[ALIGN=CENTER]القاعدة00000000والضابط00
الضابط الثاني من تلك الضوابط والقواعد التى سبق الإشارة إليها000
أنه إذا برزت " الفتن" وتغيرت الأحوال ( كأوضاعنا الراهنة) , فلاتحكم
على شيء من تلك الفتن أو من تغير الحال إلا بعد تصوُّره, رعاية
للقاعدة: " الحكم على الشيء فرع’’ عن تصوره"0
وهذه القاعدة رعاها العقلاء جميعاً قبل الإسلام وبعد الإسلام ,ودليلها
الشرعي عندنا فى كتاب الله عز وجل قال الله جلَّ وعلا:" ولاتقف
ماليس لك به علم" , يعني :
أن الأمر الذى لاتعلمه ولاتتصوره ولاتكون على بينة منه, فإياك أن تتكلم فيه
وأبلغُ منه أن تكون قائداً له , أو تكون فيه "متَّبَــــــــعاً" , أو تكون فيه
حكماً0
" الحكم على الشيء فرع’’ من تصوره"
وهذه القاعدة أنتم تستعملونها في أموركم العادية, وفي أحوالكم المختلفة,
العقل لابد له من رعاية تلك القاعدة, ولايصلُح تصرف’’ ما , إلا بأن يرعى
تلك القاعدة, لأنه إن لم يرعَ تلك القاعدة ,فأنه سيخطىء ولاشك,
والشرع قررها أيما تقرير , وبين تلك القاعدة أيما بيان0
أضرب أمثلة لكى تتضح تلك القاعدة:
- فمثلاً: لو سألت واحداً منكم , وقلت له: ماحكم الإسلام فى بيع المرابحة؟
قد يأتى قائل ويقول: الربح مطلوب, الربح لاشيء فيه في الشرع,
فلا بأس فى بيع المرابحة0
فيكون حكمه على هذه المسألة غلط صرف, لأنه لم يتصور المراد بقول
القائل : ماحكم الإسلام فى بيع المرابحة؟
وظنَّ أن معنى المرابحة: هو الربح فى البيع , ولأجل تصوره الذى غلط فيه
أخطأ فى الحكم الشرعي0
والحكم الشرعي لابد أن يُبنى على تصور صحيح, والمرابحة نوع من البيع
الذى لايجوز , تستعمله بعض البنوك الإسلامية وغير الإسلامية تحايلاً على
الربا, وصورته أنه مبنيٌّ على توكيل للغير, وبعد التوكيل يكون هناك إلزام
بالوفاء بالوعد, فالوعد الذى وعده الموكل لوكيله هو ملزم بالوفاء فيه,
وهذا لايجوز شرعاً , فكان بيع المرابحة غير جائز0 :)
- آخر يبين قاعدة " الحكم على مثال الشيء فرع’’ من تصوره":
لو سألت أحداً: ماحكمنا على جماعة " شهادة ياهوه" ماذا سيقول أحدكم؟
إن كان مطلعاً , فسيقول: هذه جماعة كيت وكيت , وحكم الإسلام فيها كذا,
وقد يكون قائل يقول: لا أعلم ماهذه الجماعة " جماعة شهادة يهوه"؟
ولم أسمع بها من قبل , فهنا لايستطيع أن يحكم عليها, ولا تبيَّن حكماً
شرعياً فيها, لأنك لم تتصور هذه الجماعة ,وماهي؟ وماهي مبادئها؟
وهل هي اسلامية أو نصرانية أو يهودية؟ فلن تحكم عليها إلا بعد التصور,
إذا تبيَّن لك ذلك , فإن الحاكم أو المفتى أو المتكلم في المسائل الشرعية
لايجوز له أن يتكلم- رعاية لحق نفسه, ورعاية لخلاص نفسه من
الإثم , ثم رعاية لحق المسلمين جميعاً, وتبريَّاً من القول على الله بلا علم-,
إلا إذا حصل أمران:
الأمر الأول: أن يتصور القضية المطروحة تماماً, بحيث لاتلتبس عليه بقضية
أخرى , ولاتشترك فى تصوره وفهمه بمسألة أخرى,لأنه أحياناً تشترك
بعض المسائل, وتقترب صورة مسألة من صورة مسألة أخرى, فينتقل
ذهنك إلى مسألة مشابهة, فعند ذلك تقع فى الخطإ0
الأمر الثاني:أن تعلم حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم فى هذه
المسألة بعينها, لا في مسألة تشابهها0
وإذا ثبت ذلك, فهاهنا سؤال مهمُّ: يقول أحدكم: كيف يحدث لي التصور؟!
