أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله ﷺ تسليمًا كثيرًا وعلى آله وصحبه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين .. وبعد،
فقد أجمع العقلاء على أن أنفس ما صُرفت له الأوقات الأوقات هو عبادة رب الأرض والسماوات، والسير في طريق الآخرة، وبذل ثمن الجنة، والسعاية للفكاك من النار.
ولما كان هذا الطريق كغيره من الطرق والدروب، تكتنفه السهول والوهاد والوديان والجبال والمفاوز، ويتربص على جنباته قطاع الطرق ولصوص القلوب، احتاج السائر إلى تلمس خرِّيتٍ – الدليل الحاذق في معرفة الطرق والمسالك – يبصره الدروب الآمنة، والمسالك النافذة، ويعرفه مكامن اللصوص، وقد كان هذا الخريت هو منهج سلفنا الصالح في النسك، وطرائقهم في السير إلى الله وعباراتهم في الدلالة عليه، كانت بحق خير معوان على انتحاء الأمان.
وهذا النسك السلفي العتيق، والمنهج السني الرشيد في التزكية، لا غنى عنه لكل طالب طريق السلامة، فلا عصمة لمنهج في مجمله إلا منهج السلف الصالح:
دع عنك ما قاله العصريُّ منتحلاً
وبالعتيق تمسك قطُّ واعتصم
ولما كانت الأزمنة الفاضلة من أنسب أوقات الجد والاجتهاد في الطاعة، وكان شهر رمضان من مواسم الجود الإلهي العميم، حيث تُعْتق الرقاب من النار، وتوزع الجوائز الربانية على الأصفياء والمجتهدين، كان لزامًا أن تتواصى الهمم على تحصيل الغاية من مرضاة الرب في هذا الشهر، وهو من التواصي بالحق المأمور به في سورة العصر، وإذا كان دعاة الباطل واللهو والفجور تتعاظم هِمَمُهُم في الإعداد لغواية الخلق في هذا الشهر بما يذيعونه بين الناس من مسلسلات ورقص ومجون وغناء، فأخْلِقْ بأهل الإيمان أن ينافسوهم في هذا الاستعداد، ولكن في البر والتقوى.
ولقد صامت أمتنا دهورًا، غير أن صومها لهذا الشهر ما كان يزيدها إلا بعدًا عن ربها ومليكها وحاكمها الحقيقي، فصار رمضان موسمًا مفرغًا من مضمونة مجردًا من حقائقه، بل صار ميدانًا للعربدة وشغل الأوقات بما يغضب الكريم المتعال.
ولو تجهزت الأمة لهذا الشهر الفضيل وأعدت له عدته، وشمر الناس جميعًا سواعد الجد وشدوا مآزرهم في الطاعة لرأينا أمة جديدة تُولد ولادة شرعية، وذلك بعد استعداد جاد ومخاض عولجت فيه الهمم والعزائم لتدخل في الشهر وهي وثَّابة إلى الطاعات.
وهذه الرسالة نصيحة لعامة المسلمين بثثتها غيرة على حالهم مع الله في هذا الشهر، وجهد مقل أبذله تأثمًا، ويعلم ربي ما هنالك.
هي منهاج في كيفية الاستعداد لشهر رمضان، وجدول أعمال تفصيلي لما ينبغي أن يقوم به سالك طريق الآخرة، إرشادات نفيسة من أئمة التربية والتزكية من السلف الصالح تقود المرء قيادةً حثيثة للوصول إلى درب القبول.
حرصنا فهيا أن تكون واقعية وعملية وتفصيلية، وقبل ذلك: سلفية سنية.
بينا فيها طرق الاستعداد للشهر الكريم بعزيمة قوية قادرة على الاجتهاد الحقيقي في الطاعة بدلًا من الأماني والأحلام، وأطلنا النَّفَس جدًا في بيان أسرار الطاعات والعبادات وكيفية تحصيل اللذة منها، وسردنا جملة من العبادات المهجورة والطاعات المتروكة، حتى تتواثب الأشواق في قلوب المتنسكين ليصلوا إلى ما وصل إليه القوم، ويحصِّلوا المغفرة في شهر المغفرة والرحمة، وقد تركت للنفس سجيتها في سطر هذه المعاني ولم أتأنق كثيرًا في الترتيب والتبويب، ولكن حرصت على النقل من الكتب المعتمدة عند علمائنا وشيوخنا، وحرصت على الاستدلال الصحيحة والحسان.
