للعام الثامن على التوالي تعلن وزارة المالية أكبر ميزانية في تاريخ السعودية. في السابق كان المواطن يفرح بهذا الإعلان، ويُمنِّي النفس بتنمية وتطوُّر ورغد عيش، ينعكس على الوطن وعليه وعلى أفراد الوطن جميعاً.. لكن مع مرور السنين بدأ المواطن يتساءل كلما سمع عن تلك الأرقام، التي لا يستطيع حتى قراءتها؛ والسبب أنه لم يلمس أي تحسن، وأن كل أحلامه التي كان يرجو من تلك الميزانيات كانت تتحقق بالعكس؛ فلا أثر لتلك الميزانيات انعكس على الوطن بشكل عام، ولا هو حصل على خدمات توازي الميزانيات المعلنة، ولا حاله على المستوى الشخصي تحسن.. بل إن عدداً من المشاريع الحيوية في الوطن توقفت وتعثرت.
لقد وصلنا إلى المرحلة التي تعودنا فيها على إهمال بعض الوزارات، وأصبحنا لا نستغرب أن نسمع أو نقرأ خبراً عن خطأ طبي يتسبب في مقتل إنسان، ولم نعد نستغرب أن يمر بنا أسابيع لا نشاهد فيها سيارة مرور في الشوارع والطرقات المزدحمة في أوقات الذروة، وأصبحنا لا نستنكر أن نسمع أن أحدهم قد تهجم على رجل أمن أو معلِّم، بل إننا بدأنا نسمع عن حالات انتحار وأمراض نفسية ومشكلات أسرية ومجتمعية، يكون السبب فيها في كثير من الأحيان ضَعْف الخدمات والرعاية التي كان من الواجب أن تقدمها الوزارات المعنية.
كل تلك المشكلات التي تحصل يومياً، والتي كان يمكن أن تحل لو قامت تلك الوزارات بعملها كما ينبغي، بدأت تمر في مخيلتي وأنا أتابع أخبار الميزانية العامة للدولة، التي أُعلنت. عندها تذكرت الموقف نفسه العام الماضي، وكيف أن الكثيرين تأملوا أن يقوم الوزراء بالاستفادة من تلك المبالغ لتطوير البلد وتنفيذ المشروعات الحيوية وتقديم ما يحقق رفاهية المواطن، التي تُعدّ أحد أهم الأهداف التي يجب أن تسعى لتحقيقها تلك الوزارات. بعدها خطر ببالي سؤال عن تلك المبالغ، وأين تم صرفها؟ فنحن كل عام نسمع أن لكل وزارة مخصصات مالية تُصرف لها؛ لتقوم بإنجاز أعمال بحسب خطة سنوية، تخدم الخطة الخمسية العامة للدولة في نهاية الأمر؛ فهل يتكرم أصحاب المعالي الوزراء ويخبروننا أين وكيف تم صرف الميزانية التي حصلوا عليها في العام الماضي؟