أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


تابع
قول النسائي (ليس بالقوي)و(ليس بقوي)
قال الدكتور المحمدي ص42-49
:"فالأئمة النقاد حينما يطلقون ألفاظهم يريدون بيان الحكم على الرجل هل هو من ممن يحتج به أو ممن يكتب وينظر في حديثه (يختبر)أو ممن يكتب ولا يعتبر به بل يكتب لمعرفته ،وبين من يطرح حديثه ،يعني مرتبة الراوي من حديث قبول حديثة أو رده.
يقول أبو محمد ابن أبي حاتم :" وجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى وإذا قيل للواحد انه :
1- ثقة أو متقن ثبت فهو ممن يحتج بحديثه.
2- وإذا قيل له انه صدوق، أو محله الصدق، أولا بأس به: فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية.
3- وإذا قيل:
- شيخ، فهو بالمنزلة الثالثة: يكتب حديثه وينظر فيه، إلا أنه دون الثانية.
- وإذا قيل صالح الحديث: فإنه يكتب حديثه للاعتبار.
- وإذا أجابوا في الرجل: بلين الحديث: فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتباراً.
- وإذا قالوا: ليس بقوي فهو بمنزلة الأولى في كتبه حديثه إلا انه دونه.
- وإذا قالوا: ضعيف الحديث فهو دون الثاني لا يطرح حديثه يعتبر به.
4- وإذا قالوا: متروك الحديث، أو ذاهب الحديث، أو كذاب، فهو ساقط الحديث لا يكتب حديثه، وهي المنزلة الرابعة".
فابن أبي حاتم لم يذكر إلا نزراً قليلا مما قيل ،ومما أورده في كتابه ،لأن هذه الألفاظ وان تنوعت فهي تدور ضمن هذه المراتب الأربع ،فلا طائل تحت التفريق فقولهم (ليس بثقة) أو(ليس بذاك الثقة)أو (ليس بالثقة) كلها في مرتبة واحدة وإن تفاوتت نسبياً .
لذا فإن الحافظ العراقي حينما ذكر كلام ابن الصلاح في تعقبه على ابن أبي حاتم كونه لم يبين كل الألفاظ بقوله:(مما لم يشرحه ابن أبي حاتم ، وغيره من الألفاظ المستعملة في هذا الباب قولهم ( فلان قد روى الناس عنه فلان....) .
قال العراقي متعقباً بأمور:" أحدها: أن المصنف ذكر هنا ألفاظاً للتوثيق وألفاظاً للتجريح لم يميز بينها ،وقال: (إنّ ابن أبى حاتم وغيره لم يشرحوها). وأراد بكونهم لم يشرحوها أنهم لم يبينوا ألفاظ التوثيق من أي رتبة هي، من الثانية أو الثالثة مثلاً، وكذلك ألفاظ التجريح لم يبينوا من أي منزلة هي، وليس المراد أنهم لم يبينوا هل هي من ألفاظ التوثيق أو التجريح، فإن هذا أمر لا يخفى على أهل الحديث، وإذا كان كذلك فقد رأيت أن اذكر كل لفظ منها من أي رتبة هو لتعرف منزلة الراوي به .." .
والشاهد هنا أنّ الحافظ العراقي بين أنّ مراد ابن الصلاح الأثر المترتب على هذه الألفاظ ،وليس مجرد الترف الفكري ! فالوقوف على اختلاف بين هذه الألفاظ مهم جداً إذا ترتب عليه أثر في اختلاف المرتبة.
وهذه المسألة لا تناقش بهذه العجالة ،وتحتاج إلى مزيد شرح أسأل الله التوفيق لذلك .
ولهذا فالأئمة نقدة كانوا أو نقلة كانوا حينما ينقلون أقوال الأئمة ينقلونها دون هذا التكلف،وحينما يذكرونها يذكرون لفظة واحدة وهي بالتأكيد تحوي معان عدة،فقولهم ليس بثقة أو ليس بالثقة ،وقوهم ليس بالمتين أو ليس بذاك المتين.... هناك فرق بين هذه العبارات من الناحية اللغوية ،لكنها كلها تدور عندهم في معنى واحد(مرتبة واحدة) ،لذا فإنك لا تجد أئمة العلم يفرقون بينها ما دامت تعطي المعنى القريب،فلا طائل اليوم تحت هذا التفريق بين هذه الألفاظ.
