نونية التسبيح
سبحان ربي جلَّ منْ أنشاني
من عُدْمِ بطنِ الموت قد أحياني ..
ليميتني ويعيدني في كرةٍ
بالبعث ِمن قبري خلاقاً ثاني ..
سبحان ربي كلما خفق الفؤاد
وسرت دمائي في مدى شرياني..
وسقت عروقي فانتشت أوصالها
فقوى قوامي بقدرة الرحمن ..
سبحانه وأنا جنين مُغْرَق ٌ
في الرحم أعثو لاأحسُ مكاني ..
لاأستبين النور أعمه في الدجى
أو مَنْ أتى بي ههنا فرماني ..
لأعيش تسعا ًأستشف غلالتي
من صرتي لمشيمتي وكياني..
الزاد في عمق الغياهب يأتني
لاحول لي فيه ولا أعواني ..
سبحانه بين الحشا لم ينسني
حاشاهُ ربي حاشا أن ينساني ..
نحن الضعاف النقص في تفكيرنا
ننسى العظيم الخالق الرحمن ..
فنروح نلهو بالدنية والمنى
ننسى الردى متوثباً متفاني ..
ولأننا النسيان من أطباعنا
النسيان والإنسان مقترنان ..
ننسى السجود لمالك الكون الذي
سجدت له الأكوان والثقلان ِ ..
نسهو الصلاة ولانضيع موعدا
نلقى به غراً أثيما فاني ..
ونُقَطِع الليل الثمين بصحبةٍ
مبوءة ٍ بكبائر الأدران ..
سبحان ربي صرختي وولادتي
مصحوبة ببشائرٍ وحنان ِ..
ألقى الحياة َ لتلتقيني أذرعا ً
وأضالعاً ومحاضناً ترعاني..
والله أكبر من أبي بمسامعي
تنداح في قلبي وفي آذاني ..
نعم البشير مؤذنا في مسمعي
الله أكبر والزمان ثواني ..
عرف الوليد بأمر خلقه مُذ ْ بدا
الله أكبر في غدي عنواني ..
سبحان ربي يجتبيني برحمةٍ
من فيضها هذا أبي رباني ..
وسقتني أمي بفيض رحمة خالقي
زخ الدموع ولاتزال تعاني ..
سبحان ربي فجر الماء لنا
فربت فيافي الأرض بالقطعانِ..
ونما نبات االعشب في كل البقاع
وزهى صنوف الزهر والأفنانِ..
وتوشحت ارضُ القفار بثوبها
نضراً تطرزه ُيدُ المنّانِ ..
وعلى الجبال تباسقت أشجارها
والطيرُيشدو للغصون أغاني..
سُرُبُ الفراش تَحيرُ رَفـْرَفَها الجمال
والنحل ينهل من رحيق ٍهاني ..
فالماء ضرع العيش ينبوع الحياة
نُسقاه ُ من قطر ٍ ومن غدرانِ..
والماء طهرٌ للنجاسة نبتلي
والماء يبرأنا عن العصيانِ..
والماء زادٌ إن يغور فموتنا
حتم ٌعلينا وسائر الحيوّان..
سبحانه مدّ الخلائق بالنعم
ولابد للمخلوق من عرفانِ..
سبحان ربي والهواء مسَيَرٌ
لسنا نراه وليس منه عيانِ..
فبأمره ملأ الفراغ نسائماً
وأنفاسنا من ذا النسيم دواني ..
لولاه ماشهقت صدورنا شهقةً
لم تزفر الأكدار والقذران ِ..
ولَمَجَ من سمٍ لُبابُ جسومنا
ولغبنا في بحرٍ من الهذيان..
لولاه ما انهملت غيوثٌ من سما
أو أرست الأجساد فوق مكانِ..
هذا الذي احكيه ليس بخاصة ٍ
فهو الفناء لكل حيٍّ دانِ..
فالله أنشأها فأحسن خلقها
بالقسط والتدبير والميزانِ..
سبحانه وبحمده في كل آن
في كل حينٍ جملة الأحيانِ..
سبحانه ملك الملوك تقدست
أسماؤه موتورة بلساني ..
محفورة ٌ في خاطري لاأنسها
وبمهجتي ممزوجة وجـَناني ..
إن حدتُ عن حقٍ تناهى ذكرها
لأعود عن جهلي وعن عصياني ..
بها أقتدي بها أنتهي عن نهيه
بها ارتقي رتبي الى الإيمان ..
بها أبتدي بها أنتهي في نزعيَّ
بها أحتمي من حمأة النيران..
بها ألتمس للناس أعذاراً وما
أحْتَج ُفي غضب ٍعلى جيراني..
بها أنتصف للواهن المُسْتَضعًفِ
لاأرتضي ظلما ً ولا طغيانِ ..
بها أنجد الملهوف حتى ظـُنَّ بي
أني أساند منجدا ًإخواني ..
بها أكرم الضيف الكريم وبسمتي
وبشاشتي تبدي له أسناني..
بها أرعى زوجي مُنْعـِماً مترفقا
قارورة العطر التي ترعاني..
بها أبدي مني للصغير محبتي
وتسامحي ومودتي وحناني..
لافرق عندي بين بنت أوفتى
فالبنت في ميزاني كالصبيان ..
أجلو الهموم عن اليتيم وأرْعـَهُ
في طوعه أبقى عطوفا حاني ..
وأطيع في قول الرسول وصيةً
لتكون في قرب النبيْ ..هاتانِ ..
