أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


البوصيري والهيثمي بين النقل والاستفادة

قال البوصيري في الاتحاف 1/123 [813]

قال أبو يعلى : وحدثنا عمرو بن الضحاك بن مخلد ، حدثنا أبي ، حدثنا أبو الرماح عبد الواحد ، قال : دخلت مسجد المدينة ، قال : فأقام مؤذن العصر فعجلها فلامه شيخ في المسجد ، فقال : أما علمت أن أبي حدثني ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتأخير هذه الصلاة ؟ قال : فسألت من هذا ؟ قالوا : هذا عبدالله بن أبي رافع .
قلت : رواه أحمد بن حنبل في مسنده : حدثنا الضحاك بن مخلد ، عن عبد الواحد بن نافع الكلابي من أهل البصرة ، قال : مررت بمسجد المدينة فأقيمت الصلاة ، فإذا شيخ فلام المؤذن ، وقال : أما علمت أن أبي أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أمر بتأخير هذه الصلاة ؟
قال شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيثمي : قد مر بي هذا الحديث في تاريخ أصبهان في ترجمة رافع بن خديج ، وأن الصلاة صلاة العصر ، وأن الشيخ هو ابنه عبدالله بن رافع بن خديج .
قال أبو يعلى : وحدثنا عبدالله بن عمر ، حدثنا معاذ ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : الأخوة من الأم يرثون دية أخيهم لأمهم إذا قتل .


باب ميراث الجد :
قال الحارث بن محمد بن أبي أسامة : حدثنا إسحاق ، يعني ابن الطباع ، حدثنا أبو معشر ، عن عيسى بن أبي عيسى ، أن زيد بن ثابت قال لعمر بن الخطاب : أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجد سدس المال مع الولد الذكر ، ومع الأخ الواحد النصف ، ومع الاثنين فصاعدا الثالث ، وإذا لم يكن وارث غيره ، فأعطه المال كله .
هذا إسناد ضعيف ، لضعف عيسى بن أبي عيسى .
قال أبو يعلى الموصلي : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا قبيضة ، عن سفيان الثوري ... فذكره .
قال البزار : لا نعلمه بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه ، عن أبي سعيد ، وأحسب أن قبيضة أخطأ في لفظه ، فإنما كان عنده كنا نؤديه ، يعني : زكاة الفكر ، لم يتابع قبيضة على هذا .
قلت : حكم شيخنا أبو الحسن الهيثمي الحافظ له بالصحة ، لجوده الإسناد ، ولم يعرج على هذه العلة القادحة .
وقال الحارث بن محمد بن أبي أسامة : حدثنا الخليل بن زكريا ، حدثنا عمرو بن عبيد ، حدثنا الحسن بن أبي الحسن ، عن سمرة بن جندب ، قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤتى النساء في أعجازهن ) . قال الحسن بن أبي الحسن : وهل يفعل ذلك إلا كل أحمق فاجر ؟
قال الحارث : وحدثنا الخليل بن زكريا ، حدثنا عمرو بن عبيد ، حدثنا الحسن بن أبي الحسن ، عن عمران بن حصين ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( محاش النساء عليكم حرام )) .
قال أبو يعلى الموصلي : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا عثمان بن اليمان ، عن زمعة بن صالح ، عن أبي داووس ، عن أبيه ، عن عبدالله بن الهاد ، عن عمر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( استحيوا من الله ، فإن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن )) .
رواه البزار في مسنده : حدثنا محمد بن سعيد بن يزيد بن إبراهيم التستري ، حدثنا عثمان بن اليمان ، حدثنا زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن طاووس .... فذكره .
قال البزار : لا يروي عن عثمان إلا من هذا الوجه .
قلت : قال شيخنا أبو الحسن الهيثمي : رجاله رجال الصحيح كما زعم ، فإنما أخرج مسلم لسلمة ، وزمعة متابعة ، وإلا فهما ضعيفان ، والحديث منكر ، لا يصح من وجه ، كما صرح به البخاري ، والبزار ، والنسائي ، وغيرهم .
وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا جعفر بن عون ، عن ربيعة بن عثمان ، عن محمد بم يحبى بن حبان ، عن نهار ، عن أبي سعيد أن رجلاً أتى بابنة له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ( يا رسول الله ، هذه ابنتي ، وأبت أن تتزوج فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أطيعي أباك ، كل ذلك ترد عليه مقالته فقالت : والذي بعثك بالحق لا أتزوج حتى تخبرني ما حق الزوج على امرأته ؟ قال : لو كان به قرح ، أو ابتدر منخره دماً وصديداً ، ثم لحسته بلسانك ما أديت حقه فقالت : والذي بعثك بالحق لا أتزوج أبداً فقال : لا تنكحوهن إلا بإذنهن ) .
رواه البزار : حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم وأحمد بن منصور بن سيار ، قالا : حدثنا جعفر بن عون ، حدثنا ربيعة بن عثمان ... فذكره . وقال : لا نعلمه يروى إلا بهذا السند ، ولا روى عن ربيعة إلا جعفر .
رواه ابن حبان في صحيحه : أنبأنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم ... فذكره .
ورواه الحاكم أبو عبدالله الحافظ : أنبأنا الحسين بن يعقوب ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء ، حدثنا جعفر بن عون ... فذكره .
وعن الحاكم رواه البيهقي في سننه .
قال شيخنا أبو الحسن الحافظ الهيثمي : رجاله رجال الصحيح إلا نهار وهو ثقة .
قال شيخنا الحافظ العسقلاني : وربيعة بن عثمان ، ليس هو من رجال الصحيح ، إلا في المتابعات .
قلت : رقم عليه الذهبي في الكاشف علامة مسلم في الصحيح ، ووثقه ابن معين ، وابن سعد ، وابن نمير ، والحاكم ، وذكره ابن حبان في القات ، لم ينفرد جعفر بن عون ، عن ربيعة بالرواية ، وفقد روى عنه أيضاً ابن أبي فديك كما مر به الذهبي في الكاشف .
عن سالم عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن لبستين : الصماء ، وهو أن يلتحف الرجل في الثوب الواحد ، يرفع جانبه على منكبه ، ليس عليه ثوب غيره ، أو يحتبي الرجل في الثوب الواحد ، ليس بين فرجه وبين السماء شيء ، يعني ستراً ، ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاحين : أن يتزوج المرأة على عمتها ، أو على خالتها ، ونهانا عن طعمتين : الجلوس على مائدة عليها الخمر ، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه ، ونهانا عن بيعتين : عن بيع المنابذة والملامسة ، وهي بيوع كانوا يتبايعون بها في الجاهلية .
رواه البزار في مسنده : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا كثير بن هشام ... فذكر قصة النكاح حسب . وقال : لا نعلم رواه عن الزهري هكذا إلا جعفر ، ولا عنه إلا كثير .
قال شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيثمي : رجاله رجال الصحيح .
قلت : رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجة في سننهم باختصار من طريق جعفر بن برفان به . وجعفر وإن أخرج له مسلم ، ووثقه ابن معين ، وابن سعد ، والعجلي إلا أنه ضعيف في الزهري .

