لطالما كنت أبحث عن معنى ( الوطن ) ؟ .. خاصة وهذا الوطن لطالما نعتنا في عالمنا العربي بصفات عديدة وعدة .. فتارة يدعوننا جرذان ! .. وتارة ينعتنا بالجهلاء ! .. وتارة بالكلاب وانتم بكرامة ! .. وتارة يدعوننا بفتحة المجاري ! .. وتارة يصفنا بأننا مرض معدي يجب أستئصاله ! .. وتارة يطلق علينا لقب أرهابيين حتى نصبح مطاردين من العالم أجمع !


كنت في معاملة حكومية .. لدى جهة ما .. طلب مني ذلك الموظف حتى تسير معاملتي .. أن أهديه هديه ! .. سأعترف انني كنت مخطئا جدا عندما رفعت رأسي قليلا .. وشعرت وليتني لم أشعر ! .. انه حان لنا ان نطهر الوطن من العابثين والمفسدين والمرتشين !

فقلت له : هذه رشوة !

فما كان منه الا ان وصفني بقلة الأدب ! .. وقد قرر ان يعلمني الأدب ! .. فاحتفظ بالمعاملة في درج مكتبه بحجة ان آلة التصوير عاطلة !

قلت له : يمكنك تصويرها في مكتب اخر !

فقال لي : هذه اوراق رسمية يفترض ان لا تخرج خارج المكتب يا قليل الأدب ! .. ولم يحرم نفسه ان يغمزني بغمزة مفادها : سوف أعلمك الأدب !

حاولت الدفاع عن حقي ليس كأنسان ! .. ولكن كنملة تحدثت ذات يوم الى نبي الله سليمان بن داوود عليهما السلام !

قلت : اريد ان احصل على حقي .. فلدي معاملة متوقفة بحجة انني قليل الأدب !

فكان الرد : هذا موظف في قطاع هام .. كلمة واحدة منه قد تضعك بالسجن .. وربما يدبر لك مكيدة فتجد نفسك مجرم مع سبق الاصرار والترصد وتلقى في غياهب السجن سنوات عدة !

قلت : سوف اشتكيه للمسؤولين !

قالوا لي : هل جننت .. لكي تشكو حماة الوطن !

قلت : ومن أنا ؟

قالوا : انت مجرد نملة ! .. يفترض ان تحيى داخل جدار الوطن وليس خارجه !

قلت : وما الحل ؟!

قالوا لي بصوت واحد : دعه يعلمك الأدب .. يا قليل الأدب !


قال أحدهم : الوطن له أصحاب ! .. ويجب علينا ان نحمد الله ان منحونا فرصة الحياة معهم ! .. وقال آخر : ان الوطن له رجال ! .. وعامة الناس من الرعاع ليسوا من رجالات الوطن ولا حتى نساءه !


سأتحدث صادقا .. انني اتحدث عادة عن الوطن من باب الفزعة ! .. الا انني لا أعرف حقيقة معنى الوطن ؟! .. سوى أنني تعلمت ان عشق الوطن يعني ما يقوله ملاك الوطن !

فاذا قالوا : نحن نحبكم !

رددنا عليهم : ونحن ايضا نعشق المشافر (*) حقكم !

واذا ما قال ملاك الوطن : الله يلعنكم .. قرفتونا !

رددنا نجدد الولاء لهم : الله يلعنا .. قرفناكم !

وهكذا تكون الوطنية ومعنى الوطن !


(*) المشافر : جمع مشفر .. وهي مفردة يمنية ساخرة معناها : شفة ! .. وقد قال المتنبي يصف كافور الأخشيدي : وعبد مشفرته نصفه .. يقال له أنت بدر الدجى !



ودمتـم في خيـر