وأنا لك ناصح أيها الحبيب: إذا أردت استفادة من هذا السِفر فلا تمر على ألفاظه مر الكرام، بل جل بخواطرك حول المعنى ومعنى المعنى، فلقد استللتُ لك النقيَّ وانتقيت لك الأطايب، فإذا استدللت بآية فَحُمْ حول حماها ثم طف في أعماق مداها، وإذا ذكرت لك حديثًا فتمثل نفسك كأنك جالس بين يدي النبي ﷺ تسمعه وتتدبر عنه، وإذا رويت لك سيرة عبقري من السلف فهبْ نفسك ترمُقُه عن كَثَب كأنك في حضرته تشتار من رحيق كلماته، وبدون ذلك فلا تتعنَّ، فإنما صنفناه لك للتذوق لا لتقول للناس قرأته.
واعلم أخيرًا أن ما ذكرته لك في هذه الرسالة إن هي إلا محاولة لتكوين صورة عن الشخصية الربانية ذات العلاقة العامرة بإله الكون والمهيأة لسيادة البشرية وإنقاذها من وهدتها في مادة سميتها «رِي الظمآن في أسرار الطاعة والاستعداد لرمضان».
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. (مقدمة القواعد الحسان لرضا صمدي بتصرف)
* * *

أولًا: فضل الصوم وفوائده لاسيما رمضان
1- فيه الخير: قال تعالى: " • " [البقرة: 184].
2- المباعدة عن النار: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من صام يومًا في سبيل الله بَعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا – أي عامًا -» [متفق عليه].
3- أعظم ما ينتفع به المسلم ويدخل به الجنة: عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، مرني بأمر ينفعني الله به، قال: «عليك بالصيام، فإنه لا مثيل له» [صحيح: أخرجه النسائي]. وفي لفظ يا رسول الله، دلني على عمل أدخل به الجنة، قال: «عليك بالصوم فإنه لا مثيل له» [صحيح: أخرجه ابن حبان].
4- من مات في رمضان دخل الجنة: قال رسول الله ﷺ: «من ختم له بصيام يوم دخل» [صحيح: أخرجه البزار]. ويعضد هذا أيضًا قوله: «للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه» [متفق عليه، واللفظ للبخاري].
5- تُغفر به الذنوب: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه].
6- يشفع الصوم للصائم يوم القيامة: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ما أن رسول الله قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعت الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان» [صحيح: أخرجه أحمد وغيره].
7- رمضان إلى رمضان يكفر الذنب بينهما ما لم يكن كبيرة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» [صحيح مسلم].
8- يجاب فيه الدعاء وتقيد الشياطين: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول ﷺ: «إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء - وفي لفظ «الجنة» - وسلسلت الشياطين» [متفق عليه واللفظ للبخاري].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر» [صحيح: أخرجه الترمذي وأحمد].
9- يرحم الله من شاء فيعتقهم ويستجيب لدعائهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن لله عتقاء في كل يوم وليلة، لكل عبد منهم دعوة مستجابة» [صحيح: أخرجه أحمد] يعني في رمضان.
10-11-12- يقع جزاؤه على الله، وأنه وقاية وستر للصائم وأن الله يحب رائحة فم الصائم: وهذه الفضائل الطيبة نجدها مجتمعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أحب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه» [متفق عليه، واللفظ للبخاري].
جنة: وقاية وستر. يرفث: يفحش في كلامه أو يأتي النساء. يصخب: يرفع صوته ويأتي بأفعال السفهاء. خلوف: تغير رائحة فم الصائم بسبب الصوم.
13- يدخل الصائم الجنة من باب الريان: لقوله صلى الله عليه وسلم: «ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان» [البخاري] – اللهم اجعلنا منهم.
وتأمل تسمية هذا الباب بالريان، وصف من «الرِّي» وهذا يناسب ما كابدوه من العطش في الدنيا، فلهم الري التام في الآخرة.
14- تضاعف فيه الطاعات وتفضل لا سيما العمرة: لقوله صلى الله عليه وسلم: «عمرة في رمضان تعدل حجة، أو قال: حجة معي» [متفق عليه].
15- الصوم المتقبل يورث التقوى: وهي تعظيم الله تعالى بتعظيم شعائره، والصوم شعيرة من شعائر الإسلام، قال تعالى: " " [الحج:32].
16- يوفي الصائم أجره بغير حساب: فهو مجاهد شهوته، صابر على جوعه، صابر على شهوته، وقال تعالى: " " [الزمر: 10] وهم الصائمون. في أكثر أقوال أهل العلم [فتح الباري (4/130)].