باب ما جاء في درء الحدود بالشبهات :
قال مسدد : حدثنا يحيى ، عن شعبة ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن عبدالله قال : ادرؤوا الحدود عن عباد الله - عز وجل .
رواه الحاكم أبو عبدالله الحافظ : أنبأنا أبو الوليد الفقيه ، حدثنا محمد بن أحمد بن زهير ، حدثنا عبدالله بن هاشم ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن عبدالله قال : ادرؤوا الحدود والعقل عند المسلمين ما استطعتم .
وعن الحاكم رواه البيهقي في سننه وقال : هذا موصول . انتهى .

باب الحد كفارة :
قال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثت عن روح بن عبادة ، عن أسامة بن زيد ، عن محمد بن المنكر ، عن ابن خزيمة بن ثابت ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من أصاب ذنباً فأقيم عليه حد ذلك فهو كفارته )) .
رواه أبو يعلى الموصلي : حدثنا زهير ، حدثنا روح ، حدثنا أسامة .... فذكره .
وله شاهد في الصحيحين ، وغيرهما من حديث عبادة بن الصامت ، واستدرك شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيثمي في زوائد ابن حبان حديث عبدالله هذا على الصحيحين ، ووهم في ذلك ورواه الترمذي ، وابن ماجة من حديث علي بن أبي طالب .

باب ما جاء في النهبة والاختلاس والحبس في التهمة :
قال أحمد بن منيع : حدثنا يزيد ، أنبأنا ابن أبي ذئب ، عن مولى لجهينة ، عن عبد الرحمن بن خالد الجهني ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى اله عليه وسلم نهى عن النهبة والخلسة .
وقال في الحديث رقم ( 4143 ) : رواه الطبراني وهذا الحديث فإن شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيثمي فلم يذكره في زوائد المسند .
قال أبو يعلى الموصلي : وحدثنا إسماعيل بن موسى السدي ، حدثنا عمر بن سعد النصري ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : (( ويل للأمراء ، ويل للعرفاء ، ويل للأمناء ، ليأتين على أحدهم يوم ود أنه معلق بالنجم ، وأنه لم يل عملاً )) .
رواه أحمد بن حنبل في مسنده ، من طرق رواة بعضها ثقات ، ولفظه : عن عائشة ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : (( ويل للعرفاء ، ويل للأمناء ، ليتمنين أقوام يوم القيامة أن ذوائبهم معلقة بالثريا يتذبذبون بين السماء والأرض ، ولم يكونوا عملوا على شيء )) .
وهذا الحديث مما فات شيخنا الحافظ الهيثمي في زوائد مسند أحمد بن حنبل على الكتب الستة .
وقال عبد بن حميد : حدثنا أبو عاصم ، أنبأنا سعيد بن زيد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي الحسن الحمصي ، عن عمرو بن مرة ، وكانت له صحبة ، أنه قال لمعاوية : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : (( أيما وال ، أو قاض ، شك عليَّ ، أغلق بابه دون ذوي الحاجة ، والخلة ، والمسكنة ، أغلق الله بابه عن حاجته ، وخلته ، ومسكنته )) .
رواه أحمد بن حنبل : حدثنا معاوية بن عمرو ، وأبو سعيد ، قالا : حدثنا زائدة ، حدثنا السائب بن حبيش الكلاعي ، عن أبي الشماخ الأزدي ، عن ابن عم له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه أتى معاوية فدخل عليه ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : (( من ولي من أمر الناس شيئاً ، ثم أغلق بابه دون المسكين والمظلوم ، وذوي الحاجة ، أغلق الله تبارك وتعالى دونه أبواب رحمته دون حاجته ، وفقره أفقر ما يكون إليها )) .
وكذا رواه أبو يعلى من طريق أبي الشماخ الأزدي به .
وله شاهد من حديث معاذ بن جبل ، رواه أحمد بن حنبل في مسنده بإسناد جيد ، والطبراني وغيره ، وأورده شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيثمي في زوائد الحارث على الكتب من حديث أبي مريم الأزدي وكانت له صحبة ، ووهم في ذلك .
فقد رواه أبو داود ، والترمذي من طريق القاسم بن مخيمرة ، عن أبي مريم الأزدي به .
وقال عبد بن حميد : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس أن أبا طلحة كان يرمي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وكان رجلاً رامياً ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ، وكان إذا رما رفع رسول الله رأسه شخصه ينظر أين يقع سهمه وكان أبو طلحة يدفع صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، ويقول : يا رسول الله هكذا لا يصيبك سهم نحري دون نحرك وكان أبو طلحة يصور بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا رسول الله ، إني قوي جلد فوجهني في حوائجك وابعثني حيث شئت .
هذا إسناد رواته ثقات .
وقال الحارث بن محمد بن أبي أسامة : حدثنا محمد بن عمر ، حدثنا بكير بن مسمار عن عامر بن سعد سمعه يخبر ، عن أبيه ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه درعان ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ليت أني غودرت مع أصحابي بمحص الجبل )) يعني شهداء أحد .
هذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن عمر الواقدي ، لكن لم يتفرد به الواقدي .
فقد رواه البزار في مسنده : عن محمد بن عيسى التميمي ، حدثنا إسحاق بن محمد الفروي ، حدثنا عبدالله بن جعفر هو المخرمي ، عن إسماعيل بن محمد بن سعد ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر بين درعين يوم أحد .
قال البزار : لا نعلمه عن سعد إلا من هذا الوجه .
قلت : هذا إسناد حسن وقد ظن شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيثمي أن إسحاق هذا هو عبدالله بن أبي فروة . فقال : أنه ضعيف ، وليس به ، بل هو متأخر عنه وقد أخرج له البخاري وتكلم فيه بعضهم بكلام لا يقدح فيه .