كيف أتصور المسألة؟!وممن أتصورها؟! فإن المسائل مشتبهة ومتشابهة,
وبعضها يشكل وبعضها قد لا أجد من يبينة لي ويصوِّره لي التصوير الصحيح0
فنقول له: التصور الذي ينبني عليه الحكم الشرعي هوماكان:
أولاً:من المســــــتفتي: فإن المســـــتفتي هو الواقع فى المسألة, فإذا سأل
وإذا شرح مسألة, حصل التصور, فالمفتي يبين له ذلك الحكم وفق استفتائه0
ثانياً: يكون التصور بنقل "العُدُول"الثقات المسلمين, الذين لايشوب نقلهم
شائبة, تجعلهم يخطئون فى النقل ومن ثم نحطىء فى الحكم على الشيء,
لابد من نقل عدلٍ ثقة فى المسألة0
فعند ظهور الفتن , واختلاف الأحوال, لايجوز أن نعتمد على كلام كافرمثلاً,
ذكر تصوره أو ذكر تحليله في إذا عة ما, أو ذكر تصوره وتحليله في مجلة ما, أو في تقريرٍ ما0
هذا لايجوز شرعاً أن نبني عليه حكماً شرعياً , وإنما الحكم الشرعي
يبنى على نقل المسلم الثقة العدل0
فأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتُقبل ممن يأتي بها , إلا إذا كان
الإسناد بنقل عدول ضابطين عن مثلهم إلى منتهاه, إذا كان في الإسناد فاسق
فأنه قد لنخرمت مروءته ,وإذا كان فى الإسناد من ليس بضابط, من يأتي
بشيء ويخلطه مع شيء آخر, فإنه لايُقبل منه, ولاينبنى على ذلك الحديث
حكم شرغي البتَّة0
ولهذا , فإنه لابد من رعاية هذه المسألة0
تلخِّص من هذا: أن هذه القاعدة: الحكم على الشيء فرع’’ من تصوره":
أساسها التصور, ولايمكن أن يكون صحيحاً فى الشرع إلا من مسلم
عدلٍ ثقةٍ, أو كان المســـــتفتي نفسه , ولو كان فاسقاً0
الثالث من تلك الضوابط والقواعد:
أن يلزم المسلم الإنصاف والعدل فى أمره كله0
يقول الله جلَّ وعلا:" وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى"
ويقول عزَّ من قائل:"ولايجرمنكم شنآن قومٍ على أن لاتعدلوا اعدلوا
هو أقربُ للتقوى"0
وقد بُيِّنت هذه المسألة بياناً شافياً كافياً, من أنه لابد من العدل في الأقوال,
ولابد من العدل في الأحكام, وأن من لم يعدل في قوله , أو حكمه, فإنه لم يتبع
الشرع اتباعاً يرجو معه النجاة0
مامعنى العدل؟ وما معنى الإنصاف فى هذه القاعدة؟
معناه: أنك تأتي بالأمور الحسنة وبالأمور السيئة, تأتي بهذا الجانب الذى
تحبه, وذلك الجانب الذى لاتحبه, ثم توازن وتعرض لهما عرضاً واحداً,
وبعد ذلك تحكم, لأنه -جزماً- يحصل من عرض الجانبين معاً مايعصم
المرء من أن ينسب للشرع أو ينسب لله جلًّ وعلا أو إلى سنة من سننه
الكونية ماليس موافقاً لما أمر الله به جلَّ وعلا0
فلابد من عرض الحسن والقبيح, عرضهما على الذهن, حتى تصل إلى
نتيجة شرعية, وحتى يكون تصورك ويكون قولك وفههمك أو رأيك
في الفتنة منجياً إن شاء الله تعالى0
وهذه مسألة مهمة, وقاعدة لابد من رعايتها, لأنه من لم يرعَ هذه القاعدة,
دخل الهوى إلى قلبه من مصراعيه, ولم يأمن أن يفتح باب الهوى على غيره, ومن ثم يكون
داخلاً فى قوله صلى الله عليه وسلم:" ومن سنَّ سنةً سيئةً,
فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة"
وتكون المصيبة أعظم,إذا كان الفعل ممن ينتسب إلى العلم والهدى, لأنه
يقتدى بفعله الجاهل, ويقتدى بفعله نصف المتعلم0
فإذاً لابد من أن نرعى هذه القاعدة فى أمرنا كله, ومن سلِمَ من الهوى,
فإن الله جلَّ وعلا سينجيه في الأخرة والأولىَ0[/ALIGN]
[ALIGN=CENTER] *!||!* الــحـلـقــة الاولــى هـــنــا *!||!* [/ALIGN]
رد مع اقتباس
[/URL