والغريب أن بعض الأخوة الباحثين يستشهدون لهذا القاعدة بقول الذهبي في الموقظة:" وقد قيل في جماعات: (ليس بالقوي) واحتج به، وهذا النسائي قد قال في عدّة: (ليس بالقوي) ويخرج لهم في كتابه. قال: قولنا (ليس بالقوي ليس بجرح مُفْسِد) ... وبالاستقراء إذا قال أبو حاتم: (ليس بالقوي) يريد بها أن هذا الشيخ لم يبلغ درجة القوي الثبت" .
ولا أدري أين الشاهد فيه ؟ فهو ذكر (ليس بالقوي) فقط ،وهو دليل قوي على انه لا يفرق بينهما ،ولو كان يرى ذاك التفريق لما غفل عنه ههنا ،لا هو ولا كل من تكلم في مراتب وألفاظ الجرح والتعديل ،ثم أدلّ منه صنيع الذهبي نفسه في التسوية بين اللفظتين عند النسائي –وغيره- أنه ينقل عن النسائي قوله (ليس بقوي)،في حين أن قول النسائي (ليس بالقوي)،فمثلاً:
1-قال في ترجمة (كلثوم بن جبر البصري): (قال النسائي: ليس بقوي ) .والذي في (الكبرى 6/347):ليس بالقوي.
2- وقال في في ترجمة درست بن زياد البصري :(قال النسائي :ليس بقوي ) . وعند النسائي في الضعفاء (186):ليس بالقوي.
والأمثلة كثيرة جداً على ذلك .
ولم يقتصر الأمر على الذهبي بل كل الأئمة يفعلون ذلك فهم ينقلون العبارة ولا يجدون فيها فرقاً.
فمن ذلك:
1-قال النسائي (الكبرى 5/132)في عمران بن أبان الواسطي:"ليس بقوي".-وهذه المرة الوحيدة التي أطلقها كما سبق ذكره-.
ونقلها ابن عدي في الكامل 5/90 في ترجمة عمران هذا ،فقال:قال النسائي: (ليس بالقوي) ،وكذا فعل المزي . فابن عدي والمزي -وغيرهما- لم يريا في ذلك فرقاً!
2- وقال النسائي في الضعفاء (398)في ترجمة عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين :"ليس بالقوي ".ونقله الحافظ ابن حجر في تهذيبه 5/77 :"قال النسائي :ليس بقوي".
3-وقال في الضعفاء(291) في ترجمة شعبة بن دينار مولى ابن عباس:"ليس بالقوي".ونقلها عنه المزي وابن حجر :ليس بالقوي.
4- وقال في الضعفاء ترجمة (7)،وكتابنا هذا ترجمة (5)في إبراهيم بن مهاجر الكوفي:"ليس بالقوي".
وقال المزي في ترجمة الرجل : "وقال النسائي فيما قرأته بخطه: كليب هذا لا نعلم أن أحدا روى عنه غير ابنه عاصم بن كليب وغير إبراهيم بن مهاجر، وإبراهيم بن مهاجر ليس بالقوي في الحديث".وقد نسبها الحافظ ابن حجر في تهذيبه إلى كتابه التمييز .
ثم أعاده المزي في ترجمة (كليب بن شهاب المجنون ) ،فقال: "وقال النسائي فيما قرأته بخطه كليب هذا لا نعلم أن أحدا روى عنه غير ابنه عاصم بن كليب وغير إبراهيم بن مهاجر وإبراهيم بن مهاجر ليس بقوي في الحديث".وكذا أعاده ابن حجر.
فلم ير الحافظان المزي وابن حجر فرقاً في هاتين العبارتين .
5- وقال النسائي في الضعفاء (348) في ترجمة عبد الله بن شريك العامري:"ليس بالقوي".