باب ما يستحب القاضي أن يقضي في موضع بارز الناس لا يكون دون حجاب وأن يكون متوسط المصر :
قال مسدد : حدثنا عبدالله عن فطر ، عن الديال بن حرملة ، سمعت القاسم بن مخيمرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من ولي عن الناس فاحتجب عنهم عند فقرهم وحاجتهم احتجب الله منه يوم القيامة )) .
رواه أبو يعلى الموصلي ، قال : حدثنا الحسن بن حماد ، حدثنا أبو أسامة ، عن زائدة ، عن السائي بن حبيش الكلاعي ، عن أبي الشماخ الأزدي ، عن ابن عم له ، أنه دخل على معاوية ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من ولي من المسلمين شيئاً فأغلق بابه عن المسكين والضعيف وذي الحاجة دون حاجتهم وفاقتهم أغلق الله عز وجل عنه باب رحمته يوم حاجته وفاقته أحوج ما يكون إلى ذلك )) لا أدري من القائل الأزدي لمعاوية ، أو الأزدي لمعاوية : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ورواه عبد بن حميد : أخبرنا أبو عاصم ، حدثنا سعيد بن زيد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي الحسن الحمصي ، عن عمرو بن مرة ، وكانت له صحبة أنه قال لمعاوية : أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( أيما وال ، أو قاض ، شك عليَّ ، أغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة أغلق الله بابه عن حاجته وخلته ومسكنته )) .
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده بإسناد حسن : حدثنا معاوية بن عمر وأبو سعيد قالا : حدثنا السائب بن حبيش الكلاعي ... فذكره دون قوله : لا أدري ... الخ .
ورواه شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيثمي في زوائد الحارث بن محمد بن أبي أسامة من حديث أبي مريم موقوفة وزعم أنه ليس في شيء من الكتب الستة ووهم في ذلك .

ما بنى البوصيري من نقله عن المنذري :
قال أبو يعلى : وحدثنا أبو همام ، حدثنا الوليد عن رجل سماه أبو همام ، وانقطع في كتابي عن عثمان بن أيمن ، عن أبي الدرداء ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( من خرج يريد علماً يتعلمه فتح له باب إلى الجنة وفرشته الملائكة أكنافها وصلت عليه ملائكة السماوات وحيتان البحور وللعالم من الفضل على العابد كفضل القمر لليلة البدر على أصغر كوكب في السماء العلماء ورثة الأنبياء أن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ولكنهم ورثوا العلم فمن أخذ بالعلم فقد أخذ بحضه موت العالم مصيبة لا تجبر وثلما لا تسد وهو نجم طمس موت قبيلة أيسر من موت عالم )) .
قلت : رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة دون قوله موت العالم ... الخ ، وكذا رواه ابن حبان في صحيحه ، والبيهقي في شعب الإيمان كلهم من طريق كثير بن قيس ، عن أبي الدرداء به .
وقال الترمذي : لا نعرفه إلا من حديث عاصم بن رجاي بن حيوة ، وليس إسناده عندي بمتصل ، إنما يروي عن عاصم بن رجاء بن حيوة ، عن داود بن جميل ، عن كثير بن قيس .
قال الحافظ المنذري : ومن هذه الطريق ، رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة في صحيحه ، وغيرهم .
قال : وقد روي عن الأوزاعي ، عن كثبر بن قيس ، عن يزيد بن سمرة ، عنه وعن الأوزاعي ، عن عبد السلام بن سليم ، عن يزيد بن سمر ، عن كثير بن قيس عنه . قال البخاري : هذا أصح .
وروي غير ذلك وقد اختلف في هذا الحديث اختلافاً كثيراً ذكرت بعضه في مختصر السنن وبسطته في غيره والله أعلم .
وقال أبو يعلى الموصلي : حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير ، حدثنا علي بن مسهر ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن خليفة بن قيس ، عن خالد بن عرفطة ، قال : كنت جالساً عن عمر ، إذ أتي برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس ، فقال له عمر : أنت فلان بن فلان العبدي ؟ قال : نعم ، فضربه بعصا معه ، فقال الرجل : مالي يا أمير المؤمنين ؟ فقال له عمر : اجلس ، فجلس فقرأ عليه بسم الله الرحمن الرحيم ( ألمر ، تلك آيات الكتاب المبين ، إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ، نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله من الغافلين ) فقرأها عليه ثلاثاً وضربه ثلاثاً فقال له الرجل : يا أمير المؤمنين فقال : أنت الذي نسخت كتب دنيال ، قال : مرني بأمرك اتبعه قال : انطلق فامحوه بالحميم والصوف الأبيض ، ثم لا تقرأ أنت ، ولا تقرئه أحد من المسلمين ، فلئن بلغني عنك أنك قراءته ، أو أقرأته أحد من المسلمين ، لأهلكنك عقوبة ، ثم قال له : اجلس وجلس بين يديه ، قال : انطلقت أنا ، فانتسخت كتاباً من أهل الكتاب ، ثم جئت به في أديم ، فقال لي رسول الله : ما هذا الذي في يدك يا عمر ؟ فقال : قلت : يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علماً ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى احمرت وجنتاه ، ثم نودي بالصلاة جامعة فقالت الأنصار : أغضب نبيكم صلى الله عليه وسلم ، السلاح السلاح ، فجاءوا حتى حدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا أيها الناس إني قد أتيت جوامع الكلم وخواتمه ، واختصر لي الكلام اختصاراً ، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تهيكوا ، ولا يغرنكم المتهيكون ، قال عمر : فقمت فقلت : رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبك رسولاً ، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هذا إسناد ضعيف ، لضعف خليفة بن قيس .
وقال مسدد : حدثنا معاذ ، حدثنا أبو نصر التمار ، حدثنا عقبة الأصم ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النظر في النجوم .
قلت : له شاهد من حديث أنس بن مالك ، وقد تقدم في كتاب القدر .
قال الحافظ المنذري : المنهي عنه من علم النجوم هو ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية في المستقبل الزمان ، كمجيء المطر ، ووقوع الثلج ، وهبوب الرياح ، وتغيير الأسعار ، ونحو ذلك ، ويزعمون أنهم يدركون ذلك بسير الكواكب واقترانها ، وافتراقها ، وظهورها في بعض الأزمان دون بعض ، وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه حد غيره . فأما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف به الزوال ، وجهة القبلة ، أو كم مضى من الليل لنهار ، أو كم بقي ، فإنه غير داخل في النهي ، والله أعلم .
وقال محمد بن يحيى بن أبي عمر ، حدثنا المقري ، حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ، عن عبد الرحمن بن رافع ، عن عبدالله ، أنه قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ، فسمعتهم وهم يستفتونه عن الاستنجاء فسمعته يقول ثلاثة أحجار قالوا : كيف بالماء ؟ قال : هو أطهر وأطهر .
رواه أحمد بن منيع : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن انعم ... فذكره .
قلت : الإفريقي ضعيف ، لكن لم يتفرد به . فقد رواه الحاكم في المستدرك من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق عن علقمة ، عن عبدالله ، قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آتيه بثلاثة أحجار ، فأتيته بحجرين وروثة ، فأخذ الحجرين وألقى الروثة ، وقال : ائتني بحجر .
رواه البيهقي في سننه الكبرى ، عن الحاكم ، وهو في البخاري ، وفي النسائي ، وابن ماجة .
رواه أحمد بن حنبل في مسنده : حدثنا الهيثم بن خارجة ، حدثنا حفص بن ميسرة ، عن ابن حرملة .... فذكره .
ورواه الطبراني في كتاب الدعاء : قال : حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا العباس بن الوليد النرسي ، حدثنا وهيب بن خالد ، حدثنا عبد الرحمن بن حرملة ... فذكره .
قال : وحدثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا مسدد .... فذكره . ثم ذكر له طريقاً آخر من حديث أبي هريرة وسهل بن سعد وعائشة .
قال أحمد بن حنبل : لا أعلم في هذا الباب حديثاً له إسناد جيد .
قال إسحاق بن راهويه : إن ترك التسمية عامداً أعاد الوضوء ، وإن كان ناسياً أو متأولاً أجزاءه .
قال البخاري : أحسن شيء في هذا الباب حديث الرباح بن عبد الرحمن .
قال الترمذي : والرباح بن عبد الرحمن عن جدته ، عن أبيها - وأبوها سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل - وأبو ثفال المري واسمه ثمامة بن حصين ، ورباح بن عبد الرحمن وهو أبو بكر بن حويطب ، منهم من روى هذا الحديث فقال عن أبي بكر بن حويطب فنسبه إلى جده قال : وفي الباب عن عائشة ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد ، وسهل بن سعد ، وأنس ، انتهى .
وله شاهد من حديث سهيل بن سعد ، رواه ابن ماجة بسند ضعيف .
قال الحافظ المنذري : وقد ذهب إسحاق بن راهويه ، وأهل الظاهر إلى وجوب التسمية في الوضوء ، حتى انه إذا تعمد تركها أعاد الوضوء وهو رواية عن الإمام احمد ، ولا شك أن الأحاديث التي وردت فيها ، وإن كان لا يسلم شيء منها من مقال ، فإنها تتعاضد بكثرة طرقها ، وتكتسب قوة والله اعلم .
قال أبو بكر بن أبي شيبة : وحدثنا حسين بن علي ، عن شيخ يقال له الحفصي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : أذن بلال حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أذن لأبي بكر حياته ، ولم يؤذن في زمن عمر ، فقال له عمر : ما يمنعك أن تؤذن ؟ قال : إني أذنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض ، وأذنت لأبي بكر حتى قبض ، لأنه كان ولي نعمتي ، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا بلال ليس شيء أفضل من عملك إلا الجهاد في سبيل الله ، فخرج إلى الشام فجاهد .
رواه عبد بن حميد وأبو يعلى الموصلي ، قالا : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ... فذكره .
وقال عبد بن حميد : أنبانا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن منصور ، عن عباد بن أنس ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن يغفر له مدى صوته ، ويصدقه كل رطب ، ويابس يسمعه ، وللشاهد عليه خمس وعشرون حسنة .
قلت : رواه أحمد بن حنبل في مسنده ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجة ، في سننهم دون قوله : وللشاهد عليه خمس وعشرون حسنة .
وما زاده عبد بن حميد رواه ابن حبان في صحيحه : حدثنا أبو خليفة ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا شعبة ، عن موسى بن أبي عثمان ، سمعت أبا يحيى يقول : سمعت أبا هريرة ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره ، وزاد ويكفر عنه ما بينهما .
وقوله : يغفر له مدى صوته ، قال الخطابي : مدى الشيء غايته ، والمعنى أن يستكمل مغفرة الله إذا استوفى وسعه في رفع الصوت ، فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية من الصوت .
قال الحافظ المنذري : ويشهد لهذا القول رواية من قال : يغفر له مد صوته - بتشديد الدال - أي يقدر مد صوته .

