أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


...و تغيب شمس أمي...

(أم معتز)

جميلة امي وهي تشرق كل يوم...لا اعرف الغضب في وجهها..احب ان اراها وسط النساء في المناسبات,شتانا بينها و بينهن,ابحث عن جمال ينافس جمالها فلا اجد...وجهها كالشمس عند الشروق..كالبدر في الليلة الظلماء بلا مبالغة والله شهيد على قولي.
هاذا فيما رزقها الله من جمال الظاهر واما الباطن فقل ما تشاء عن الطيبة والحنان و قوة الشخصية والحياء وحسن الادب وعفة النفس والصدق في القول والعمل,لاتغتاب ولا تظلم وان ظلمت تسمح في حقها محتسبة بلا ندم ولا غيظ,تظهر النعم في كل الاحوال.قليلة الاكل قليلة الكلام..قليلة النوم...لاتلوم ولا تحقد على احد..مهما اذاها.تربينا بالصمت والنصح القليل بحنان وحب كبير..مهما غضبت لا ترفع صوتها ولا يدها على احد ابدا..مهما تألمت لا تشتكي ابدا ومهما نصحت تختصر دوما.
...هداني الله معها في وقت واحد وكنت بنت الستة عشر سنة وكانت في الثلاثة والثلاثين من عمرها...كانت احلى الايام...لبسنا الحجاب سويا كنا نقرأ القرآن مع بعض ونذهب للمسجد..ونقوم الليل و نحث بعضنا على ذلك كانت تحب القيام في السطح حبا في الاقتراب من السماء ورغم اني اريد أن أصعد معها الا أني أرى في عينيها رغبة في الاختلاء بربها ,فأتركها فلا تنام حتى الفجر فتأتي لتوقظني فأرى في عينيها فأجدهماممتلأن بالدمع ,فأحزن لها وأغبط حبها للرحمان وصفاء روحها .وأفهم أن رغبتها في الخلوة كي تأخذ راحتها في المناجاة والدعاء والرجاء والبكاء فأقول لها لم تعذبين نفسك يا أمي وقد كنت صالحة حتى قبل الإلتزام فتقول لي ..لي ثقة أن الله سيرحمني بلا اله الا الله ..لكن ما يبكيني هو أنني أغبط من تشتاق لهم الجنة وأرجو الله أن أكون منهم .
كانت تطالع الكتب بكثرة و كلما عدت من الثانويةحكت لي ما قرأته في ..رياض الصالحين..واحياء علوم الدين..
كانت لما أحكي لها عما أدرس في الثانوية من فقه وحديث ..لكني أجد عندها من المعلومات أحسن مما درست ,فيسعدني الجلوس و الاستمتاع بالحديث معها ثم يبدأ اخوتي في الدخول علينا فأقول لها :ليتك لم تلدي الا أنا كي أطيل الجلوس معك دون منافاس فتتبسم..
ولا أنسى ماحكته لي يوما عن أحد الصالحين أكل ثمرة من بستان مر عليه ثم ندم وذهب عند صاحبه تطلب العفو ,فاشترط أن يزوجه ابنته التي لاترى ولاتسمع ولاتتكلم ,والشاب الصالح قبل كي يكفر عن ذنبه ..ولما دخل عليها وجدها في أحسن صحة وجمال وصلاح ...
ومرت أيام قليلة كنت عائدة من الثانوية وجذبني ورد جميل يناديني من حديقة صغيرة أمام بيت في طريقي ,فضعفت أمام جماله و قطفت وردة وسرت أستمتع برائحتها ثم تذكرت ما حكته لي أمي عن الصالح والبستان ..فرجعت وطرقت الباب على أصحاب الحديقة فخرجت لي صاحبة البيت :سلمت عليها وقلت لها سامحيني فقد قطفت وردة دون استئذان ,ففرحت وقالت لي لابأس خذي ما شئت بلا حرج .
