض الفيوم أو على طول حدود الوادي إذ لم يبدأ الإنسان فى الهبوط إلى الوادي إلا بعد أن انخفض مستوى الماء في النهر.
· وقد كان السكان الأوائل فى مصر ينتمون إلى نفس المجموعة التي تنتمي إليها سكان شرق أفريقيا وشمالها (أي سلالة البحر المتوسط) الذين إنحدر منهم ايضاً البجاه والصماوليون ومن ثم كانت نشأت المصريين في عصر ما قبل الأسرات نشأة محلية ، وقد استمرا هذا العصر فترة طويلة من الزمن تقدر بنحو ألف عام جفف الإنسان المستنقعات وطارد الحيوانات المتوحشة وأبادها من الوادي ووضع بذور المدنية المصرية .
· كما أن الوادي قد اجتذب كثيراً من الهجرات على مدى التاريخ الطويل وذلك نتيجة لخصوبة أرضة وجاء إليه الليبيون من الشمال الغربي كما تسربت إلية شراذم من السامين من الشرق وأحضروا قطعان الأغنام والأواني الفخارية والحجرية التي يظهر فيها المؤثرات الفلسطينية . بالإضافة إلى أن جاءت هجرات متعددة إلى مصر من الجنوب و الجنوب الغربي حيث حملت إلى الوادي العناصر النوبية و ايضاً الليبية
· وهكذا تعرضت مصر فى بداية التاريخ لهجرات بشرية مختلفة هدأت حيناً وزاد تدفقها فى بعض الأحيان الأخرى وقد انتشر خليط السكان على طول وادي النيل غير انهم تركزوا فى منطقتين منفصلتين أحداهما فى وادي النيل جنوب أسيوط و الأخرى فى الفيوم ومن ثم كان التمييز بين مصر العليا و السفلي و فى النصف الثاني من الألف الرابعة ق.م وفدت موجة جديدة من الهجرات الحامية وسكنت هذه الجماعات المسالمة فى بادئ الأمر صعيد مصر حيث عاشت هناك فى مرحلة بداية استخدام المعادن غير أنها استمرت بعد ذلك فى مصر السفلي ومع نهاية الألف الرابعة قبل الميلاد نلاحظ أن الفوراق الجنسية التي كانت تميز الجماعات الوافدة المختلفة قد ذابت نتيجة للتزاوج و الاختلاط حيث نجد أن جماجم نقادة ليست ليبية إنما هي مصرية وإذا كانت بعض الأواني الفخارية فى نقادة تشبه تلك التي ما زالت تصنعها القبائل فى شمال أفريقيا إلا أن هناك لغة السكان ولا سيما فى كلماتها التي تحمل عناصر سامية مختلطة بعناصر حامية وطنية وهكذا بدأ المصريون كجماعة مولده يكونون وحدة جنسية أو صفات خاصة بهم وربما كان المرجع الأساسي لهذا التوالد و التزاوج ضيق الوادي ومقدرة المصريين على استغلال الظروف الملائمة فى بلادهم لإقامة إحدى حضارات العالم القديم الكبرى
عصر البرنز الألف الثالثة و منتصف الثانية ق.م
تقع الفترة الكبيرة التي سبقت ظهور فينيقيا التاريخية ومهدت لهذا الظهور فى عصر البرونز هذا العصر الذي استغرق قرابة الخمسة عشر قرناً من الزمان وكان عصراً مثمراً بالجهود البشرية تقدمت فيه الإنسانية تقدماً كبيراً ويكفى أن نذكر أن حضارات مصر و العراق القديمة وقعت كلها فى هذا العصر وليس بغريب أن يرجع إلية الأستاذ جوردون تشايلد الانقلاب الثاني الكبير الذي وجه المدنية وجهة جديدة وفتح لها آفاقاً واسعة ولم يبزغ عصر الحديد حتى كانت مدنيات مصر و العراق قد دب فيها الهرم فحمل الحديد أقوام جدد ورثوا ما وصلت إليه حضارة البرنز أعادوه فى نظام جديد وربما كان الرقى المادي الذي وصلت إليه حضارات البرونز مهداً لتخليص الإنسانية من عناء البحث عن القوت فتحرر الفكر الإنساني وحلق فى آفاق جديدة فظهر الدين التوحيدي فى فلسطين و الفلسفة النظرية فى بلاد الإغريق .