17- تقر عين الصائم يوم القيامة: ففي قوله تعالى: " • " [السجدة: 17]. قيل كان عملهم الصيام. [الإحياء: (1/274)].
18- يهذب الشهوة فلا ينحرف صاحبه: لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» [متفق عليه]. ووجاء: أي وسيلة إلى طهارته وعفته.
19- من فضائل الصوم الطبية: أنه يقي الجسم من الزوائد والرواسب؛ ذلك أن الجسم في حالة الصوم يبدأ باستهلاك المواد الغذائية المخزونة فيه، فإذا نفذت يبدأ في استهلاك أو إحراق أنسجته الداخلية. وبهذه النظرية يكون الصوم وقاية للجسم من كثير من الزيادات مثل الحصوة، والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية وأنواع البروز، والأكياس الدهنية، وأيضًا الأورام الخبيثة.
أيضًا الصوم مفيد لمرضى السكر؛ ذلك أن كمية السكر في الدم تقل بسبب الصوم إلى أدنى المعدلات، وهذا يعطي غدة البنكرياس فرصة للراحة، فالبنكرياس هو المسؤول عن إفراز مادة الأنسولين التي تحول السكر إلى مواد نشوية ودهنية تترسب وتخزن في الأنسجة، فالطعام باستمرار قد يرهق البنكرياس ويزيد من إفراز مادة الأنسولين فيتراكم السكر في الدم وتزداد معدلات سنة بعد أخرى حتى يظهر مرض السكر، وخير حماية للبنكرياس؛ لاجتناب مرض السكر – بإذن الله – هو الصوم المعتدل.
والصوم مفيد للمعدة؛ إذ تخلو المعدة تمامًا من الطعام ساعات طويلة في اليوم الواحد ولمدة شهر كامل، مما يعطي المعدة فرصة للراحة وعدم الإرهاق.
والصوم مفيد للأمعاء: فستزيح الأمعاء والمصران الغليظ من الطعام المتراكم وتستطيع الأمعاء بسهولة امتصاص الطعام أو التخلص منه؛ مما يخلص الصائم من الغازات والتقلصات الناجمة عن التخمة وسوء الهضم والتخمر.
والصوم مفيد للوقاية من النقرس؛ وهو المسمى بمرض الأغنياء، وسببه الإكثار من اللحوم، وعندئذ تزداد كمية أملاح البول في الدم، ثم تترسب في العضلات، فتسبب آلامًا تشبه الروماتيزم، أو تترسب في الكلى فتسبب الحصوة، أو تترسب في المفاصل الصغيرة فتسبب تورمها [الحميض: 10 رسائل للصائمين ص 67-71].
وهذا بعض من كل، وغيض من فيض، وسبحان من شرع الصوم، وسبحان من جعل صومه خيرًا لنا!!
والصوم بإذن الله يؤخر رحلة الشيخوخة؛ لقد ثبت أن الشيخوخة لا تبدأ بظهور الشعر الأبيض، لكن تبدأ عندما تنكمش حجم الخلايا نتيجة حدوث بعض التغيرات النفسية أو البدنية، ومن هذه التغيرات البدنية «الأكل»؛ ذلك أنه في سن الشيخوخة نجد بعض الأعضاء لا سيما الغدد الصماء تنقص إفرازاتها، فإذا أكثرنا من الأكل، أرهقت هذه الغدد ويبدأ التقلص الوظيفي لها، الأمر الذي يصحبه تغيرات كيماوية ووظيفية في غدة البنكرياس والغدة الكظرية .. المجاورة للكلى والغدد الجنسية .. الخصيتان في الذكر والمبيض في الأنثى، ومن ثم تظهر التغيرات العضوية.
ويؤكد هذه الحقيقة العالم الأمريكي د/ روس ولغورد الذي أمضى 15 عامًا في دراسة العلاقة بين الطعام والشيخوخة. [راجع: صوموا تصحوا للأحمري ص57: 61].
مجمل فوائد طبية أخرى:
ومن فوائد الصوم: يهدئ الأعصاب ويذهب الأرق – يضبط النفس – يعالج كثيرًا من الأمراض المزمنة لا سيما الجلدية والتناسلية للتلوث والربو والتهاب المفاصل والقولون – يعمل على الوقاية من الآثار السلبية للتلوث الهوائي – يوقف امتصاص السموم الهدامة في الجسم بشكل فاعل وسريع – يعالج بشكل ملحوظ أمراض التلعثم.