ولما وصلت للبيت حكيت لامي ما فعلته ,ففرحت فرحة كبيرة لاتزال تبهج صدري كلما ذكرتها.
في ذلك الوقت كنت أظن أنها فرحت لأني فعلت شيئا صحيحا ,ولما تزوجت وصار عندي أولادأدركت أن فرحتها لم تكن فقط لحسن فعلي بل على الاكثرقر عينها ارضائي لها بعد الله تعالى,وأن الهدف من حكاياتها معي تحقق و أثمر دون نصح ...
- لا تزال صورتها في البيت وهي تحمل صينيتها الصغيرة التي فيها ابريق صغير وفنجان وسكريةصغيرين وتصنع القهوة كل يوم بعد الغداء وتحملها وتجلس في فناء البيت تشرب القهوة بهدوء ,فأراها فأخذ فنجان اخر و أجلس معها ونتبادل الحكايا و الضحك ,فيروننا اخوتي وينضمون الينا ويأتي والدي فيضع رأسه في حجرها ودوما سخيا عليها بكلمات الحب معها أمامنا.
-كان بيني وبينها متعة طفولية في شرب القهوة فقد كانت لما تكمل الفنجان تضع اصبعها فيه و تلحس به السكر المتبقي من القهوة ..فأقول لها ألا تنزعين هذه العادة يا أمي ,فتقول :أشرب القهوة لأجل هذا ..فأفعل مثلها,و نحن نتغامز كي لا نظهر ذلك أمام اخوتي .
-ألزمت أن أذهب لبيت والداي مرة كل عام في عطلة الصيف لبعد المسافة بيننا لكن هذا العام أمي أصرت أن تأتي عندي في هذا الفصل 'الشتاء'وبعد ثلاث ايام من لقائنا لم تكتمل فرحتي وفي أول يوم من هذا العام 1-1-2013 تسقط أمي بين يدي بصمت و هدوء بلا شكوى ولا أنين بعد قيام ليل وبعد أن صلت الضحى...ذهبت عند حبيبها...هو أحن عليها منا جميعا لكنها أمي...أختي...صاحبتي...ذهب ت حبيبتي بهدوء قاتل.
ذهبت أنيستي وصندوق أسراري من لي غيرها...في وجهها فرحتي وفي عينيها بحر أمالي وأحلامي,من أين لي بصبر يقويني على فراقها,من دونها الفؤاد خاويا ,واليل والنهار مظلمة من أنا ومن هي, هي أمي لا أم لي غيرها...
-ولن أنس أيضا يوم أدخلتني الى غرفتها وأغلقت الباب وأجلستني ووضعت بين يدي سرة مليئة بالذهب,وقالت لي أنت على وشك زواج ياابنتي فهل أترك لك هذا الذهب وتشتري به الدنيا أم تتركيني أتصدق به ونشتري به الأخرة فقلت لها أختار ما تختارينه ياأمي ولا أريد منه شيئ .
-ماذا أقول كلامي عن أمي كثير لا تحتويه صفحات لكن في الأخير أنصح من كانت له أم فأقول:اعلم أخي وأختي أن فرحتك وطفولتك بين يدي أمك,أعطها من البر والطاعة ما يكفيها أسعدها و أبهج قلبها كلما رأيتها,واياك أن تكتفي بالواجب عليك فحسب بل تتفنن في ان تكون دوما قرير عينيها ،بكلام يسعد وبهدايا من اغلى ما تملك ،عاملها بصدق وكل الحب عاملها احسن مما تعامل أصغر بناتك قل يديها و راسها بل و قدميها ،بعد الله لا يحن عليك غيرها واكثر متعتها هي وجودك و اولادك حواليها مطيعين ،محبين ،محسنين و مسعدين .
اساتذتي الكرام واخواتي من اهل الملتقى الذي لم شملنا و جمع كلمتنا على الخير لا تنسوها بالدعاء
{أمك شمس ان توقفت عن الاشراق اغلق باب التوبة فالبدار البدار لارضائها قبل المغيب}