أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


(قلمي .. وليتَك تنتهي بيديّا) (*)


مطرٌ ودِيْمتُه عليَّ ندِيّــا ..
أنَّى نداكِ يحُلُّ في شفَتيّا !

يقتاتُ ورْدُ القلبِ من ماءِ الهوى
ويعيشُ في أرضِ الحياةِ فَتيّا

ويُزيلُه من أرضِه حُبُّ الفتاةِ
لأنّها تهوى الفتى الورْديّا

إنّ الورودُ تموتُ بعدَ قِطافِها
لكنّها تبقى ندًى وحُليّا

لا فرْقَ عندي يا حبيبةَ قلبِنا
إن كُنْتُ ميْتًا في الهوى أمْ حَيّا

***

شفَّ الهوى جنبيّ من ألَمِ النّوى
قضَّ المضاجعَ بُكرةً وعشِيّا

فكأنّه أكلَ الحياةَ بمُهجَتي
وأمالَ ظهري واعتلَى كتِفيّا

حتّى اكتهَلْتُ مِنَ الهوى في صَبْوتي
وبِيَ الهوى عاشَ المشيبَ صبيّا

وجدي وآلامي بها طرديةٌ
ومع النّوى صار الهوى أُسِّيّا

الشوقُ نارٌ ، والنّوى ثلجٌ على
حرّ القلوبِ الخافقاتِ لديّا

والثلجُ حاكى الجمْرَ في تقتيلِه
وأنا غدوتُ الحاكِيَ المحكيّا

***

جِرْمُ الحبيب غزالةٌ ، فلئنْ مشتْ
بينَ الكواكبِ، كوكبًا دُرّيا

حتّى إذا غابَ الحبيبُ بموطنٍ
صيّرتِني في موطنِي مَنْفِيّا

فخُذي الأسى وخُذي حروفَ قصائدي
والقافياتِ الباكيات عليّا

قالتْ لنا : أنا من بكى وأنا البُكا
أنا دمعةٌ ، أحزانُها سوريّا !

من أمّةٍ ثكلى تصيح لفقدِها
أُمًّا ، أبًا ، وبنيةً ، وبُنيّا

أنا تلكمُ الثكلى ومن ثكلَتْ أنا
ما كنْتُ إلا حُبّكَ المنسيّا

يا سافلا كم حمزةٍ عذّبتَه
وأزلْتَ منهُ فكّهُ السُّفليّا

كم حُرةٍ رمّلْتَها وهتكْتَها
وقتلتَ شيخًا طاعِنًا ووَليّا

يا ريمُ يا وجعَ الزمانِ ، حِكايةٌ
شاهدُتُها بَثّا أمامي حَيّا !

مِن طفلةٍ تحتَ الرّكامِ تأوّهَتْ :
"عماه بدّي ميَّ بدّي مَيَّا" !

ما عادَ عندي ماءُ وجهٍ فاشربي
دمَكِ الشريفَ السلسبيل زكيّا !

نزَفَ الزمانُ بجُرحِها ونِداؤُه :
عُمرًا نُريدُ، نُريد عمّوريّا !

يا ريمُ ؛ ما لِدُماكِ من بأسٍ وما
تخشى الدُّمى الجزّارَ والدّمويّا

يا ريمُ كُلُّ الحاكِمينَ دُمًى؛
فما مِن حاكِمٍ عاشَ الحياةَ أبيّا !

وقَفَتْ بكَتْ حتّى سمعتُ أذانَها
فأهدَّ منها الجامِعَ الأُمَويّا

مليونُ كلْبٍ نابحٍ والطائراتُ القاصفاتُ
على المدى جَويّا ..

إن أسقطُوها كبَّروا وتهلّلوا
آلاءُ ربِّك راضيا مرضيّا

سقَطَتْ، هوَتْ، حتى اختفَتْ، لمَّا عَتَتْ
من يَعْلُ غطْرسَةً ، هَوى كُلّيا

رشّاشُ روسيّ، وطلقةُ خائنٍ
وسكُوتُ غرْبيّ غدا عَربيّا

قالوا: ستُوقِظَ فتنةً، فأجبتُهم:
قتلَ الإلهُ الفاتِنَ البوطيّا !

الحُبُّ دينٌ ، رغمَ أنفِ شيوخِكُمْ
حتّى وإنْ حسبوهُ لا دينيّا

رُدَّ التّتارَ عن الدّيارِ كعاشقٍ
ترَكَ السُّلوَّ الأحمقَ الصوفيّا

أنا إن عشقْتُ فلسْتُ محضَ مُتيَّمٍ
بلْ شيخُ عُشّاقٍ، (إبِنْ تيميّا) !

ما زلْتُ أكتبُ في الحنينِ روايتي
فاقرأ عليّ من الغرامِ مَليّا

لم ينتَهِ القرطاسُ إذ سطَّرْتُه
قلَمي .. فليتَكَ تنتهي بيديَّـا

الحُبُّ سِفر ساخِرٌ ضَحِكٌ، فلَوْ
قرأوهُ ، خرُّوا سُجَّدًا وبُكيَّا !