رواه أبو بكر بن أبي شيبة ، وعبد بن حميد : حدثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا الضحاك بن نبراس ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، عنه زيد بن ثابت قال : فأقيمت الصلاة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأتا معه ، فقارب في الخطى ، وقال : إنما فعلت هذا ليكثر عد خطانا في طلب الصلاة .
ورواه الحارث بن محمد بن أبي أسامة : حدثنا داود بن المحبر ، حدثنا محمد بن سعيد ، عن أبان ، عن أنس قال : خرجت وأنا أريد المسجد ، فإذا أنا بزيد بن ثابت فوضع يده على مناكبي يتوكأ عليَّ ، فبقيت أخطو خطو الشاب ، فقال لي زيد ( يعني ابن ثابت ) : قرب بين خطواك ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : (( من مشى إلى المسجد كان له بكل خطوة عشر حسنات )) .
ورواه أبو يعلى الموصلي : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ... فذكره .
قلت : ورواه الطبراني في الكبير ، مرفوعاً موقوفاً على زيد .
قال الحافظ المنذري : وهو الصحيح .

حديث رقم ( 985 / 4 ) و ( 895 / 5 ) فسر الحافظ المنذري قوله كالقانت : القنوت يطلق بإزاء معان منها : السكوت والدعاء والطاعة ، والتواضع ، وإدامة الغزو ، والقيام في الصلاة وهو المراد في هذا الحديث .

باب فضل الصلاة الفلاة على الصلاة في الجماعة :
قال أحمد بن منيع : حدثنا أبو معاذ عن هلال بن ميمون ، عن عطاء بن زيد ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قد صلى الرجل بأرض فلاة فأنتم وضوءها وركوعها وسجودها بلغت خمسين درجة )) .
قلت : رواه أبو داود في سننه بتمامه دون قوله ووضوءها .
قال أبو داود : قال عبد الواحد بن زياد : في هذا الحديث صلاة الرجل في الفلاة تضاعف على صلاته في الجماعة .
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا معاوية به .
وعن أبي بكر بن أبي شيبة رواه أبو يعلى : وعنه ابن حبان في صحيحه ، كلهم بلفظ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده بخمس وعشرين درجة فإن صلاها بأرض قي فأنتم وضوءها ركوعها سجودها تكتب صلاته بخمسين درجة )) .
ورواه الحاكم وقال : صحيح على شرطهما .
وصدر حديث ابن حبان عن البخاري وغيره ، قال الحافظ المنذري : وقد ذهب بعض العلماء إلى تفضيل الصلاة في الفلاة على الصلاة في الجماعة . انتهى .
وبعض العلماء الذين أبهمه الحافظ المنذري وهو عبد الواحد بن زياد ، صرح به أبو داود في سننه . قوله : القي هو بكسر القاف وتشديد الياء وهو الفلاة : كما هو مفسر في رواية أبي داود وأحمد بن منيع .

باب هل الوتر واجب أو مستحب وذكر البيان أن لا فرض في اليوم والليلة من الصلوات أكثر من خمس وأن الوتر تطوع وما جاء فيمن أنكر على من فرق بين الوتر والسنة :
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : لما جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالوتر قال : ( إن الله قد زادكم صلاة وهي الوتر فحافظوا عليها ) .
رواه مسدد ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، والحارث بن أبي أسامة واللفظ له .
وأحمد بن حنبل بسند رجاله ثقات وزاد : فكان عمرو بن شعيب يرى أن يعاد الوتر ولو بع شهر .
قال الحافظ المنذري : وهذا الحديث قد روي من حديث معاذ بن جبل ، وعبدالله بن عمر ، وابن عباس ، وعقبة بن عامر ، وعمرو بن العاص .
قلت : وابنه عبدالله ، وعلي بن أبي طالب ، وجابر ، وخارجة بن حدافة ، وبريدة بن الحصيب .

