أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
هناك شريحة كبيرة من المسلمين، يرفضون الدولة الدينية، بسبب تلاعب العلمانيين العرب، بالألفاظ والمعاني، وكذا العقول، مما جعل بسطاء المسلمين في الثقافة، تختلط عليهم الأمور، فلا يفرقون في المعنى بين الدولة الدينية والدولة الإسلامية.
نعم: نحن لا نريد دولة دينية، بل نريد دولة إسلامية، وهناك فرق كبير وواضح جدًا بين الدولة الدينية والدولة الإسلامية.

الدولة الدينية: هي التي يدّعي حاكمها ويزعم أنه يصدر عن الله في كل ما يقول ويفعل، أي بوحي من الله تعالى إليه مباشرة، أي هو نائب عن الله تعالى، ولذلك لا يمكن مناقشته أو محاسبته، ومن خالفه يُعدم.
وهذه هي الدولة التي كانت سائدة في الغرب، وهذه هي التي قرأ عنها علمانيو العرب، وجاؤوا إلينا، وأصبحوا يخوفوننا منها، ويقولون: نحن لا نريد دولة دينية.

يقولون: لأن رئيس الدولة الدينية نائب عن الله، فلا نستطيع أن نقول له: لا، مثل البابا عند النصارى، ومثل ولي الفقيه عند الشيعة، عليك أن تطيعه طاعة عمياء صماء بكماء...

ونحن نقول لهم ذلك أيضا، لا نريد دولة دينية؛ لأنه لا يوجد عندنا أحد معصوم، العصمة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فلا العالم ولا الإمام ولا رئيس الدولة معصوم، وكلامهم ليس مقدسا....
فنحن نريد دولة إسلامية...إسلامية.
فما هي الدولة الإسلامية؟.

الدولة الإسلامية:
هي التي تحكّم شرع الله، وتستسلم له، مرجعيتها الشريعة الإسلامية، وهي التي يقام فيها حكم الله وشرعه على الحاكم والمحكوم على حد سواء.

الدولة الإسلامية: هي الدولة التي كان يحكمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن هاجر إلى المدنية المنورة.

الدولة الإسلامية: هي الدولة التي كان خليفتها، أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين؟

الدولة الإسلامية: هي الدولة التي يقول حاكمها ورئيسها:
"إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم"(1).
ويقول: "فإن رأيتموني علي الحق فأعينوني وإن رأيتموني علي الباطل فقوموني"(2).

الدولة الإسلامية: هي الدولة التي يقول حاكمها ورئيسها: "أيها الناس، من رأى منكم فيّ اعوجاجًا فليقومني"، فرد عليه أحد المصلين: "والله لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بحد سيوفينا"! فيرد عليه عمر قائلاً: "الحمد لله الذي جعل في رعية عمر من يقوم اعوجاجه بحد سيف"(3).
قال ابن الجوزي في "مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب " ص 155 :
وعن الحسن رحمه الله قال : كان بين عمر بن الخطاب - رضوان الله عليه - وبين رجل كلام في شيء ، فقال له الرجل : اتق الله يا أمير المؤمنين ، فقال له رجل من القوم : أتقول لأمير المؤمنين اتق الله، فقال له عمر - رضوان الله عليه - : دعه فليقلها لي نعم ما قال . ثم قال عمر: "لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم".

الدولة الإسلامية: هي التي يشعر قائدها بعظم الأمانة، وتحمل المسؤولية عن كل فرد في رعيته، ويكون دائم التفكير فيما يصلحهم. ذكر ابن كثير عن الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، أن امرأته فاطمة بنت عبد الملك دخلت يومًا عليه، وهو جالس في مصلاه واضعًا خده على يده، ودموعه تسيل على خديه، فقالت له: ما لك؟ فقال: "ويحك يا فاطمة! قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت، فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهود، واليتيم المكسور، والأرملة الوحيدة، والمظلوم المقهور، والغريب الأسير، والشيخ الكبير، وذي العيال الكثير، والمال القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم يوم القيامة، وأن خصمي دونهم محمد؛ فخشيت أن لا تثبت لي حجة عند خصومته، فرحمت نفسي فبكيت".

الهوامش:
(1) الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه
(2) الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه
(3) الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه