أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله والصلاة على رسول الله وعل آله وسلم :
لقد دأب كثير من المخالفين لأهل السنة إلى سلوك طريق التأويل لظواهر النصوص الصحيحة الصريحة بسبب ما علق في أذهانهم من شبهة تشبيه الله بخلقه وعمدتهم في رد هذه النصوص ( القانون الكلي ) الذي وضعه لهم مقدّمهم .
ونجد أن بعضهم ممن تأثر بالمنهج السني السلفي من خلال البيئة التي عاش فيها - وإن كان يعاديها - يظن أن السلف قد أولوا بعض النصوص من خلال بعض الآثار التي اطلع عليها أو تنامت إلى سمعه دون تحقيق !
وهذه الآثار يمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام :
- فمنها الضعيف الساقط الذي لا تقوم به الحجة .
- ومنها الصحيح الذي يراد به خلاف ماظنّه المخالف .
- ومنها الصحيح الواضح أنه ليس في باب الصفات .
- ومنها ما يحتاج إلى دليل آخر يبين أنه داخل في باب الصفات .

فمثال القسم الأول :
ماروي عن ابن عباس أنه فسر الكرسي في قوله تعالى ( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) [البقرة - الآية 255]
قال : العلم . وهذا لا يصح لأن مداره على جعفر الأحمر , فيه لين , وقد خالفه من هو أوثق منه في روايته عن سعيد بن جبير وهو مسلم البطين وهو ممن روى عنه البخاري مسلم قال في تفسير الكرسي : أنه موضع القدمين .

وكذلك ماروى عن ابن عباس أنه قال في تفسير قوله تعالى ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) [النور - الآية 35]
قال : الله هادي أهل السماوات والأرض . وهذا لا يصح أيضاً لأن مداره على علي بن أبي طلحة وهو ضعيف ولم يسمع من ابن عباس فالأثر منقطع .

وكذلك ماروى عنه في تفسير قوله تعالى ( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا ) [هود - الآية 37
, المؤمنون - الآية 27]
قال ابن عباس : بمرأى منا . وهذا الأثر ليس له إسناد وهو مخالف لقوله الآخر في تفسير الآية , قال : بعين الله .

ومثله ماروي عنه في تفسير قوله تعالى ( وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) [الرحمن - الآية 27]
قال : الوجه عبارة عنه . فلا أصل له , وعلى فرض صحته فهو تفسير باللازم ومثله يقال في الأثرين السابقين والتفسير باللازم لايعد من باب التأويل إذا علمنا أن ابن عباس يثبت الصفات الواردة في الآيات السابقه بدون تأويل ولا تشبيه .

ومثال القسم الثاني :
قوله تعالى ( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) [الذاريات - الآية 47]

قال ابن عباس : " بقوة " فظن من لا علم له أن هذا من باب التأويل , ومن قال هذا قد أتي من العجمة لأن ( أيد ) في الآية ليست جمع يد التي جمها ( أيدي ) وإنما هي من ( آد - يئيد - أيداً ) وعلى هذا اتفاق أهل اللغة إلا من شذ .
فظهر بذلك أن الآية يراد بها غير ما ظنّه المخالف وتفسيرها المروي عن ابن عباس هو الحق فلا تأويل في الآية ولأن ابن عباس يثبت الصفات كما سيأتي .

ومثال القسم الثالث :
قوله تعالى ( أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ) [الزمر - الآية 56]

جاء في التفسير عن الحسن وغيره : في جنب الله , أي طاعته وحقه .
فظن المخالف أن هذا من باب التأويل , والصحيح أن ليس كل ما يضاف إلى لفظ الجلالة يُعد صفة لله , لأن الجنب هنا لا يراد به الشق الذي هو صفة ذات , لأن العرب لا تعبر بشق الإنسان عن مقامه وحقه وإنما يعنون بالجنب الجناب بمعنى مقامه وحقه .
وعامة العلماء - إلا من شذ فلا يعتبر بخلافه - لا يثبتون لله صفة الجنب لأنهم لا يعدون هذه الآية من آيات الصفات وليس بسبب التأويل كما ظن المخالف .

وكذلك قوله تعالى ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) [البقرة - الآية 115]
قال مجاهد : قبلة الله . وهذا ليس من باب التأويل لأن السياق والسباق وسبب النزول يدل على أن المقصود القبلة , خاصة وأن الذين فسروا الوجه هنا بالوجهة أي جهة القبلة يثبتون صفة الوجه لله سبحانه وتعالى .
وهذه الآية مما أورده الأشاعرة على شيخ الإسلام رحمه في مناظرة الواسطية عندما قال أمهلكم ثلاث سنين أن تأتوني بصفة أولها السلف فلما ذكروا له قول مجاهد بين لهم أنها ليست من آيات الصفات فسكتوا !

وقريب من هذا حديث ( إن الله لا يمل حتى تملوا ) فمن عد هذا من أحاديث الصفات أثبت لله صفة الملل على وجه المقابلة كما في قوله تعالى ( ويمكرون ويمكر الله ) ومن نفاها قال ليس في الحديث إثبات لصفة الملل بل المقصود نفيها كما تقول العرب : هذه الفرس لا تفتر حتى تفتر الخيل فلو كانت تفتر إذا فترت لما كان لها مزية عليها !

ومثال القسم الرابع :
قوله تعالى ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) [القلم - الآية 42]
قال ابن عباس : يكشف عن شدة . وهذا لا يعد من باب التأويل لأن الآية ظاهرها أنها ليست من آيات الصفات لعدم نسبة الساق إلى الله . ولم يعد العلماء هذه الآية من باب الصفات إلا بسبب ورود حديث أبي سعيد وفيه " فيكشف ربنا عن ساقه " رواه مسلم .
فمن لم يطلع على الحديث فسر الآية على ظاهرها ولم يتأول الظاهر كما هي عادة الجهمية .




تابع ......



لمتابعة البحث على تويتر :
#درء_التعارض

@DaRoTaRth

https://twitter.com/DaRoTaRth


كما يمكنكم مشاهدة المقال هنا