باب في الصدقة على الرحم وفيمن عد الصدقة مغرما :
عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح )) .
رواه الحميدي ، وفي سنده روى لم يسم ، وقال : الكاشح : العدو .
ورواه الطبراني في الكبير بسند الصحيح ، ورواه ابن خزيمة في صحيحه ، والحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم .
وقال الحافظ المنذري : الكاشح بالشين المعجمة هو الذي يذمر عدواته في كشحه وهو خسره يعني : أن أفضل صدقة على ذي الرحم القاطع المذمر العداوة في باطنه .
وعن زيد بن خالد الجهني ، رضي الله عنه ، قال : رأيت رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى الصفا فبدأ به نهاراً فوقف عليه ثم نزل فمشى حتى انتهى إلى بطن الوادي فرمل ، ورمل الناس معه حتى جاوزوا الوادي ثم مشى .
رواه الحارث عن الواقدي ، وهو ضعيف .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ينزل الله عز وجل كل يوم مئة رحمة : ستون منها للطائفين وعشرون منها لأهل مكة وعشرون منها لسائر الناس )) .
رواه الحارث بن أبي أسامة .
ورواه البيهقي ولفظه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ينزل الله كل يوم على حجاج بيته الحرام عشرين ومئة رحمة ستين للطائفين وأربعين للمصلين وعشرين للناظرين )) .
رواه البيهقي ، وحسن الحافظ المنذري إسناده .

باب وجوب الطواف بين الصفا والمروى وإن غيره لا يجزع عنه :
فيه حديث أنس ، وتقديم في باب الطواف ، وحديث ابن عمر ، وسيأتي في باب الوقوف بعرفة .
وعن صفية بنت شيبة ، عن امرأة منهم ، أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم من خوخة لها ، وهو يسعى في بطن المسيل ، وهو يقول : (( لا يقطع الوادي أو قال : الأبطح إلا شده )) .
رواه مسدد .
قال أحمد بن منيع : وحدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، عن أبي كلابة ، قال : كان الناس يشترون الذهب بالورق نسيئاً ، أحسبه قال : إلى عطاء أتى عليهم هشام بن عامر ، فنهاهم ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نشتري الذهب بالورق نسيئاً ، أو قال : أخبرنا أن ذاك هو الربا .
رواه أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا شبابة ، عن شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن أبي كلابة ، قال : كان الناس بالبصرة زمان ابن زياد يأخذون الدراهم بالدنانير نسيئة ، فقام رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، يقال له : هشام بن عامر الأنصاري فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الذهب بالورق نسيئاً ، وأنبأنا أن ذلك الربا .
رواه أبو يعلى الموصلي : حدثنا زهير ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ... فذكره .
ورواه أحمد بن حنبل : حدثنا إسماعيل ... فذكره .
قال وحدثنا حسن بن موسى ، حدثنا حماد يعني ابن زيد ، عن أيوب ، عن أبي كلابة ، قال : قدم هشام بن عامر البصرة ، فوجدهم يبتاعون الذهب بالورق ... فذكره .
وقال الحارث بن محمد بن أبي أسامة : حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا أبو جعفر عن ليث بن أبي سليم ، عن ابن أبي مليكة ، عن عبدالله بن حنظلة قال : الدرهم من الربا أعظم عند الله خطيئة من ست وثلاثين زنية .
هذا إسناد موقوف ضعيف .
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده مرفوعاً : حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثون زنية )) .
قال : وحدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن ابن أبي مليكة ، عن حنظلة بن راهب ، عن كعب قال : لأن أزني ثلاث وثلاثين زنية أحب إليَّ من آكل درهم ربا يعلمه الله أني أكلته حين أكلته ربا .
هذا إسناد صحيح ، رجاله رجال الصحيح ، ورواه الطبراني في الكبير .
قال الحافظ المنذري : حنظلة والد عبدالله لقب بغسيل الملائكة ، لأنه كان يوم أحد جنباً وقد غسل أحد شقي رأسه فلما سمع الهيعة خرج فاستشهد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لقد رأيت الملائكة تغسله )) .

باب ما جاء في التشديد في الدين :
قال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة ، وأخبرني فراس ، سمعت الشعبي ، عن سمرة بن جندب ، قال : صلى صلى الله عليه وسلم الصبح فقال : هاهنا أحد من بني فلان ؟ إن صاحبكم محبوس بباب الجنة بدين .
قال يونس : قال أبو داود : فزعم أبو عوانة ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن سمرة بن جندب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صاح مرتين قال : من هاهنا من بني فلان ؟ فلم يجبه أحد ، فقام في الثالثة رجل فقال : أنا فقال : ما منعك أن تجيبني في المرتين الأوليين ؟ إني لم أنوه باسمك الأخير ، إن صاحبكم محبوس بباب الجنة بدين عليه قال : فقضي عنه ، حتى ما يطلبه أحد بشيء .
قال أبو داود : وحدثنا شعبة ، عن محمد بن إسماعيل ، عن الشعبي انه قال : إن شئتم فأسلموه إلى عقاب الله ، وإن شئتم ففكوه .
رواه مسدد : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، حدثني عامر .... فذكره .
قلت : رواه أبو داود السجستاني والنسائي في سننهما مثل حديث أبي عوانة حسب ، دون باقية .
ورواه الحاكم أبو عبدالله الحافظ في المستدرك بتمامه ، وزاد : فقال رجل : عليَّ دينه ، فقضاه . وقال : صحيح على شرط الصحيحين .
قال الحافظ المنذري : رووه كلهم عن الشعبي ، عن سمعان - وهو ابن مشنج - عن سمرة . وقال البخاري في تاريخ الكبير : لا نعلم لسمعان سماعاً من سمرة ، ولا للشعبي سماعاً من سمعان .

