التحذير من مجموعات غير قانونية تتصيد المتعثرين عن سداد القروض البنكية




انتشرت في الآونة الأخيرة، مجموعات مجهولة تعمل على تعزيز مفهوم الاقتراض لدى السعوديين، في ظل تزايد عدد السعوديين المقترضين من البنوك المحلية، مستغلة شريحة معينة من المجتمع وهم المتعثرون، بقصد التكسب السريع واستغلال الظروف.
وتشرع تلك المجموعات بإلصاق الإعلانات التي تروج لأنشطتها على وجه التحديد في محطات البنزين ومكائن الصرف الآلي والأماكن العامة في الرياض.
وتعمل تلك المجموعات على تقديم خدمات مالية جديدة من نوعها في السوق المحلية حيث يعمدون إلى سداد القروض المتعثرة على العميل المستهدف في أي من البنوك المحلية، مقابل التزام العميل بالحصول على قرض جديد من البنك نفسه يسدد من خلاله حقوق الطرف الأول كاملة مع فوائد فورية تبلغ 10 في المائة من قيمة القرض الجديد.
يشار إلى أن القروض البنكية أو الائتمان تمثل بشكل عام أهم قنوات استخدام موارد البنوك التجارية في السوق المصرفية المحلية، حيثُ يوظف البنك معظم مواردها في تقديم تسهيلات ائتمانية وقروض بنكية (تمويل شخصي)، وهي بذلك تمثل المنتجات الرئيسية للبنوك التجارية.
ووفقا لإحصائيات مؤسسة النقد، فإن إجمالي القروض الاستهلاكية والمصرفية التي نفذتها البنوك حتى الربع الثاني من عام 2005 بلغت أكثر من 149 مليار ريال، وهو ما تعزز مع ارتفاع المداخيل الفردية للمواطنين، حيث سعى الكثير من البنوك إلى دعم مسيرة القروض البنكية. وتشير إعلانات تلك المجموعات إلى إمكانية تسديد القروض البنكية بأقل الأسعار بطرق لم تكن مشاعة.
أبو فيصل صاحب معرض سيارات ـ أحد أولئك الذين يقدمون تلك الخدمات التي تقدم للعميل، إنه يتم تسديد باقي الأقساط المتبقية على العميل التي تراكمت عليه الديون بسبب عجزه عن سدادها. وقال إن هذه الخدمة مقدمة منذ سنوات طويلة، لكن استخدام الإعلان هو الذي استجد في الفترة الأخيرة وحققت نجاحات كبيرة - على حد قوله ـ.
وحول ما إذا كان هناك ضمانات لإتمام الاتفاق مع العميل، أشار أبو فيصل إلى أن الاتفاق يتم بموجب عقد مبرم بين العميل وصاحب معرض السيارات، مضيفا أن ''هناك مستندات وأوراق رسمية تحفظ حقوق العميل وينسحب ذلك الأمر على الطرف الأول أيضا''.
وأبان أنه ليس هناك اشتراط حد أعلى للدين المتبقي على العميل، باستثناء الاشتراط على أن يستخرج ذلك العميل قرضا أكبر من قرضه السابق حتى يتسنى له السداد ودفع الفائدة أيضاً، مبينا أن عملية السداد تتم بشراء سيارات جديدة من المعرض.
وأضاف أننا لا نشترط بيع السيارة المشتراة من المعرض ذاته ''بل للعميل حرية البيع من المكان الذي يناسبه''، لافتا إلى أن المهم أن يلتزم العميل بسداد المبلغ المدفوع، إضافة إلى الفائدة المتفق عليها، مبينا أن معدل تلك الفائدة يراوح بين 10 و15 في المائة حسب الاتفاق المبرم بينهما سلفاً.
وفي السياق ذاته، أوضح أبو خالد ـ مستثمر في ذلك النوع من الإقراض ـ، أن هذه الخدمة تقدم منذ سنوات، لافتاً إلى أن الإقبال عليها بات يتزايد بصورة ملحوظة في الأشهر الأخيرة. وتابع:''إننا نسدد البنك بسيارات يشتريها العميل من المعرض، كما تفعل البنوك مع عملائها''. وأضاف لدينا معقب يتابع كامل الإجراءات المتعلقة بالقرض مع البنك واستخراج قرض جديد للعميل. واستبعد أبو خالد أن هذه الطريقة غير شرعية، لافتا إلى أنه سأل أحد طلبة العلم الشرعي وأجاز له هذه الخدمة وأنها بعيدة كل البعد عن التعامل بالربا - على حد تعبيره.
