أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد و رسوله نبينا محمد و على أله و صحبه أجمعين أما بعد:
فقد كثر الخوض في مسألة التأويل و ما هي حقيقته و هل كل تأويل يكون سائغاً و يمنع المرء في الوقوع في الكفر . ؟
و الناس في هذا الباب على ضربين غال لم يراعي أي تأويل و جاف عذر كل من تلبس بالكفر بهذا العارض و المانع و إن كان تلبس بكفر صريح و منهج أهل ألسنة و الجماعة وسط في هاته المسألة و في غيرها من المسائل قال تعالى ( و كذلك جعلناكم أمةً وسطا ) أقول و بالله التوفيق :

عرف الشوكاني التأويل فقال : وهو أن يظن الدليل وهو ليس بدليل . و قد جاءت ألسنة مقررة هذا المانع و وضع الإمام البخاري هذا الخبر في باب التأويل و قال الحفظ إبن حجر : وإنما المانع في حق حاطب تأويله
و قدامة إبن مضغٌون رضي الله عند استحال الخمر و تاب عن ذلك فتأول في قوله تعالى ( ليس على الذين امنوا و عملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا و امنوا و عملوا الصالحات ) فلم يكفره الصحابة رضي الله عنهم و عذروه بالتأويل و يروى أنه ندم ندماً شديداً حتى بعث إليه عمر رضي الله عنه فقال له لا أعلم أي الذنبين اعضم إستحلالك لم حرم الله أم قنوتك من رحمته .
و الخلاصة أن للتأويل المستساغ ثلاث شروط :
-1 أن لا يعود على الأصل بالبطلان : مثلاً يثبت ألاهين و يقول قال تعالى ( و لقد خلقنا الإنسان من طين ) هذا لا يعتد به لأنه عاد على الأصل بالبطلان وهو توحيد الله تعالى

-2 لابد أن تكون له قرينة : إما شرعية أو لغوية أو عرفية : كتأويل قدامة إبن مضعون رضي الله عند استحلاله للخمر و كتأويل الأشعرة في قوله تعالى ( الرحمن على العرش إستوى ) فاستدلوا بقوله تعالى ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) فقالوا بناءً على عقولهم الفاسدة يلزم من أنه إستوى أنه شابه البشر في نفس الفعل و هذه عادتهم مع سائر الصفات إذ هم يشبهون، في عقولهم أولاً ثم يعطلون

-3 أن يكون في المسائل المشتهرة : مثلوا لذلك بفتنة الزكاة وهاته المسألة لا تعود على الأصل بالبطلان و الزكاة من لوازم التوحيد و عنهم قرينة شرعية ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها ) و هذه من المسائل المشتهرة التي يعذر فيها المتأول

و الله تعالى أعلم و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على أله و صحبه أجمعين
كتبه : أبو عبد الله بن قاسم التونسي