أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


القاعدة الحادية عشر
الأصل بقاء ما كان على ما كان
وهـذه أيضًا قاعـدة مـن قواعد الأصول وهي مهمة في بابها وبيانها أن يقال : قوله ( الأصل ) أي الشيء الثابت المتقرر عند الشرع هو ( بقاء ) أي استمرار واستصحاب ، قوله : ( ما كان ) أي في الزمان الحاضر نفيًا أو ثبوتًا أي سواءً كان الذي استصحبناه نفي شيءٍ أو إثبات شيء ، قوله : ( على ما كان ) أي أن ما ثبت في الماضي أو ما هو منفي في الماضي فحاله الآن هي حاله في الماضي ، أي أنها لم تتغير ولم تتبدل فإن كان الحالة في الماضي مثبتة فهي الآن مثبتة وإن كانت منفية فهي الآن منفية ومن ادعى خلاف ذلك فعليه الدليل ، وهذه هي قاعدة الاستصحاب أي استصحاب الحال الماضية ، وهي فرع من فروع قاعدة اليقين لا يزول بالشك ، لأن ما كان في الماضي قد تيقنـاه فـإن كان ثبوتًا فإننا قد تيقنا ثبوته وشككنا في زواله فنبقى على ما تيقناه ، وإن كان نفـيًا فإننا قد تيقنا نفيه وشككنا في ثبوته فنبقى على ما تيقناه ؛ لأن اليقين لا يزول بالشك ، وهذا واضح - إن شاء الله تعالى - .
وإليك بعض الفروع حتى تتضح أكثر فأقول :
منها : من أكل شاكًا في طلوع الفجر فصار طالعًا فصومه صحيح ؛ لأن الأصل بقاء الليل والفجر مشكوك فيه ، والأصل بقاء ما كان على ما كان فالليل ثابت في الماضي فهو ثابت الآن(1) .
ومنها : من أفطر شاكًا في غروب الشمس فصومه باطل ؛ لأن الأصل بقاء النهار والغروب مشكوك فيه ، والأصل بقاء ما كان على ما كان فالنهار ثابت في الماضي فهو ثابت الآن(2) .
ومنها : من شك في الطلاق فهو باقٍ على نكاحه ؛ لأن النكاح قد كان في الحالة الماضية والطلاق مشكوك فيه ، والأصل بقاء ما كان على ما كان فالنكاح ثابت في الماضي فهو ثابت الآن .
ومنها : من طلق وشك في الرجعة فهو باقٍ على طلاقه ؛ لأن الطلاق قد كان في الحالة الماضية والرجعة مشكوك فيها ، والأصل بقاء ما كان على ما كان فالطلاق ثابت في الماضي فهو ثابت الآن .
ومنها : تطهر لصلاة العصر وشك في الحدث عند إرادة صلاة المغرب فهو متطهر الآن ؛ لأن الحالة الماضية هي الطهارة فنستصحب الحالة الماضية في الحالة الراهنة ؛ لأن الأصل هو بقاء ما كان على ما كان .
ومنها : من أحدث يقينًا وشك في الطهارة والحكم فيها كما مضى فهو الآن محدث استصحابًا للحال السابقة لهذا الأصل الذي قررناه .
ومنها : إذا اتهم رجل بتهمةٍ ما فالأصل أنه بريء منها ؛ لأن ذمته كانت بريئة فهي الآن بريئة ؛ لأن الأصل بقاء ما ثبت في الزمان الماضي في الزمان الحاضر ومن ادعى خلاف ذلك فهو مطالب بالدليل .
إذاً : كل شيء تيقنا ثبوته في الماضي فهو ثابت في الحاضر إلا إذا جاء يقين بخلافه ، وكل شيء تيقنا زواله في الماضي فهو زائل الآن إلا إذا جاء ما يغير الحال الماضية ، ومن ادعى خلاف الحال الماضية فعليه الدليل لأنه ناقل عن الأصل ، والدليل يطلب من الناقل عن الأصل فمن قال لما كان منفيًا هو ثابت فعليه الدليل ، ومن قال لما كان ثابتاً هو منفي فعليه الدليل ، والله تعالى أعلى وأعلم .
كثير من طلبة العلم الخواص تُشكل عليهم بعض المسائل إما عن طريق الشكوك او الوسوسة لمذيد من الفائدة نقلت لكم هذه القاعدة
نسأل الله ان يثقل بها ميزان من قرأها ونشرها وعمل بها

(1) هذا خلاف المذهب وإن كان هو الرجح لحديث عدي بن حاتم .

(2) هذا قول مرجوح مخالف لحديث أسماء في فطر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في يوم غيم .