هذا فى الشرق الأدنى ، أما فى أوروبا فقد عرف البرونز متأخراً جداً واستغرق العصر الحجري الحديث شطراً كبيراً من الزمن كان الشرق الأدنى متقدماً فى حضارة البرونز
ويقسم علماء الآثار عصر البرونز إلى عصر بدء المعادن أو عصر النحاس أو عصر البرونز أما العصر الأول فهو وسط بين العصر الحجري الحديث وبين عصر استعمال المعادن كان الإنسان لا يزال يستعمل فيه آلات الحجرية ولا يزال يقطن القرى ولم يكن المعدن فيه إلا مادة من مواد الترف
أما عصر البرونز بأقسامه فهو العصر الذي تحرر فيه الإنسان من استعمال الآلات الحجرية وظهرت فيه أهمية المعادن وتعددت أنواعها فأخذوا فى البحث عنها بجدية وظهرت حركة التبادل فيه بينه وبين منتجات أخرى وظهرت طائفة متخصصة فى صناعته وهذا كله أدى إلى ظهور مقومات الثورة الثانية الكبرى التي يعنيها جوردن تشايلد أي الإستقلال الاقتصادي من موارد الأرض الزراعية وقيام المدن و التجارة و الهجرة و الاستعمار
ويمكن تخليص أهم مميزات عصر استعمال المعدن فى النقاط الآتية :-
1- الخروج من نطاق الاكتفاء الذاتي فى القرى و الاعتماد جزئياً على ما تجلبه التجارة من الخارج
2- نشأة طبقة متخصصة فى الصناعة تنتج من اجل الاستهلاك المحلى و الاتجار مع الخارج
3- نشأة التجارة على نطاق كبير
4- قيام المدن كوحدات جديدة من التعمير البشرى مستقلة عن القرى
5- حركة الهجرة و الإستعمار
الساميين فى عصر البرونز :-
الساميين هم أصحاب الثقافة السائدة فى الهلال الخصيب كله وشبة جزيرة العرب على الأقل منذ الألف الثالثة قبل المسيح وهذه الشعوب قد اتصلت فى خلال تاريخها الطويل بمختلف الحضارات و الثقافات التي استقرت أو أثرت فى الشرق الأدنى اتصلت بها أو أثرت فيها ونريد بادئ ذي بدء أن نؤكد أن تعبيرات السامية و الحامية و الارية ليست تعبيرات أنثروبولوجية جنسية ولكنها تعبيرات ثقافية قد ترقى إلى حد إطلاقه على بعض الحضارات
وقد قسم علماء اللغات السامية إلى مجموعتين :- المجموعة السامية الشمالية و المجموعة السامية الجنوبية وتتألف المجموعة الشمالية من العبرية و الفينيقية وكلتاهما فى الواقع لهجتين من الآشورية و الكنعانية و الآرامية والبابلية و أما المجموعة الجنوبية فتتألف من العربية و الحبشية
الهجرات السامية :-
وإذا أخذنا بالنظرية العربية عن الوطن الأصلي للساميين فانه ينبغي أن نتصور شبة الجزيرة العربية خزاناً هائلاً للبشرية يفيض من فترة إلى أخرى بمن لا يستطيع أن يطعمهم ويخرجون على شكل هجرات سلمية أو غزوات مسلحة على أراضى الهلال الخصيب فى الشمال و اليمن فى الجنوب و البدو بطبعهم يحبون السفر و الارتحال وراء الكلاء و المرعى وهم ليسوا بغرباء عن مواطن الحضارة المستقرة التي تحف بهم بل هم يرتادونها من حين إلى أخر لإستبدال منتجات قطعانهم بما يحتاجونه من أسلحة أو ملابس و فوق ذلك فهم الوسيلة الوحيدة التي تنتقل بواسطتها التجارة عبر الصحراء من أماكن الاستقرار و الحضارة فى الشمال و الجنوب وقد نوة القران الكريم بذلك فى سورة قريش إذ ذكر رحلة الشتاء و الصيف أذن فالبدو يخرجون إلى أقاليم الحضارة المستقرة مدفوعين بدافعين هما دافع نقل التجارة و التبادل فى السلم و الثاني دافع الانبعاث تحت وطأة الفقر و العوذ إما متسللين فرادى وجماعات بشكل سلمى ايضاً و إما غزاة فاتحين