باب ما جاء في المرأة الصالحة والموافقة والمرأة السوء والمرأة الحسناء :
قال مسدد : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن وائل بن داود ، قال : سمعت محمد بن سعد بن مالك يحدث عن أبيه قال : أربع من الشقاء ، وأربع من السعادة ، فمن الشقاوة زوجة السوء ، وجار السوء ، ومركب السوء ، وضيق المسكن ، ومن السعادة : المرأة الصالحة ، والجار الصالح ، والمركب الصالح ، وسعة المسكن .
رواه إسحاق بن راهويه : أنبأنا أبو عامر العقدي ، حدثنا محمد بن أبي حميد ، عن إسماعيل بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من سعادة المرء ثلاثة ... )) فذكره بتمامه دون ذكر الجار في الموضعين .
ورواه أحمد بن حنبل : حدثنا روح ، حدثنا محمد بن أبي حميد ، حدثنا إسماعيل بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ... فذكر حديث مسدد .
ورواه ابن حبان في صحيحه : أنبأنا محمد بن إسحاق مولى ثقيف ، حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ، حدثنا الفضل بن موسى ، عن عبدالله بن سعيد بن أبى هند ، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص به مرفوعاً ... فذكر حديث مسدد بتمامه .
ورواه الطبراني ، والبزار ، والحاكم وصححه .
ورواه الحاكم أيضاً من طريق محمد بن سعد ، يعني ابن أبي وقاص ، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ثلاث من السعادة : المرأة تراها تعجبك ، وتغيب فتأمنها على نفسها ، ومالك ، والدابة تكون وطئة ، فتلحقك بأصحابك ، والدار الواسعة ، كثيرة المرافق وثلاث من الشقاوة : المرأة تراها فتسوءك ، وتحمل لسانها عليك ، وإن غبت لم تأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون قطوفاً ، إن ضربتها أتعبتك ، وإن تركتها لم تلحق بأصحابك ، والدار تكون ضيقة ، قليلة المرافق )) .
قال الحاكم : تفرد به محمد ، يعني ابن بكير الحضرمي ، فإسناده على شرطهما .
قال الحافظ المنذري : محمد هنا صدوق ، وثقه غير واحد .


كذلك نقله عن الحافظ ابن حجر :
وقال أبو يعلى أيضاً : وحدثنا عبد الأعلى ، حدثنا معمر سمعت ليثاً يحدث ، عن شهر بن حوسب ، أن رجلاً قال لعائشة : عن أحدنا يحدث نفسه بشيء ، لو تكلم به ذهبت آخرته ، ولو ظهر عليه لقتل قال : فكبرت ثلاثاً ثم قالت : سئل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكبر ثلاثاً ثم قال : (( إنما يختبر بهذا المؤمن )) .
قال : وحدثنا محمد بن بكار ، حدثنا عباد بن عباد المهلبي ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس قال : قالوا : يا رسول الله ، أرأيت أحدنا يحدث نفسه بالشيء الذي لئن يخر من السماء ، فينقطع أحب إليه من أن يتكلم به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ذلك محض المؤمن )) .
رواه أحمد بن حنبل في مسنده : حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن أنس ... ذكره .
وقال أبو يعلى الموصلي أيضاً : حدثنا أبو الربيع ، حدثنا الحارث بن عبيد ، عن ثابت ، عن أنس قال : (( قالوا : يا رسول الله ، إنا نكون عندك على حال ، حتى إذا فارقناك تكون على غيره ؟ قال : كيف انتم ونبيكم ؟ قالوا : أنت نبينا في السر والعلانية قال : ليس ذاك النفاق )) .
وقال إسحاق بن راهويه : أنبأنا عمرو بن محمد القرشي ، حدثنا عمر بن ذر ، عن أبيه ، عن أبي بن كعب انه قال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، إنه ليعرض في صدري الشيء وددت أن أكون حمماً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الحمد لله الذي قد بئس الشيطان أن يعبد بأرضكم هذه مرة أخرى ، ولكنه قد رضي بالمحقرات من أعمالكم )) .
قال شيخنا أبو الفضل العسقلاني : ورواه أبو داود ، والنسائي من حديث ذر ، عن عبدالله بن شداد ، عن ابن عباس ، إن رجلاً قال : يا رسول الله ... فذكر بعضه ، وزاد : الحمد لله الذي رد كيده على الوسوسة ، والأول منقطع .