***

فأجبتُها والدمعُ في آماقِها
والغدرُ والإرجافُ فيكَ وفِيّا

: الحُبّ وهْمٌ، والظنونُ كَذوبَةٌ
يا كذْبَ ما لاقيتِ من عَينيَّــا !

أنا من بيانِ الصامتينَ وشِعْرِهم
نظرُ الكفيفِ إذا رأيتُكِ شيّا

أنا عاشقُ وغدوتُ دونَ محبةٍ
من دونِ ميمٍ مصدرا ميميا

أنا تونُسِيُّ جزائرِ الصُّومالِ في
لبنانِ مِصرِ عراقِنا يمنيَّا

بحرينُ أردنٌّ فلسطينٌ كٌويْتٌ
شَامُ سُودانِ الهوى ليبيّا

أنا كعبةٌ قدسيّةٌ ، ومدينةٌ قدسيّةٌ ،
مَا كنْتُ صهيونيّا !

يا أيّها العربيّ هل لكَ مسلمٌ
ما كان إلا مُسلِمًا عرَبيّا !

يا أيّها العربيُّ إنّا أنتُمُ
يا أحْوَلًا هلّا نظرْتَ إليَّا !

أنا دمعةُ الخدّين عيْنُ مَواجعي
مِنّي أسيلُ على كِلا خدّيّا

أنا ضفَّةٌ شرقيةٌ غربيةٌ
مُذْ كُنْتُ في اليرموكِ حِطّينيّا

***
مطَرٌ وديمتُه عليّ نديّا .. أنّى نداكِ يحُلّ في شفتيّا
إن الورود تموتُ بعد قطافِها .. لكنّها تبقى ندًى وحُليّا
سِيّانِ عندي يا حبيبة قلبنا .. أن كنت ميتا في الهوى أو حيّا
***

إنّي دمشقيُّ الهوى من بابِ عمروٍ
جاءَ يهتِفُ ثائرًا حمَويّا

دَرْعا تصيحُ وما لها من دِرْعِها
إلا صدود الذكرياتِ لديّا ..

الله ينصرُكُمْ بحمصِ عدِيّةٍ
ما زالَ حَيّا قاهرا أزليا

اللهُ يهزِمُهم بجُنْدٍ منْكُمُ
حتّى تكونوا حتْمَهُ المقضِيّا

الله يعلمُ يا حماةُ بما جرى
ما كانَ ربُّ العالمينَ نسِيّا

هُزّي إليكِ رجالَهُم يسّاقَطوا
وخُذي الذخائِرَ والسلاحَ جَنيّا

وتعلّقي بالله لا أعرابِنا
ما كُنْتِ يومًا نَسْيَهُ المنسيّا

قولي لهم : أنا مريَمٌ في طُهْرها
هَا رزْقُ ربّي واسألوا زكريّا !

***

هذي سِهامُ الحُبّ فيّ فلا تلُمْ
هذا هوايَ وما جنتْهُ يديَّا

هذِيْ سماديرُ الهُيامِ، بقُبلةٍ
أشتَفُّ منها وهمَه المخفيّا

طلَقاتُ بشَّارٍ ، كقُبلةِ عاشقٍ
ترديك مَيْتًا ، عاشقا أبدِيّا !

... اهــ


أبو عبدالله الرياني
(محمود صقر الصقور)
تمّ الانتهاء منها بتاريخ
21/10/2012

وصلِّ اللهمّ على محمّد وآله وصحبه وسلِّم

______________________
*) قصّة العنوان (قلمي وليتك تنتهي بيديا) ، أنّي كنتُ قبل عامٍ تقريبًا أفقد الأقلام -كما الآن- فتضيع منّي بيد أحدهم ، أو يسرقها آخر على غير قصد ، أو تكون في البيت غرضًا مشاعًا للجميع ، مُتاحًا لكلّ محتاج ، ولقدْ اشتقْتُ أن أرى قلمًا ينتهي بيدي منذ أيّام التوجيهي ..
فوضعتُ ورقةً داخل أحد الأقلام (ثمّ اتخذتها ديدينًا لاحقا إلى أجل) وكتبتُ فيها ، (قلمي .. فليتَكَ تنتهي بيديّا) فكان شطرا ، عجزًا ، لا صدْرَ له فيصبحَ يتيمًا ، ولا أبيات فيصير قصيدةً .. إلا أنّي كتبتُه وحفظْتُه ، وكنت أنتظر القصيدة التي ستكون من حظ هذا البيت ..
ثمّ مرّ العام ، وها أنذا رأيتُه في عجز أحد أبياتي قبل أسبوع ، فوضعتُه ، وسمّيتُ القصيدةَ باسمِه ..
(قلمي فليتكَ تنتهي بيديّا) !