ليس من شك فى أن النطاق الذي تشغله صحراء أفريقيا وبلاد العرب فى الوقت الحاضر كان أثناء العصور الجليدية فى أوروبا و أمريكا يتمتع بقسط وافر من الأمطار نظراً لتعرضه لأعاصير الرياح العكسية الجنوبية الغربية طوال العام ولكن ما إن بدأ الجليد فى التقهقر شمالاً ( وما أن بدأت درجة الحرارة فى الارتفاع بصفة عامة ) حتى تبعته مناطق الضغط و الرياح نحو الشمال وحل الجفاف محل المطر تدريجياً فى النطاق الصحراوي العربي وتحول منذ نهاية العصر الحجري القديم إلى إقليم سهوب ثم إقليم صحراوي على النحو الذي نعهده الآن
منذ حوالي 10000 ق م بدأت الظروف فى التغير نحو الجفاف وتبع ذلك هجرة الحيوانات الضخمة وذبول النباتات الكبيرة وهجرة الإنسان وتغير أسلوب حياته إلى أن تتابع الهجرات السامية فى فترات متباعدة دفع بعض العلماء إلى افتراض أسباب مادية لهذه الهجرات
فالعالم الإيطالي كيتانى يرى أن فترات الجفاف كانت دورية على شبة جزيرة العرب وقد قسم كاتنى بلاد العرب إلى قسمين غربي وشرقي أما القسم الغربي فهو على ساحل البحر الأحمر الشرقي ويشتمل على مرتفعات الحجاز وعسير و اليمن
أما القسم الشرقي فيشتمل الأرض التي تأخذ فى الانحدار و الميل نحو الشمال و الشرق وتمتد إلى نهر الفرات وخليج فارس ويرى كانتى ايضاً أن فصل الجفاف كان اشد و أسرع فى القسم الشرقي منه فى القسم الغربي وبذلك بدأت الهجرات من هذه المناطق قبل المناطق الغربية وظهرت فيها البداوة بصورة أوضح من ظهورها فى سواحل البحر الأحمر التي لم تظهر عليها الأعراض الصحراوية ولم يضطر أهلها إلى الهجرة إلا بعد اشتداد وطأة الجفاف
وهكذا نشا فى محيط العلماء إقليم آخر ينافس إقليم نجد فى دفعه الهجرات وهو إقليم سواحل الخليج الفارسي الذي كان مبعث هجرة الفينيقيين وغيرهم على بعض الروايات و الواقع أن تقسيم كاتنى لشبة جزيرة العرب إلى قسمين لا يستند إلا على أساس تصريف المياه وليس هذا الأساس طبيعي أو جغرافي متين للتقسيم كما انه لا يقوم على أساس تاريخي أو ثقافي كما أن نظرية كاتنى قامت على أسس جيولوجية وأخرى تاريخية ولكننا لا نأخذ بالأسس الجيولوجية وذلك لان شبة الجزيرة العربية لم تدرس بعد دراسة جيولوجية دقيقة
· أول هجرة سامية انبعثت من شبة الجزيرة إلى بلاد الهلال الخصيب اتجهت جنوب العراق الأدنى و أسست دولة بابل وصوب العراق الأعلى و أسست دولة أشور وذلك بعد أن امتزجت بسومر وعيلام ويلاحظ هنا أن هذه الهجرة السامية الأولى تجلت فى مظهرين تحركات البدو الأصلية من اجل التجارة و الانبعاث وتظهر هذه الملاحظة فى التجارة و حملها عبر الصحراء فى الأمصار التي شيدوها كمدينتي اورو و أ ريدو لا تقعان بين الأنهار بل على حافة الصحراء على نهاية الطريق الصحراوية التي تتصل باليمن من ناحية وجنوب سوريا وسيناء من ناحية أخرى هذه الهجرة التي تتصل باليمن من ناحية وجنوب سوريا وسيناء من ناحية أخرى