ونقله المزي في ترجمة الرجل عن أبي حاتم والنسائي قولهما:" ليس بقوي".وكذا نقله ابن حجر. والذي في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم : "ليس بالقوي". أيضاً . فأين هذا التفريق المتوهم ؟
وأخيرا فمن خلال ما بيّناه فلا فرق بين قول النسائي :(ليس بالقوي) وبين (ليس بقوي).أما إطلاق الأحكام من خلال مثال أو مثالين،أو تقليد أعمى دون تتبع فدونه خرط القتاد.
والصواب أن هاتين اللفظتين معناهما واحد، وهي عبارة تليين، وصاحبها يكتب حديثه في الاعتبار ولا يحتج به .كما نصّ على ذلك النسائي نفسه ،وفسرها الذهبي .
وهي بالمعنى نفسه عند سائر الأئمة ،قال عبد الله بن احمد بن حنبل :سألت أبي عن فرقد السبخي فقال ليس هو بقوي في الحديث.قلت:هو ضعيف؟قال ليس هو بذاك ".
وقال أيضاً:قال عبد الله سألت أبي عن هشام بن حجير ؟ فقال: ليس هو بالقوي. قلت :هو ضعيف؟ قال: ليس هو بذاك".
وتأمل ههنا أن الإمام أحمد سؤّى بين (ليس هو بالقوي )و(ليس هو بقوي )و(ليس هو بذاك).
ومثله :قال عبد الله: سمعت أبي يقول: "عامر الأحول ليس بالقوي ضعيف الحديث".
وقال أبو طالب: قال أحمد بن حنبل:"عامر الأحول، ليس بقوي في الحديث".
وقال ابن أبي شيبة :"وسمعت علياً –ابن المديني- وسئل عن حماد بن شعيب،فقال:لم يزل حماد عندنا ضعيفاً ليس بالقوي".
وقال أيضاً:"وسمعت عليا يقول ابن أخي الزهري ضعيف ليس بالقوي ونحن نكتب حديثه".
وقال أبو زرعة الرازي في خالد بن إلياس : ليس بالقوي،كتبنا أحاديثه".
وقال ابن أبي حاتم في ترجمة إبراهيم بن مهاجر البجلي:"سألت يحيى بن معين عنه فقال:ضعيف الحديث،وسمعت أبى يقول: إبراهيم بن مهاجر ليس بقوي ،هو وحصين بن عبد الرحمن،وعطاء بن السائب قريب بعضهم من بعض،محلهم عندنا محل الصدق،يكتب حديثهم ولا يحتج بحديثهم.قلت لأبي: ما معنى لا يحتج بحديثهم؟ قال:كانوا قوماً لا يحفظون فيحدثون بما لا يحفظون فيغلطون، ترى في أحاديثهم اضطراباً ما شئت ".
وقال البخاري في ترجمة عبد الوهاب بن عطاء العجلي أبو نصر الخفاف: ليس بالقوي عندهم، سمع ابن أبي عروبة، وهو يحتمل" .
وقال الدارقطني في أبي سفيان سعيد بن يحيى الحميري:هذا متوسط الحال ليس بالقوي".وقال أيضاً في موسى بن خلف العمي : "ليس بالقوي ،يعتبر به".
فالأصل في (ليس بالقوي )،و(ليس بقوي )و(ليس بذاك القوي )ونحوها هي جرح غير مفسدٍ لحديث الرجل ،وهي من مراتب الاعتبار ،كما نص الأئمة.
وحالها حال غيرها من الألفاظ الأخرى إن اقترنت بما يقويها تقوت وان اقترنت بما يحط منها دون ذلك انحطت،لذا قال أبو حاتم في :إسحاق بن يحيى بن طلحة:"ضعيف الحديث ليس بقوي ولا يمكننا أن نعتبر بحديثه".
وقال في جنادة بن مروان الحمصي:"ليس بقوي أخشى أن يكون كذب في حديث عبد الله بن بسر أنه رأى في شارب النبي صلى الله عليه وسلم بياضا بحيال شفتيه ".
وقال ابن خيثمة:"سمعت يحيى مرة أخرى يقول : حديث ابن إسحاق سقيم ليس بالقوي".
وقال الدارقطني في الربيع بن يحيى الأشناني:" ليس بالقوي يروي عن الثوري عن ابن المنكدر عن جابر :الجميع بين الصلاتين.س هذا يسقط مائة ألف حديث".