من يكفل الأيتام يلقى حظوةً
عند النبي ِّ المصطفى العدناني ..
سبحان ربي والخلائق جمةً
لاتحصى في عدٍ ولاتبيان ..
فالنهر والبحر السحيق تجولٌ
بكتائبِ الأسماك والحيتان ِ..
وعجائب ٌ الخلق البديع تنوعت
والحسن في التشكيل وألألوان ..
سبحان ربي مانحي العقل الرشيد
من دون خلقه خصني وحباني ..
إن شئتُ نلتُ الخير في استعماله
والفوز بالدارين حيثُ جِناني..
وإن شئت أغفلت ُالهداية عازفاً
ومضيت عن عقلي الى الشيطانِ..
سبحان ربي في استقامة قامتي
سبحانه أعطانيَّ فكفاني ..
والقامة الشماءُ لا لم تنحن
إلا لرب الناس والقرآن ..
خلق الزواحف والجوارح في الفضا
أومن مشى بالبطن مَشْيّ تَوان ِ..
أومن مشى بأربعٍ لايستقم
أومن حبى كالقرد والسعدانِ ..
لكننا دون الخلائق كلها
تمشي على البطحاء ذي القدمان ..
سبحان ربي مُنعماً شقّ البصر
وأنضى البصيرة مجمع العميانِ ..
سبحان ربي منعماً لي في فمي
حمدا له إذ صف لي اسناني ..
وكساهما حمدا له متفضلا
باب الطعام لمَطعمي الشفتانِ..
ولذكره ولشكرهِ جلّ الإله
أنشا تعالى منطقي ولساني ..
إن مسني الخير فإني مانعه
أومسني الشر جزوعَ تراني ..
فأنا البخيل ورغم بخلي زادني
أعطاني ربي كثرما أعطاني ..
سبحانه وبحمده جعل النهار
للعيش والكد الحلال أواني ..
وأوان نومي والسبات بليله
يرخي الهدوء فتنسدل أجفاني ..
سبحانه منح الرجال حلائلا
وهما بقرب الوصل متفقان..
وعلى المودة والمحبة والصفا
تُبْنى البيوت بهدأة ٍ وأمانِ ..
سبحانه جعل الخصوبة َنعمةًً
في الأرض والحيوان والإنسانِ..
كي يستمر النسل حتى قيامةٍ
في علم رب الكون من سوانّي ..
من يعلم الغيب العليم بكل شيء
سبحانه ربي عظيم الشان ..
والنفس إذ تحيا فتحيا بعلمه
وإن تمت فبعلم ذي الغفرانِ..
أنفاسنا عددٌ برغم عديدنا
إن تنقضي تتوقف الرئتانِ..
وكذاك نبض القلب عُدَ دَكيكه
ومواتهُ في لحظةٍ وثواني ..
كم غافل لاك اللقيمة وانتهى
لم يبتلعها فتجحض العينان..
كم راقص ٍعاف المراقص جثةً
ومضى لدود القبر والغربانِ..
سبحان ربي أصلح الدنيا لنا
وصلاحها والفسق لايجتمعان ..
فاحرص على التسبيح واذكر ربك
فالخسف والخسران بالنسيانِ..
الذاكرون القائمون بليلهم
يتنشقون نسائم الريحانِ..
الخاشعون المهطعون لربهم
لاتلق فيهم يائساً حيرانِ ..
فقد اطمأنوا بالسجود وحسبهم
عند الصلاة تلاوة الفرقان ِ..
وقد استزادوا بالصيام تجملا
من سنةٍ والفرض في رمضان ِ..
أيامهم تحلو بفيض عبادةٍ
تصفو بها الأرواح بالأبدانِ..
لايغضبون ومن يطاول مؤمناً
يعفو عن الباغين بالإحسانِ..
سبحان ربي حامداً متضرعاً
وشديد عفو الله قد أغراني ..
لألح في طلبي وأبدي توسلاً
عبدٌ ذليل ٌ ظالمٌ متواني ..
عبدٌ ذليلٌ عند بابك مذعنٌ
باب الكريم القادر ِالحنّانِ..
أستجدي منك العفو ياملك الملوك
إني أخاف الواحد الديّانِ ..
سبحان ربي خالقي عدد الحصى
عدد الرمال بضفة الشطآن ..
عدد النجوم الكثر في أفلاكها
والقطر منذ الخلق حتى زماني..
عدد الخلائق ياإلهي وسيدي
الأحياء والأموات في الأكفانِ ..
سبحان ربي عند كل عشيةٍ
في الجهر والإعلان والكتمانِ..
سبحان ربي منزل الذكر الحكيم
فمضى زمان النجم والكهان ِ..
وتعالى دين محمد شمس الشموس
ليجب ماقبله من أديانِ ..
من ارض نجد إبتدا ثم إنتشر
وسرى بأرض الله كالطوفان ..
الناس ظمأى للحقيقة فارتوى
من دين أحمد ظاميءٍعطشانِ ..
من أرض نجد ٍ سيرة الدين الحنيف
حتى هِرَقْلَ الحاكم الرومانِي . .
ومضى الى الأحباش يجتاح البلاد
ولمصر للمقوقس اليوناني ..
وبكل حدب شعَّ نورُ محمدٍ
حتى سنا في بلدة الإيوان ..
جبريل أقرأه السلام مردداً
إقرأ .. فأفصحَ أحمد ببيان ِ ..