[انظر في هذا: «صوموا تصحوا» للأحمري ص53-90، وراجع «رمضان والطب» للدكتور/ أحمد عبد الرؤوف ص124-131].
* * *
ثانيًا: يا باغي الخير أقبل
عليك أيها الحبيب أن تجد في قنص الحسنات لتنعم بالرضوان، ومن جملة هذا الخير الذي يجب عليك التدرب عليه في رمضان:
الخير الأول: تعظيم القرآن:
فالقرآن كلام الله، يشرفك ربك بقراءته وتتشرف –أيه المسلم الحبيب – بقراءته، فحق القرآن عليك أن تطيع الشرع في كيفية التعامل مع القرآن، وذلك بالآتي:
أ- قراءته: قال رسول الله ﷺ: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه» [أخرجه مسلم]، وقال رسول الله ﷺ: «من سره أن يحب الله ورسوله، فليقرأ في المصحف». [السلسلة الصحيحة 5/452، ح/2342].
قال رسول الله ﷺ: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» [صحيح: أخرجه الترمذي].
ب- تَعَلُّمه وتعليمه: قال رسول الله ﷺ: «خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه» [أخرجه البخاري].
فيتعلم المسلم كيف يقرأ القرآن قراءة صحيحة، ويعرف كيف يتدبره، وكيف يستفيد من معانيه فيعرف حلاله وحرامه، بل المسلم الحق هو الذي يعمل بالقرآن ويتبع هداه.
ج- تدبره: قال تعالى: " " [ص: 29]، وقال تعالى: " " [محمد: 24].
فقارئ القرآن عليه أن يتأمل ما يقرؤه من التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود، ثم يفكر في تقصيره فيها، فإن لم يحضره عند ذلك حزن وبكاء فليبك على فقد ذلك.
د- مدارسته: أي تذاكر ما فيه من دلالات وحكم وفوائد ومواقف، وهو أخص من القراءة.
هـ- تعاهده: أي المواظبة على تلاوته ومراجعة ما حفظ منه، وعزم النفس وتدريبها على حسن تدبره.
الخير الثاني: مداومة الذكر والاستغفار:
قال تعالى: " • • • " [الأحزاب: 35].
وهناك أذكار ثابتة عن النبي ﷺ في الأحوال، حتى كان صلى الله عليه وسلم يذكر ا لله تعالى على كل أحيانه. [أخرجه مسلم وغيره].
وأوصى النبي ﷺ قائلًا: «لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله» [صحيح: أخرجه أحمد].
صور الذكر متنوعة: قراءة قرآن – تسبيح – تحميد – تهليل – تكبير – تذكر نعم الله وشكره عليها – الاستغفار – القيام بالواجبات الشرعية كالصلاة والصوم وغيرها – القيام بالواجبات الكفائية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بعض صوره، ونحو ذلك ..
الخير الثالث: التعلق بالمساجد:
وخير البقاع المساجد، وشر البقاع الأسواق كما قال رسول الله ﷺ [حسن أخرجه الطبراني والحاكم].
ولذلك أخبر النبي ﷺ أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: «رجل تعلق قلبه بالمساجد» [أخرجه مسلم وغيره].
ويعني بتعظيم المساجد والتعلق بها:
1- المشاركة في بناء المساجد.
2- كثرة الذهاب إلى المساجد.
3- انتظار الصلاة بعد الصلاة في المسجد.
4- الصلاة فيها جماعة وفرادى.
5- عقد مجالس العلم وشؤون المسلمين فيها.
6- الاعتكاف: ويستحب في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان أن ينقطع المسلم فيها إلى العبادة والخلوة مع ربه، عساه أن يوافق ليلة القدر فيكون من السعداء. «وكان رسول الله ﷺ يعتكف في العشر الأواخر، ويقول: التمسوها في العشر الأواخر؛ يعني ليلة القدر». [أخرجه البخاري ومسلم وأحمد واللفظ لأحمد].
7- تحري ليلة القدر: وهي المعنية في قوله تعالى: " • " [الدخان: 3-4]. قوله صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه البخاري ومسلم]. وهي كائنة بإذن الله في العشر الأواخر من رمضان، وقال صلى الله عليه وسلم: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان» [أخرجه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري].
8- القيام: ويسمى صلاة التراويح؛ لأن كل أربع منها ترويحة؛ لما يحصل فيها من طول القيام، فكانوا يروحون عقبها؛ أي يستريحون.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه البخاري ومسلم].
