الأديب الصحفي أحمد عبدالغفور عطار


بقلم المستشار عبد الله العقيل
(1335 ـ 1411هـ = 1915 ـ 1991م)

http://www.ikhwanwiki.com/index.php?title
الموسوعة التاريخية الرسمية للاخوان


مولده ونشأته:
هـو الكـاتـب الكـبير والـصحفي الـقديـر والأديـب اللغـوي الأستـاذ أحمد عبدالغفور عطار، من مواليد مكة المكرمة سنة 1335هـ، بدأ تعليمه في المدارس النظامية،حتى حصل على الشهادة الثانوية من المعهد السعودي في العاصمة المقدسة، ثم أوفدتهالحكومة السعودية إلى مصر لاستكمال دراسته في كلية دار العلوم بالقاهرة، فكان يجمعبين الانتظام فيها والاستماع بكلية الآداب في جامعة القاهرة.
ولكن ظروفاً عائلية اضطرته إلى العودة إلى بلده ومع هذا لم ينقطع عن مواصلةالتحصيل العلمي ومتابعة الدراسة والقراءة في كتب الأدب والدين واللغة ومختلفالمعارف، وقد عمل موظفاً مدة ثلاث سنوات، ثم تحول إلى العمل الصحفي والتأليف، فقدأصدر جريدة (عكاظ) عام (1379هـ 1959م) اليومية ثم مجلة (كلمة الحق) عام 1387هـ 1967م) ولم يتوقف عن التأليف والكتابة في الصحف والمجلات داخل المملكة وخارجها،وكان يكتب مقالات كثيرة تحت أسماء مستعارة مثل: عبدالله، عبدالله مكي، عبيدالحازمي».
وكان من المدافعين عن اللغة العربية، باعتبارها لغة القرآن الكريم، ومفتاح فهمالكتاب والسُّنَّة، وقد واجه موجة التغريب التي تجتاح العالم العربي والإسلاميوتصدى لها بكل صلابة وقوة.
وكان كثير القراءة حتى قال عن نفسه: إنه يقرأ في كل يوم أربع عشرة ساعة، وهوموسوعة علمية يرصد كل ما يصدر من المطابع ويتتبع كل ما يُكتب في الصحف والمجلاتوالكتب، وبخاصة إذا كان له علاقة بالإسلام أو المسلمين أو اللغة العربية، ونالجائزة الدولة التقديرية في الأدب عام (1405هـ 1984م) وأهدى مكتبته إلى مكتبة الحرمالمكي وكانت تحتوي على خمسة وعشرين ألف مجلد.
وهو يحظى بتقدير كبير لدى الأدباء والباحثين وكانت له صلة وثيقة بالأستاذ سيدقطب الذي أحبه ووقف إلى جانبه في محنته أمام الطغاة والفراعنة، وقد كتب عنه فيمجلته (كلمة الحق) بعد استشهاده يقول:
«إن سيد قطب عنيد في الحق، فهو إذا اعتقد شيئاً أصر عليه، ولا يعتقد إلا الحق،وهو عنيد في كفاحه وجهاده، لا يثني عزيمته وعناده أمر من هذه الأمور التي تحطمالرجال تحطيماً..
وأولى خصال سيد قطب هي الإيمان بالله، فهو يعرف أن قوة الحكومة كبيرة، ولكنهيؤمن أن الله أكبر، وهذا الإيمان يجعل تلك القوة الكبيرة الضخمة، صغيرة وضعيفة،فيكبر عليها بإيمانه أن الله أكبر، ولهذا لم يبال بقوة الطغيان وقوى الفساد، وقوىالشر الكبيرة، ودفعه إيمانه بأن الله أكبر، على الوقوف في وجهها والانتصار عليها» انتهى.