يشار إلى أن القرض المصرفي يعرف بأنه اتفاق تعاقدي بين البنك والمقترض يقوم البنك بموجبه بتوفير التمويل اللازم للمقترض مقابل تعهد الأخير بسداد المبالغ المقترضة، إضافة إلى فوائدها والعمولات والرسوم المستحقة عليها، وإما على دفعة واحدة وإما على أقساط في فترة زمنية محددة، وعادة ما يطلب البنك من المقترض تقديم ضمان في صورة أرصدة نقدية وكفالة شخصية وأسهم ومستندات أو أصول عينية بما يكفل للبنك استرداد حقوقه في حالة توقف المقترض عن السداد.
من جهته، أشار نبيل المبارك مدير شركة سمة - التي أسستها البنوك المحلية لمتابعة السجل الائتماني للعملاء -، إلى أن هذه الظاهرة تفتقد الشفافية أو معلومات لا يمكن معرفة مصادرها وكيفية عملها وعدم الوضوح. ولفت المبارك إلى أنها ظاهرة غريبة تتصف بنوع من السرية، وتستهدف شريحة من الأفراد المتعثرين بالديون غير قادرين على استخراج قروض جديدة. ونبه إلى أن ''هناك استغلالا واضحا لمن أوصلته الظروف إلى هذا المنحدر من ناحية''.
وقال إنه على الرغم من وجود آليات مشابهة لذلك في بلدان أخرى مثل بريطانيا إلا أنها تركز على شريحة من الأفراد لديها تاريخ ائتماني سلبي مع القطاعات المقرضة وغير قادرة على تجاوز تلك المشكلة.
واستبعد المبارك انتشار هذه الظاهرة في تلك البلدان، موضحا أن هناك تنظيما قانونيا لها لحماية حقوق الأطراف. وخلص إلى القول إن الاستغلال واضح لحاجة الأفراد الذين أوصلتهم ظروفهم إلى تلك المستويات، واصفاً هذه الظاهرة بأنها ''استغلال بشع لظروف إنسانية سيئة''.
وقال الدكتور محمد العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ومدير عام المجموعة المصرفية في بنك البلاد، إن فكرة شراء المديونيات مهمة جدا في حال تغير سعر الربح على العميل المتورق، ممثلا على ذلك: أن عميلا تورق بسلع بالأجل بربح 8 في المائة ثم رأى بائعا آخر يبيع بـ 5 في المائة، فإن من مصلحته سداد المديونية السابقة سدادا مبكرا، ثم الشراء بربح أقل من البائع الآخر. وزاد مثل ذلك في مديونيات البنوك على عملائها، سواء منها المديونيات الربوية أو الإسلامية. وبالتالي فإن حاجة الناس هذه توجد لها سوقا، ويوجد في السوق من يقوم بذلك، وأن هذا مثل السوق الثانوية للديون.
وبيّن العصيمي المزايا من حيث تقليل المديونية للعميل وإيجاد آلية مناسبة للانتقال إلى بنك آخر، مما يجعل البنوك تشعر بالمنافسة أكثر، وعليه تقلل من الأرباح التي تأخذها على العملاء مما يقرب إلى سعر التوازن في الربح أكثر. ويرى العصيمي أنه ينبغي على الشخص الرشيد ألا يندفع إلى الاقتراض الشخصي أكثر من طاقته. وينسحب هذا الأمر على ارتباط الأفراد بقروض ضخمة جداً، مع رهن ما يملكون أو أغلبه، ولا يرى أن ذلك محرم، واصفاً عواقبه بأنها وخيمة جداً على الأفراد والبنوك والمجتمع ككل.
وأشار إلى أن خدمة الوساطة في نقل المديونية يجب أن تتم عبر آليات معينة، منها أن يتقدم الشخص المدين إلى بنك (أ) إلى جهة ما، فيشتري منه بأجل قصير مثل شراء سيارات بثمن آجل محدد، ثم يأخذ المدين السيارات ويبيعها، ولا يرى جواز بيعها على من اشترى صاحب المعرض منه لأنه من العينة الثلاثية، فضلا أن يبيعها على صاحب المعرض نفسه، فذلك من العينة الثنائية، وبعد أن يبيع السيارات، يذهب ويسدد للبنك (أ) مديونيته سدادا مبكرا، وبذلك يحصل على بعض الخصم، ثم يتقدم إلى البنك (ب) بطلب مرابحة إسلامية في السيارات أو الأسهم الشرعية أو غيرها، ثم بعد أن يشتري من البنك (ب) يبيع ويسدد مديونيته لصاحب المعرض. وبهذا يكون الشخص قد انتقل كعميل مدين من البنك (أ) إلى البنك (ب) بطريقة شرعية.
ويشدد على أنه لا يصح أن يشترط صاحب المعرض على العميل أخذ نسبة مئوية من المرابحة الجديدة التي حصل عليها من البنك (ب)، بل يجعل الربح في بيع السيارات على العميل في البداية، ويكون ربحا معلوما من ثمن بيع السيارات.



المصدر

الاقتصادية


http://www.aleqt.com/2005/10/19/article_15002.html