هذه الهجرة التي حملت الاكادنيين و الآشوريين إلى العراق تؤكد أهمية عامل التجارة وليس عامل الجفاف فى دفع الهجرات فهي فى الواقع من قبيل إنشاء المستعمرات للسيطرة على التجارة
حوالي بدء الألف الثالثة ق. م انبعثت الهجرة السامية الثانية من شبة جزيرة العرب وهى هجرة حملت الكنعانيين إلى الساحل السوري إلا أن هذه الهجرة لم تكن قاصرة على سوريا فالأسماء الكنعانية مثل حداد و ريمون و أشباهها تظهر فى بابل بشكل يلفت النظر منذ 2100 قم ويختلط فى كتب الآثار و التاريخ ذكر الكنعانيين بالعموريين وسنذكر الفرق بينهما تطلق وثائق العهد القديم الجيهوفية على السكان السابقين للعبريين فى فلسطين اسم العموريين بينما النص الابلوهى يسميهم كنعانيين ومن الواضح أن هناك صلة قوية بين هذين الشعبين فلغاتهم لا يختلفان إلا اختلاف اللهجة من الأخرى ويبدو أن الكنعانيين كانوا سابقين للعموريين فى النزوح إلى سوريا
وهناك احتمال آخر وهو أن العموريين كان اسماً أطلقه العهد القديم على سكان المنطقة الجبلية (هضبة يهوذا ) بينما أطلق اسم الكنعانيين على سكان السهول بالرغم من أن كليهما من شعب واحد ويقوى هذا الاحتمال أن الأصل العبري للكناعنيين ، ك ن ع تعنى منخفض أو منخفض فالكنعانيون معناها سكان المنخفض
أن اسم كنعان و ارض كنعان ظل يطلق على ساحل فلسطين وسوريا حتى بعد هجرة العبريين الذين قنعوا باحتلال هضبة يهوذا بفلسطين أما ارض العبريين فكانت على الجانب السوري المتاخم للصحراء فى أعالي الفرات
ومن المحتمل أن الكنعانيين كانوا يعمرون الجهات المنخفضة أو السهل الساحلي لشرق البحر الأبيض المتوسط وربما أزاحهم الفلسطينيون عن الساحل الفلسطيني ولكنهم فى رأى علماء الساميات ثبتوا مراكزهم فى ساحل لبنان و أسسوا سلسلة من المدن الساحلية مثل صور وصيدا وارود وأسماء هذه المدن سامية لاشك فيها وهنا كونوا الشعب الفينيقي التاريخي كما أطلق عليهم الإغريق وان كانوا هم يطلقون على أنفسهم اسم الكنعانيين ولغتهم لا تختلف كثيراً عن العبرية و البابلية و الواقع أن اللغة الفينيقية و اللغة العبرية اشتقت كلتاهما من اللغة الكنعانية الأصلية
الهجرة السامية الثالثة هي الهجرة الآرامية :-
والتي بدأت فى الانبعاث من شمال شرق بلاد العرب حوالي 1350 ق م و استقرت فى المنطقة التي تقع بين جبال لبنان الداخلية (الشرقية) ونهر الفرات وهذه هي الهجرة السامية التي أسست دولة كبرى فى هذا الجزء من العالم فى القرن الرابع عشر ق م التي ورثت ملك الحيثيين فى شمال سوريا وقد كان للآراميين شأن فى سوريا فهم قضوا على ملك الحيثيين وهددوا بعد ذلك ملك شاة نصر ومدوا نفوذهم إلى ارض الجزيرة و العراق الأعلى كله وهددوا إسرائيل من أيام داود حتى( أهاب) وناصبوا اليهود حرباً لا هوادة فيها أسسوا دمشق وامتلكوا ناحية التجارة البرية التي كانت تعبر طريق سوريا الشمالي ونشروا ثقافتهم ولغتهم فى الهلال الخصيب من الفرات إلى مصر تلك الثقافة التي عرفت بالآرامية ثم بالسريانية فيما بعد وتلك هي أهم الهجرات السامية التي صبغت الجانب السوري بصبغته بقدر يزيد أو ينقص منذ الألف الثالثة[/align]