إن الأستاذ العطار رجل مواقف وصاحب عقيدة ومبدأ، سخّر قلمه للدفاع عن لغة القرآنالكريم، وشهر سلاحه في وجه أعدائها، وأبان خصائصها ومحاسنها وقدرتها على البقاءوصلاحيتها لكل العصور، لأنها ليست لغة جامدة، بل وسعت مطالب الإنسان كلها، كما وسعتكتاب الله وأحاديث رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وفي كتابه القيم (الزحف على لغةالقرآن) يحدثنا فيقول: «إن الأدباء الذين سبقوا هذا الجيل الجديد، عاشروا القرآنالكريم طويلاً، وعكفوا على قراءته ليل نهار، وهذه المعاشرة الطويلة أكسبت أساليبهملوناً رائعاً أصيلاً، وجعلتها أساليب وثيقة التركيب سليمة البنيان، وكيف تتهم اللغةالعربية بالضيق والعجز وقد وسعت كتاب الله وأحاديث رسوله ووسعت آداب العرب وعلومهموفلسفاتهم وفنونهم وحضاراتهم ووسعت مطالب الإنسان كلها عندما كان الإنسان سيدالأرض.. فاللغة العربية ليست جامدة في حقيقتها، بل الذي جمدها هم أهلوها وحدهم،الذين حبسوها في قالب لا تستطيع الخروج عنه.
إن الدعاة الحاقدين على الإسلام يريدون إلغاء الأدب العربي.. وإلغاء القرآنالكريم.. وإلغاء الشعر العربي.. وإلغاء الحرف العربي.
إن في المأثورات الشعبية.. ما بعث الإسلام لمحاربته والقضاء عليه، كالأساطيروالخرافات والوثنيات والشركيات وما إليها.
أنا لا أدعو لإعدام الحرية، بل أجاهد من أجلها، لأنها هبة الله للإنسان.
ولكني أطلب أن تكون الحرية تحت قوامة الإسلام الذي يصونها من الزلل.
والحرية التي تملي لصاحبها أن يعبث بحريات الآخرين هي حرية حيوان، وليست بحريةإنسان.
إن الازدراء بالأدب العربي خطوة إلى إنكار جميع المثل والقيم.. وقضاء على الحريةوالكرامة وخنق لصوت الدين» انتهى.
هكذا كانت مواقف أستاذنا الفاضل أحمد عبد الغفور عطار، وهذا هو أسلوبه الصريح معهؤلاء المتنكرين لدينهم ولغتهم والسائرين في ركب أعداء الإسلام من حيث يشعرون أو لايشعرون، لأنهم يرددون كالببغاوات ما يقوله المستشرقون من افتراءات على القرآنوالسُّنَّة واللغة العربية والأدب العربي والشعر العربي.. وبهذا يكون الأستاذالعطار مؤكداً وملتزماً بالمنهج الذي سار عليه أديب العربية بلا منازع الأستاذمصطفى صادق الرافعي.
كما ينبري العطار متصدياً لأولئك الزاعمين بأن مناهج التربية والتعليم هي مناهجغربيّة ويفند دعاواهم ويبطل مقولاتهم حيث يقول: إن أئمة المسلمين هدتهم تجاربهموثقافتهم وعلومهم وخبرتهم إلى طرق التربية والتدريس قبل الغرب بمئات السنين، وإنمناهج التربية الحديثة ليست غربيّة ـ كما يظن من لا علم عنده ـ بل هي في جملتهاوصميمها مناهج عرفتها التربية الإسلامية، التي أجحف بها الظالمون المنتقصون لأقدارالعرب والمسلمين.
إن غرض التعليم إعداد الفرد إعداداً صالحاً للحياة، بحيث يكون قوة من قوىالمجتمع وقواعده وأسسه، وبحيث يستطيع أن يواجه الحياة وكل ما فيها من حالات وأحداثونظم وآراء وثقافات، حتى يوجه السلوك الإنساني توجيهاً صالحاً حسناً، وتنموالشخصيات وتزكو المواهب وتقوم موازين الخير والفضيلة والحق والجمال في المجتمع.. فالتربية عند المسلمين هي غيرها عند النصارى واليهود والمجوس، والتربية في المجتمعالفاضل المتدين غيرها في المجتمع الذي لا يعترف بدين.
يتبع