بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سئل شيخنا ابن باز _رحمه الله تعالى _أريد أن أحفظ القرآن الكريم، فأرجو توجيهي إلى أي الطرق أسهل، وهل يلزمني أن أحفظ القرآن بالتجويد كما نصحني بعض الإخوة، أو أن التجويد لا يشترط لأمثالي؟

حفظ القرآن مستحب والتجويد مستحب ليس بواجب، إن حفظته فهذا مستحب، أو حفظت ما تيسر من ذلك فهذا طيب، والتجويد كذلك، التجويد فيه خيرٌ كثير لأحسان لفظ القارئ لقراءة القرآن يحسن لفظه، وفي الحديث يقول - صلى الله عليه وسلم -: (زينوا القرآن بأصواتكم) والله يقول: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا، فالتجويد يحصل به تحسين الصوت وأداء الألفاظ على الوجه الأكمل، وإذا قرأه باللغة العربية وأعطاه حقه ولو لم يعرف التجويد فلا حرج، لكن إذا عرف التجويد وتلا بالتجويد ولم يتكلف كان ذلك أفضل. جزاكم الله خيراً

موقع ابن باز رحمه الله

سؤال سألته احد الاخوات دار الافتاء ...!!

هل لا بد من حفظ القرآن كله؟ وهل نحاسب على عدم حفظه؟


الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..

فجزاك الله خيراً أيتها الأخت السائلة على سؤالكِ، وزادك حرصاً، وبارك فيكِ.
واعلمي رعاك الله أنه يجب على المسلم أن يحفظ من كتاب الله ما يقيم به صلاته، غير أن حفظ القرآن الكريم كاملاً ليس فرضاً على الأعيان، بمعنى أنه ليس فرضاً على كل مكلف بحيث يأثم على ترك حفظه كاملاً، وإنما هو فرض على الكفاية، بمعنى أنه إذا قام به بعض أفراد الأمة سقط حرج المؤاخذة عن الباقين، وإن ترك البعض القيام بهذه المهمة أثِم الجميع.
قال الإمام النووي رحمه الله في التبيان: اعلم أن حفظ القرآن فرض كفاية على الأمة، صرح به الجرجاني في الشافي والعبادي وغيرهما، قال الجويني: والمعنى فيه أن لا ينقطع عدد التواتر فيه فلا يتطرق إليه التبديل والتحريف، فإن قام بذلك قوم يبلغون هذا العدد سقط عن الباقين، وإلا أثم الكل، وتعليمه أيضاً فرض كفاية، وهو أفضل القرب، ففي الصحيح خيركم من تعلم القرآن وعلمه. اهـ
ومع هذا فيجب على كل مسلم أن يحفظ من كتاب الله تعالى ما يقيم به صلاته، ويُعمر به قلبه، فالقلب الذي ليس فيه شيء من القرآن كالبيت الخرب، والقرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق، أمرًا ونهيًا وخبرًا، يَسَّره الله حفظًا وتلاوةً وتفسيرًا، وسهَّل لفظه، ويسر معناه لمن أراده، ليتذكر الناس. كما قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ }[القمر:17]، قال العلامة ابن كثير رحمه الله في تفسيره: أي: فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يَسَّر الله حفظه ومعناه؟

ولتعلم الأخت الكريمة أن حفظ القرآن الكريم كاملاً أو بعضه لمن وفقه الله وأعانه على ذلك من أعظم القربات التي يُتقرب بها إلى الله تعالى، ومن أفضل الأعمال الصالحة على الإطلاق، وكيف لا! وقراءة القرآن هي أفضل الذكر، فكيف بمن حفظه في صدره وتعاهده بالمراجعة، كما أن شرف الشيء بشرف متعلقه، والقرآن الكريم متعلق بالله تعالى، والقرآن كلام الله تعالى، والكلام صفة من صفاته تعالى، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه، وأهل القرآن الذين اشتغلوا بحفظه وتعاهده ومراجعته وقراءته وتعلمه وتعليمه هم أهل الله وخاصته، ومن إجلال الله إكرام حامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، ويكسى تاج الكرامة يوم القيامة، ويرضى الله عنه، فقد روى الترمذي والحاكم وصحَّحاه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ حَلِّهِ فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ زِدْهُ فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ فَيَرْضَى عَنْهُ فَيُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً".
ويُلبس والداه تاجاً يوم القيامة ضوؤه أحسن وأشد من ضوء الشمس إكراماً لهما بسبب أخذ ولدهما القرآن، كما روى أبو داود عن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه رضي الله عنه قال: إِنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن قرأَ القرآن وعملَ بهِ، أُلبِسَ والداَهُ تَاجا يومَ القيامةِ، ضَوؤُهُ أحسنُ من ضوءِ الشمسِ في بيوتِ الدُّنيا لَو كانتْ فيكم، فما ظنكُم بالذي عَمِلَ بهذا".
نسأل الله أن يرزقك نعمة إتمام حفظ القرآن الكريم ، وأن يجعله شافعاً وحجة لنا يوم القيامة،

والله أعلم.


موقع الهيئة العامة للشؤون والاوقاف رقم الفتوى 9454