باب الزجر عن البدع ومن أن يتعلم العلم لغير وجه الله أو يتعلمه ولا يعمل بعلمه أو يقول ما لا يفعله :
قال إسحاق بن راهويه : حدثنا جرير ، عن عمرو بن قيس العلائي ، عن أبيه ، عن أمية بن يزيد السلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في الإسلام حدثاً ، فعليه لعنة الله ،و الملائكة ، والناس أجمعين ، لا يقبل من صرف ، ولا عدل فقيل : يا رسول الله : فما الحدث ؟ قال : من قتل نفساً بغير نفس ، أو امتثل مثله بغير قود ، أو ابتدع بدعة بغير سنة قال : والعدل : الفدية ، والطرف : التوبة )) .
قلت : إسناده حسن ، لكن مرسل أو معصل .
قال : وحدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أبي سويد ، عن الحسن ، قال : لما قدم أهل البصرة على عمر ، فيهم الأحنف بن قيس ، سرحهم وحبسه عبده ثم قال : أتدري لم حبستك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا كل منافق عليم اللسان ، وإني تخوفت أن تكون منهم ، وأرجو أن تكون منهم ، فافرغ من ضيعتك ، والحقك بأهلك .
قال حماد : وقال ميمون الكردي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن عمر ، نحوه .
قلت : حديث أبي عثمان ، أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده وسيأتي بطرقه في كتاب المواعظ .
قال إسحاق : وحدثنا بقية بن الوليد ، حدثنا أبو عبد الرحمن المدني ، حدثني من سمع علي بن أبي طالب يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إني لست أخاف عليكم بعدي مؤمناً موقناً ، ولا كافراً معلناً ، أما المؤمن فيحجزه إيمانه ، وأما الكافر المعلن فبكفره ولكن أخاف عليكم بعدي عالماً لسانه ، جاهلاً قلبه ، يقول ما تعرفون ، ويعمل ما تكرهون )) .
هذا إسناد ضعيف لجهالة التابعي .
قال إسحاق : وحدثنا غسان الكوفي ، وأبو بشر الأسدي - وكان جليس أبي بكر بن عياش - قالا : حدثنا إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال رجل بالمدينة في حلقة أيكم يحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً ؟ فقال له علي رضي الله عنه : أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( لست أخاف على أمتي مؤمناً ، ولا كافراً ، أما المؤمن فيمنعه إيمانه ، وأما الكافر فيمنعه كفره ، ولكن رجلاً بينهما يقرأ القرآن ، حتى إذا دلق به يتأوله على غير تأويله ، فقال ما يعملون وعمل ما تنكرون فضل وأضل )) .
قال شيخنا الحافظ أبو الفضل العسقلاني : أنا أظن أن أبا عبد الرحمن المدني في الرواية الأولى ، هو إسحاق المذكور في الثانية ، وإنما دلسه بقية لضعفه .
رواه الطبراني في الصغير والأوسط من طريق الحارث الأغور ، وقد وثقه ابن حبان ، وغيره . انتهى .
رواه أحمد بن منيع : حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا زبان بن فائد ، عن سهل بن معاذ ، عن أبيه ، عن أم الدرداء أنه سمعها قالت : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خرجت من الحمام فقال : من أين يا أم الدرداء ؟ قلت : من الحمام قال : والذي نفسي بيده ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن - عز وجل .
قال أحمد بن منيع : وحدثنا إسحاق بن يوسف ، أنبأنا عبد الملك ، عن أبي الزبير ، عن صفوان بن عبدالله ، عن أم الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، وزاد فيه : فلقين أبا الدرداء في السوق فقال لي مثل ما قالت أم الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ورواه أبو يعلى الموصلي : حدثنا زهير ، حدثنا الحسن بن موسى .
قلت : وكذا رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن الحسن بن موسى .
وقال إسحاق بن راهويه : حدثنا ابن شيرويه ، حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا رجل يقال له عطاء بن عجلان ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخلن مع حليلته الحمام )) .
قال البخاري : عطاء بن عجلان بصري نسبه عبد الوارث ، منكر الحديث .
قال شيخنا الحافظ أبو الفضل : - أبقاه الله تعالى - أخرجه لغرابة لفظه ، وإلا فقد أخرجه أحمد من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير بلفظ فلا يدخل حليلته الحمام ومعنى الذي أوردناه يعطي غير معنى هذا انتهى .
وقال إسحاق بن راهويه : حدثنا عمرو بن محمد القرشي ، حدثنا الليث بن سعد ، عن المقبري ، عن عون بن عبدالله بن عتبة ، عن ابن مسعود قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه عمر بن عبسة - وكان قد بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام - فقال : أخبرني يا محمد عما أنت به عالم وأنا به جاهل ، فسأله عن ساعات الصلاة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا صليت المغرب فالصلاة مقبولة مشهودة حتى تصلي الفجر ، ثم اجتنب الصلاة حتى ترتفع الشمس وتبيض ، فإن الشمس تطبع بن قرني شيطان ، فإذا انتصبت فارتفعت فالصلاة مقبولة مشهودة حتى ينتصف النهار ، وتعتدل الشمس ، ويقوم كل شيء في ظله ، وهي الساعة التي تسعر فيها جهنم ، فإذا مالت الشمس فالصلاة مقبولة مشهودة حتى تصفر الشمس فإن الشمس تغرب بن قرني شيطان )) .
قال الليث : وحدثني إخواننا عن المقرئ - في هذا الحديث - أنه قال : إلا يوم الجمعة ، فإنه لا بأس بالصلاة يومئذ نصف النهار لأن جهنم لا تسعر فيه .
قال شيخنا الحافظ أبو الفضل العسقلاني - أبقاه الله تعالى - : هذا إسناد صحيح ، غلا أن فيه انقطاعاً ، لأن عوناً لم يدرك عبدالله بن مسعود ، فقد جاءت عنه أحاديث من روايته ، عن أبيه ، عن ابن مسعود غير هذا . انتهى .
وقال في حديث رقم ( 2249 ) : وقال إسحاق بن راهويه : أنبأنا النضر بن شميل ، حدثنا شعبة ، عن حصين ، عن عبدالله بن شداد ، انه سمع رفاعة بن رافع - رجلاً من أهل بدر - كبر في صلاته : فقال : الله أكبر ، اللهم لك الحمد كله ، ولك الملك كله ، وإليك يرجع الأمر كله ، أسألك من الخير كله ، وأعوذ بك من الشر كله .
قال : وحدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا شعبة ، عن حصين ، سمعت عبدالله بن شداد ، أنه سمع رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له : رفاعة بن رافع لما دخل في الصلاة فكبر فقال .... فذكر مثله .
قال شيخنا أبو الفضل : هذا حديث صحيح ، روى البخاري في صححه عن آدم ، عن شعبة ، عن حصين ، عن ابن شداد قال : رأيت رفاعة بن رافع الأنصاري ، وكان قد شهد بدراً .... وبقيته على شرطه وهو هذا هنا غير مرفوع ، وأظن أن حكمه الرفع . انتهى .
وقال في الحديث رقم ( 2916 ) : قال أبو بكر بن أبي شيبة : وحدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرني عبد الملك أبو جعفر ، عن أبي نصرة ، عن يعد بن الأطول : أن أخاه مات ، وترك ثلاثمئة درهم ، وترك عيالاً وديناً ، فأردت أن أنفقها على عياله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن اخاك محتبس بدينه فاقض عنه فقال : يا رسول الله ، قد أديت عنه ، إلا دينارين ، ادعتهما امرأة وليس لها دينة قال : أعطها فإنها محقة .
رواه أبو يعلى الموصلي : حدثنا عبدالله بن بدر ، حدثني عباد بن موسى القرشي ، عن حماد بن سلمة ، عن عبد الملك أبي جعفر ، عن أبي نصرة ، عن سعد بن الأطول ، أن أباه مات وترك ثلاثمئة درهم ، وعيالاً وديناً ... فذكره .
قال : وحدثنا ابن عبدالله ، حدثني عباد بن موسى ، عن حماد بن سلمة ، عن سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ...فذكره .
هذا حديث حسن .
رواه ابن ماجة في سننه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة به إلا أنه قال : عن سعد ، وهو الصواب .
قال شيخنا أبو الفضل بن الحسين ، رحمه الله تعالى : ورواه الطبراني في الأوسط ، فقال : إن أباه مات فيحتمل أنه غلط من النساخ ، فإن نسخ الأوسط كثير منها مغلوط لعدم اتصالها بالسماع ، والمعروف له أخوه وقد قيل إن اسم أخيه المتوفي : يسار .
وفيما قاله شيخنا نظر ، فقد رواه أبو يعلى الموصلي كذلك ، كما تقدم في مسنده متصل بالسماع .
وقال مسدد : حدثنا بئر ، حدثنا ابن عون ، عن عمير بن إسحاق ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث المقداد بن الأسود بعثاً ، فلما رجع قال : كيف وجدت نفسك ؟ قال : ما زلت حتى ظننت أن من معي خول لي ، وأيم الله لا أعمل على رجلين ما دمت حياً .
وقال محمد بن يحيى بن أبي عمر : حدثنا يحيى بن عيسى الرملي ، عن الأعمش ، عن سليمان بن ميسرة ، عن طارق بن شهاب ، عن رافع بن أبي رافع قال : لما استخلف الناس أبا بكر قلت : صاحبي الذي أمرني ألا أتأمر على رجلين ؟ قال : فارتحلت حتى انتهيت إلى المدينة ، فعرضت لأبي بكر ، فقلت له : يا أبا بكر ، أتعرفني ؟ قال : نعم ، قلت : أتذكر شيء قلته لي : لا تأمر على رجلين ، وقد وليت أمر الأمة ! فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض والناس حديث عهد بكفر فخفت عليهم أن يرتدوا وأن يختلفوا ، فدخلت فيها وأنا كاره ولم يزل بي أصحابي فلم يزل يعتذر حتى عذرته .
رواه إسحاق بن راهويه : أنبأنا عيسى بن يونس وجرير ، عن الأعمش ، عن سليمان بن ميسرة ، عن طارق بن شهاب ، عن رافع بن أبي رافع الطائي ، قال : لما كانت غزوة ذات السلاسل بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً ، وأمر عليهم عمرو بن العاص على جيش فيهم أبو بكر ، وأمرهم أن يستنفروا بمن وليهم من المسلمين ، فمروا بنا في ديارنا فاستنفروا فنفرنا معهم ، فقلت: لأختارن لنفسي رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخدمه وأتعلم منه ، فإني لست أستطيع أن آتي المدينة كلما شئت ، فتخيرت أبا بكر فصحبته ، وكان له كساء فدلى يخله عليه إذا ركب ، ويليه جميعاً إذا نزلنا ، هو الكساء الذي عيرته به هوازن ، فقالوا : ذا الجلال يبايع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فلما قضينا غزاتنا ورجعنا ولم أسأله عن شيء ، فقلت له : إني قد صحبتك ولي عليك حق ولم أسألك عن شيء ، فعلمني ما ينفعني فإني لست أستطيع أن آتي إلى المدينة كلما شئت ، قال : قد كان في نفسي ذلك قبل أن تذكره لي ، أعبد الله لا تشرك به شيئاً ، وأقم الصلاة المكتوبة ، وأت الزكاة المفروضة ، وحج البيت ، وصم رمضان ، ولا تأمرن على رجلين ، فلت : أما الصلاة والزكاة قد عرفتهما ، وأما الإمارة فإنما يصيب الناس الخير من الإمارة ، قال : إنك قد استهجدتني فجهدت لك ، إن الناس دخلوا في الإسلام طوعاً وكرهاً ، وأجارهم الله من الظلم ، فهم عواذ الله ، وجيران الله ، وفي ذمة الله ، ومن يظلم أحداً منهم فإنما يخفر به ، والله إن أحدكم ليأخذ شاة جاره ، أو بعيره ، فيظل ناتئ عضله غضباً لجاره والله من وراء جاره ، فلما رجعنا إلى ديارنا ، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبايع الناس أبا بكر ، واستخلف أبا بكر ، فقلت : من استخلف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : صاحبك أبا بكر ، فأتيت المدينة ، فلم أزل أتعرض له حتى وجدته خالياً ، فأخذت بيده ، فقلت : أما تعرفني ، أنا صاحبك ، قال : نعم ، قلت : أما تحفظ ما قلت لي : لا تأمرون على رجلين وتأمرت على الناس ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي والناس حديث عهد بجاهلية ، وحملني أصحابي ، وخشيت أن يرتدوا ، فوالله ما زال يعتذر حتى عذرته .
وزاد جرير فيه : وكنت أسوق الغنم في الجاهلية ، فلم يزل الأمر بي حتى صرت عريفاً في إمارة الحجاج يقولها رافع بن أبي رافع الطائي .
قال شيخنا أبو الفضل العسقلاني في زوائد إسحاق ومن خطه فقلت : هذا حديث غريب ، وسليمان شيخ الأعمش ما عرفته بعد .
قلت : هو سليمان بن ميسرة الأحمسي أحد رجال مسند أحمد ، روي عن طارق بن شهاب ، وعنه الأعمش ، وحبيب بن أبي ثابت ، ووثقه يحيى بن معين ، ولم ينفرد بهذا المتن والإسناد .