9- القنوت: ثابت في الوتر عن النبي ﷺ مطلقًا، أما تخصيصه بقيام رمضان فلعله خلاف هدي النبي ﷺ، وقد ثبت عن بعض الصحابة والتابعين القنوت في الوتر في النصف الثاني من رمضان، كما رواه ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه وغيره، والأوفق الاستمساك بجوامع الدعاء الثابت عن النبي ﷺ.
الخير الرابع: كثرة الصدقة وأعمال البر:
فقد كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل... فرسول الله ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة. [متفق عليه] والصدقة بأي شيء ولو كان يسيرًا لها أجر عظيم، قال رسول الله ﷺ: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» [متفق عليه].
* * *
ثالثًا: يومُك أيها المسلم .. فاتق الله فيه
أيها الحبيب يومك هو وقتك هو عمرك هو العصر الذي تعيش فيه من يوم مولدك إلى لحظة وفاتك فكن على طاعة وعبودية.
فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه» [حسن. رواه الترمذي].
قال ابن مسعود: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقس فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي.
قال الحسن: أدركت أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصًا على دراهمكم ودنانيركم.
* البرنامج اليومي الحياتي:
أهدي إليك أخي الحبيب هذا البرنامج اليومي الحياتي فاقبله مع خالص دعائي إليك وجزاك الله خيرًا.
1- الاستيقاظ قبل الفجر.
2- الوضوء.
3- ركعتين بعد الوضوء.
4- الاستغفار.
5- السحور.
6- صلاة سنة الفجر في البيت.
وفي الصلاة احرص أيها الحبيب على:
أ- الجماعة.
ب- المشي إلى المسجد وانتظار الصلاة.
ج- تحية المسجد.
د- الصف الأول.
هـ- صلاة النوافل الراتبة مع الفرائض.
و- جعل صلاة النافلة في البيت.
ي- السواك.
7- صلاة الفجر ثم أذكار الصلاة.
8- المكث في المسجد إلى خلوع الشمس.
9- فترة العمل. وهي غالبًا من (الساعة 8-4).
* وإذا كان رمضان، فعليك عند الفطر أن:
1- تعجل بالفطر عند سماع الأذان.
2- ذكر الله تعالى عند الفطر.
3-الفطر يكون على تمر أو ماء.
4- الاجتهاد في الدعاء.
5- يستحب دعوة الصائم للإفطار.
6- يحذر من أن يأكل شيء في نهي أو شبهة.
7- صلِّ المغرب ثم أكمل إفطارك لو أردت.
يراعى في يومك عمومًا:
1- ورد القراءة، وورد التدبر.
2- المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة وفي أول أوقاتها.
3- المحافظة على الوضوء.
4- الاجتهاد في إظهار الدين لتكون قدوة صالحة لغيرك.
5- اجتناب مسائل الخلاف السائغ بين المسلمين.
6- مواصلة الذكر في طريقك إلى المسجد – العمل – قضاء مصلحة – شراء طلب...
7- الاجتهاد في قنص الحسنات ولو بإماطة الأذى / تبسمك في وجه أخيك المسلم.
8- صلاة القيام في رمضان، والليل في غير رمضان.
أيها الحبيب!! أحذر من:
1- أن تعمل طاعة ثم تتركها فتكون من المتأخرين.
2- أن تحقر من المعروف شيئًا.
3- أن تتشدد في عير موضع التشدد فتكون أحمق.
4- التسويف وركوب مركب التمني.
5- مصاحبة خلان السوء وأصدقاء الشيطان.
6- عدم الوضوح.
7- النفاق والشهوة ومحبة ذكر الناس لك.
أخي الحبيب، حاول أن تجيب عن هذه الأسئلة:
• بأي معنى خرجت من الصيام؟
• بأي قلب قرأت وسمعت وفهمت القرآن؟
• ماذا تغير من سلوكك بعد هذا الفيض؟
• ما قصدك، وكيف همتك وأنت تقود غيرك إلى الله؟
• ما شعورك وأحاسيس قلبك وأنت تتصدق أو تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر أو تصبر على أذى..؟
• هل حقيقة حدث تغيير في سلوكك ... في تصورك .. في مفاهيمك .. وما سبب هذا التغيير ولمن حدث؟
وفقني الله وإياك ... ونسأل الله حسنها إذا بلغت الروح المنتهى وصلي الله وسلم وبارك على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

جمع وترتيب
أبو حفص
محمد بن خطاب
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
في فجر الاثنين 23رجب 1428هـ - 6 أغسطس 2007م