خلاصة ما قدمنا :
بينا في الصفحات السابقة في كل ما كتبنا عن البوصيري منهجه في كتبه الزوائد ، كيف بنى مذهبه في الزوائد ، وأنه استفاد في بناء هذا المذهب خاصة في الزوائد ، وكلامه على الرجال ، وترتيبه لبعض الأبواب الفقهية على ثلاثة من المشايخ الأجلاء العلماء الأئمة هم :
1. أبو الحسن الهيثمي .
2. الحافظ زكي الدين المنذري .
3. الحافظ أبو الفضل ابن حجر العسقلاني .
مما سبق نستخلص أهم العناصر التي بنى البوصيري منهجه فيها على الزوائد :
1. إن مادة كتب البوصيري هي ( الزوائد ) معتمداً على المسانيد العشرة التي جمعها ، فزوائده على المسانيد وكتابه المصباح على الكتب الخمسة .
2. رتب كتبه الزوائد على الأبواب الفقهية ، وهذا دأب كل المصنفين الذي سبقوه ، وأتوا من خلفه .
3. لم يضم البوصيري مسند أحمد إلى الكتب الستة ، وظني أنه قلَّد الإمام الهيثمي في ذلك ، فإن الهيثمي لم يذكر المسند .
4. أكثر البوصيري رحمه الله من تعليقه على الأحاديث التي ساقها في الإتحاف ، وتراه يجرِّح ويعدِّل ، ويوثق ، ويضعف ، ويتكلم في كل الصناعة الحديثية ، وإن لم يكن متجراً .
5. ربما كرر سياقة الأسانيد في موضع واحد كي يظهر ما نقص في إحدى تلك الأسانيد ، أو ليظهر الاختلاف في بعض الرواة .
6. أسند البوصيري جميع كتابه الإتحاف ، وزيادات المسانيد بالأسانيد التي نقلها مؤلفوها ، فكان هذا العمل جدير بالاحترام والتقدير ، ذلك أنه فتح الباب لكل باحث أن يدرس إسناداً معيناً ويطلق على الأحكام التي تتنزل على هذا الإسناد .
7. ذكره رحمه الله للمتابعات والشواهد في الإتحاف كانت أكبر وأدق وأعمق مما في مصباح الزجاجة وهذه المتابعات والشواهد لم يخل منها مصنف حديثي ، وذلك لإظهار :
- الطرق الأخرى لهذا الحديث .
- تصريح بالتحديث في موطن دلس فيه الراوي في موطن آخر .
- بيان انقطاع في السند في مكان اتصل في آخر .
8. حفظ لنا البوصيري أسانيد ، والكتب التي وضعها في الإتحاف فهذه الكتب والمسانيد لو طفت العالم لم تجد نسخة لهذه المسانيد ، كمسند العدني ، ومسدد وغيرها .
9. نبه الإمام البوصيري على الأحاديث الموضوعة ، والضعيفة ، مع ذكر غيرها من الصحاح والمسانيد .
10. بين رحمه الله الأحاديث الغرائب والتي فيها تفرد سواء أكان التفرد في المتن أو السند ، وسواء أكان نسبياً أو كلياً .
11. يرى البوصيري رحمه الله صحة ما جزم به البخاري تعليقاً وهو مذهب جمهور أهل العلم .